جمال جمال حبيت ^_^
سلمت الانامل يامبدعة
جمال جمال حبيت ^_^
سلمت الانامل يامبدعة
..
********************
_ يجب أن أخرج من هنا ..
ولو لساعة واحدة .. أقتله ، وأعود ..!
قال عباس ذلك ، وهو يدرع الغرفة المربعة ذهابا ، وإيابا .. فجأة توقف ، وأسرع إلى الباب ، وصرخ
_ أيها الحارس ..
عندما جاء الحارس .. همس عباس له بخبث ..
_ أتريد أن تصبح ثريا ..!؟
اقترب الحارس من الباب باهتمام وقرب أذنه أكثر من الفتحة في منتصفه ، وهمس هو الآخر ..
_ كيف!؟
موقف الحارس جعل عباس يسترسل في الحديث عن خطته الماكرة في الخروج من هنا وتنفيذ نيته في قتل عزيز ..!
ارتبك الحارس ، وتراجع للوراء ما جعل عباس يلصق رأسه الكبير بالقرب من فتحة الباب الصغيرة ..
قال بصوت خافت ..
_ ستغرق في المال نظير خدمتك الصغيرة هذه .. سأوصي معارفي في الخارج عليك ، ولن يتأخروا في ذلك ..!
أضمن لك ..!
بلع الحارس ريقه مرارا ثم هز رأسه بالرفض .. قال وهو يبتعد ..
_ لن أجازف في هذا ..
لا ..!
صرخ عباس ..
_ انتظر ..
لن تندم ..!
انتظر ..!
لم يعد الحارس لذا أخذ عباس يضرب الجدار بقبضته ، وبرأسه حتى أدمى أصابعه ، ونزف رأسه .. بدا كوحش كسير .. صرخ كثيرا ،وكرر إسم عزيز مرارا بحقد وضغينة ..
_ أكرهه .. بل هو أكثر شيء أكرهه في الحياة .
سلبني حياتي ، وسأسلب حياته منه كذلك ..!
لن أجعله ينعم بحريته ، وأنا مقيد هنا ..!
محااااال
وبينما هو على هذا الحال .. عاد الحارس ، وقرب رأسه من فتحة الباب ، وهمس ..
_ أنا موافق ..!
انفرجت أسارير عباس ، واندفع نحو الباب ، وبانفعال واضح ..
_ لن تندم .. لن تندم ..!
سأله الحارس بارتباك ..
_ ما الخطة ..!؟
_ عليك أن تأخذني إلى المستشفى خارج السجن ..!
_ كيف ..!؟
في السجن طاقم طبي مخصص للسجناء ، والخروج من أسوار السجن للمستشفى الحكومي .. للحالات الحرجة أو الأموات ..!
إبتسم عباس في وجه الحارس بمكر .. وقال ..
_ أترك هذه لي ..!
سأمثل دور الميت إن استدعى الأمر!
وقف عباس في مواجهة الجدار في زنزانته المظلمة ، وضرب رأسه مرارا حتى هوى على الأرض مغشيا عليه .
صرخ الحارس بالآخرين ، وأسرعوا جميعا إليه ، وقد أضحى طريحا على الأرض ، ورأسه ينزف ..
قال أحدهم ..
_ أظنه مات ..!
وآخر ..
_ لنسرع به إلى غرفة الطبيب .
حملوه جميعا إلى الغرفة المخصصة لفحص السجناء داخل السجن ، ومن هناك أمر الطبيب أن يأخذوه إلى المستشفى لعمل جراحة مستعجلة بعد أن أخبرهم أنه ما زال يتنفس .
.. تحدث الحارس مع سائق السيارة التي ستأخذ عباس إلى المستشفى ، وبحركة سريعة دس أوراق نقدية في جيبه الأمامي .. تبادلا النظرات ثم انطلق في طريقه .
