صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 56 789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 81
الموضوع:

خلقت لأجلي! - الصفحة 7

الزوار من محركات البحث: 157 المشاهدات : 2208 الردود: 80
الموضوع حصري
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #61
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: في اليسار..!
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 14,533 المواضيع: 155
    صوتيات: 24 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 18848
    مزاجي: لم يعتق بعد..
    المهنة: خلق الأجنحة ..
    أكلتي المفضلة: لا شيء محدد..!
    آخر نشاط: 1/December/2024
    مقالات المدونة: 5
    ..


    *****************

    وردة ..
    وردة ..!
    أنا هنا .. لا تخافي ، ولا تحزني ..!
    تعالي إلي ..
    أنا عزيز ..
    تعاااالي ...!

    صحوت مفزوعا ، وألهث .. وكأني للتو خرجت من سباق جري معد لمسافة طويلة .. لم أستطع تمييز الوجوه التي اقتربت نحوي ..
    _ وردة ..!
    _ وردة بخير يا عزيز ..
    وهي في البيت الآن .
    الأهم أنت .. كيف تشعر ؟
    _ أشعر بألم في رأسي ..
    ولا أستطيع الرؤية بوضوح .
    _ نعم .. هذا أثر الضربة التي سددها لك عباس بمضرب حديدي ..
    والحمدلله .. أنك تجاوزتها ، ونجوت .

    بعد محاولات عدة لتمييز الوجوه التي أحاطت بي .. استطعت أن أميز وجه الضابط المسؤول ، وهو ذاته الذي تحدث إلي قبل قليل .. وما زال يتحدث ..

    _ عندي لك خبر سيجعلك تستعيد عافيتك بسرعة ..
    تخميناتك كانت صحيحة جدا .. استطعنا أن نقتحم المحل ،وعبر منفذ سري وصلنا للمكان الذي كنت فيه ، ووجدنا عددا هائلا من الحبوب المخدرة ، والخبر الأسعد أننا قبضنا على عباس ، وأعوانه .
    أتعلم .. أن ما حدث ما هو إلا محاولة غبية بهدف تشتيتنا عن العملية الأكبر ، وهي تهريب دفعة كبيرة من الحبوب المخدرة في ذات الطريق البرية ..!
    .. عباس .. كان يشاغلنا عن المسألة الأهم ، ولم يفلح في مسعاه .. رجلنا الذي خطفوه .. أيضا وجدناه في أحد الممرات هناك مقيدا ، وفي حالة يرثى لها .. إضطر تحت وطأة التعذيب أن يخبرهم بأنك الضابط المسؤول ، وزودهم برقم هاتفك .
    هكذا وصلوا لك بسهولة ..!

    _ الحمدلله .. أن الرجل بخير ..!
    _ الحمدلله ..


    شد الضابط على كتفي .. وقال ..
    _ سنغادر الآن لتأخذ قسطا من الراحة ، وبعد خروجك قريبا .. ينتظرك خبر سعيد آخر .

    خرجوا جميعا ، وحاولت إغماض عيني قليلا .. ما جعلني أصحو هو صوت جدتي التي أسرعت نحوي باكية، وتبعتها أمي ، أم زاهر ، وريم ..

    _ يا حبيبي ..
    ماذا فعلوا بك ..!؟
    _ لا تخافي يا جدتي ..
    حادث بسيط .. كيف حال زاهر؟
    _ زاهر بخير ..
    هو في الغرفة المقابلة !
    _ الحمدلله ..
    _ الحمدلله..
    _ ووردة .. كيف حالها ؟
    _ بخير أيضا ..
    لا تقلق ..!

    اقتربت ريم بعينين مغرورقتين بالدموع ، وقالت بصوت تخنقه العبرة ..
    _ أنا لست غاضبة ..
    أسامحك ..!
    ارتمت في حضني ، وأجهشت بالبكاء ..

    _ يا صغيرتي !




    بدأت أستعيد عافيتي ، وتهدأ روحي شيئا فشيئا .. ما لم أستطع تجاوزه حتى هذه اللحظة .. صورة وردة بوجهها المغمور بالدموع ، وأطرافها المرتجفة .. كم كسرني رؤيتها هكذا !
    كانت الأحداث سريعة ومشوشة .. فقدت خلالها قدرتي على التفكير بشكل أسرع ، وأدرأ عنها شر من لا يخاف الله .
    ..


    جاء أبا زاهر ، وزاهر ليقلاني إلى البيت .. زاهر خرج من المستشفى قبل يومين ، خرج بندبة بالقرب من عينه اليمنى ستلازمه زمنا طويلا .. حين وصلنا .. كن النساء ينتظرن وصولنا في الخارج .. عندما ترجلت من السيارة .. أسرعن إلي وأحطن بي عن يميني وشمالي .. هذه تطلب مني أن أتكئ على كتفها ، والأخرى تمسك بيدي ..
    _ لست متعبا لهذا الحد ..
    جدتي .. أمي .. ثم لو اتكأت على إحداكما كسرت لها ضلعا ..!

    قلت ذلك ، وعيني تبحث عن وردة .. وردة التي منذ آخر كسر .. لم تظهر أمامي بعد ..

    _ كيف أنت يا حبيبة!؟



    بعد العناية الفائقة التي تلقيتها من عائلتي الطيبة .. عدت إلى العمل بكامل الصحة والنشاط .. تم تكريمي .. أصبحت بعد هذا اليوم .. ضابطا رسميا .. يشار له بالبنان .. وهكذا أضفت إلى ملفي العملي .. بصمة مشرفة ستبقى معي لسنين قادمة ..!

    كل شيء يمر بسرعة إلا الوقت الذي يفصل بيني وبين وردة ، فإنه يمر ببطء بل يخيل لي أحيانا أنه لا يتحرك ..!
    .. يعاندني ، ويصيبني بالتوتر والقلق ..

    _ متى تتكرم علي بنظرة عطف ..
    وتجمعني بحبيبتي النحيلة ..!؟

    هي بحاجة لي هذه الساعة أكثر من أي وقت مضى .. ضعيفة هي دوني لا تقوى على مجابهة الحياة وحدها ، وأنا أشد ضعفا دون ابتسامتها التي تبعث لقلبي السكينة .

    .. لم تزداد تغطرسا أيها الوقت ، وتقتلني خلالك ..!؟

    أسرع ..
    أسرع ..
    أكاد أفقد عقلي ، وصبري !


    ***************

    في أحد المساءات الباردة .. قرر أبا زاهر أن يقيم جلسة شواء في الحديقة الخلفية لبيتهم .. وافقه الجميع بلا مقدمات ..
    .. فجأة أصبحت الحديقة مليئة بالأضواء ، والأصوات التي يحبها قلبي ..
    أرخيت ظهري للخلف قليلا .. وجعلت أتأملهم جميعا .. الأبخرة التي تصاعدت من فوق اللحم ، وتراقصت في الهواء بغنج ودلال ، وفي رأسي تدور قصة عميقة وفاتنة .. بطلتها فتاة أخذت قلبي عنوة في أحد النهارات المطبوعة في ذاكرتي .

    أنظر ..أبتسم ..أهز رأسي موافقا ، وأمثل دوري ، وكأني أسمع كل شي ، وأنا لا أسمع .. الأمر الذي أنا متيقن من حدوثه أن في هذا المكان الكثير من السعادة والحب .

    قرع جرس الباب ، فدلف أبا زاهر ليرى ..

    _ ترى من قد يكون
    في هذه الساعة المتأخرة !

    لحظات ، وعاد أبا زاهر بملامح متوترة .. وقف أمامنا لا يدري ما يقول .. والحقيقة أنه أصابنا جميعا بالقلق، فجعلنا نسأله ..
    _ من الطارق!؟
    قال بتردد واضح ..
    _ أنه .. أبا عزيز ..!
    ويبدو مريضا ..!

    أسرعت أمي للخارج ، وتبعناها جميعا .. الرجل الذي وجدناه متربعا أمام الباب بدا عجوزا ، ومتعبا .. كان من الصعب أن أتعرف عليه بعد هذه السنوات .. وهو بهذه الهيأة المتعبة ، والخائرة القوى .

    .. بعد أن رأته أمي .. تبدلت كل ملامح الغضب التي كانت واضحة في الداخل وقبل أن ترى شبه رجل يتوسد الأرض تعبا إلى ملامح لم أستطع وصفها بشكل دقيق لكنها بالتأكيد تضمر حب ورحمة ..

    وقفت جدتي جانبا ، ولم تنطق بكلمة واحدة .. ربما هي الأخرى تراجعت عن الكثير من الكلام المخبوء في صدرها كل هذا الوقت ..

    رفع أبي رأسه ، ومرر بصره بين هاتين المرأتين ثم قال بصوت متعب ..


    _ أنا أحتضر ..!


    أسرعت إليه ، وأسندته بيدي .. أخذ يتفحص وجهي باهتمام ثم قال ..
    _ عزيز ..
    أأنت عزيز!؟
    _ نعم أبي .. انا عزيز ..!

    شد على يدي التي تسنده ، ورسم على وجهه ابتسامة فخورة ثم قال ..
    _ ما شاء الله ..
    تبدو بصحة جيدة !

    اكتفيت بالابتسام ، وأخذته إلى غرفتي .. تبعتني أمي ثم جاءت بعدها جدتي .. وقفتا تنظران إليه ، ولم تستطع أي واحدة منهما الحديث إلا أن أبي شعر بعجزهما عن السؤال ، فقال ..

