من أهل الدار
تاريخ التسجيل: October-2013
الجنس: ذكر
المشاركات: 83,407 المواضيع: 80,055
مزاجي: الحمد لله
موبايلي: samsung j 7
آخر نشاط: منذ 2 ساعات
من التاريخ الاداري لمدن العراق في العهد العثماني .. عندما كانت العمارة تابعة لولاية ب
من التاريخ الاداري لمدن العراق في العهد العثماني .. عندما كانت العمارة تابعة لولاية بغداد
يعود أصل تسمية مدينة العمارة إلى دواعٍ عسكرية كما يذكر أكثر من مؤرخ عراقي. فعلى أثر تمرد عشيرة البومحمد برئاسةِ فيصل الخليفة على السلطات العثمانية,وكان ذلك اعتماداً على ماحصل عليه الشيخ فيصل من المدافع بواسطة بعض الأمراء الإيرانيين, فعند ذلك أرسل والي بغداد مصطفى نوري باشا(5/3 /1860- شباط1861)
للتنكيل بهم وتأديبهم أمير اللواء محمد باشا الديار بكري ومعه من الجنود النظامية والهايتة مع اسلحة مدفعية وغيرها الشيء الكثير، فأتى إلى المحل الفاصل بين دجلة ونهر الجحلة(الكحلاء), وكان البومحمد جمعاً غفيراً فرماهم امير اللواء محمد باشا بالبنادق وفرق جموعهم , وانزل الجنود والعساكر في محلهم واتخذه مقراً للأردو أي الفيلق.والى الآن يدعو عشائر العمارة ذلك المحل بـــ(الأوردي).
وبعد هروب الشيخ فيصل الخليفة ...بقي الأوردي(الفيلق) محافظاً على إسمه مدة.وفي ايام الوزير نامق باشا(2/2/1862- 15/7/1868) أعاد الأوردي الى محله. وهناك تجمع كثيرون . ومن ثم تكونت البلدة باسم العمارة. والملحوظ أن الاراضي التي تكون فيها الأوردي قديماً كانت معروفة ذكرها مؤرخون عديدون في أزمنة مختلفة وقد غلط من ذكر أنها نالت اسم (عمارة) بعد ذلك التاريخ لما نالت من عمارات. فقد ذكرت في كتاب سيدي علي(مرآة الممالك) وكتاب يوسف المولوي(قويم الفرج بعد الشدة) وكان ذلك في القرن العاشر وما بعده .
وإذا ما أردنا أن نفصل في أسبابِ تأسيس مدينة العمارة، والتي لا تختلف كثيراً عن أسبابِ وظروف المدن الأخرى، فنقول: إن التأسيس كان بتأثير أمرين,احدهما العامل العسكري، الذي كان واضحاً جداً، فقد اتخذها الجيش العثماني مقراً له، مما دفعهُ إلى بناء معسكر ومباني أخرى لإيواء جنوده، الذين وقعت على عاتقهم مهمة بسط الأمن والحفاظ على النظام في تلك المنطقة التي تضم عشائر ذات شوكة.والآخر تأثير العامل الاقتصادي في تأسيس مدينة العمارة وتطورها، فهو بارز وواضح جداً، فإن الموقع الجغرافي المتميز للمدينةِ الواقع على ضفافِ أنهارٍ متعددة فتح لها مجالً ان تكون ملتقى لطرقِ التجارة البريةِ والنهريةِ، ولم يكن محض صدفةٍ ان تبُنى فيها احدى أهم محطات إدامة السفن وتزويدها بالوقودِ.
ولم يكن دور العامل الإداري قليلاً في تأسيسِ مدينة العمارة ونموها، لأن مدينة العمارة مثلت مكاناً لبناءِ مؤسسات الدولة التي من شأنها تقديم خدماتها لأهالي المنطقة، والعشائر المحيطة بها. بالمقابلِ لعب العامل الديني دوراً ملحوظاً في ذلك، فالعمارة تضم مراقد وأضرحة كثيرة ، ضريح نبي الله العزير، والإمامين علي الغربي وعلي الشرقي (عليهما السلام)، فقد ساهم كل ذلك في جذبِ السكانِ والاستقرار فيها أو حولها.
اكتسب موقع اللواء ومركزه العمارة أهمية كبيرة، ومكانة متميزة، لاسيما وإنها تقع على ضفافِ نهر دجلة، مما منحها دوراً كبيراً في النقلِ النهري، عصب التجارة آنذاك، فأصبحت بذلك محطة لوقوفِ السفن وادامتها، والتزود بالوقود، ومخازن للسلعِ والبضائع، كما ان تخصص اللواء بزراعة الرز أعطاه أهمية أخرى في ميدانِ التجارة، هذا الأمر أدى إلى إنشاءِ المخازن، وتهيئة وسائط النقل، من اجلِ تصدير هذه الغلة المهمة، أو عرضها في السوقِ المحلية، مما ساعد على إِيجاد حركة تجارية معينة، وظهور نواة لطبقة من التجار.
