المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راحل مع الايام
ذاكرة المحيطات تختزن في طبقة المياه السطحية بعمق 50 مترا فقط (غيتي)
مع تغير المناخ تتغير المحيطات حول العالم ويتجلى ذلك في شذوذ واضح ليس في درجة حرارة المحيط فحسب، ولكن في هيكله وتياراته وحتى لونه أيضا. وبدورها، تصعّب هذه التغيرات من إمكانية التنبؤ بظروف بيئة المحيط التي كانت مستقرة في معظم الأحيان.
وفي ورقة بحثية نشرت في السادس من مايو/أيار الجاري -بدورية "ساينس أدفانسز" (Science Advances)- يشبه باحثون، من "معهد فارالون" (Farallon Institute) في مدينة بيتالوما بولاية كاليفورنيا، هذه الظاهرة بفقدان المحيط ذاكرته.
ترتبط ذاكرة المحيط بخاصية القصور الذاتي الحراري في المحيطات (غيتي)
ذاكرة المحيط
ووفق تقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فقد عرف الباحثون مصطلح "ذاكرة المحيط" بأنه يعبّر عن "استمرارية ظروف المحيطات التي تقاس من خلال رصد معدل التغيرات في درجات حرارة سطح البحر من عام إلى آخر، مما يجعلها مصدرا رئيسيا لإمكانية التنبؤ بالنظام المناخي إلى حد يتجاوز المقاييس الزمنية للطقس" وتوقع الباحثون أن "تنخفض ذاكرة المحيطات باطّراد خلال العقود القادمة في معظم أنحاء العالم".
وقام الباحثون بدراسة درجات حرارة سطح البحر في الطبقة السطحية العليا من المحيط، التي تسمى الطبقة المختلطة في أعالي المحيطات. وعلى الرغم من أنها تمتد حتى عمق يقارب 50 مترا فقط أسفل المحيط، فإنها تظهر معدلات ثابتة من القصور الذاتي الحراري بمرور الوقت، وذلك مقارنة مع التغيرات التي شوهدت في الغلاف الجوي الذي يعلوها. ويعرف القصور الذاتي الحراري بأنه خاصية المادة في الحفاظ على حرارتها وإطلاقها شيئا فشيئا.
ويشير الباحثون إلى أن تأثير "الذاكرة" للقصور الذاتي الحراري في الجزء العلوي من المحيط سينخفض خلال السنوات القادمة عالميا، مع توقع اختلافات أكبر في درجة الحرارة بشكل ملحوظ خلال العقود القادمة.
ضعف ذاكرة المحيطات يؤثر على قدرتنا على التنبؤ الدقيق بالرياح الموسمية ودرجات الحرارة المتطرفة (غيتي)
القصور الذاتي الحراري
ووفقا للباحثين، سيؤدي التغير في المياه السطحية إلى انخفاض عمق هذه الطبقة بشكل فعال. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى خفض قدرة المحيط على القصور الذاتي الحراري، مما يجعل الجزء العلوي من المحيط أكثر عرضة للتغيرات العشوائية في درجات الحرارة.
وذكر الباحثون أن تأثير انخفاض خاصية القصور الذاتي الحراري للمحيطات على الحياة البرية والبحرية غير واضح حتى الآن بشكل دقيق، إلا أنهم رجحوا أن يكون له تأثير على سلوك الكائنات البرية والبحرية وقد يكون الأداء التكيفي لبعض الأنواع أفضل من غيرها.
ومن ناحية أخرى، توقع الباحثون أن يؤدي تراجع ذاكرة المحيطات إلى زيادة صعوبة توقع العلماء لديناميكيات المحيط القادمة، وبالتالي التشكيك في موثوقية الفترات الزمنية المقترحة لجميع أنواع التنبؤات المتعلقة بطقس سطح البحر. الأمر الذي سيعوق بدوره من قدرتنا على توقع الرياح الموسمية وموجات الحرارة البحرية وفترات الطقس القاسي وغيرها من الظواهر الأخرى.
وكتب الباحثون "من المرجح أن يؤدي الانخفاض المتوقع في ذاكرة المحيطات إلى إعاقة جهود التنبؤ بالمحيطات من خلال تقليل الفترات الزمنية المؤكدة للتنبؤ بدرجة حرارة سطح البحر. وقد تؤدي التغيرات في المياه السطحية بسبب الاحترار العالمي إلى تغيير إحصاءات درجات الحرارة القصوى التي تقترن بدورها بمهلة زمنية ’أقل‘ للتنبؤات المعتمدة على مدى الثبات في ظروف سطح المحيط، وهو الأمر الذي يشكل تحديا لإدارة النظام البيئي والاستعداد للمخاطر البحرية".