”دوخلة“ الفنان منير الحجي تثير انبهار جمهور ”إثراء“
نداء آل سيف - القطيف 15 / 5 / 2022م - 8:20 ص
أعاد الفنان التشكيلي الكبير منير الحجي، طقوس الدوخلة التراثية مثيرا انبهار الجمهور بلوحة تشكيلية شارك بها في معرض ”عيد وتهاويد“ المقام في مركز إثراء الثقافي.
ويقصد بالدوخلة في الدارجة المحلية «القفة الصغيرة» أي الوعاء الخوصي الصغير، الذي يحتوي على نبتة حية يجري غرسها مطلع شهر ذو الحجة ويرميها الأطفال في البحر يوم العيد كنوع من الأضحية داعين الله بعودة الحجاج سالمين.
ويمارس هذا الطقس التراثي لدى الأطفال في بلدان الخليج وهم يرددون الأناشيد الجماعية الخاصة بالمناسبة.
وقال الفنان الحجي بأن اللوحة التي استغرق في اتمامها نحو شهرين، إنها تحكي هذه القصة التراثية بكل عناصرها من الكعبة المشرفة، الحجاج، الأطفال في الساحل الشرقي للخليج والسلال وهي الدوخلة وطريقة رميها في الساحل وتطعيمها ببعض الآيات الكريمة التي تدعو إلى وحدة المسلمين وتكاتفهم.
وأشار الحجي وهو يقف أمام لوحته، التي يبلغ عرضها ستة أمتار بارتفاع مترين، إن مشاركته في المعرض جاء بدعوة من قبل «إثراء» بواسطة الفنانة يثرب الصدير المنسقة في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، بعد معرفتهم باللوحة التي رسمها خصيصا لمهرجان الدوخلة الثقافي التراثي الذي كان يقام سنويا في سنابس القطيف حيث كان موضوعها القصة الكاملة للدوخلة.
وأضاف وهو يشرح للجمهور المزدحم على لوحته بأن المعرض يقدم أعمالا فنية تعبر عن الأعياد التراثية في ضفتي المملكة غرباً وشرقاً، مشيراً إلى مشاركة ستة فنانين.
وأشاد الحجي الذي يعد في طليعة رواد الحركة التشكيلية السعودية بالتفاعل الكبير والمزدحم في المعرض قائلا بمزحة ”«يكاد يكون نصف سكان الشرقية هناك“.
ووصف الجمهور بالمتعطش للسؤال عن قصة هذه اللوحة، وحازت على إعجابهم الكبير، مستدركاً بأن مكان العرض المخصص للمعرض التشكيلي كان صغيرا على لوحة بحجم ستة أمتار.
ما معنى هذه الدوخلة و مهرجانها في يوم العيد؟
هل هو اختراع جديد أم هو قديم متوغل في التاريخ؟
هل له معنى سامي أم هو ملأ فراغ لا أقل لا أكثر؟
هل يجب علينا جميعا المشاركة فيه من ناحية اجتماعية أم تجاهله و نسيانه؟
دعونا نبحث هذا الأمر عن قرب و نرى إن كان فعلا له معنى سامي نبيل و نبيل
كلنا نعلم أننا في الماضي السحيق و على امتداده و حتى قريب من الحاضر لا توجد لدينا و سيلة نقل إلى الحج إلا قوافل الجمال
و السفر إلى الحج قد يستغرق أشهر طويلة يبدأ من أول شهر شوال و لا يعود الحاج إلا في شهر صفر
و لا توجد بينهم وسيلة تواصل بين الحاج و أهله
فالذاهب إلى الحج مفقود و عند عودته إلى أهله يعتبر مولود
و الحجاج عادة تخرج عوائل من البيت الواحد كآباء و أمهات أي الكبار الأقوياء و تبقى الأطفال أولادهم و بناتهم مع إخوانهم الكبار ومن لا يسطيع الذهاب من الشيبان و العواجيز
فهم في البيت كاليتامى
و قد تعود هذه العوائل من سفرها كاملة سالمة أو يموت بعضها بل غالبها من شدة البرد أو الحر أو الأمراض الفتاكة أو قاطعي الطريق
فيبقى بال من يبقى في البيت متعلق بمن سافر يتقطع قلبه على غائبه الغالي سواء كانت الآباء و الأمهات أو الأطفال أبنائهم الذين أصبحوا شبه يتامى
و كما تعلمون جميعا أن لا وسيلة اتصالات موجودة أبدا لدى الجميع بل هي أشد انقطاعا من غواويص البحر الذين يمتلكوها الإتصالات عن طريق الطواويش
فما على الموجودين في البلاد من الكبار و الأطفال إلا الصلاة و الدعاء و قرآءة القرآن الكريم و المواليد الشريفة في الليل و خصوصا ليلة العيد
أما الأطفال فيعملون بأنفسهم هذه السلال الصغيرة و المسمات بالدواخيل و يضعون فيها شيء من الرمل و روث البقر و ينثرون فيها الحبوب و ينعهدوها بالسقاية يوميا فتكبر و حتى يوم العيد
و في مساء يوم العيد يذهبون بها إلى البحر فيقدفون بها فيه و هم يرددوا هذه الأهزوجة التاريخية المعروفة "دوخلتي حجي بي لين ايجي حبيبي" إلى آخرها و هي عبارة عن تمجيد في مكة المكرمة و الحج و الحجيج مع بعض الأدعياء التي يلقنونها أجدادهم و جداتهم طالبين من المولى العزيز الجبار أن يرد عليهم أمهاتهم و آبائهم و أحبائهم سالمين غانمين
و عند عودتهم تقام أيضا مهرجانات الدباح و طبخ العيوش لمدة ثلاثة أيام يأكل منها الصادي و الغادي
فيجب علينا نحن الأحفاد متابعة إحياء هذا التراث العظيم و ذلك مشاركة منا في آلام و آمال أجدادنا و جداتنا و عدم التفكير في نسيانه