ثلاثيّة عظيمة ومدرسة أدبيّة بدأَها مظفّر النواب وأنهاها بنفسه.!
لا أدري ماذا أقول حيث الكلمات لا تُسعفني لأتكلّم عن هذا الفراق الحزين ، لقد ودّعنا اليوم الشمعة التي احرقت نفسها لتضيء غياهبَ الأحياء الأجنبيّة التي تسمّى بالوطن العربي.!
شاعرُ الغربة الّذي حاربَ الأنظمة الفاسدة طيلة حياته بلسانهُ الّذي أمضى منَ السيف ولكنّ الواقع يقول أنّ الفارس سيظلُّ فارساً لو كانَ بين ألفَ مقاتل أو ألف جبان ، وكانَ شاعرُنا يتَّسِم بالفروسيّة والتفرُّس فلم تأخذهُ لومةَ لأئم في أن يقول
القدسُ عروسُ عروبِتِكُم .!
ثمَّ يسترسل فيقول
فلماذا أدخلتُم كلّ زناةِ اللَّيلِ
إلى حجرِتِها
ووقفتُم تسترقونَ السمعَ
وراءَ الأبوابِ لصرخاتِ بكارتِها
وسحبتُم كلَّ خناجركم
وتنافختم شرفاً
وصرختُم فيها أن تسكُتَ صوناً للعرضِ؟
فما أشرفكم أولادُ القحبةِ
هل تسكت مغتصبه!؟
دعا مظفّر النوّاب طيلة حياته إلى الوحدة والتكاتُف ومحاربة الإستعمار والوقوف في وجهِ الأنظمة المضهِدة ، ولكنّ الحق يقال أنّ العرب(الحكّام) الّذي أراد أن يراهم أعزّاء لم يعتادوا إلّا على تقبيل أحذية الأجانب والمستعمرين.!
وعلى الرغم من لهجة الشاعر الشديدة في هجاء الحكّام الا أنَّ بعض أشعاره لم تكُن خالية من السخرية كقوله
قمَم ، قمَم
معزى على غنَم
جلالة الكبشِ
على سموّ نعجةٍ على حمارٍ
بالقِدم ..
وتبدأُ الجلسةُ بِلا ولن ولم
وتنتهي فدا خصاكُم سيدي
والدفعُ كم؟!
وقال :
حاولَ طفلٌ أن يسترَ جثّة جدّتهُ
فمِنَ المُخجِلِ أن تعرض أفخاذ الجدّة
أردوهُ على فخذَيها.!
لا بأس بنيّ فذاكَ غطاء.
.
.
أولادُ فلسطين
سوفَ تعودونَ إلى فلسطينَ
ولكن جثثاً
نظرَ الأطفالُ الى الوطن العربي
خصيان العرب الحكّام إرتجفَت
شرَفاً
وصوَّرَ لَنا الشاعر غربتهُ الَّتي إحتلَّت حياته في الكثير من أشعاره كقوله
كلُّ الذينَ رحلتُ على مائهم خذَلوا قاربي.!
وقال أيضاً :
لابد يردّون باجر .!
سوي نفسك ما شفتهم
بالك يحسون انت اتذكرتهم .!
اثكل شويه يكلبي
خليهم محطة وانتَ سافر.!
ادري بيك اتريد تبجي
ابجي وحدك انه ساكت.!
.
.
واختتم الكلام بقصيدة على نهجه
ستبقى يا مُظفّر .. ستبقى
رمزاً للثورةِ والثوّار
ونجماً في سماءِ الأدب
يهتدي بها العرب
ستبقى النارُ الَّتي
لن تنطفي بتساقطِ الأمطار.!
وسيعود العالم العربيُّ
إلى أحضانِ أمّهِ ، كما أردتهُ
وستزهَرُ في أحياءِنا
الأزهار
وسيموتُ الطغاةُ كلّهم
ويُردى كلّ جَبّار .!
وسينتهي الحصار
وتُفكُّ القيود
ويُطردُ الإستعمار
وستبقى أنتَ .. ستبقى
أبداً فلَكاً
يدورُ حولهُ الثُوّارُ والأحرار.!
-العيلامي-