    _ أعرف أنكما تتساءلان لماذا جئت إلى هنا بعد هذه السنوات .. !
    خسرت كل شيء .. زوجتي أو التي كنت أعتقد أنها كذلك ..سلبتني كل شيء .. وخلعت نفسها أخيرا .

    بعد أن عرفت .. أن أيامي معدودة ..
    جئت إلى هنا .. !
    وأجزم يقينا أنكم ستحتضنونني بقلوبكم قبل داركم ..!
    لا تقلقوا .. لن أتعبكم
    لكن أطلب منكم أن تحاولوا مسامحتي فقط ..!


    أمي لم تتمالك نفسها ، فأجهشت بالبكاء ثم خرجت مسرعة .. جدتي هي الأخرى ألقت آخر نظراتها المشفقة ، وخرجت صامتة .. أنا الوحيد الذي شعرت بعطشه .. رفعت رأسه نحوي وأشربته بعض الماء ..

    _ باركك الله يا ولدي ..
    وحفظك .
    _ ماذا تريد أن تأكل يا أبي!؟
    _ لا شيء يا ولدي ..
    أريد ورقة صغيرة ، وقلم

    أحضرت له ما أراد ثم تركته ، وخرجت .. كان علي أن أجد مكانا آخر أبات فيه هذه الليلة .. أريكة الصالة لا تكفي حجمي على أية حال .. فكرت في زاهر كملاذ وحيد وأخير ألجأ إليه في هذه الساعة المتأخرة .. أخذت هاتفي ، واتصلت له ..
    _ ألو
    _ ألو زاهر ..
    سأبات عندك هذه الليلة ..!

    رحب بالفكرة ، فأسرعت إليه .. ولأنه ظن أن الجميع في غرفهم .. لم يخرج لاستقبالي ، ولم يخطر ببالي أن أصادف وردة ..

    _ وردة !


    ارتبكت .. الصدمة أثقلت لسانها ، فلم تنطق .. وأخذت تنظر لي بذهول، وتتحسس رأسها الحاسر .. أما أنا ، فشاغلتني بإلحاح فكرة أن أعانقها ، وأسألها وأنا أمسح فوق شعرها المنسدل كخيوط حريرية ..

    _ كيف أنت يا مهجة القلب ..!؟

    وأطلب منها أن تنسى تلك الحادثة بتفاصيلها الموجعة ، وأن تكون مطمئنة على الدوام ما دامت بجانبي ..!

    صوت الباب الذي انفتح فجأة جعلها تسرع إلى المطبخ القريب .. ما كان مني إلا أن حثثت الخطى نحو زاهر قبل أن يشعر بوجودها بينما صورة وجهها بشعرها الأملس داعبت خيالي كثيرا قبل أن أنام .


    .. في الصباح الباكر ، خرجت قبل أن يشعر بي أحد .. عندما وصلت للبيت .. وجدت أمي تقف بالقرب من باب غرفتي ، وببن يديها صينية تراصت فوقها الأطباق .. قالت بعد أن رأتني مقبلا نحوها ..
    _ لقد أعددت فطورا خفيفا لوالدك ..
    خذه له .
    _ حسنا .. أمي
    ناولتني الصينية ، وقالت ..
    _ لا أعلم مما يعاني .. لكن حالته لا تبشر بالخير .
    عزيز ..
    عليك أن تأخذه إلى المستشفى اليوم .. لنعرف حقيقة ما يعانيه .
    _ إن شاء الله ..

    دخلت للغرفة، ويبدو أن أبي ما زال نائما .. وضعت الصينية جانبا، ومشيت على أطراف أصابعي لكي لا أزعجه .. فتحت الخزانة على مهل ، وأخرجت بدلة العمل ..قبل أن أخرج سمعت أبي يناديني ..

    _عزيز ..

    التفت له .. كان يحاول أن يعتدل في جلسته .. أسرعت وساعدته ثم قال ..
    _ أريد الماء ..

    أشربته من كأس الماء الذي وضعته بالقرب منه البارحة ، وقلت له ..

    _ أبي ..
    لقد صنعت لك أمي فطورا خفيفا .. عليك أن تأكل .
    .. وأنا علي أن أستعد للذهاب إلى العمل ..!
    _ ما عملك يا بني؟
    _ ضابط
    _ ما شاء الله ..
    أسعدتني والله !
    الحمدلله الذي أطال بعمري لمثل هذه الساعة . !
    _ الحمدلله ..
    علي الذهاب الآن ، وسأعود سريعا لأجلك ..!

    شد على يدي ، وقال بأسى ..
    _ سامحني يا عزيز ..
    سامحني إذ غبت عنك في وقت حاجتك لي .


    لم أجد أي كلمات مناسبة لذا اكتفيت بالصمت .. ما لم أحسب له حسابا هي دموعه .. شعرت بها ملتهبة ، وهي تشق طريقها على وجنتيه .. أخذ يكرر ..

    _ سامحني ..

    ثم دخل في نوبة سعال شديدة .. حاولت أن أشربه الماء ، فلم تهدأ بل زادت حدة .. ما كان مني إلا أن رفعته ، وأسرعت به إلى المستشفى .. وبعد الفحص والمعاينة .. قال الدكتور ..
    _ يعاني فشلا كلويا حادا ..حالته حرجة ، ومتأخرة .
    لم لم تحضره قبلا ..!؟
    _ كان أبي غائبا لسنوات طويلة ، وبالأمس عاد بهذه الحالة .
    نظر لي الدكتور بنظرة معزية ثم قال ..
    _ لا أدري كيف اقول لك هذا .. لكن أباك يحتضر الآن !
    ولا شيء يمكن أن نقدمه له إلا معجزة ..!


    **********

  2. #62
    queen
    تاريخ التسجيل: May-2022
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,522 المواضيع: 36
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 10444
    مزاجي: الحمدلله
    المهنة: طالبة جامعية
    أكلتي المفضلة: دولمة
    مقالات المدونة: 4
    استمري فأنا أتوق إلى قراءة روايتك الجميلة

  3. #63
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة healing lady مشاهدة المشاركة
    استمري فأنا أتوق إلى قراءة روايتك الجميلة
    أهلا وسهلا بك دائما

  4. #64
    بعثرة روح
    Your brown eyes are my refuge
    تاريخ التسجيل: September-2014
    الدولة: مدينة السياب
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 16,046 المواضيع: 132
    صوتيات: 29 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 21402
    مزاجي: صامت
    المهنة: معلمة حاليا
    أكلتي المفضلة: السمك
    مقالات المدونة: 65
    باانتظار خاتمة الاحداث يانور
    احسنتِ

  5. #65
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    ..


    **********


    . غاب أبي طويلا حتى سلمت بفكرة أنه غير موجود أو مات منذ زمن بعيد جدا قبل أن أدرك معنى أن يكون لي أب ، و رتبت حياتي وفق هذه الفكرة .. ربما هذا ما جعلني صامتا كل الوقت ، ولم أظهر له ملامح الغضب كما فعلت أمي ومن بعدها جدتي .. لا أستطيع أن أعاتب رجلا بالكاد أعرفه .. رغم ذلك أشعر بالحزن عليه الآن ..!

    .. لم أذهب إليه ، وآثرت أن أجلس بالقرب من الغرفة.. الحقيقة لم أشأ رؤيته ضعيفا كذلك لم أرد له أن يلمح في ملامحي شيئا يحزنه ..

    لحظات ، ورن هاتفي .. كانت أمي ، وأخمن أنها تتصل الآن لتسألني عن حالة أبي ..
    _ ألو ..
    _ ألو عزيز ..
    ما أخباره !؟
    طمئن قلبي ..
    _ لا أعرف بما أجيبك يا أمي .. قال الدكتور الذي فحصه .. أنه يعاني فشلا كلويا حادا ، وحالته متأخرة جدا .
    _ عطفك يا الله ..
    _ إدعي له يا أمي ،
    وسامحيه!

    سمعت تنهيدتها ثم ردت بصوت تخنقه العبرة ..
    _ لم أغضب عليه لأسامحه ..
    كنت أجد له عذرا في كل مرة ينحرف فيها عن الطريق .
    لم أغضب عليه لأسامحه ..!
    لم أفعل !

    ثم سمعت صوت جدتي تداخل وصوت بكاء أمي .. سألتني ..
    _ هل مات!؟
    _ لا يا جدتي .. لكن حالته حرجة ..!
    إدعي له يا جدتي ، فدعائك مستجاب.
    _لن أفعل !

    قالت ذلك بحدة ثم أغلقت الهاتف .. إزداد شعوري بالحزن اتجاه أبي بل أنا الآن أختبر دمعتي الأولى التي تسقط لأول مرة من أجله ..!

    أتتخيلون ذلك ..
    دمعتي الأولى !

    كان يجب أن أتفقده .. فتحت الباب بما يكفي لإدخال رأسي بحيث أتمكن من رؤيته إن كان نائما دون أن أحدث ضجة .. وصادف أنه كان ينظر لجهة الباب ، وكأنه كان ينتظرني .. !

    رفع يده نحوي ، وأشار لي بالاقتراب ..

    اقتربت ، واتخذت مكانا بجانبه .. قال وهو ينظر لي بعينين كسيرتين ..
    _ كم وددت أن أقضي معك وقتا أكبر .. أعوض عن كل السنوات التي حرمت فيها من أن أراك ، وأنت تكبر ..!
    أشعر بالخجل والانكسار .. وأنا أتفوه بهذه الكلمات التي لن تغير أي شيء أو ترجع بي الزمن .
    قلت ..
    _ لا ترهق نفسك بالحديث الآن .. أرجوك ..
    حاول أن تنام قليلا .. وبعد أن تصحو سنناقش كل شيء ..
    أعدك!
    _ أخشى أن تكون غفوتي الأخيرة .. يا ولدي !
    وأرحل ويبقى الكلام في قلبي غصة ..!
    _ لا تقل ذلك .. يا أبي
    دع يقينك بالله كبير ..ثم أنني سأفكر بتعبك هذا على أنه نزلة برد عادية ، وستزول قريبا .
    إرتح أرجوك..!


