..
ما في ضمير يموت !
وإيضاحا للمعنى .. طالما الضمير متصل بالعقل والقلب ، فهو عمليا لا يموت .. إنما يقع في فخ سوء التقدير .. سوء التخطيط ، وسوء التدبير حين يتصل الأمر بنفسه بشكل مباشر!
رفقاً بقلوب المحبين ^_^
انتظر يانورانية
..
إجتمع كل الفريق مع الضابط المسؤول عن قضية المخدرات .. نحن العشرة ، والضابط هو الفرد الحادي عشر .. أطلعنا على التفاصيل ، وطلب منا أن نكون على أهبة الاستعداد للقادم .
_ لا نعرف ما نواجهه ، والمعلومات التي لدينا ناقصة .. !
نحتاج لبذل جهد أكبر .
في وقت لاحق .. أخبرت الضابط عن معرفتي السابقة بعباس .. كل التفاصيل التي أعرفها حوله ، وحول الطرق المؤدية للمزرعة .. فأنتم تذكرون ذلك اليوم الذي تاهت فيه الصغيرتين ، وخرجنا للبحث عنهما .. ما أزال أذكر الطريق التي سلكناها ، وكأن هذه الحادثة حدثت بالأمس القريب.
هذه التفاصيل أفسحت لي مكانا جيدا في الفريق بل أصبح رأيي مهما ، ولي الكلمة الفاصلة .
قال الضابط مشجعا ..
_ وجودك يا عزيز في الفريق .. إضافة جيدة جدا ، وجسدك المفتول يجعلني واثقا من قدراتك القتالية !
_ شرف لي يا سيدي .
سلمني الضابط لاحقا مفتاح السيارة الخاصة بي ، وقال ..
_ ستكون السيارة الواقفة بالخارج .. لك
من الآن فصاعدا ..
أشعر بالراحة إذ حلت مشكلة السيارة ، وأزيح عن كاهلي همها ..خصوصا أنني لا أملك ما يكفي لشرائها في الوقت الراهن .. إلى جانب أنها الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من مراودة موقع المزرعة ، ومراقبة الوضع عن كثب .
أتصور لو سار الأمر وفق هذا النسق .. سنقبض على الخلية كلها .. مرت أسابيع ، ونحن نتناوب على مراقبة ما يحدث هناك .. من يخرجون ، ويدخلون من المزرعة .. الأوقات .. وما يفصل من الوقت بين الدخول ، والخروج .. جمعنا بعض المعلومات لكنها ناقصة.. لا وجوه واضحة أو أسماء .. كذلك لم أر عباس مع الداخلين أو الخارجين ، وهو ما جعلنا نتريث قبل أن نداهمهم فجأة .
_ أظهر نفسك يا عباس
تعال إلى الفخ ، وسأكون أول المرحبين بك !
مضت عدة أسابيع ، ولم يظهر بعد ، ولم نتعرف على وجه واحد منهم .. أيمكن أن يكون هذا المقر الرئيسي ..!؟
أشعروا بأننا نراقبهم ، فصنعوا لنا فخا آخر ..!؟
ربما كان ما يفعلونه الآن هو محاولة تشتيت ليس إلا ..!!
دارت هذه التساؤلات حول طاولة النقاش ، وبين متيقن ، ومشكك .. وصلنا إلى نتيجة واحدة أن المقر الرئيسي ليس المزرعة وإنما مكان آخر .
كثفنا المراقبة ، ولكن هذه المرة من زوايا مختلفة .. وأوقات متأخرة .. قال الضابط في اجتماع سابق .
_ يجب اتباع خطة أخرى وعوضا عن مراقبة المزرعة فقط .. على أحدكم أن يراقب أحد الخارجين من المزرعة أيضا ..
وفعلا .. راقبت أحدهم الذي ولج بعد طريق طويل إلى أحد المحلات التي تبيع أشرطة الفيديو .. لم يكن محلا جديدا بل بدا قديما حتى أن الصور المطبوعة فوق واجهة المحل الأمامية باهتة ، ونصفها مفقود .. تساءلت ..