.. بدأ عباس يستعيد وعيه شيئا فشيئا .. تحسس رأسه .. كانوا قد ضمدوا جرحه ، ولكن ما زال ينزف .. الرجل الذي كان يجلس بجانبه .. غلبه النعاس ، فأسند رأسه إلى الوراء ، وراح في نوم عميق .. اهتزاز السيارة إثر تعرجات الطريق أشعرته بالإعياء .. حاول أن ينهض .. فجأة انقلبت الأشياء رأسا على عقب ، وسقط من فوق السرير بلا حول ولا قوة .. الرجل النائم لم يتحرك مجددا .. لحظات وانفتح باب السيارة الخلفي .. كان السائق ، وجاء ليساعد عباس على الهرب .. أمسك بيده ، وأسنده قليلا .. وضع في جيبه قرصا مورفين لتهدئة الآلام ، ووضع في يده قنينة ماء صغيرة
_ خذ هذا الدواء .. سيشعرك بالتحسن ..!
وهذا المسدس أيضا ..!
ثم دفع به ليكمل طريقه وحده .. صرخ به ..
_ أهرب هيا ..
أهرب ..!
كان الوقت الظهيرة لكن كل شيء تحول للون الأسود في عين عباس .. الغشاوة التي اكتسحت عينيه جعلته يفقد توازنه ،فأخذ يترنح يمنة ويسرة .. حتى وصل أخيرا لبيت قديم هجره أصحابه منذ فترة طويلة .. تهاوى على الأرض الترابية ثم أسند رأسه إلى الجدار .. أغمض عينيه ببطء ، ونام .
بعد بضع ساعات .. فتح عينيه ببطء .. وصداع شديد ألم برأسه ما جعله يتذكر أمر الدواء ، وسريعا تحسس جيبه الأمامي .. أخرج قرصا الدواء ، وابتلعهما دفعة واحدة ثم ازدرد القليل من الماء .. أغمض عينيه مجددا ليستعيد طاقته مرة أخرى ، ويمضي في إكمال خطته .
_ انتظرني أيها الفاشل عزيز ..
لن أتركك ، ولو كلفني ذلك عمري .
بدأت الشمس تغيب شيئا فشيئا ، وعباس يزداد شراسة ، وحدة . ولولا خشيته من أن يقبض عليه رجال الشرطة .. لأسرع إلى بيت عزيز ، وأجهز عليه كما هو وارد في خطته إلا أن عليه الانتظار حتى تغيب الشمس تماما ، وتلتحف السماء ظلمة حالكة .
_ علي الانتظار قليلا بعد !
وهو على هذا الحال .. خيم الظلام عليه بشكل كثيف ، ومخيف كمارد جبار التهمه دفعة واحدة ، ولم يعقب .. نهض ، ونفض عن ثيابه العالق من التراب ، وانطلق صوب بيت عزيز .. قضى الطريق بين التلفت يمنة ويسرة ، والتخفي تارة أخرى .. وحين أعياه المسير .. استوقف سيارة لأحدهم ، طلب من الرجل أن يوصله إلى وجهته نظير مبلغ مالي كبير حين يصل لأهله كما زعم .
وافق الرجل ، وصعد عباس سريعا قبل أن يغير الآخر رأيه .. بعد أن وصل .. صفعت وجهه الكثير من الأضواء الملونة ..الرجال والنساء تجمعوا قرب بيتان فقط ..و كانت النساء تخرج من بيت عزيز ..
_ ماذا يحدث هنا ..!؟
هل سيتزوج الفاشل ..!؟
سنرى !
قال ذلك ، وترجل من السيارة ، ولم يلتفت للرجل الذي طالبه بالمال الذي وعده به ، ولوح له بأن يذهب ، وعينيه على بيت عزيز الذي تراقصت فوق أسواره الأضواء الملونة.
تقدم خطوات بطيئة نحو البيت بينما غادر الرجل .. حانقا ..
_ اللعنة عليك يا كاذب ..!
********************
بدأ المعازيم في التناقص لكن رغم ذلك ما زال المجلس مكتظا ، وأشعر بالوقت لا يتحرك كلما نظرت إلى الساعة الجدارية ، وجدت عقاربها ما تزال جامدة في مكانها .. أملت برأسي إلى زاهر الواقف بقربي ، وقلت ..
_ زاهر ..
أظن الساعة الجدارية تحتضر ..!
ضحك ثم قال ..
_ هي ميتة أصلا .. نسيت تغيير بطاريتها ..!
أدعو الله أن لا يلتفت لها أبي .. !
وإلا دخلت في دوامة لا تنتهي من النصائح !
_ كان الله في عونك ..!
التفت إلى عون ، وهمست له ..
_ كيف حالك؟
نظر لي بعينين تلمعان سعادة، وقال ..
_ حال أي مؤمن موعده الجنة .
_ الله ..
أرى أن موهبة الشعر ظهرت في حديثك .. مبكرا.
ضحك، ونظر لي بطرف عينيه ..
_ على الأقل .. أنا لا أنكر هذا ..!
الخشية من أولئك الذين يضمرون مشاعرهم الجياشة في صدورهم ، ولا يعترفون..!
اكتفيت بالضحك ، والتهرب من نظراته التي تحاول اختراق رأسي باستماته.. لأنني أعرف أنه يتعمد استثارتي للحديث في كل مرة يدور بيننا هذا السؤال .. سأصمد حتى النهاية ، ولن أطلعه على مكنون صدري بل سأتجاهل كل تلميحاته بإصرار وثبات.. ليقيني أن ما يحدث في الداخل شأن خاص، والاعتراف به أمام أحد يعني خيانة ، وأنا لا أخون.
_ متى يغادرون ..!؟
كلما سألت نفسي هذا السؤال ..تسارعت دقات قلبي ، وارتعشت أطرافي .. كم أخشى أن يلاحظ عون ارتباكي ، ويبدأ بإطلاق الدعابات التي لا تدعم موقفي الآن بل تزيده صعوبة ، وارتباك ثم أن رجل في مثل بنيتي .. يجب أن لا يكون رخوا بهذا الشكل .. أو أن يظهر الضعف جليا على ملامحه ، وإيماءات جسده .. عليه أن يتحلى بالشدة ، والوثوق.. وإن انهارت في داخله كل أعمدة الثبات .
.. صبرت كثيرا .. لن يكون عسيرا علي أن أصبر بضع ساعات أخرى .. رغم أني أشعر بصداع شديد ، وذلك لأنني لم أنم حتى هذه الساعة .. أنا رجل قوي ، وقادر على تجاوز كل هذه الساعات بسهولة ..!
صوت صراخ النساء الذي جاء من صوب بيتنا ، ومن بعده صوت طلق ناري .. جعلنا نقف مذعورين .. صرخت ، وأنا أركض باتجاه البيت
_ هذه الضجة في بيتنا ..!
ثم تبعني زاهر ، وعون ومن خلفهم أبا زاهر وعمه ، وبعض الرجال الذين لم يغادروا بعد .. ركضت كالمجنون ، ولم أعبأ بالغترة ، والبشت وهما ينحسران عن كتفي ورأسي أرضا بل واصلت طريقي ، ولم ألتفت للخلف .. رأيت النساء يركضن بذعر خارجا .. حاولت أن أسألهن ..
_ماذا هناك !؟
ما الذي حدث!؟
غير أنهن لم يجبن بل تدافعن للخارج ، وكأنهن رأين شبحا ما ..
فتحت الباب ، ودخلت وكانت الصاعقة الكبرى..
عباس!!
عباس معصوب الرأس بخرقة بيضاء تشبه ما يتداول في المستشفيات ، وهو يطوق ذراعه القذرة حول عنق وردة ، ويطبق على فمها بكفه اللعينة .. ويصرخ ..
_ أين الفاشل عزيز ..!
وبيده الأخرى يصوب مسدسا نحو النساء الأخريات .. أمي .. جدتي .. أم زاهر ، وأم نهلة التي وضعت رأس ابنتها الفاقدة للوعي في حجرها ، وتحاول أن تجعلها تفيق .. وجوههن المذعورة جعلتني أشتعل قهرا . قال زاهر الواقف خلفي ..
