معبد فرعوني في قلب مدريد..!
من المؤكد أنه لم يخطر ببال بناة معبد ديبود الفرعوني على أرض جنوب مصر بجوار النيل أن هذا الصرح سيستقر يوما ما على الأراضي الأوروبية، فالمعبد يقوم الآن على ربوة في قلب مدريد تقع بجوار القصر الملكي وخلف «ساحة إسبانيا»، أحد أكبر ميادين العاصمة الإسبانية، ولكن كيف وصل المعبد الفرعوني إلى هذا المكان؟
وكان المعبد يقع في الأصل بمنطقة النوبة السفلى قرب الشلال الأول بالنيل في أسوان وكذلك من المركز الديني المكرس لعبادة الإلهة إيزيس بجزيرة فيلة، وبدأ بناؤه في القرن الثاني قبل الميلاد على يدي الملك أدخاليماني من مملكة مروي -التي تنافست مع الحكام الفراعنة على سيادة تلك المنطقة- عندما أقام معبدا صغيرا مخصصا للإله آمون والإلهة إيزيس.
ثم قام الملوك البطالمة بتوسيع المعبد حتى وصوله إلى ما يقارب شكله الحالي، وبعد ضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية أنهى الإمبراطوران أوغسطس وطيباريوس أعمال بناء وتزيين المعبد.
وأهدت الحكومة المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هذا المعبد لإسبانيا تقديرا لجهودها في الحفاظ على الآثار المصرية، بعد النداء العالمي الذي أطلقته منظمة «اليونسكو» لإنقاذ معابد النوبة من الاندثار نتيجة لارتفاع منسوب مياه النيل في منطقة أسوان بعد بناء السد العالي.
وتقول لورديس ناربايث، عضو معهد دراسات مصر القديمة بمدريد واختصاصية تدريس علم المصريات للأطفال، إن هذا المعبد هو أكبر المعابد الموجودة خارج مصر والوحيد من بينها المقام في الهواء الطلق.
وأوضحت نارفايث أن عملية نقل المعبد من منطقة أسوان إلى مدريد كانت طويلة و«ملحمية»، فقد فككت أحجار المعبد في موقعها الأصلي ووضعت في صناديق ظلت تسع سنوات على جزيرة وسط النيل ثم جرى نقلها بالمراكب في رحلة تحاكي الطقوس القديمة بطول نهر النيل إلى مدينة الإسكندرية لتنقل بالبواخر حتى ميناء فالنسيا ومنه إلى مدريد، وهو ما يضفي على معبد ديبود خصوصية هامة للإسبان.