اقترح الباحثون إشراك المنظمة الدولية للملاحة في وضع إستراتيجيات وقوانين أكثر نجاعة في حماية أسماك القرش الكبيرة من الانقراض، عبر سن تشريعات تفرض على السفن مثلا التقليل من سرعتها في بعض المناطق أو تغيير مساراتها.
أسماك قرش الحوت تقضي أوقاتا طويلة بالقرب من سطح المياه بحثا عن غذائها (شترستوك)
وجدت دراسة علمية حديثة أن حركة السفن التجارية في البحار والمحيطات من أكبر العوامل التي تؤدي إلى موت أسماك قرش الحوت، خاصة المهاجرة التي تصادف سفنا أثناء تنقلاتها فتصدمها.
وحسب الدراسة فإن أكبر أسماك العالم، ونعني هنا أسماك قرش الحوت Whale Shark، تقضي أوقاتا طويلة بالقرب من سطح المياه بحثا عن غذائها، وهو ما يتسبب في الكثير من الأحيان في قتلها.
ومعروف أن حوالي 80% من التجارة الدولية يتم نقلها عبر السفن البحرية الضخمة التي تشق مياه المحيطات والبحار، في مسارات ثابتة متسببة في أضرار بيئية كبيرة.
السفن البحرية التجارية وراء مقتل عدد كبير من أسماك القرش الكبيرة (شترستوك)
عدد أسماك قرش الحوت تراجع للنصف
وكشفت هذه الدراسة -التي نشرت يوم 9 مايو/أيار الجاري في دورية بناس PNAS- أن عدد أسماك قرش الحوت قد تراجع إلى النصف خلال الـ 75 سنة الماضية، ونتيجة لذلك فقد تم إدراجها عام 2016 ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة.
وبالرغم من أن صيد مثل هذا الأسماك الكبيرة قد تم منعه بموجب قوانين دولية بداية من عام 2003 فإن ذلك لم يساهم في وقف انقراضها، وهو ما يرجح بأن السبب الرئيسي في ذلك كان ولازال هو التجارة البحرية.
وحسبما جاء في تقرير لموقع ذا كونفرسيشن The Conversation فإن المشكلة تكمن في أن التأكد من ذلك بات صعبا لأنه عند اصطدام قرش الحوت بسفينة فإنه في غالب الأحيان يغرق، ويصعب بالتالي العثور عليه لتوثيق ذلك.
ولا توجد أدلة ملموسة تؤكد توسط السفن البحرية في مقتل قرش الحوت سوى شهادات صيادين، أو مقاطع فيديو تم إنجازها بالصدفة في الغالب.
ولتجاوز هذه الإشكالية، شكل أصحاب الدراسة فريق عمل دولي يضم حوالي 60 باحثا من 18 دولة قاموا بتجهيز 350 سمكة قرش حوت بتجهيزات إلكترونية تمكنهم من متابعتها عن بعد ضمن المشروع العالمي لحركة أسماك القرش Global Shark Movement Project.
ويعتبر هذا البرنامج العلمي GSMP من بين أكبر المشاريع العلمية لمتابعة أسماك القرش، وقد تم إطلاقه عام 2016 ويضم حوالي 40 فريقا علميا منقسمين على 100 معهد علمي في 26 دولة، ويتم تنسيقه من طرق معهد Marine Biological Association بالمملكة المتحدة.
بعض المناطق باتت تشكل خطرا على قرش الحوت مثل خليج المكسيك والخليج العربي والبحر الأحمر (شترستوك)
الخليج العربي والبحر الأحمر
وقد سمح برنامج تتبع حركة أسماك القرش بتحديد بعض المناطق التي باتت تشكل خطرا على هذه الحيوانات البحرية، ومنها خليج المكسيك، الخليج العربي والبحر الأحمر، وذلك لوجود ممرات بحرية دولية بها كثيرة النشاط واحتضانها لموانئ عالمية للتجارة البحرية الدولية.
ووجد الباحثون أن أغلب السفن البحرية تسير بسرعات تفوق بـ 10 مرات سرعة تنقل أسماك قرش الحوت، وهو ما يجعل فرص نجاتها ضئيلة جدا في حال مصادفتها لها.
كما وجدوا أن حوالي 24% من التجهيزات الإلكترونية التي تم وضعها على أسماك القرش لم تعد تعمل، وذلك على الأرجح بسبب غرق هذه الأسماك التي تكون قد ماتت نتيجة لحوادث اصطدام مع السفن.
وخلص الباحثون في دراستهم هذه إلى دعوة الهيئات الدولية، المعنية بحماية التنوع البيولوجي، إلى وضع قوانين دولية تحمي أسماك القرش من مثل هذه الحوادث المميتة.
واقترحوا إشراك المنظمة الدولية للملاحة International Maritime Organization في وضع إستراتيجيات وقوانين تكون أكثر نجاعة في حماية أسماك القرش الكبيرة من الانقراض، وذلك عبر سن تشريعات تفرض على السفن مثلا التقليل من سرعتها في بعض المناطق أو تغيير مساراتها.