_ يا جبان .. أترك أختي ..!
صرخ عباس بغضب ..
_ أصمت وإلا أفرغت الذخيرة في رأسها ورأسك ..!
امسكت بيد زاهر ، وطلبت منه أن يلتزم الصمت .. ثم قلت محاولا استمالة عباس ..
_ أنت تريدني أنا .. أليس كذلك..!؟
أترك الفتاة ، ودعنا نخرج للخارج لتسوية الأمور بيننا ..!
صرخ مجددا ..
_ لا ..
لن تخدعني هذه المرة ..!!
أنا ميت لا محالة ، ولكن لن أخرج من الحياة فارغ اليدين .. يجب أن تحترق ، وتموت أيضا ..!
قلت له ،وعيني على وردة التي تجمدت للحظة ..
_ أقتلني أنا إذا ..!
واترك الفتاة ..!!
ضحك هذه المرة .. ضحكته الخبيثة ..
_ أوتظن أنني غبي .. ولا ألاحظ الحب الذي في عينيك ، وأنت تنظر إليها ..!؟
لست غبيا يا صديقي ..!
قتلها هي أولا .. سيقتلك بسهولة ..!
بعد أن أطلق سهام كلماته .. صرخت به ..
_ ليتني قتلتك حينها ..!
ليتني فعلت ..!
ضحك مجددا ، وقال ..
_ لأنك غبي ..!
والآن اركع .. وإلا هشمت رأسها أمامك ..!
شعرت بي أتهاوى على الأرض بثقل جسدي المتعب .. قلت
_ أرجوك ..
أتركها تذهب ..!
وسأفعل ما تريد .. !
نطق كلماته النتنة مجددا ..
_ ليس بهذه السهولة ..!
اشكر عقلي أنه قادني إلى هنا في هذه المناسبة .. سأتسلى كثيرا .
حاولت أن أشغله بالكلام ، وأشتت أفكاره لأحظى ببعض الوقت ، وأفكر في خطة ما .. أي شيء يجعلني أقلب الموقف عليه .. وهذه المرة لن أغفر له أبدا .. !
يجب أن أقتله ..!
قلت مستسلما ..
_ حسنا ..
ماذا تريد ..!
ضحك ببلاهة.. وقال ..
_ ماذا أريد ..!؟
أتسألني .. ماذا أريد ..!؟
أريدك أن تحترق غيظا ، وتموت ..!
أتسمع هذا .. أن تموت !
ركعت على ركبتي مستسلما ، وحائرا .. أطأطأ رأسي للأسفل ، ولم أقو على النظر إلى وردة المرتجفة .. المذعورة ، وهي بين يديه القذرتين ..!
_ فكر يا عزيز .. فكر بسرعة ..!
.. لا يمكن توقع ما يمكن أن يفعله هذا المجنون .. ولا أتخيل نفسي بهذا الجسد المفتول أخذل وردة بل أخذلهم جميعا .. أمي .. جدتي .. ريم .. أم زاهر ، وكل من وجد في بطلا .. لا لن أجلس بلا حول ولا قوة ، وأترك هذا الشيطان يعبث في بيتي ، ويتجرأ على لمس حبيبتي ..
هيهات أن أقف مسلوبا هكذا دون أن أحرقه حيا ..!
كان علي أن أتخذ الخطوة الأولى .. أن أسرع نحوه ، وأهجم عليه ، وأربكه لدرجة أنه لن يستطيع درأ الهجمة عنه .. جعلت أعد نفسي للهجمة حقا .. صوت سيارات الشرطة في الخارج جعلته يحول بصره عني للجهة الأخرى ما هيأ لي فرصة الانقضاض عليه .. ركضت نحوه بسرعة البرق ، ما جعله يرتبك ، ويطلق عدة طلقات عشوائية .. صرخت بوردة الواقفة بذعر ..
_ أذهبي إلى الغرفة ..
أذهبن جميعكن ..!
