قطع من صخرة هيباتيا التي عثر عليها في الصحراء الغربية المصرية عام 1996 (جامعة جوهانسبرغ)
توصل فريق بحثي يقوده علماء من جامعة جوهانسبرغ في دولة جنوب أفريقيا إلى أن صخرة مصرية صغيرة اكتشفت قبل ربع قرن ربما تكون الدليل الأول على حدوث انفجار نجمي قريب من نوع نادر، الأمر الذي يفتح الباب للتساؤل عن نشأة وتطور مجموعتنا الشمسية.
حجر هيباتيا
وجدت هذه القطعة الصخرية -التي لا يتخطى عرضها 4 سنتيمترات وبوزن 30 غراما- عام 1996 في الصحراء الغربية المصرية على الحدود مع ليبيا، وسميت "حجر هيباتيا"، على اسم هيباتيا السكندرية؛ الفيلسوفة وعالمة الرياضيات والفلك التي عاشت في شمال مصر قبل نحو 1800 سنة. وبسبب شكل الحجر العجيب فقد خضع للدراسة منذ اكتشافه.
وحسب بيان صحفي أصدرته جامعة جوهانسبرغ في 17 مايو/أيار الجاري، فإنه بين عامي 2013 و2015 أظهرت دراستان أن هذه الصخرة لم تتشكل على الأرض، ثم تبين بعد ذلك في فحص للغازات النبيلة أنها ليست ضمن أي نوع معروف من النيازك أو المذنبات.
الأغرب من ذلك، كان عام 2018، إذ اكتشف وجود معدن "فوسفيد النيكل" في هذه العينة الصخرية، ولم يسبق العثور عليه في أي جسم في نظامنا الشمسي كله؛ وفي تلك النقطة خرج الباحثون لتقصي ما يقع خارج المجموعة الشمسية ككل.
العلماء وجدوا تشابها كبيرا بين تركيب حجر هيباتيا وحالة من الانفجارات النجمية النادرة (جامعة جوهانسبرغ)
خارج النظام الشمسي
وحسب الدراسة -التي ستنشر في عدد أغسطس/آب القادم من دورية "إيكاروس" (Icarus) الكيميائية- فقد اعتمد الفريق البحثي على منظومة فحص من عالم كيمياء الطب الشرعي للكشف عن طبيعة مكونات هذه الصخرة.
ويعني ذلك في حالة حجر هيباتيا مقارنة تركيبها بـ17 هدفا كيميائيا في الفضاء لا يشبه في تكوينه أي شيء على الأرض، مثل: العمالقة الحمراء والأقزام البنية أو الانفجارات العظمى… إلى آخره، ثم دراسة التشابه والاختلافات.
وحدد الباحثون 15 عنصرا مختلفا في هيباتيا بدقة شديدة باستخدام المسبار الدقيق البروتوني، وهو جهاز قادر على تركيز حزم من البروتونات بطاقات عالية إلى قطعة طولها وعرضها يساوي نحو 2 ميكرومتر، من أجل تحليلها كيميائيا.
وحسب الدراسة الجديدة، فإن هذا الفريق وجد مستوى منخفضا على نحو مدهش من السيليكون في حجر هيباتيا. علاوة على ذلك، فقد كانت هناك نسب مرتفعة بشكل استثنائي من الحديد والكبريت والفوسفور والنحاس.
وقادتهم تلك النتائج إلى تنحية الحالات المحتملة شيئا فشيئا، ثم وجدوا تشابها كبيرا لتركيب حجر هيباتيا مع حالة من الانفجارات النجمية، التي تحدث مرة أو مرتين فقط لكل مجرة كل قرن، وتسمى "المستعر الأعظم من نوع آي-إيه" (Supernova).
تحليل عناصر صخرة هيباتيا من الكبريت والحديد والنيكل (جامعة جوهانسبرغ)
انفجار نجمي خاص
يمكن تعريف "المستعر الأعظم من النوع الثاني" بأنه حالة يصل فيها نجم عملاق إلى نهاية حياته، مُحدثا انفجارا غاية في القوة يمكن أن يُشاهد على مسافة ملايين السنين الضوئية، تاركا في المنتصف نجمًا نيترونيا أو ثقبا أسود.
لكن الحالة الأخرى النادرة للانفجارات النجمية تسمى "المستعر الأعظم من النوع آي-إيه"، وفيها يكون هناك نجمان يدوران حول بعضهما البعض؛ أحدهما يكون في طور العملاق الأحمر والثاني في طور القزم الأبيض، والأخير ذا قوة جذب عالية فيبدأ بسحب مادة العملاق الأحمر بسرعة شديدة.
ومع تراكم مادة العملاق الأحمر على رفيقه القزم وارتطامه السريع به، يبدأ الهيدروجين في إحداث تفاعلات نووية سريعة ومفاجئة على القزم الأبيض، وإذا ازداد كم المادة المنقولة من العملاق الأحمر إلى رفيقه الأبيض على حد معين، يُدعى "حد تشاندراسيخار"، فإنه ينفجر محدثا مستعرا أعظم.
وحسب الدراسة، فإن الباحثين يفترضون أن تلك الصخرة انطلقت من انفجار شبيه لتختلط بالغياهب الخلفية للمجموعة الشمسية، ضمن سحابة أورت أو حزام كايبر، ثم في مرحلة ما انطلقت تلك الصخرة إلى الأرض، مع أي مذنب، وظلت هناك حتى اكتشافها قبل نحو ربع قرن.