كان من الطبيعي جداً، ان تزداد أهمية مدينة العمارة التجارية، في الثلثِ الأخير من القرن التاسع عشر وظهور شركة لنج البريطانية للملاحةِ النهرية، واتخاذها من نهر دجلةِ واسطة للنقلِ النهري، حيث اتخذت من مدينة العمارة محطة
استـراحــــة وإدامـــــة سفنها، فضلاً عـــن بنائها للمـــخازنِ الـــخاصــة بها، والأهـــم مــن هــــــذا برزت فيـــهاعائــــلة لويس برجوني، وقامت بدور الوكيل لشركة لنج داخل اللواء.
توافرت أسباب متعددة في تطورِ مدينة العمارة ونموها والتي أصبحت قضاءً منذ العام 1861، يقف في المقدمةِ منها موقعها الجغرافي المتميز، الذي يطل على نهرِ دجلة وفرعيه نهري الكحلاء والمشرح، فضلاً عن وقوعها على مفترقِ طرق بين البصرة وبغداد والأهواز ولرستان، فأصبحت المجهز الرئيس للبضائع الأوربية والأسيوية لبعض تلك الجهات. وكانت مدينة العمارة تقوم بتصديرِ بعض الغلال والمنتوجات التي عرفت بإنتاجها، لاسيَّما بعد ان ربطت المدينة بخطوط الملاحة النهرية المنتظمة.ولم يكن ذلك بغريبٍ على لواءِ العمارة، ذي الأراضي الزراعية الخصبة الصالحة للزراعةِ، والمياه الوفيرة، والإمكانيات الإنتاجية المتنوعة القادرة على سدِ حاجات اللواء المختلفة، وبالتالي توفير العيش الكريم لأبنائهِ حسبما تؤكد إحدى وثائق وزارة الداخلية العراقية.
بعد تأسيس لواء العمارة عام 1861 بأربع سنوات، رُقيت رتبة القضاء الإدارية إلى لواء تابع إلى ولاية بغداد, وبعد صدور النظام الإداري العثماني عام 1864، والذي أُلغيت بموجبهِ التقسيمات الإدارية السابقة الآيالات،وحل محلها وحدات إدارية سميت ولايات ,قُسم العراق إلى ولايتين رئيسيتين:هما بغداد والموصل وقُسمت الولايتين إلى ألوية , فقد ضمت ولاية بغداد ألوية البصرة والعمارة والحلة وكربلاء ونجد, فجاء لواء العمارة بالمرتبة الثانية بعد لواء البصرة, واستمرت هكذا حتى عام 1875عندما أصبحت البصرة ولاية فأُلحق لواء العمارة بها حتى اندلاع الحرب العالمية الاولى. وطبقاً للنظام الجديد قسُمت الولايات إلى وحداتٍ أصغر سميت اللواء والقضاء والناحية، وكان أول نتيجة لذلك تقليص عدد ايالات الدولة العثمانية من 40 أيالة إلى 27 ولاية، مما سمح لها بتعزيزِ سيطرتها المركزية على الأقاليم المضطربة بصورة مباشرة، عبر تطبيقها قانون الولايات الذي استمر نفاذه حتى الاحتلال البريطاني، وعلى وفق هذا الأمر، كان لواء العمارة مقسم إلى خمسة أقضية هي العمارة – مركز اللواء، وعلي الغربي وقـلعة صالح وقضاء دويــــريـج والكحلاء ،كمــــا ضَم اللواء خمــــس نـــــواح هي: علي الشرقي والمجر الصغير وكميت والمجر الكبير والعزير، وبلغ نفوس العمارة (150) ألف نسمة، حسب إحصاء تخميني عثماني جرى عام 1913.
بعد ذلك قامت القوات البريطانية، بتغييرِ التقسيمات الإدارية العثمانية (لواء، قضاء، ناحية) وإن كان تغييرها اسمياً فقط، فأصبحت هناك منطقة بدلاً من لواء، ومقاطعة عوضاً عن قضاء، وصار لواء العمارة يعرف بمنطقة العمارة، ويتكون من مقاطعات العمارة (مقاطعة علي الغربي ومقاطعة قلعة صالح) مما يوضح بصورة كبيرة الخلل الإداري الموجود.
تركت سلطات الاحتلال البريطاني التقسيمات الإدارية للألوية العراقية في العهدِ العثماني كما هي تقريباً، بينما قَلصت الحكومة العراقية في قراراتها المتخذة في العامِ 1921 عدد الألوية العراقية من ثلاثة عشر لواء، إلى عشرة ألوية فقط، ولم يمس هذا التغيير لواء العمارة إلا قليلاً، إذ اقتطعت قرية العزير من قضاء قلعة صالح وأصبحت تابعة لقضاءِ القرنة التابع إلى لواءِ البصرة. وفي الوقتِ نفسه قُلصت العديد من الأقضية التي أصبح مجموعها 35 قضاء، وكذلك النواحي التي أصبح مجموعها 85 ناحية،وقفت أسباب متعددة وراء هذه التغيرات، منها رغبة سلطات الانتداب بمعاقبةِ الألوية التي شاركت بثورة العشرين باقتطاع أجزاء منها، فضلاً عن رغبةِ الحكومة العراقية التي كانت تواجه عسر مالي واقتصادي في التكاليفِ كما تؤكد أحدى الدراسات الأكاديمية.