إحدى الطلقات أصابت كتفي ، ولكن لم تثنني عما نويت فعله .. فكل عفاريت الجحيم قد ازدحمت داخلي .. أحكمت قبضتي على عنقه حتى تراجع للوراء ثم طرحته أرضا ،و جثوت على صدره ، وسددت عدة طلقات إلى رأسه .. !
أصبحت كالمجنون ، وأنا أصرخ بغضب ..
_ أقلت ستهشم رأسها .. !؟
أقلت ذلك ..!؟
أقبل زاهر نحوي ، وحاول أن ينهضني عن جثة عباس الهامدة ، وساعده في ذلك عون ..
_ لقد مات يا عزيز ..!
انتهى الأمر ..!
قبل أن يدخل رجال الشرطة الذين انتشروا سريعا في المكان .. بعد ان اتصل بهم أبا زاهر .. فور سماعنا للطلقة.. كان كل شيء قد انتهى فعليا .
بعدها التفت إلى المسؤول .. قلت ،وأنا أترنح ..
_ لقد قتلته يا سيدي ..
لن يشكل خطرا بعد اليوم .
ثم بدأت الأشياء تتداخل في بعضها .. الأصوات والصور .. فجأة اختل توازني ، وهويت على الأرض فاقدا للوعي .. !
*********
_ وردة !
تعالي إلي ..
وردة ..!
نهضت فزعا .. ثمة أحدا يمسك بيدي .. ويضغط عليها بعطف ..
_ وردة ..!
نظرت لي بعينين محمرتين كالجمر ، ودموعها تشق طرقا ساخنة فوق وجنتيها .. رفعت يدي ، وقربتها من وجهها .. قلت ..
_ لا تبك ..
أرجوك ..!
ثم دخلت في نوبة بكاء مريرة بعد أن حجبت وجهها بيديها .. قالت بصوت مرتجف ..
_ لا أريدك أن تموت ..!
ما قالته أعادني للوراء سنوات طويلة .. إلى تلك الطفلة التي وقفت بحزن في تلك الليلة التي أفجعت فيها قلبي بضياعها وريم ، وقالت
_ لا أريدك أن تموت ..!
لم أدرك حينها أنها كانت تتسلل ببطء إلى داخلي ، وتحيل خراب طفولتي إلى جنة خضراء .. !
حاولت أن أنزع كفيها عن وجهها ، فدفنت وجهها في صدري مرة أخرى .. قلت وأنا أمسح فوق كتفها ..
_ لا تبك يا صغيرتي ..
أنا بخير الآن ..!
ولم يبد أنها عازمة على النظر إلي .. بل بقت على حالها هذا ، ولم تتحرك إلا بعد سماعها طرق الباب ثم تبعه صوت زاهر .. وبحركة سريعة وقفت جانبا تمسح عن وجهها الدموع ، وأنا ممدد لا أقو على فعل شيء ..!
دخل زاهر ، وعون .. أقبلا نحوي مبتسمين .. قال زاهر ..
_ الحمدلله ..
على سلامة بطلنا ..!
استيقظت أخيرا ..!
قلت متسائلا ..
_ كم مر على وجودي هنا ..!؟
_ ثلاثة أيام ..
_ أحقا ..!؟
_ نعم ..
بصعوبة بالغة أقنعت جدتك ، ووالدتك في الذهاب إلى البيت ، ولم يطلقوا سراحي إلا بعد أن أخذن مني وعدا بالعودة لهن مجددا.
زوجتك أيضا لم تكف عن البكاء .. أنظر إلى وجهها ..!
قال زاهر ذلك ، فأسرعت وردة إلى الخارج بعد أن غطت وجهها بيديها .. فالتفت له أعاتبه ..
_ لماذا أحرجتها ..!؟
ضحك ، وقال ..
_ لا تقلق عليها ..
ستنسى بعد قليل ..!
أقبل عون نحوي ،وهمس لي ..
_ كيف حالك يا صديقي؟
أجبته مازحا ..
_ حال أي مؤمن موعده الجنة ..!
فتشاركنا ضحكة عالية ..
_ الحمدلله .. يا صديقي
ذاكرتك بخير ..!
في هذه الأثناء .. دخل المسؤول ، وبعض زملائي من رجال الشرطة .. قال بعد أن اقترب ..
_ الحمدلله على سلامتك يا بطل ..
_ شكرا جزيلا.. سيدي
ابتسم لي ثم قال ..
_استرح الآن ..
لقد انتهت قضية عباس للأبد ..!
سألته ..
_ كيف استطاع الهرب ..!؟
_ لقد استطاع أن يخدع حارس السجن الضعيف بالمال ثم وضعا خطة محكمة للهرب .
لكننا حاسبنا كل من تورط في الأمر من الداخل والخارج .
قلت بغضب ..
_ أمثاله .. لا مكان لهم في الحياة .
_ نعم ..
الحمدلله أنه لم يستطع أن يلحق الأذى بعائلتك ..!
_ الحمدلله .
_ أستأذنك الآن لترتاح ..
عون سيخبرك بالتفاصيل .. لاحقا..!
وأنت في إجازة من الآن .. وخذ ما شئت من أيام ..!
_شكرا لك سيدي ..
_ لا شكر على واجب ..
في أمان الله .
_في أمان الله
بعد لحظات .. جاء الدكتور ، وفحص الجرح ، ورأسي أيضا إثر سقوطي بعد أن فقدت الوعي ..
_ لا شيء مقلق ..!
قال ذلك الدكتور ، وهو يتصفح تقرير حالتي ثم أضاف ..
_ تستطيع أن تذهب إلى البيت اليوم إن أردت .. مع الالتزام بالراحة.
الحمدلله على سلامتك .
_ شكرا دكتور .
_ هيا بنا يا بطل ..!
أطلقوا سراحك أنت أيضا ..!
قال زاهر ذلك ، وهو يحاول مساعدتي على النهوض، وعون من الجانب الآخر .. أسندت كلتا ذراعي على كتفيهما ..
قلت ..
_ لا أود أن أتعبكما ..
أستطيع السير لوحدي ..!
ردا بصوت واحد ..
_ تعبك راحة !
ضغطت عليهما أكثر بحيث قربت رأسيهما للأمام إلي .. هذا ما جعلني أتأوه ، فلقد نسيت أمر الجرح الذي خلفته الرصاصة .
_ أرأيت . .
أنت متعب ، وتحتاج لنا ..!
_ لهذا أنا أحبكما !
خرجنا من الغرفة ، ووردة بقيت في الخلف ، وأظن أنها تبكي .. أشعر بقلبي ينقبض بلا مقدمات حتى وإن لم أرها .. بيني وبينها تخاطر عجيب ، وإحساسي بها يكاد يكون أعجوبة ثامنة .. وجودها في الخلف جعل النظر إليها صعب ، وشاق ، فأي حركة تحتاج جهد تسبب لي وجعا .. الحقيقة أنني لم أكتف بعد من النظر إلى وجهها الجميل الذي طالما بعث في قلبي السكينة .
ارتفع صوت الزغاريد، والهلاهل فور وصولنا إذ أن زاهر أخبرهم بعودتي قبل خروجنا من المستشفى .. وبعد أن انتهى فصل العناق ، والبكاء .. استطعت أخيرا أن أتمدد على سريري بمساعدة زاهر ، وعون الذين لم يتركاني للحظة .. أقبلت جدتي نحوي ، وانحنت تقبل رأسي .. سريعا أخذت بيدها أقبلها .. قالت ، وهي تنظر لي بعينين مغرورقتين بالدموع ..
_ الحمدلله على سلامتك يا حبيبي
_ جدتي الغالية ..
هي دعواتك بعد الله أنجتنا جميعا ..!
وعاودت أقبل يدها مرة أخرى ، وهي تمسح فوق رأسي .. وتقبل جبيني ثم جاءت أمي ، وفعلت ما فعلته جدتي ثم استحوذت على رأسي تقبله ، وتبكي .. وتقول بصوت مخنوق
_ الحمد والشكر لك يا رب
الحمد والشكر !
أما ريم الصغيرة فقد ارتمت فوق صدري باكية ، وخائفة ..وتتمتم بكلمات مرتجفة ، وغير مفهومة ..
_ يا صغيرتي ..
أنا هنا الآن ..!
_ الحمدلله ..
قالت جدتي ذلك ، وهي تحثهم على الخروج لكي يتركوا لي مجالا لأرتاح .. انتبهت أن وردة لم تكن من بينهم .. أردت أن أسألهم ..
_ أين وردة!؟
لكنني عوضا عن ذلك بقيت صامتا ..أراقب خروجهم ، وأنتظر أن تطل برأسها من الباب قبل أن يغلق .. وذلك أيضا لم يحدث . تجمدت نظراتي جهة الباب .. لم أكن لأفوت لحظة دخول وردة إلى الغرفة لأول مرة بعد أن أصبحت زوجتي..!
_ زوجتي ..!
الله ..
من كان يتخيل أن تلك الطفلة اللحوحة .. التي أسرفت في رفعها كالريشة في الهواء .. ستكون زوجتي يوما ..!
ومن حيث كنت أحدق بصبر وصمت .. انفتح الباب أخيرا ، وكانت وردة .. نعم كما كنت أتوقع حين أطلت برأسها تتفقدني .. التقت نظراتنا ، فأنكست رأسها خجلا .. مددت يدي ناحيتها ، فأقبلت بعد أن أغلقت الباب نحوي ، وأمسكت بيدي المعلقة ..!
دفء يدها دفعني لسؤالها ..
_ كيف حالك..!؟
أحنت رأسها نحو الأرض مجددا ، وبصوت خفيف قالت ..
_ بخير ..
_ أظنك .. لا تأكلين جيدا ..
أليس كذلك ..!؟
نظرت لي ثم أشاحت ببصرها نحو الأرض ، وهزته قليلا كإجابة على سؤالي .. قلت ..
_ تعلمين أن ذلك لا يريحني أبدا ..!
هزت رأسها مجددا ، وما زالت تنظر للأسفل .. وجدتني أقول بعد ذلك ..
_ وردة ..
دعينا نتصفح ألبوم الصور ..!
لا أدري لم قفز في عقلي ألبوم الصور هذه الساعة ، وقبل أن أخبرها عن مكانه .. قفزت لتجلبه بنفسها .. وفي طريقها انتبهت أنها تصرفت بلا تفكير .. جعلني ذلك أرفع صوتي لأرفع عنها الحرج ..
_ أنه في الخزانة ..!
وعادت تحمله بين كفيها كطفلة حذقة تماما كما كانت بالأمس وهي تحمل دفتر تلوينها .. قلت ..
_ إقتربي ..
حاولت أن أعتدل في جلستي بحيث يستقيم ظهري ،فانحنت بجسدها النحيل لتساعدني على ذلك .. أشرت لها أن تجلس بقربي لنتمكن أيضا من تصفح الألبوم بسهولة .. كانت الصورة الأولى.. صورة قد رسمت عليها رمز قلب يضمهما معا .. وردة وريم .. قلت ، وأنا أنظر للصورة ..
_ أتذكرينها ..!؟
أجابت بخجل ..
_ لا ..
_ في هذه الصورة يا صغيرة .. ناديتك أول مرة باللحوحة ثم نظرت لي بدهشة رغم أنك لم تفهمي المعنى.
إلا أنك ذلك البوم بكيت بشدة ، ولم تهدئي إلا بعد أن عانقتك، وأخذتك في جولة وأنت على كتفي ثم قرأت إليك الكثير من القصص المصورة .
كانت أول جولة لك بلا ريم ..!
اكتفت وردة بالابتسام ،والنظر في أي شيء آخر إلا النظر لي ، وأنا الذي أتحرق شوقا لنظرة واحدة .
قلت ..
_ لم تتغيري كثيرا ..
أعني وجهك ما زال بريئا !
هل تغيرت أنا ..!؟
صمتت لبرهة ثم قالت ..
_ نعم
_ كيف؟
_ أصبحت ..
وتوقفت فجأة ، وأطالت النظر إلى الأسفل ..
_ أتعنين .. أصبحت عملاقا ..!
قالت ، وعينها ما تزال تنظر للأسفل ...
_ نعم
_ أهذا يخيفك ..!؟
_ لا .. على العكس ..
صمتت مجددا ثم نظرت لي بخجل .. وقالت بصوت خفيف
_ تبدو بطلا خارقا .
_ بطلك ..!؟
هزت رأسها بالإيجاب .. وأرادت أن تهرب إلا أني أحكمت قبضتي على يدها ، ولم أترك لها فرصة الهرب مجددا .. قلت ..
_ إلى أين ..!؟
لم تجب ، واحمرت وجنتاها خجلا .. ما كانت تملك إجابة محددة إلا أنها اعتادت الهرب من أمامي .
_ أنت زوجتي الآن .. إن كنت لا تدركين ذلك ..!
هروبك لن ينفعك .. لأنك يا صغيرة وإن هربت ستعودين إلي في نهاية المطاف .
هزت رأسها مجددا ، وما زالت تنظر للأسفل .. أدرك جيدا ما تمر فيه الآن ، ولكنني الآن أحتاج إليها بكل حواسي الخمسة ربما أكثر مما أتصور .. سألتها ..
_ أتحبينني؟
رفعت بصرها نحوي ثم أخفضته وهزت رأسها مجددا ..
_ لا .. لا يا صغيرة
لن أقبل بهذا كإجابة .. أريد أن أسمعك ..!
صمتت برهة ثم همست ..
_ نعم
_ ماذا ..!؟
قوليها مجـددا..!
وقبل أن أستعد بشكل كامل .. قالتها سريعة .. مباشرة بلا تأتأة ..
_ أحبك !
شعرت بعدها بطاقة غريبة تسري في كل أجزاء جسدي .. حتى الجرح لم يعد يؤلمني .. وقفت ، وحركت ذراعي .. ما جعلها تقف خائفة ..
_ عزيز ..لا
الجرح ..!
_ لا ..
أنا بخير الآن ..
بخير جدا ..
تعالي ..
إقتربي أكثر ، وعانقيني .. طوقي كلتا يديك على عنقي ، وأنا بدوري سأدور بك ثم سأرميك للأعلى ، وأتلقفك كرة أخرى.
تعالي ..
يا صغيرتي المدللة ..
يا مهجة القلب .. وزوجتي اللحوحة ..!
فجأة .. اندفعت نحوي .. ما جعلني أفتح ذراعي باتساع لتهوي على صدري .. قبلت رأسها ، ومسحت على شعرها الحريري ثم رفعتها للأعلى .. وصار جسدها يحلق في الهواء كريشة تماما .. صرخت بفرح ..
_ أحبك عزيز ..!
_ وأنا لو تدرين ما فعل بي حبك يا وردة .. منذ أن أحببتك ، وأنا أتصرف كالمجانين .. أحدث نفسي كثيرا عنك ، وربما هذه الجدران .. تعرف الكثير مما أضمره في صدري .. وترينه في عيني هذه اللحظة .. أحبك أيتها الدهشة التي خلقها الله من أجلي أنا ، وأنا فقط .. لتؤثث حياتي الفارغة ، وتترك في كل زاوية مني جزء منها .
أحبك .
(( تــــــمــــــت ))
التعديل الأخير تم بواسطة نورانيّة ; 2/June/2022 الساعة 2:59 pm
مدهشة كنتِ يانور اجدتِ وابدعتِ
الوصف والسرد منذ اول الحروف الى الخاتمة موفقة في نشرها ان شاءالله
كملت!؟بعد زاهر ما تزوج
ابدعتي ست نورانية
هو انتي اسمك
نورانية
يعني مافينا نكتب الله ينور عليك
عاشت الايادي تضبط