    حين هممت بالنهوض .. أمسك بيدي ، ورجاني أن أبقى بجانبه حتى يغفو .. فامتثلت لطلبه ، وجلست ثم قال وهو يشد على يدي ..
    _ قد يكون هذا الحديث الأخير بيننا .. وقبل أن يحدث ذلك عليك أن تعلم فقط .. بأنني أشعر بالفخر أن اختارني الله أبا لك أنت عوضا عن كل العالمين .
    وأمد في عمري قليلا لأحظى بهذه اللحظة الثمينة ..!
    لا تتخيل حجم سعادتي ، وأنا أتأمل وجهك ، وأرى رجلا اجتمعت فيه كل مواصفات الرجولة .
    حفظك الله ورعاك .
    _ وحفظك يا أبي ، وأطال في عمرك.

    بقى صامتا ، ويتأملني .. يشد على يدي حينا، وحينا يتحسس وجهي بأصابعه المرتعشة .. لا أخفيكم أن ما أشعر به الآن .. يتجاوز كل ما أدخره من مفردات لمواقف شتى .. أنا شبه معطل ، وعقلي يرفض أن يمد لي يد عونه ..

    _كيف يمكن أن أجيبك يا أبي ، وأنا قتلتك في عقلي منذ زمن بعيد ..!؟

    بعد أن غفى .. تسللت على مهل إلى الخارج .. كان علي أن أجري اتصالا طارئا للمركز ، وأستأذن عن الحضور لهذا اليوم ، وأعود للمنزل لأغير ملابسي ، وأتناول شيئا .. فتعب أبي المفاجئ جعلني أخرج بسرعة ببطن فارغ .. !

    تناولت هاتفي ، وبعد طلب رقم زميلي .. قلت ..
    _ ألو
    _ ألو عزيز ..
    لم تأخرك ..!؟
    _ أعتذر اليوم عن الحضور ..
    _ عسى خير ..
    _ أبي متعب ، وأنا معه في المستشفى ..
    _ معافى إن شاء الله
    _ سلمت .. شكرا جزيلا لك ..
    حسنا .. نلتقي غدا .

    بعد أن أغلقت الهاتف .. تذكرت بطني الفارغ .. أشعر بالجوع ، وأريد أمي حالا ..!

    _ حفظك الله يا حنونة ..!
    يا طيبة ..
    أنا في طريقي إليك .. أني أموت جوعا ..!


    في طريق خروجي .. زودتهم برقم هاتفي لأي طارئ .. وخرجت ..
    عندما وصلت إلى البيت .. وجدت أمي تجلس مهمومة ،وأم زاهر تجتهد في تهدئتها ..
    _ هوني عليك يا أختي ..
    سيكون بخير إن شاء الله ..
    _ كيف أهدأ يا أم زاهر .. وعزيز
    أخبرني أن حالته حرجة جدا .
    أخشى أن يفارق الحياة يا أختي قبل أن أستعد لمواجهته ، وقبل أن أخبره أنني لست غاضبة منه ، وأني أسامحه وطالما كنت كذلك ..!
    سألني بالأمس ، وبدل أن أجيبه .. خرجت مسرعة!

    ربتت أم زاهر على كتف أمي ثم قالت ..
    _ لا تأسفي على ذلك ..
    أطلبي من الله أن يشفيه .
    _ يا رب

    بعد أن سمعت كل الحديث .. دخلت إلى حيث هما تجلسان .. ألقيت التحية ، ودلفت إلى المطبخ .. تبعتني أمي بينما أم زاهر استأذنت للانصراف ..
    قلت وأنا أفتح باب الثلاجة ..
    _ أنا جائع يا أمي ..
    بادرتني بالسؤال ، وهي تركز نظرها في وجهي ..
    _ كيف هو الآن !؟
    قلت ..
    _ ليس بخير . .
    يحتاج للدعاء ..!
    _ إذا لم عدت ، وتركته وحيدا ..!؟
    _ عدت يا أمي .. لأنني جائع ، وبحاجة لطبخ يديك يا طيبة .. ثم أنني تركته بعد أن تأكدت أنه نائم .
    _ حسنا.. سأعد لك شيئا سريعا ..
    تأكل ، ونذهب لأبيك سوية .
    _ إن شاء الله
    أدركيني بما يؤكل الآن ..
    أرجوك!

    في هذه الأثناء .. جاءت جدتي ، وعينيها تتفحص ملامحنا ، وكأنها تبحث عن إجابة لسؤال يدور في رأسها .. ثم قالت ..
    _ يبدو أنه لم يمت بعد ..!

    التفتت لها أمي ، وقالت بعصبية واضحة ..
    _ كفاك يا خالتي .. لا تجعلي قلبك قاسيا إلى هذا الحد .. يبقى وإن انحرف عن المسار ابنك ، وأنت ملاذه ، فهل هناك ملاذا للأبناء إلا قلوب أمهاتهم!؟
    ردت بعصبية هي الأخرى ..
    _ لا أبناء لي .. تبرأت منهما في اليوم الذي سلباني فيه بيتي ، وتركاني وحيدة في الشارع ..!

    أرادت أمي أن توقظ شيئا ما في قلبها ، فقالت ..
    _ ادعي له .. أرجوك يا خالتي
    فدعاء الأم مستجاب .

    لم تنبس جدتي بكلمة ، وانصرفت .. بينما جلست على وضع الصامت ، ولم أشأ أن أتورط في حديث عمره العديد من السنين . ربما أبي يحتاج للدعاء لكنه يحتاج أن يشعر بوجودي بجانبه في أيامه الأخيرة أكثر من الدعاء والمغفرة .. على الأقل هذا ما قرأته في عينيه المغمورتين بالدموع والحسرة.

    وضعت أمي طبق الطعام، وانصرفت هي الأخرى .. وأنا ألتهم ما في الطبق .. إنتابني شعور بالنقص .. إذ لم تعبث وردة برأسي في هذا اليوم بعد ، ولم أسأل نفسي السؤال المعتاد ..

    _ متى يمر الوقت سريعا، وتكونين لي!؟

    بعد أن أنهيت طبقي عن آخره .. كانت أمي قد استعدت ، ووقفت تنتظر .. قالت وهي تستعجلني ..
    _ هيا يا عزيز ..
    مؤكد أن والدك بحاجة لنا الآن ..!
    _ حسنا يا أمي ..
    إمهليني بعض الوقت لأستحم ، وأهندم هيأتي .
    _ أسرع ..
    جزيت خيرا ..!

    دخلت الغرفة على عجل ، وأكملت ما أنا ذاهب إليه .. لحظات ، وأصبحت جاهزا للخروج ..
    _ هيا يا أمي ..
    وقبل أن نطأ عتبة الخروج .. سمعت جدتي تصرخ بنا ..
    _ انتظراني ..
    سآتي معكما ..!

    الحقيقة شعرت بالراحة إذ أن جدتي أخيرا استطاعت أن تتخذ موقفا جيدا لخطوة عفو قادمة .
    لربما حظي أبي بمعجزة شفاء ، وعاد مرة أخرى بصورة الأب الصديق الذي بقلبه يوجه حواسي حيث مواطن الدهشة ، والطرق السديدة .
    الأب الحلم الذي طالما تمنيت أن يكون عاليا كجبل ، ورحيما كظل شجرة . أنا الآن لا أتذكر له موقفا واحدا ولو على سبيل لحظة عابرة أخذني فيها في حضنه ، وداعبني قليلا .. ما أذكره فقط تلك المرة التي رمقني فيها بنظرة غاضبة ، وهو يخرج بعد أن أشعل النيران في قلب أمي ، وتركها خاوية.
    تلك كانت المرة الأخيرة التي أرى فيه وجهه قبل أن يغرس النسيان مخالبه في ذاكرتي، ويقتله.


    عندما وصلنا المستشفى .. لاحظت حركة غريبة بالقرب من الغرفة التي ينام فيها أبي .. ممرضة تخرج ، والأخرى تدخل على عجل .. أسرعت للغرفة ، وتبعاني أمي وجدتي .. دخلت للغرفة، ووجدت الطبيب واقفا ، وإحدى الممرضات تزيل الأجهزة الموصولة بجسد أبي .. سألته بصوت يملأه الذعر ..
    _ ما به!؟
    لم ترفعون الأجهزة من عليه!؟

    لم يجب على أسئلتي ، والممرضة أخذت ترفع الغطاء على وجهه ، وأنا أرفض بشدة تصديق ما أراه .. أقترب الطبيب نحوي ، وشد على كتفي ثم قال ..
    _ إنا لله وإنا إليه راجعون .
    كان الله في عونكم جميعا ..

    التفت لأمي وجدتي ، وقد أثقلت لساني الصدمة .. غطت أمي وجهها بكفيها، وانهارت باكية أما جدتي، فأسندت ظهرها وقد شحب وجهها ..
    خرج الطبيب .. اقتربت منهما ، فارتمت أمي في حضني باكية.. قالت ، ورأسها مغمور في صدري ..
    _ رحل يا عزيز ..
    رحل قبل أن يسمع إجابتي .
    رحل بخاطر مكسور ..!