_ من يكون يا ترى ..!؟
ثم أن هيأته لا تتناسب مع المستوى الاجتماعي الذي تنحدر منه عائلة عباس .
أوقفت السيارة ، وأخذت أراقب من بعيد المحل ، وإن كان الرجل سيخرج قريبا أم لا .. بعد نصف ساعة خرج ، وهو يضع في جيبه شيئا ما .. ربما نقود !؟
لست أدري .. كان لا بد أن أجازف بالدخول للمحل ، وأرى بنفسي ما دار في الداخل .. أسرعت ، ولكني تراجعت في اللحظة الأخيرة .. دخولي الآن سيثير الشكوك ، ويفتح باب الأسئلة .. !
لا بد من خطة !
بعدها قررت أن أعود غدا .. أدرت محرك السيارة ، وعدت للمركز .. كتبت تقريري الأخير ، ووضعته على مكتب الضابط المسؤول ، وخرجت .
أكاد أسقط من فرط التعب .. فقدت بعض الوزن .. هذا لأنني فقدت شهية الطعام كذلك لا أملك الوقت للذهاب للنادي الرياضي .. هذه القضية تقض مضجعي .. بالإضافة إلى أن وردة تعبث في رأسي كل الوقت ..يظهر وجهها في كل شيء أنظر له .. وأحيانا في وجوه زملائي في العمل .. أحاول يا وردتي أن أصمد لثلاث سنين أخرى .. ساعديني على اجتيازها بسلام ..!
تعالي ..
وتحدثي معي .. عانقيني قليلا ..
طوقي بيديك الصغيرتين رقبتي .. ما استطعت !
الوقت منتصف الليل ، ومنذ أن تابعت هذه القضية المزعجة لا أعود إلا هذا الوقت وأحيانا في ساعات الفجر الأولى ..
تمددت على الفراش رغبة أن أغمض عيني قليلا لأتمكن من الاستيقاظ للصلاة .. يزعجني أن أتأخر عن وقت الصلاة، وهذه الأيام يحدث كثيرا ..
_ سامحني يا رب على هذا التأخير
وردني إليك ردا جميلا ..!
نمت ، وما جعلني أصحو جدتي التي كانت تطرق الباب ، وتوقظني للصلاة .. الحمدلله أنني صحوت ، ولم أفعل كما الأيام الماضية حين أتحول كما عبرت جدتي إلى جثة هامدة لا تتحرك ..!
نهضت ، وصليت ثم عاودت إلى فراشي ، ونمت مرة أخرى .. رأسي ثقيل ، وعيني ثقيلة بل أشعر أن صخرة كبيرة وضعت فوقها ..!
صحوت هذه المرة على صوت ضجة المنبه .. تذمرت كثيرا ، ونسيت أني من ضبطت ساعة المنبه !
نهضت متأففا .. غسلت وجهي ، وكانت نيتي أن أذهب لجدتي .. وفي طريقي سمعت صوت أم زاهر تحدث أمي وجدتي .. تخبرهما بصوت حزين ..
_ وردة .. منذ أن رفض أبوها الخطبة .. وهي صائمة عن الحديث حتى أنها لا تأكل جيدا ..
ردت جدتي ..
_ لا تقلقي يا نرجس ..
ستتجاوز الأمر مع الوقت .. هي مصدومة فقط .
_ أنا خائفة أن يؤثر ما تفعله على صحتها ..
_ لا تخافي .
سمعت هذا الكلام ، وعدت بهدوء إلى غرفتي ، وأغلقت الباب .. جعلت أفكر في طريقة تجعلني أطمئنها ..
لم تفعلين ذلك يا وردة !؟
لا تضغطي علي أرجوك ..!
وأنا كذلك طرأت على عقلي فكرة رجحت أنها الأفضل ليصل صوت رأسي لها مكتوبا في ورقة ..
نهضت سريعا ، وفتشت بين أوراقي عن ورقة صالحة للكتابة ، وقلم يفي بالغرض .. وجدتهما أخيرا .. وفوق مكتبي .. فكرت كثيرا في شيء أكتبه .
.. يجب أن تعرف أنها خاصة بي ، وعليها أن تهتم بصحتها لأجلي .
وشرعت أكتب ..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أما بعد ..
إلى وردتي الصغيرة التي أحملها في رأسي كل الوقت .
إلى الطفلة التي كبرت بين يدي ، وأصبحت عروسا جميلة .. إلى الفراشة اللطيفة التي خـُلقت لأجلي .
أحبك يا من تسكنين خلاياي
ولا أعرف شيئا آخر إلا أن أحبك .. ولا أجيد إلا أن أتخيل وجهك الجميل في كل شيء تطاله عيني .. أنت الأمنية التي أضمها في كل دعوة ترتفع إلى السماء .. في كل صلاة .. في كل صحوة و مع كل حلم.
وردتي الغالية ..
أنا أحاول أن أصمد لثلاث سنين أخرى ، فلا تجعلي الأمر طويلا ومرهقا .. اهتمي بك من أجلي .. أرجوك ..!
بالمناسبة ..
قرأت رسالتك القصيرة جدا يا بخيلة .
التوقيع
عزيز
قرأتها مجددا ثم أثنيتها لنصفين متساويين ، ولأني لا أملك ظروفا .. تركتها عارية .. الخطوة الثانية هي ريم .. تأخذها إليها في طريق خروجها للمدرسة ..
_ ريم
أسرعت نحوي ..
_ نعم يا أخي ..
_ هل أطلب منك شيئا..
ويبقى سرا بيننا ..!؟
_ ماذا؟
_عديني أولا ..
_ أعدك ..
_ خذي هذه الرسالة إلى وردة الآن بسرعة قبل ذهابك للحافلة .
_ حسنا .. ولكن
الحركة التي قامت بها ذكية و فهمتها في الحال، فقالت باسمة :
- حلاوة الصباح منك لها طعم مختلف.. أحبك أخي
سحبت الورقة النقدية من يدي ودستها في جيب مريولها المدرسي، وخرجت مسرعة.. نادتها أمي لكي تفطر لكنها لم تجب .. عدت لغرفتي .. أنتظر ، والحقيقة لا أدري ماذا أنتظر بالتحديد ، فريم لن تعود الآن على أية حال .
أخذت حماما ساخنا ، ولبست الزي الخاص بالشرطة ، وخرجت إلى الأمهات الطيبات اللاتي يؤثثن بقلوبهن الحنونة كل بيت .
_صباح الخير ..
يا غاليات ..
_ صباحك خير ونور
تعال ، وافطر معنا ..
قالت جدتي ..
_ لم نعد نراك يا عزيز ..
انتظرتك البارحة حتى ساعة متأخرة .. نعست ولم تصل .
_ العمل في سلك الشرطة يسرقنا من بيوتنا .. يا جدتي !
لا أحد يستطيع أن يلتحق بهذا العمل إلا من وجد في نفسه القدرة والصبر.
قالت ، وهي تتأملني بنظرة اختلط فيها الحنان بالخوف ..
_ حفظك الله من كل مكروه ..
قلبي لا يهدأ في كل يوم تغادر فيه إلى عملك حتى تعود ..!
أكون في حالة ذهاب وإياب إلى غرفتك ، وأطمئن إن وجدتك نائما في فراشك ..!
عزيز ..
احترس !
_ لا تقلقي يا جدتي ..
لست وحدي .. معي فريقا مدربا ، ومجهزا بالأسلحة . ثم أن دعواتك يا مؤمنة تنجيني !
**************
التعديل الأخير تم بواسطة نورانيّة ; 29/May/2022 الساعة 11:34 pm
يالرسائل الجميلة مؤثثه بالحب
بنتظار ثمرة الصبر