بقلم الأستاذ إبراهيم القريشي
سقط المنجل أخيراً…
سقط وهو مُشـرعاً كما ولد حراً…ثائراً..متمرداً
صويحب يُطْفئ قيثارتَـهُ أخيراً
نعم…اليوم وضع "صويحب"منجله جانباً وترجلَ عن التمرد. لقد أكمل الثورة وأدّى الرسالة. على مدى أكثر من خمسين سنة رفع الشاعر مظفر النواب منجل التمرد عالياً وطاف به الفيافي يحمله وقيثارة: في الأول إمتشقَهُ كسلاح ضد الظلم والخذلان والخيبة والهزيمة والإنكسار، وفي الثانية صنع نغماً صار أغنية للثائرين العرب.
سيبقى صوته مئذنة القدس،
وآذانها،
ويبقى يترافع عن العريسة " قُـدْس العربية الجميلة"مابقيت أسيرة عمن سمح لها لأن تُغتَصَب.
مظفر لو كان قد خُلِق ووُلِد في مدينة فاضلة ليس بها ظُلم وغُبن لأجودَ لنفسه إيقونة تمرد. هكذا هي طبيعته: ثائراً متمرداً عزيزاً، ولهذا سكن الفيافي وأصبح صديق المنافي. إنه مثل الطير لا يُطيق الأقفاص.
لقد مات في الوقت المناسب رحمه الله، لأن وضعنا العربي الآن وطبيعته الثائرة متناقضان جداً. في أوج الثورة لتحرير القُدس كان ينبض ثوريةً وتمرداً فأنشد حينها:
القُدس عروسَ عُرُوبَتِكُم….
ترى ما عساه اليوم يقول لو قُيَّضَ له ليشهد أنّ مُعظم العرب يتوسلون " بالتطبيع" أن يستمر إغتصاب "العروسة قُدس"؟!
الأفضل للأحرار أن تموت واقفة على أن تشهد إغتصاب "النخيل السامقات".
إنتفض "صويحب" بالمنجل ضد الإقطاع فحورب وهُجِّر من العراق،
إنتفض للقدس بعروس عروبتكم فطورد وحورب وعاش الفقر والمنافي،
تُرى هل أشبع رُبّة التمرد والثورة التي وُلِدَ عليها؟!
لقد أنقذه اليوم الموت، فغدنا نحن العرب لا يبعث على الفخر، لكن عزائنا أن الخيبة قد تلد ألف مظفر.
لقد أوقدْتَ للتمرد قبساً يا مظفّر وسيبقى دليلاً للثائرين العرب لا يُهادن مثلما فعلت طيلة حياتك.
فلقد بقيت شامخاً عزيراً منتصراً فقط للإنسان والقضية ومُتَّ اليوم دونهما. تستحق فعلاً قيثارة ومنجل:
في الاولى تصنع أغنية ثائرة
وبالمنجل تجتث "الدغل" الفاسد المتخاذل
سنفتقدك جسداً، لكنك قطعاً ستبقى نجماً مُشعاً ايها الثائر بلا سيف…!!