    وأنا كالأبله لا أعرف ما أقول ثم سمعت جدتي تتمتم ..
    _ إنا لله وإنا إليه راجعون .


    رحل أبي للمرة الثانية ، وهذه المرة هي الأخيرة .. جاء إلى حياتي كحلم خاطف ، ثم رحل ولم يترك لي فرصة أن أستوعبه .. في العزاء كان علي أن أتلقى كلمات المواساة ، وأخفض رأسي هربا من نظراتهم المشفقة أو هكذا أظنها.. ربما تظنون أنني غريب الأطوار لو أخبرتكم أنني أشعر بالغرابة ، وأن ما يحدث حولي من عناق ، ومواساة لا يزيدني إلا توترا ونفورا .. لا أدري كيف أظهر هذا الحزن بالشكل المناسب .

    _ رحمك الله يا أبي وأحسن مأواك .


    بعد العزاء .. نذرت أمي نفسها للبكاء والندبة حتى أنها اعتكفت لأيام عديدة في غرفتها ، وجدتي الأخرى لم تعد تخرج كثيرا من غرفتها هذا ما جعل زيارات أم زاهر تقل بشكل واضح أما ريم فقد عادت تتردد إلى غرفتي كما كانت تفعل قبل سنوات ، وتشكو الوحدة والملل .. ولأنها لم تعرف أبي .. لم تتحدث عنه مطلقا ..!

    جلست بالقرب من السرير وأخذت تكتب شيئا في دفترها الصغير ثم قالت
    _ عزيز ..لا ترحل مرة أخرى ..
    أنا أكره الرحيل .
    اعتدلت في جلستي ، وطلبت منها أن تقترب ثم مسحت على شعرها الخفيف الناعم ، وقلت
    _ لن أرحل يا صغيرتي ..
    ثم لو حدث ذلك يوما .. فتأكدي أنه رغما عني ..!
    _ لا تقل ذلك !
    تقوس فمها ، وارتمت في حضني بقوة جعلت ظهري يرتطم بمقدمة السرير .. قلت أداعبها ..
    _ آه ..
    لقد أحدثت ثقبا بصدري يا آنسة !
    أني أتألم ..
    خذيني إلى المستشفى .. آه!

    جذبتها ، ورفعتها لأعلى ، وهي تضحك وتصرخ
    _ أنزلني ..!

    .. عدت بذاكرتي إلى المرة الأولى التي ضحكت فيها وهي تطير في الهواء ، وتصفق ..!


    ما أزال أذكر هذه اللحظة ، وكأنها حدثت بالأمس القريب .. قد سجلت فيها انتصاري الأول بجدارة .
    ما تزال كما هي لم تتغير .. خفيفة الوزن .. وجهها البريء يدفعني لعناقها كل الوقت .. ضحكتها الحلوة هذه قد تحدث بسهولة حتى بعد نوبة بكاء شديدة .. الفرق أنها أطول قامة الآن .


    _ حفظك الله يا صغيرتي !

    *********************
    التعديل الأخير تم بواسطة نورانيّة ; 1/June/2022 الساعة 12:37 pm

  6. #66
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    ..


    *********************


    في الصباح .. وأنا أرتدي بدلة العمل بعد غياب لاحظت شيئا في جيبي الأمامي .. تحسست وعرفت أنها ورقة ..

    _ ورقة !؟
    أيعقل أن تكون وردة من وضعها هنا ..!؟
    كيف ومتى!؟
    وأنا لم أخرج من غرفتي ..!؟

    فتحتها على عجل .. كان يهمني أن أعرف المرسل .. والصدمة كانت أكبر حين عرفت أن المرسل ما كان إلا أبي !
    تذكرت بعدها أنه طلب ورقة وقلم في الليلة التي جاء فيها ..!

    _ كيف نسيت هذا!؟
    رحمك الله يا أبي ..

    ما كان من الجيد أن أقرأها بمفردي .. لأنني على يقين أن ما كتب في هذه الورقة يخص أمي وجدتي في جزئه الأكبر .. أسرعت لهما ، وجعلت أناديهما ..
    _ أمي .. جدتي
    تعاليا .. لدي شيئا مهما لكما ..!

    خرجت أمي متسائلة ..
    _ ماذا هناك يا عزيز ..!؟

    وقبل أن أنطق .. خرجت جدتي .. وأقبلت نحونا ، وهي تقول ..
    _ خير إن شاء الله ..
    _ كل الخير يا جدتي ..

    أجلسا .. أرجوكما ..!
    أريد أن أقرأ عليكما رسالة أبي التي كانت مخبأة في جيب بدلتي كل هذا الوقت ..!

    جلستا بجانبي ، وشرعت أقرأ عليهما المكتوب ..



    بسم الله الرحمن الرحيم


    إن كنت تقرأين المكتوب يعني أنني رحلت ، وليس لي بعد هذا الرحيل من عودة .

    قبل قليل .. وأنا أتأمل الرجل القوي الذي أسندني بصدره .. عزيز .. شعرت بالفخر لأول مرة ، وبقلبي يطير سعادة . .لقد نجحت يا أماني في تربيته ، وخسرت أنا رؤيته وهو يكبر .

    أماني .. أعرف جيدا أنني انحرفت عن الطريق ، وغرقت كثيرا في الحياة ثم عدت بعد الضياع إليك كسيرا ومفلسا .. لكن صدقيني أنك ما غبت عن تفكيري لحظة واحدة بل حملتك في قلبي سنة بعد أخرى..

    .. ولم أستطع أن أحب امرأة غيرك ، فأنت ابنتي التي ربيتها حتى كبرت ، ولما كبرت ضيعتها من يدي المذنبتين هاتين .

    سامحيني يا أماني .. وحاولي أن تغفري لي كل ما اقترفته في حقك ، وعقلي مغيب .. حاولي إن كنت ما تزالين .. تحتفظين بشيء من الحب لي في قلبك ..!

    وأنت يا أمي .. سامحيني ، فأنا أشعر أنني لست بخير .. وأشعر أن هذه الليلة الأخيرة .. أذكريني في دعائك يا غالية ، وسامحيني عن كل ذنب اقترفته في حق تربيتك ..!


    سامحوني جميكم .. واذكروني بخير عند ريم .. ريم التي ما لمحت وجهها ، ولو قليلا .. وأخبروها أنني أحببتها كثيرا .


    المذنب
    سالم


    بعد أن أنهيت القراءة .. أسرعت أمي إلى غرفتها باكية ، وانهمرت دموع جدتي لأول مرة علنية ، وقالت بصوت مبحوح ..
    _ لم يترك لي فرصة واحدة .. أمارس فيها حق توبيخه .. هو هكذا يأخذ كل شيء بعجالة .
    غفر الله لك ورحمك يا سالم ، وإلى أبيك من قبلك .


    بعد هذه الرسالة .. زاد اعتكاف أمي في غرفتها .. عندما أردت تفقدها ذات ليلة .. وجدتها تصلي ، وتبكي .. وترفع كفيها للسماء ، وتدعو بالكثير ..

    _ ربي ارحمه ..
    _ ربي اجعل مسكنه الجنة ..
    _ ربي .. إني أسامحه ، فاعفو عنه واغفر له ..!


    أما جدتي ، فخرجت من دائرة حزنها سريعا .. قالت ، وهي تنفض عنها مشاعر الأمس الحزين ..

    _ متى سيضل هذا البيت حزينا .. !؟
    من اليوم فصاعدا لن أقبل بغير الفرح والسعادة .. وسأغلق أذني عن كل الأخبار المفجعة .. !
    في هذا البيت .. سيقام حفل زواج عزيز .. وسنرقص ونصفق .. !
    ما مضى قد مضى .. وفقيدنا صعد إلى من هو أرحم مني ، ومن جميع الناس .. لذا لا خوف عليه ولا نحن نحزن .


    أخذت تصفق ، وتدور بالبخور إلى كل ركن في البيت ، وتغني بصوتها الطرب ..
    _ هب السعد بالله ومحمد ..


    .. الآن ولم يبق إلا أيام قليلة على الحدث الكبير .. أقول لنفسي قبل الآخرين..


    مبارك لك وردة يا عزيز ..!

    ****************

    ذات مساء وأنا مستلق على سريري غارق بوجه جميلتي وردة .. رن هاتفي .. نظرت للرقم الذي ظهر على الشاشة ..لم يكن رقما أعرفه .. لذا تركته جانبا متجاهلا رنينه المزعج .. رن كثيرا .. ما دفعني أخيرا أن أجيب ..

    _ألو ..
    _ ألو .. عزيز
    أينك يا رجل؟
    _ من ؟
    _ يا لذاكرتك الضعيفة يا سيد عضلات .. أنا عون !
    أبهذه السرعة نسيت صوتي ..!؟
    _ عون .. صديقي
    أعذر لي هذا السهو الكبير ..
    كيف حالك يا طيب !؟
    من أين لك برقمي!؟
    ضحك ثم أجاب ..
    _ أنا أعمل الآن في ذات المركز الذي تعمل فيه .. إنتقلت له اليوم لهذا أنا بخير جدا ..

    _ أووه .. أنرت المركز والمنطقة كلها ..
    صمت ثم قال وكأنه يستذكر أمرا ..
    _ بالمناسبة ..
    لم أنت غائب اليوم!؟

    _ لست غائبا يا صديقي ..
    لكن كانت مهامي كلها خارج المركز .

    _ عزيز ..
    أريدك أن تأخذني بجولة حول المنطقة كلها ..!

    قلت أمازحه ..
    _ لم .. هل تفكر في الزواج هنا!؟
    ضحك ضحكته الصاخبة ..
    _ من يدري .. يا صديقي العضلات .
    ربما أتزوج ، وأستقر هنا .

    أنهينا المكالمة على أن نلتقي في المركز غدا ثم نذهب إلى البيت لنأكل طعام أمي الذي كنت أخبره عنه كل الوقت في أشهر التدريب ، ووعدته أنه لو حدث وإن التقينا سوف أدعوه ليجربه . هو لم ينس ذلك ، وأنا لن أخلف وعدي.

    في الغد .. وبعد التحايا ، والعناق .. جلست وعون نستذكر أشهر التدريب ، ونضحك خصوصا حين لقبني بسيد عضلات ، ومن بعده عرفني الجميع بهذا اللقب .. بت لا أذكر مرة واحدة ناداني فيها أحدهم باسم عزيز .. قلت وأنا أشد على ذراعه ..

    _ لقد ابتكرت لي اسما جديدا حينها ..
    ضحك هو ، وقال ..
    _ لم يكن جديدا ..كل ما في الأمر أنني أعلنته للآخرين بشكل رسمي .


    صديقي الطيب والمجنون هذا .. لا ينفك يضحكني حتى وأنا في قمة انشغالي لذا فهو مميز بالنسبة لي كما زاهر تماما .



    بعد أن أنهيت قراءة التقارير الموضوعة على مكتبي ، وعون قد اعتاد مكتبه الجديد والزملاء من حوله .. خرجنا قاصدين البيت .. وفي الطريق أخبرته أننا سنؤجل جولتنا إلى المساء ..

    _ أنت تعرف أن الصيف في بلادنا لا يعرف كيف يضحك!
    لذا سنؤجل جولتنا إلى المساء .. ما رأيك ..!

    أجابني وهو يدبر دعابة أخرى ..
    _ أوافقك .. حتى ذلك الحين علينا أن نجد حلا سريعا !؟
    قلت مستفهما ..
    _ حلا لماذا؟
    _ لمشكلة الصيف والضحك ..!

    ثم انفجر ضاحكا ، وكالعادة لا حيلة لي إلا أن أشاركه جنونه!


    حين وصلنا .. كان عم زاهر يركن سيارته جانبا لكي تتمكن نهلة من النزول .. عندما رآها عون وهي تخطو خطواتها لداخل البيت .. شهق ، وأخذ يبلع ريقه مرارا ، وهو يقول ..
    _ عزيز ..
    رأيت ملاكا للتو !


    ضحكت ، وأخبرته أنها إبنة عم صديقي ..لكنه بعد ذلك لم يستطع تجاوز ما حدث ، وجعل يقص علي تفاصيل المشهد بدء من نزولها مرورا بخطواتها الرشيقة حتى توارت خلف الباب أخيرا .. عبث برأسي كثيرا حتى رجوته بأن يصمت ، وما كان يصغي بل استمر في سرد التفاصيل .

    _ كفى!

    صرخت به ، ولكنه أجابني بملامح تائهة ..
    _ أظنني عاشق يا عزيز ..
    ساعدني ..!
    قلت ، وأنا أنظر له بملامح جادة ..
    _ نهلة إبنة عم صديقي ، وهي بمثابة أختي أيضا .. وليست إحدى دعاباتك يا عون ..!

    إعتدل عون في جلسته ، وسدد نظره لي ..
    _ دعاباتي ..!؟
    حاشا أن تكون هذه الملاك .. دعابة ..!
    بل هي حقيقة أريدها أن تكون بيدي .. أريدها يا عزيز !
    إقترب نحوي أكثر ثم قال برجاء ..

    _ أريدها زوجة لي ..!

    وهو يرجوني بأن أساعده .. رن هاتفي ، وكان المتصل زاهر ..
    _ ألو
    _ ألو عزيز ..
    أين أنت !؟
    _ أنا في البيت مع ضيف ..
    تعال لأعرفك عليه .
    _ حسنا .. سأغير ملابسي ، وأنضم لكم

    عدت بانتباهي للرجل الذي أقلق رأسي بإلحاحه ، ووعدته بأن أعرض الموضوع على صديقي زاهر ، فهو حلقة الوصل المتينة التي ستجعل للفكرة المطروحة الآن طريقا سالكا .. ثم توالت الكثير من الأسئلة المقلقة ، والمخاوف التي هاجمت رأسه على حين غفلة ..

    _ عزيز ..
    هل من المحتمل أن ترفضني!؟
    أو أنها تفكر بأحد آخر ..!؟

    محتمل أليس كذلك ..!؟

    _ اهدأ يا عون..
    ..لن نسبق الأحداث .. دعني أولا .. أعرض الموضوع على زاهر ، وأسمع ما يقول.

    _ لا تتركني يا صديقي ..
    افعل أي شيء لتكون لي !
    _ إن شاء الله ..

    وبينما عون يشكو لوعة قلبه ، ويعلي من سقف آماله ، فإذا بصوت الجرس .. نهضت على عجل لأرى ، وقلت أوجه قولي لعون ..
    _ أظنه زاهر ..
    تصرف بشكل طبيعي !
    فتحت الباب ، ودخل .. قال وهو يشد على كتفي ..
    _ منذ زمن لم نلتق ..
    أعذر لي تقصيري يا أخي .
    ضغطت على يده ، وقلت ..
    _ أنا من عليه أن يعتذر .. فالجزء الأكبر من التقصير من نصيبي في كل مرة ..!
    تفضل الآن ..


    وبما أنها المرة الأولى التي يلتقي فيها هذان الشخصان ، فكان من البديهي أن يخيم الصمت قليلا .. ما جعلني أفكر في بعض المواضيع التي من شأنها أن تفتح باب الحديث بيننا ، ويألف بعدها أحدهما الآخر .. وجدتني أقول بدون سابق تفكير ..

    _ ألا تفكر في الزواج يا زاهر!؟

    لم يجب ، وعوضا عن هذا .. سدد لي نظرة متعجبة لكونها المرة الأولى التي أذيع على مسامعه هكذا أسئلة ، ومواضيع لم نكن لنتطرق لها ، ونحن بمفردنا ، فكيف الآن .. إذ لا الجلسة ، ولا نفسه متهيئة لهذا بعد ..!؟
    .. تداركت سؤالي الذي لا أدري كيف قفز من رأسي فجأة ، وانتصب في وسطنا كعمود مائل في منتصف ظهيرة .. قلت ..
    _ بما أني سأتزوج .. قريبا
    علي أن أتفقدكم من هذا الجانب .. !


    رد عون ..
    _ على يديك !
    وكأنه يرسل لي إشارة لا مباشرة لعرض الموضوع السالف على زاهر الآن .
    قلت بدون مقدمات ..
    _ زاهر ..
    ما رأيك بصديقي عون زوجا لنهلة!؟

    .. لست متوترا .. رأسي وحده من يشعر بالتوتر والتشويش .. أنا تقريبا تحولت لآلة لالتقاط الإشارات التي يرسلها عقل عون ، وعينيه ، وأحولها لأسئلة مباشرة ، وصادمة حتى بالنسبة لي .

    وهذه المرة زاهر من عليه أن يتحمل كل ما يصدر عني من غرابة .

    مرر نظره بيني وعون ثم قال ..
    _ لا أدري ..
    لا أظنني مؤهلا لإطلاق رأي ما في هذا الموضوع .. لكن طالما هو صديقك ، فهو أهل لذلك .

    نظرت بدوري لعون الذي اضطربت ملامحه ، وبانت على أصابعه ملامح التوتر .. وقلت ..
    _ عون ..
    هو الرجل الذي لن يخيب ظنك حين تطلب عونه .
    اسم على مسمى ..!

    لم يطلق تعليقا هو أو دعابة كما يفعل دائما ، ولكنه اكتفى بالتحديق بي بعينين لامعتين .. بهذا شهدت جانبا جديدا في شخصية عون الذي مذ عرفته لم يكف عن الثرثرة، وإطلاق الدعابات.


    _ عون العاطفي!


    لم يجلس زاهر معنا إلا قليلا قبل أن يتلقى مكالمة طارئة من الشركة، ويخرج على عجل بعد أن وعدني بأن يطرح موضوع عون على عمه ، ومن خلاله سنعرف أن كان لعون من أمل .

    خرج ، وعاد عون لإلحاحه ، وقلقه .. كرر مرارا على رأسي ..
    _ عزيز ..
    إطلب من الله أن تكون من نصيبي!


    .. كنت سأبذل أقصى جهدي من أجل أن ينجح الأمر قبل أن يطلب هذا حتى ، وأفرغ رأسي من كل شيء لأضع أفكارا بمقاس الطرق المؤدية لقلب نهلة .. وأضحي بالدقائق التي خصصتها منذ زمن بعيد للتحليق صوب وردة .. من أجله فقط .. سأحاول كثيرا حتى تنفذ مني كل المحاولات ، ففي النهاية لن يتحقق أي شيء إلا بمشيئة الله .

    ونعم به وكيلا ..!

    ******************
    التعديل الأخير تم بواسطة نورانيّة ; 1/June/2022 الساعة 1:25 pm

  7. #67
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: May-2022
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,224 المواضيع: 51
    التقييم: 2143
    آخر نشاط: 20/January/2023
    رواية لامثيل لها الا عند الادباء الكبار
    خلصت الجزء الاول
    وان شاءالله انهيها .وادعو الله تكتبين الاخرى والاخرى
    كنت رائعة بشكل مدهش
    قواك الله يامبدعة

  8. #68
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهران مشاهدة المشاركة
    رواية لامثيل لها الا عند الادباء الكبار
    خلصت الجزء الاول
    وان شاءالله انهيها .وادعو الله تكتبين الاخرى والاخرى
    كنت رائعة بشكل مدهش
    قواك الله يامبدعة
    .. مرحبا بك دائما .. أعتز بإطرائك

  9. #69
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    ..


    **********************

    _ قبل أن أدخل .. لمحت زوجك العضلات مع أحد .. أظنه صديقه!
    قالت نهلة ذلك ، وهي تخلع عباءتها ، وتضعها جانبا .. ثم قفزت وردة من مكانها ، وقالت ..
    _ أحقا ..
    ليتني كنت معك ..!
    ليس من العدل ألا أحظى برؤيته ، والمسافة بيننا شارع ..!!

    _ لم العجلة ..!
    لم يبق إلا القليل .. وسترينه ، وتملين منه أيضا ..!

    _ الله ..
    كلما اقترب الوقت .. زادت دقات قلبي ..
    وأشعر أن ثمة طبول بالداخل تقرع معلنة عن ساعة الفرح.

    _ هنيئا لك ذلك ..
    أطلبي من الله أن يرزقني زوجا كعزيز ..!

    سددت وردة نظرها في وجه نهلة ، وقالت ..
    _ حبيبي هو آخر رجل من نوعه..
    لا نسخ له !
    للأسف ..!

    ضحكت نهلة ثم علقت على كلام وردة ..
    _ يا غيورة ..!


    في المساء .. خرجت ، وعون في جولة قصيرة ، ولكن تلك الجولة ازدحمت بالمزيد من الملامح القلقة .. المزيد من الشرود .. وكأن عون تحول إلى شخص آخر لا أعرفه ، وللتو أتعرف عليه .
    لو لم أخض تجربة الحب ، وتوهمت في البدء أنها من طرف واحد .. ما شعرت بمعاناته ، وربما كنت الآن أضحك من وضعه .. لكنني جربت وأدرك تماما أن السقوط في الحب هو سقوط في هوة شديدة الانحدار ما بين العقل والجنون ، وكثيرا ما ينجح الجنون في مثل حالات عون الغائرة في القلق .

    .. بعد أن قرأ كل مخاوفه علي .. وجه نظره لخارج السيارة ، وبقى صامتا وشاردا ، وأجزم أنه لم يسمع أي كلمة قلتها تعريفا لكل الأماكن التي مررنا بها .. وصلنا لنهاية الجولة التي لم يستفد منها أي شيء ،وفي الطريق لمحت إسم مطعم .. سمعت زاهر يمتدحه قبلا . . قلت وأنا أحاول أن أركن السيارة ..
    _ هيا ..
    سنتناول العشاء في هذا المطعم .

    إلا أن عون لم يجب أو يتحرك ثم التفت إلي فجأة وقال ..
    _ عزيز ..
    أشعر أنني متعب قليلا ..
    أوصلني للبيت .
    _ولكن ..
    وقبل أن أكمل .. قاطعني ، وقال ..
    _أرجوك ..!


    أذعنت لطلبه .. وأوصلته لبيته الذي استأجره فور وصوله.. الحقيقة لا أدري لم يضخم الأمر هكذا ، ولم يحدث شيئا بعد .. تحول صديقي الضحوك إلى آخر حزين ، وشارد .. ترى ما الذي يخيفه إلى هذا الحد ، ويجعله قلقا من حدوث الرفض..!؟
    .. هو صديقي ، ولكن معرفتي به تكاد أن تكون سطحية فيما يخص حياته الخاصة .. لم يتحدث أحدنا للآخر عن أسراره إذ لم نكن قد وصلنا إلى هذا الجزء بعد ..!
    .. لكن موقفه الآن .. أثبت لي حقيقة واحدة .. أن ثمة هناك الكثير مما أجهله ، وليس محط تداول .

    .. بعد يومين أخبرني زاهر أنه أخبر عمه بموضوع عون ، ورحب بالأمر سريعا حين عرف أنه صديقي .. عم زاهر هذا كثيرا ما أظهر لي في مواقف عدة شدة احترامه ، وتقديره لي ، فلم يشعرني يوما بأنني غريب بل طالما اعتبرني فردا من العائلة ..
    قال زاهر ..
    _ عمي يا عزيز ..
    وافق على الفور حين عرف أنه صديقك .. قال أيضا أن نهلة لن تعترض .

    كان من البديهي أن أشعر بالراحة لسماعي ذلك ، ولكنني لا أشعر بذلك ، فثمة شيء ناقص بالنسبة لي بشأن عون علي معرفته قبل كل شيء .

    ************************

    _ وردة !
    استجاب الله لدعائي
    _ ماذا يا نهلة؟
    _ أخبرني أبي للتو .. أن صديق عزيز
    تقدم لخطبتي !
    _ حقا !؟
    هل أنت موافقة!؟
    _ ألا تسمعين .. هو صديق عزيز .. سأوافق طبعا .. لكنني لم أخبر أبي بقراري بعد !
    سأتريث .. حتى يسألني مجددا .
    _ مبارك يا نهلة .
    سعيدة لأجلك .
    _ متحمسة يا وردة ..
    أكاد أطير من السعادة .
    _ لا تتحمسي كثيرا ..
    يجب أن تقابليه أولا .
    _ أنا موافقة مهما كان شكله ..
    طالما هو صديق عزيز .. فهو رجل بحق.
    _ موفقة يا ابنة عمي .

    أنهت وردة المكالمة ، وسرحت بفكرها قليلا ثم قالت تحدث نفسها ..

    _ ترى ما أخبار عزيز ..!؟
    ليته يعلم كم أشتاق إليه.

    *****************

    تناولت هاتفي ، وطلبت رقم عون ..
    _ ألو
    _ ألو عون ..
    هل أيقظتك؟
    _ لا .. أحاول النوم .
    _ حسنا .. لدي خبر بعد أن تسمعه ستنام مرتاحا ..!
    _ ما هو ..!؟
    _ قبل قليل .. أخبرني زاهر أن عمه رحب بالأمر ، وسيحدد موعدا قريبا ليقابلك ..!
    _ أحقا !؟
    أسعدتني يا عزيز .. كنت بحاجة لسماع هكذا أخبار .
    لكن يجب أن ترافقني يوم المقابلة!
    _ ألن تخبر والدك ووالدتك بالأمر ..!؟
    _ هاا ..

    شعرت بارتباكه ، فانهلت عليه بالأسئلة على الفور ..
    _ ما الأمر يا عون!؟
    ما الذي تخفيه!؟
    عليك أن تكون واضحا معي ، فأنا وأنت بالنسبة لهم الآن متشابهان .
    أخبرني .. ما الأمر!؟
    _ عزيز ..
    أخشى أن تتخلى عني ، وتلغي أمر الارتباط .
    قلت ..
    _ أنا أصغي !

    ثم بدأ بالحديث ..
    _ كل ما في الأمر .. أنني الابن الوحيد لزوجين لم يتفقا يوما لذلك تطلقا منذ كنت في العاشرة ثم بدأ صراع آخر

    .. أين سيبقى عون ..!؟

    حتى في النهاية اتفقا أن أعيش مع جدتي لأبي الضريرة .. وتخيل كيف تكون الحياة مع عجوز عمياء !
    تخلت أمي عني ببساطة ، وأبي الآخر وجدها فرصة ليمارس حياته بحرية أكبر بعيدا عن أسئلة أمي الكثيرة له ..
    أين أنت !؟
    ومتى تعود!؟


    بعد فترة من الحزن والكآبة .. عادت عمتي باكية.. مكسورة ، ومطلقة ، وبعودتها .. استطعت أن أشعر بالحياة تدب في أرجاء البيت مجددا .. وجدت من يسمعني ، ويهتم بي .. يخاف علي ، ويتابع معي دروسي .. تعاملت معها وكأنها أمي ، وهي عاملتني كابن لها إذ أنها حرمت من نعمة الإنجاب .

    .. خلال تلك السنوات لم تسأل عني أمي ، ولو لمرة واحدة بل أنها تزوجت ، وسافرت مع زوجها بعيدا هكذا أخبرتني عمتي ، وأبي كان حين يمر صدفة إلى البيت لرؤية جدتي أو عمتي يتعامل معي كما لو كنت أحدا غريبا ، ولم يكلف نفسه حتى على سبيل مجاملة أن يحضر لي لعبة أو يعطيني نقودا في أي مناسبة .

    حملت بين جنبي الكثير من النقمة عليهما ، وفكرت فيهما على أنهما ميتان . عمتي كانت موجودة بجانبي دائما .. أمدتني بالكثير من الحب والاهتمام ، وهذا بالتحديد ما دفعني إلى الاجتهاد والتفوق في الدراسة لأصل إلى ما وصلت إليه الآن . بعد تخرجي من الثانوية ، وقبل أن ألتحق بالتدريب .. تزوجت عمتي ، وغادرت مع زوجها الدكتور للدراسة في الخارج لبضع سنوات أما جدتي ، فقد توفيت قبل شهرين ..!
    في الجنازة التقيت بأبي لأول مرة .. لم أعزيه ، ولم يفعل هو أيضا .. التقينا كغريبين ، وافترقنا كذلك .. !

    بعد أيام .. جاء شخص للبيت ، وعرفت منه أنه المالك الجديد .. شعرت بالغضب لذلك طلبت النقل إلى أي مركز آخر ، وأخذتني الصدفة حيث أنت يا عزيز .
    .. هذه كل القصة التي خشيت إخبارك بها سابقا لأنني ببساطة لا أفخر بها ، وأظنك الآن تفكر بتغيير رأيك .

    _ لا مطلقا ..
    ما زلت على رأيي بك ، ولن يتغير أبدا.

    شعرت بالوجع ، وكأن شريط حياتي يعاود الدوران من جديد باختلاف السيناريو ..
    _ سبحان الله !
    كيف يمكن أن تتشابه حيوات الناس بهذه الطريقة المحيرة.

    _ عزيز ..
    أنا قلق جدا ..
    ربما وجدوني غير مؤهل للزواج!
    قال عون ذلك ، وصمت ينتظر ما أقول .. قلت ..
    _ لا أحد يستطيع أن يقيم الناس بما لم يفعلوا .. !
    اطمئن .. ودع الأمر لي !

    *****************

    في مساء اليوم التالي .. ذهبت مع عون للقاء عم زاهر .. وبعد التعارف .. كان علي أن أتولى دفة الحديث التالي .. وبدأت الحديث بسؤال وجهته لعم زاهر ..

    _ ما رأيك بي !؟

    سؤالي أثار دهشة عم زاهر لكنه أجاب ..
    _ أنت تعرف مدى احترامي لك ، وما رأيتك يوما إلا فردا من هذه العائلة . اجتمعت فيك الرجولة .. الشهامة والصدق . ورجل اجتمعت فيه كل هذه الصفات لا يحتاج رأيا .

    شعرت بالراحة ثم قلت ..
    _ عون يا عمي ..
    تجتمع فيه كل هذه الصفات.
    _ ليس لدي شك في ذلك .. أنعم وأفخر بك وبه.

    أخذ عم زاهر ينظر لعون في الجهة المقابلة باهتمام ، وابتسامة رضا ثم قال ..
    _ وجهك سمح يا عون ..
    والوجوه السمحة التي تشعر الناظر لها بالسكينة .. لا تضمر شرا أبدا.
    ومن تكون واجهته بيضاء كنوايا عزيز الطيبة .. هو شخص لا يمكن التفريط به .
    لذلك .. أنا أسمح أن تقابل إبنتي هذه الليلة .. والله ولي التوفيق.


    نظر لي عون بارتباك ، ودهشة بينما عم زاهر نهض ليحضر نهلة .. سألني عون بعد أن تأكد من خروج عم زاهر ..
    _ كيف سأخبره عن والدي!؟
    شددت على يده قبل أن أخرج أنا أيضا ..
    _ لا تقلق ..
    حللت الأمر .
    _ كيف!
    ومتى!؟
    _ سأخبرك لاحقا ..
    الأهم أن تتصرف بشكل طبيعي .. واطمئن يا صديقي.


    غادرت الغرفة ، وجلست مع عم زاهر في الحديقة الأمامية لبيتهم ليتسنى لعون ونهلة التحدث .
    قال عم زاهر وهو يمد لي يده بكوب الشاي ..
    _ حديثك بالأمس عن عون جعلني أحترمه أكثر ، وأتمسك بقراري حوله.
    .. فرب العالمين يجمع بين الأرواح التي تشبه بعضها دائما.
    وإن شاء الله يجمع بين قلبيهما كما نريد ويرضى.
    _ إن شاء الله يا عمي!


    بعد مرور ساعتين أو أكثر .. خرج عون بوجهه المبتسم ، وهذا الوجه بالتحديد ما جعلني أقف مستبشرا .. قال عم زاهر مازحا ..
    _ اعتقدنا أن الجلسة ستطول للغد ..
    أخفض عون رأسه خجلا بينما علقت نيابة عنه ..
    _ كانت اقصر من المتوقع!

    وتشاركنا ضحكة عالية .. هزت الهدوء من حولنا .. بعد ذلك استأذنا العم ، وغادرنا على أمل اللقاء مجددا .


    في الطريق .. لم يكف عون عن الابتسام .. نفث الهواء من شفتيه على هيئة صفير ، وقال ..
    _ الحمدلله .. مرت هذه الليلة على خير ..
    _ الحمدلله ..
    _ عزيز ..
    أشكرك يا أخي .. أنت الأخ الذي أنجبته لي الحياة ، وتركته كالبلسم في طريقي ..!
    أحبك يا أخي
    _ أنا أيضا أحبك ..
    وأتمنى لك السعادة .

    صفق فجأة ثم قال مجددا ..
    _ أنا أطير سعادة يا عزيز ..!
    _ دائما وأبدا .
    _ لا تتخيل حجم الراحة التي أشعر بها الآن ، وكأن كل أحمال صدري قد سقطت فجأة .. أشعر أنني ورقة بيضاء تنتظر نهلة لتكتب حياتها بقربي .
    _ الحمدلله يا أخي ..
    رفع عون كفيه إلى السماء، وقال بصوت مرقق ..
    _ شكرا لك يا ربي على هذه النعمة.

    ثم التفت لي وقال ..
    _ ماذا أخبرتهم حول عائلتي ..!؟
    _ كل الخير يا صديقي .. لا تقلق أنت وقر عينا !
    _ الحمدلله ..

    ******************

  10. #70
    저는 여자가 황소자리예요..
    zindagi gulzar hai
    ..

    ******************


    وصلت لغرفتي أخيرا .. وفي اللحظة التي أغلقت فيها الباب .. شعرت بالسلام الكامل .. اللحظة التي سأرخي فيها رأسي على الوسادة ، وتبدأ وردة بالعبث في رأسي ، وتقفز إلى أحلامي بمجرد أن أغلق عيني .. الحقيقة هذا المشهد مر على خاطري كثيرا طوال اليوم دون أن أقبض منه بقبس نور .

    _ لا أعرف لم عندما اقترب الوقت ، وأصبحت المسافة بيننا تقصر .. بدأ شوقي لها يزداد بشكل مهول .

    ماذا قلت ..!؟
    المسافة بيننا تقصر ..!؟
    يا الله ..
    بدأ التوتر يتكالب عليّ و يحاصرني من كل جانب حتى سرق النوم من عيني بعدما كنت أنشد فرصة واحدة أتمدد فيها طلبا للراحة .
    وهيهات يحدث ذلك الآن !



    *************************

    _ لو ترينه يا وردة .. ستعرفين حينها السبب وراء سعادتي الآن.
    قالت نهلة ذلك في اللحظة التي رفعت فيها وردة سماعة الهاتف ، وقبل أن تقول( ألو) حتى ..
    قالت وردة بفرح ..
    _ الله
    هنيئا لك يا نهلة ..
    حظيت بفرصة الجلوس والحديث مع نصفك الآخر مبارك لك حبيبتي.
    ضحكت نهلة وقالت ..
    _ نعم ..
    تحدثنا كثيرا .. كثيرا جدا ، ولم نلتفت للوقت إلا وقد مرت ساعتان كاملتان ، ونصف الساعة.
    _ ما شاء الله .. يا لجرأتك الكبيرة ، أنتِ خطيرة
    وماذا قلتما؟

    ضحكت نهلة مرة أخرى ، وأجابت ..
    _ لن أخبرك ..
    أسرار بين حبيبين لا شأن لك بها ..!

    اعتلت الدهشة وجه وردة ، وقالت ..
    _ حبيبين !؟
    أسرار !؟
    بهذه السرعة ، الآن صرتِ تفهمين معنى الغيرة يا ماكـرة أنتِ..!؟

    واصلت نهلة الضحك ثم قالت ..
    _ ألسنا في عصر السرعة ..!!؟

    _ إلا الحب يا نهلة .. يجب أن يكون على مهل ..
    وانت تجاوزت كل ذلك في ساعتين ونصف فقط ..
    يا مجرمة !
    رغم ذلك أنا أتمنى لك حياة سعيدة وطويلة يا نهلة قلبي يفرح لكِ يا مخبولة ، أسعدك الله!

    _ لنا نحن الاثنتين يا رب.

    _ يا رب


    ***************************


    .. لأن حفلة الزواج ستكون في البيت ، فكان من الطبيعي أن يكون البيت في حالة ضجة و نشاط غير معهود، ذهاب وإياب ، والكثير من العمل .. بدء بتعليق الزينة داخل وخارج البيت ، وانتهاء بإضافة كراسي تكفي لأقارب وردة خصوصا حين يكون الغد هو اليوم الموعود .

    .. كان من المتوقع أن أباشر كل هذه التجهيزات قبل يومين أو ثلاثة إلا أن موضوع عون قد حال دون ذلك .
    والحمدلله أنني ما أزال أملك طاقة تكفي لإتمام العمل بالإضافة إلى وجود صديقيّ العزيزين زاهر وعون اللذين تركتهما خارجا لتعليق الزينة ، ودخلت أكمل الباقي من الأعمال المعلقة .

    ولا أخفيكم .. اقترح عم زاهر بعد أن اتفق الجميع على ارتباط عون ، ونهلة .. أن تتم حفلتهما في ذات الليلة .. بارك الجميع هذا الاقتراح كما فعلت أنا .. أما عون فقد بدا كما لو أنه يحلم ، ولا يريد أن يصحو من حلمه .. حتى أنه لم يتوقف للحظة عن توزيع كرم ابتساماته، وإطلاق الدعابات الخفيفة هنا وهناك ، والحقيقة أنا أغبطه على قدرته العجيبة في التعبير عن سعادته هذه كثيرا .. فالسعادة التي أشعر بها الآن لا يتسع لها صدري غير أني أفشل في إظهارها للعلن ، لا أدري ما بي؟!
    .. أصابعي في حالة اهتزاز منذ أن نهضت من الفراش ، وأنا لم أذق طعم النوم أصلا .. متوتر أنا اليوم ، وأظنه أمر طبيعي لرجل تعود أن يضمر مشاعره بحرفية تامة.
    مقارنة بعون أكون الرجل الغامض الذي لا يعرف الناظر له إن كان سعيدا أو حزينا .. لكنني أستطيع أن أقر أمامكم بأنني سعيد جدا ، وأكاد أطير من فرط سعادتي .

    _ الحمد والشكر لك يا رب .


    بعد أن أنهينا تجهيز كل شيء .. أشعلنا الزينة ، ووقفنا نحن الثلاثة عون .. زاهر ، وأنا .. ننظر إلى المصابيح الصغيرة الراقصة ، وهي ترسل تلألأ جميلا على هيئة أضواء ملونة تفرح قلوبنا.
    وقفنا طويلا بصمت ثم أخذنا نبارك لبعضنا هذا اليوم الميمون حقا .. تعانقنا بعاطفة أخوية ظاهرة ، ودافئة . بعد ذلك استأذن عون في الذهاب للإستعداد لهذه الليلة ثم تبعه زاهر ، وأنا وقفت قليلا أتأمل البيت ، وهو في أبهى حلة أراها لأول مرة ، وأشعر بهيبتها تشاكس قلبي.

    الله .

    دخلت إلى البيت ، وفي طريقي إلى غرفتي .. صادفت جدتي ، وهي متجهة نحو غرفتي أيضا ، وتحمل المبخر .. حلقات البخور المتراقص شكل غيمة كبيرة أخذت تتفكك ، وتتسع في المكان .. قالت وقد سبقتني في فتح باب الغرفة ..
    _ نذرت أن أبخر غرفتك بالبخور الهندي الأصيل هذا .. !
    _ لأنك أصيلة يا جدتي !
    ضحكت ، وقالت ..
    _ يا لسانك الذي يقطر العسل ..
    هنيئا لوردة بك ..!
    _ وهنيئا لنا بك يا جدتي ..!

    تأملت وجهي بنظرة رحيمة ، ومليئة بالعاطفة .. وواصلت تبخير كل ركن في الغرفة ..
    تحت أغطية الفراش الجديد ..!
    داخل خزانة الملابس .. وتحديدا الثوب الذي سألبسه هذه الليلة ..!
    الغترة ، وكل ما وصلت إليه رائحة البخور العطرة .

    .. انصرفت للحمام ، وهي غادرت الغرفة بعد أن تركت خلفها هالة كبيرة من بخار ينفث العطر كلما تصاعد أكثر ، وارتطم بسقف الغرفة.

    أخيرا .. أنا ألبس ثوبي الأبيض الناصع ، وأضع ساعة يدي الفضية الجديدة .. آثرت أن أترك أمر الغترة للنهاية ليساعدني زاهر في لبسها بالطريقة الصحيحة ، فهو قد اعتاد لبسها منذ سنوات على خلافي إذ اكتفيت بملابس الكاجوال الأكثر عملية بالإضافة إلى أني أملك بنية ضخمة نوعا ما ، والثوب سيعيقني كثيرا .. ولأن هذه الليلة استثنائية ، فيحق لها ما لا يحق لسائر الأيام الأخرى .

    طرأ عون على عقلي ، وسريعا إتصلت أتفقده ..
    _ من قد يساعده في لبس الغترة يا ترى؟




    ربما هو بحاجة للمساعدة ! ..

    أدرت رقمه ، وانتظرت أن يجيب .. لكنه لم يفعل .. كنت على وشك القلق قبل أن يطرق الباب ، ويدخل ،وقد علق ثوبه بيد ، وبالأخرى علق الغترة .. أغلق الباب سريعا ، وقال ..
    _ عزيز ..
    ساعدني ..!
    لا أستطيع تنسيق هذه القطع ..!!

    ملامحه المشدوهة دفعتني للضحك .. قلت ..
    _ لست أفضل حالا منك يا صديقي ..!
    انضم لي في انتظار زاهر .. !

    لحظات قليلة ، وجاء زاهر بكامل أناقته الخليجية الفاتنة .. قلت ..
    _ أووه يا رجل ..
    تبدو عريس هذه الليلة !
    نظر لي بطرف عينيه ..
    _ تصحيح .. أبدو كأخ العريس الأصغر.

    وانبعثت ضحكاتنا تهز صمت المكان ..

    انكب زاهر باهتمام على مساعدتنا في لبس الغترة بالطريقة المثالية لمثل هذه المناسبات ، وبعد أن ألقيت نظرة أخيرة على الشكل النهائي في المرآة المقابلة .. أيقنت أن زاهر معلم رائع لهذه الأوقات المميزة و التي لن تغادر الذاكرة ..

    قال ، وهو يرفع هاتفه استعدادا لالتقاط صورة جماعية ..
    _ الآن .. يمكنني أن ألتقط لنا صورة توثق إبداع أصابعي في ليلتكما المميزة .

    والحقيقة كانت آخر صورة تجمعنا نحن الثلاثة فقط دون أن يظهر رأس أحد ما بشكل عابر ، وعن طريق الخطأ أثناء تلقي المباركات من كل الأقارب ، والأصدقاء الذين جاءوا يشاركوننا هذه الليلة المباركة.
    وكالعادة ، وكما يحدث في أي مناسبة .. يكون بيت زاهر مفتوح لاستقبال الرجال أما بيتنا ، فهو المكان المخصص للنساء.
    .. شعرت بي .. أمارس إيماءات البشر الروتينية من مد اليد للمصافحة أو هز الرأس أثناء الأحاديث التي تصفع بي من كل الجوانب بينما أنشغل رأسي بتلك الجهة وتحديدا بالوردة التي تتوسط غرفتي ، وقلبي هذه الساعة .. وتتعمق في روحي.

    _ ترى هل يحتمل قلبي رؤيتها و كأنها حورية الحلم!؟
    وأنا الوحيد الذي يعرف أنها حين تخجل كيف تبدو !؟
    .. لا أحد يفهم حقيقة العلاقة بيني وبينها .. هي طفلة كبرت أمامي ، وغرزت أصابع ملامحها باختلاف أمزجتها في ذاكرتي .. توغلت في كثيرا حتى ظننت في وقت ما أنها خلقت في داخلي و نمى لحمها و عظمها من دمي..!

    *******************
    وقفت نهلة تنظر في المرآة ، وتدور حول نفسها ثم ترفع فستانها الأبيض بخيوطه الطولية المذهبة التي أخذت تتلألأ من الجهة الأمامية .. قالت ، وهي مندفعة نحو وردة التي جلست فوق فراش عزيز بصمت ، وتوتر واضح ..

    _ ما رأيك بفستاني يا وردة ..!؟
    أخبريني كيف أبدو .. أكاد أجن من الدوران ..!؟
    أأبدو جميلة ..!؟
    أنطقي .. أرجوك ..!

    خلعت وردة صمتها جانبا ، وقالت ..
    _ تبدين عروسا جميلة يا نهلة ..
    بربك .. إهدئي !
    أنا متوترة .. وأنت تزيدين الطين بلة ..!

    اتخذت نهلة مكانا بجانب وردة ، ونفثت هواء من فمها ثم قالت ..
    _ أنا أيضا متوترة .. ألا ترين !؟
    _ أعذريني يا عزيزتي ..!
    لكنني لست الشخص المناسب الآن لأخفف عنك التوتر .. يكاد يغشى علي من الخوف!

    مدت نهلة يدها ، وأمسكت بيد وردة ، وضغطت عليها بعطف ثم قالت ..
    _ دعينا لا نتوتر أو نقلق ..
    إنها ليلة مميزة ، ويجب أن نفرح كما لم نفعل في أي وقت مضى ..!

    نظرت وردة لنهلة بعينين متلألأ تين بفعل الدموع التي توشك على السقوط ، وقالت ..
    _ نعم .. يجب أن نفرح فقط ..
    ولا شيء آخر ..!
    قالت نهلة مازحة ..
    _ ..
    لا تفسدي تبرجك بالدموع ، وتخيفين عزيز ..!

    وانبعثت ضحكاتهما تبدد جو القلق ..!

    صوت الزغاريد الذي جاء من الخارج ، وعلا شيئا فشيئا قبل أن تفتح جدة عزيز الباب ، وتطلق الكثير من الزغاريد المهللة ، وترفع من صوت الصلوات .. جعل العروستين الجميلتين تقفان بخجل .. أقبلت أم زاهر نحوهما ، وعانقت كل واحدة منهما بعطف .. قالت وهي تمسح دموع فرحها ..
    _ جعل السعادة في دربكما يا ابنتي .

    أمسكت بيد كل واحدة منهما ، وخرجت بهما تسبقهم الزغاريد ، وروائح البخور العطرة إلى الصالة حيث الأخريات اللاتي أطلقن كلمات المباركة بمجرد أن رأين العروستين مقبلتين بكامل زينتهما وجمالهما .. صدح المكان بالكثير من عبارات الإعجاب ، والدهشة وأهازيج العرس تتعالى ..

    _ ما شاء الله ..
    ما أجملهما ..
    كأنهما قمران مكتملان ..!

    أما جدة عزيز لم تتوقف عن تحريك المبخر حول رأسيهما بحركة دائرية، وهي تتمتم بذكر الصلاة على محمد وآل محمد.
    قالت في آخر طواف للمبخر قبل أن تنصرف إلى الباب الخارجي ..
    _ يا رب .. بارك لهما هذه الليلة ، وكل أيامهما القادمة.


    ********************

صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 56 789 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال