النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

الزراعة في الهلال الخصيب وبلاد الرافدين

الزوار من محركات البحث: 3 المشاهدات : 187 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 83,418 المواضيع: 80,055
    التقييم: 20796
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة

    الزراعة في الهلال الخصيب وبلاد الرافدين

    الزراعة في الهلال الخصيب وبلاد الرافدين

    يُنظر إلى الشرق الأدنى، والهلال الخصيب خصوصًا، باعتباره مهد الزراعة، فتعود أقدم الأدلة على الزراعة إلى منطقة الشام ومنها انتشرت إلى بلاد الرافدين حيث سمحت بقيام المدن الكبرى والإمبراطوريات.
    كان مناخ هذه المنطقة أكثر اعتدالًا في الألفية الرابعة ق.م منه اليوم، وقد تمتعت بأرضٍ خصبةٍ يسقيها نهران عظيمان هما دجلة والفرات تنتشر التلال والجبال في أجزائها الشمالية.

    الدخن

    أصل الزراعة
    كان اكتشاف الزراعة نقطة محورية في التاريخ البشري إذ سمح هذا الاكتشاف بولادة الحضارات المبكرة في الهلال الخصيب، وهي منطقة تُطلق عليها تسمية «مهد الحضارة» رغم أن الزراعة (والحضارة البشرية) ظهرت مستقلةً في أماكن أخرى من العالم أيضًا؛ ففي أمريكا الوسطى دجن الناس الذرة والفاصوليا وفي الصين دجنوا الرز والدخن والخنزير لأول مرة، وكلاهما لم يطلعا على التطورات المبكرة في الشرق الأدنى.
    90% من السعرات الحرارية نستمدها اليوم من أطعمة أتت مما دجن البشر في الموجة الأولى من الثورة الزراعية.
    ظهرت الزراعة تدريجيًا في تلال ريف جنوب شرقي تركيا وغربي إيران والشام لكون المنطقة -على الأرجح- موطنًا لكثير من النباتات والحيوانات البرية القابلة للتدجين والاستهلاك البشري؛ فزُرعت أشجار التين في الأردن نحو 11300 ق.م بينما دُجنت الحنطة والماعز في بلاد الشام بحلول 9000 ق.م تلتها زراعة العدس والبازلاء في الهلال الخصيب وشمالي مصر نحو 8000 ق.م وأشجار الزيتون في شرقي المتوسط نحو 5000 ق.م.
    دُجنت الخيول في سهوب غربي أوراسيا بحلول 4000 ق.م وانتشرت إلى الشرق الأدنى عند نهاية الألف الثالث ق.م، بينما زرع العنب في إيران نحو 3500 ق.م وانتشر إلى الشام ومصر بحلول 3000 ق.م منهيًا حقبة الإنتقال إلى الزراعة. واليوم يستمد الناس 90% من السعرات الحرارية التي يستهلكونها من الأطعمة التي دُجنت إبان الموجة الأولى من الثورة الزراعية.
    ظهرت الزراعة -غالبًا- لحاجة مَن جمع الحبوب مِن أفراد مجتمع الصيد وجمع الثمار إلى العودة بما جمعوه إلى مخيمهم ليفصلوا بين الحب وقشره، وخلال العملية لا بد أن تسقط بعض البذور منهم، فلما عاد هؤلاء إلى موقع مخيمهم مجددًا في السنة التالية وجدوا الحبوب نامية حوله فحصدوها وأسقطوا -من جديد- بعض البذور على الأرض، وكلما زادت كمية الحبوب النامية كلما طالت فترة بقاء الناس في مخيمهم لحصادها حتى صاروا أشباه بدوٍ لهم قرى موسمية، ومثال هؤلاء أصحاب الثقافة النطوفية التي ازدهرت نحو 12500-9500 ق.م.
    بمرور الوقت، قررت بعض هذه المجتمعات شبه البدوية البقاء في قراها الزراعية طوال السنة لحصاد الحبوب في حين استمر غيرها بالتجوال. وبحلول سنة 8500 ق.م قامت في الشرق الأوسط مستوطنات دائمية كثيرة كان معظم سكانها من الفلاحين، وهكذا بدأت الثورة الزراعية. ودعمت الزيادة في إنتاج الغذاء -بسبب الزراعة- أعدادًا سكانية متزايدة فتحولت القرى إلى مدن بزغت ببزوغها حضارات وادي الرافدين، وتكتب غويندولين ليك عن ذلك:
    بحلول الألفية السابعة ق.م بدأ الناس بزراعة السهول الفيضية وبحلول الألفية الرابعة ظهرت أولى المدن استجابة لحاجة الناس إلى إدارة زراعية كفوءة، وكانت أول الوثائق المكتوبة صورًا منقوشة على الطين تهتم بتخصيص العمال للعمل في الحقول وتوزيع المنتجات .
    لم يكن الهلال الخصيب النقطة الوحيدة التي بدأت فيها الزراعة، بل هناك أماكن أخرى عُرفت فيها الزراعة وتدجين الحيوانات دون اتصال بمنطقة الهلال الخصيب، فيكتب الباحث يوفال نوح هراري عن ذلك:
    اعتقد الباحثون سابقًا أن الزراعة انتشرت من نقطة واحدة تقع في الشرق الأوسط إلى جميع أنحاء العالم، أما اليوم فيرون أنها ظهرت في أماكن أخرى بشكل مستقل دون أن يصدّر المزارعون من الشرق الأوسط ثورتهم الزراعية إليهم؛ فدجّن سكان أمريكا الوسطى الذرة والفاصوليا بغير أن يعرفوا بتدجين الحنطة والبازلاء في الشرق الأوسط، وتعلم سكان أمريكا الجنوبية زراعة البطاطا وتدجين حيوان اللاما بغير أن يعرفوا بما يجري في المكسيك أو الشام، أما مزارعو الصين فقد دجنوا الرز والدخن والخنزير. وكان أول بستانيي أمريكا هم الذين تعبوا من التفتيش عن القرع المدفون في الأرض فقرروا أن يزرعوه بأنفسهم، أما سكان غينيا الجديدة فقد دجنوا قصب السكر والموز ودجن سكان غربي أفريقيا الدخن الأفريقي والرز الأفريقي والذرة البيضاء والحنطة .
    جغرافيا الهلال الخصيب
    الهلال الخصيب إقليم جغرافي قديم يتكون من ثلاث مناطق أساسية:

    • بلاد الرافدين: وهي سهل غريني مكون من طمي دجلة والفرات، يقع بشكل رئيسي في العراق الحديث.
    • بلاد الرافدين العليا: وهي شمالي بلاد الرافدين، تقع عند سفوح سلسلتي جبال زاكروس وطوروس.
    • بلاد الشام: وهي ما يُعرف اليوم بسوريا ولبنان وإسرائيل والأردن وفلسطين، ويحدها البحر المتوسط من الغرب.

    كانت الزراعة في الهلال الخصيب متنوعة جدًا لتنوع جغرافية المنطقة؛ فتنوعت مصادر الطعام والمحاصيل الزراعية مثلما اختلفت من حيث نوع الري مطرًا أو عن طريق قنوات الري، وكان الإنتاج الزراعي يصل لمئة ضعف ما تم بذره في السنوات الجيدة. وعمومًا هناك نوعان من الزراعة:
    • الزراعة الجافة أو البعلية التي يعتمد فيها المزارعون على مياه الأمطار في زراعة الحبوب، وكانت سائدة في تلال شمالي العراق القديم وبلاد الشام.
    • الزراعة بالري، وتركزت في السهل الرسوبي في العراق القديم.


    خريطة الهلال الخصيب

    دمر الجفاف أو الفيضان مواسم زراعية عديدة، ومع معرفتهم بأنظمة الري الصناعي فإن الناس فضلوا المناطق التلية الممطرة لضمان توزيع عادل لسقي مزروعاتهم.
    بدأ الري بسحب الماء من دجلة والفرات مباشرةً إلى الحقول باستعمال القنوات الصغيرة والشادوف؛ وهو آلة لرفع المياه استعملها العراقيون منذ نحو 3000 ق.م، ولم تكن الزراعة ممكنة في المناطق الجافة دون أنظمة قنوات الري -وبضمنها القناطر- التي وثِّق وجودها منذ منتصف الألف الأول ق.م؛ ومثالها قنطرة جروانة -وهي أقدم قنطرة في العالم- بناها الملك الآشوري سنحاريب الأول بين 703 ق.م و 690 ق.م.

    قنطرة جروانة

    كان الأورارتيون أسياد إنشاء القنوات، وما زال كثير من أنظمة الري التي بنوها موجودًا. حفرت الحكومة القنوات الرئيسية عادةً وتولت أمر الحفاظ عليها في حين حفر القنوات الصغيرة الفلاحون بأنفسهم أو تولت الأمر مجتمعاتهم المحلية، وكانت الحقول المروية بالسيح -كما هو الحال اليوم- مهددة بخطر الملوحة.
    كانت التربة معرضة للجفاف والتصلب والتشقق، خصوصًا في السهول الفيضية ذات المناخ الجاف ببابل وآشور، ولإبقاء التربة صالحة للزراعة احتيج للمحراث.
    بحلول عام 3000 ق.م كان المحراث معروفًا ومستعملًا بكثرة، وتفاخر كثير من الملوك الآشوريين باختراع نوع جديد محسن من المحراث، أما الحقول فقد كانت طويلة ضيقة تطل حافاتها على القنوات لتعظيم كفاءة الري.
    محاصيل بلاد الرافدين
    كانت بلاد الرافدين موطنًا لأحد أكثر الأنظمة الزراعية خصبًا في العالم القديم.
    زُرعت حبوب الشعير والحنطة والدخن والحنطة النشوية، ولم يكن الشيلم معروفًا في الزراعة حينها ولا الشوفان، ومثّل الشعير نوع الحبوب الرئيسي للاستهلاك البشري في أرض بابل وآشور وأرض حاتي لأنه مقاوم للملوحة إلى حد ما (يجب أن تؤخذ الملوحة بعين الاعتبار في منطقة تبخر حرارة الصيف اللاهبة مياه ري حقولها فتزيد من ملوحة التربة)، وكان الشعير مستخدمًا بكثرة لدفع الأجور إضافة إلى استخدامه في صنع الخبز (المسطح)، وكانت أقل وحدة وزن هي ما يعادل وزن حبة واحدة (1/22 غم)، بينما صُنعت البيرة والأطعمة الفاخرة من الحنطة والحنطة النشوية، وقد لعبت الحنطة دورًا أقل من الشعير لأنها أقل مقاومة للملوحة منه.
    تضمنت المنتجات الزراعية السمسم أيضًا (كلمة سمسم مشتقة من الكلمة الأكدية شَماشَمُّ) الذي انتشرت زراعته لاستخدامه في صنع الزيت، بينما أُنتج زيت الزيتون في الجبال، واستُعمل الكتان لصنع الملابس. وفضّل العراقيون زراعة البازلاء بينما فضَل الفلسطينيون العدس، وانتشرت زراعة أشجار التين والرمان والتفاح في مختلف أنحاء الهلال الخصيب، أما في قرى ومدن جنوبي العراق القديم فقد انتشرت بساتين النخيل التي تُزرع في ظلال أشجارها الخضروات كالبصل والثوم والخيار. تناول الناس التمر طازجًا أو مجففًا مستفيدين من الفيتامينات والسكريات المهمة التي يحتويها، واستعملوا خشب النخيل في الصناعة التقليدية لكن لم يستعملوه في البناء.
    حُرثت الحقول بمساعدة الثيران وطاقم من العاملين يزداد عددهم في موسم الحصاد (الربيع) باستئجار غيرهم معهم، وكانت الأدوات المُستعملة بسيطة كالمنجل ذي الشفرة المصنوعة من الصوان والمِدرس لفصل الحَب عن القش، ونشهد وجود المحاريث الخشبية منذ الألف الرابع ق.م، بينما اخترعت المحاريث التي تبذر البذور في الأرض بحلول الألفية الثانية ق.م.
    بفضل تقويم الفلاح السومري الذي يعود تاريخه إلى 1700 ق.م، نعلم أن العراقيين القدماء فهموا الدورة الزراعية وتركوا الحقول لتستريح حتى يحافظوا على خصوبة الأرض، أما استعمال الفضلات لتسميد التربة فيبدو أنه لم يكن معروفًا بعد.
    الحصاد والخزن
    تطلّب الحصاد أيدٍ عاملة كثيرة لضيق وقت موسمه قبل حلول الشتاء، فقُطعت الحبوب بالمناجل وجُففت في الأكواخ ودُرِست بسَوق الحيوانات فوقها لتدوسها ثُم فُصل الحب عن قشره بالتذرية التي لم تكن ممكنة إلا في الطقس كثير الرياح، ثم خُزنت الحبوب في السايلوات أو نُقلت عبر المجاري المائية إلى أماكن أخرى أو حتى صُدِّرت إلى الدول الأجنبية، أما في السايلوات فقد استعملت النموس (جمع نمس) لحماية الخزين من الفئران ولم تستعمل القطط كثيرًا لأنها كانت -عندهم- غير جديرة بالثقة.
    ما حققته منتجات الزراعة الاقتصادية في العراق القديم يقارب ما حققه مزارعو الشرق الأوسط التقليديون في القرن 19 م وبدايات القرن 20 م قبل استعمال وسائل الزراعة الحديثة، فكان العراق القديم موطنًا لأحد أكثر الأنظمة الزراعية وفرة في العالم القديم.

    خريطة الهلال الخصيب

    المجتمعات الزراعية
    اعتمدت مجتمعات بلاد الرافدين بقوة على الزراعة والوصول إلى الماء. في البداية، امتلك القصر والمعابد معظم الأراضي لكن بحلول القرن 18 ق.م خُصخصت مساحات واسعة من الأرض. كانت أصغر وحدة لقياس الأرض هي «إلكوم» التي أجّرها المعبد أو القصر لعائلة ذات حيازة صغيرة، ولم تكن قابلة للتوريث قانونًا لكن -في واقع الحال- استمر نفس اتفاق الإيجار مع نفس العائلة عبر أجيال متتابعة.
    كان الفائض الزراعي أساسيًا لخلق المدن الأولى والمجتمعات الحضرية؛ إذ لا يمكن تلبية حاجات المدن إلا بزيادة محاصيل الفلاحين عن حاجتهم، وكان حكام العراق القديم مشغولين بِغلة المحاصيل لأن شرعيتهم تعتمد أساسًا على عاملين هما الاستقرار وتوفير الغذاء، فخططت الدولة شبكات القنوات والقناطر الكبيرة وأدارتها لضمان وصول المياه إلى الرعية، وكانت الاستمرارية السياسية مهمة إلى أقصى الحدود بالنسبة إلى الاقتصاد؛ إذ قد يسبب سقوط السلالة الملكية مشاكل جمة للأنشطة الزراعية وللتجارة قد تكون كارثية حين يعانيها الفقراء.
    ظهرت دويلات المدن الكبيرة ثم الإمبراطوريات العظيمة في العراق القديم بفضل الزراعة؛ إذ لم يكن ممكنًا توفير الغذاء لعدد سكان حضري كبير وتقسيم العمل إلى اختصاصات محددة لولا تحول الزراعة من زراعة الكفاف إلى نظام زراعي معقد يوفر فائضًا كافيًا لإطعام جماهير كبيرة لا تزرع ولا تحصد، ومن هذا المنطلق نستطيع القول أن الزراعة وضعت الأساس الذي قامت عليه الحضارة.

  2. #2
    queen
    تاريخ التسجيل: May-2022
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,521 المواضيع: 36
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 10442
    مزاجي: الحمدلله
    المهنة: طالبة جامعية
    أكلتي المفضلة: دولمة
    آخر نشاط: منذ يوم مضى
    مقالات المدونة: 4
    شكرا..

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال