يقول أحدهم: في فترة خُطبتي كنت كلما اتصلت بخطيبتي أجد هاتفها مشغولًا، وبعد انتظاري لوقت طويل حتى تنتهي وفي تلك الفترة كنت أكرر اتصالي بها حتى تنتبه لهاتفها وتنهي مكالمتها الحالية وترد على مكالمتي، وبعدما تفتح عليّ الخط أسألها عن من كانت تكلمه فتقول تلك كانت صديقتها المقربة، وأيضًا كلما راسلتها عبر الماسنجر أو الواتساب لا ترد عليّ مباشرة وكلما سألتها عن سبب التأخر بالرد تقول إنها كانت تراسل صديقتها المقربة.
في الحقيقة كنت أغار من صديقتها تلك كثيرًا، ولأول مرة أجدني أغار على فتاة من فتاة مثلها، وكنت أقول دائمًا أن بعد زواجنا ربما ستتغير وتصب كل اهتمامها بزوجها أولًا ثم البقية تأتي.
بعد زواجنا لم يتغير الوضع كثيرًا، والأسوء من كل ما سبق أن صديقتها تلك كانت تزورها في بيتنا يوميًا ودائمًا ما كانت تزورها وقت عودتي من عملي للبيت، وعندما تغادرنا صديقتها تمسك هاتفها وأجدها تنظر بداخله وتبتسم مع تعالي أصوات رسائل الماسنجر المستفزة فأسألها ساخرًا: حبيبتي، هل هناك شخص ما يرسل لكِ النكت عبر الماسنجر؟
فتجيب وهي ما زالت مبتسمة: إنها صديقتي، تقول لي أن كلبًا طاردها في طريق عودتها للبيت.
فأقول لها غاضبًا: ألا تفعلين شيئًا في حياتك سوى مراسلة ومحادثة واهتمامك بصديقتك تلك؟ أليس لزوجك عليكِ حقًا؟
فتقول غاضبة: لا أدري لمِ تكرهها كل هذا الكُره؟ إنها صديقة الطفولة، وهي بمثابة الحياة بالنسبة لي، فلا تحاول إبعادي عنها أو العكس.
استمر الوضع هكذا شهورًا رغم إنني حاولت مرارًا أن أهتم بها أكثر من اهتمام صديقتها بها، وأصبحت أحمل على هاتفي مجموعة كبيرة من صور القطط والأزياء وصور الممثلين الأتراك لأنها تحبهم، وكنت يوميًا وأنا عائد من العمل أجلب معي كل أنواع الشيكولاه والشيبسي والعصائر، وكنت أحتفل بعيد ميلادها كل يوم تقريبًا ولكن كل محاولاتي تلك باءت بالفشل.
يقول: فكرت في أن أحدث والدها أو والدتها أو أكبر إخوتها في الأمر ولكني كنت أتراجع دائمًا في آخر لحظة خوفًا من أن تظن أنني أحاول الضغط عليها بواسطة عائلتها فيزداد هجرها وعدم اكتراثها بي أكثر مما سبق.
وفي أحد الأيام وبينما كنا على مائدة الطعام وقت وجبة الغداء قلت لها: حبيبتي، هل تعلمين أن صديقتك تلك محظوظة بكِ؟
فقالت: لماذا؟
فقلت: لأنها تمتلك صديقة مثلك تحبها كثيرًا، ولو كنت مكانها لجئت ومكثت معكِ بالبيت هنا ولا أفارقكِ.
فقالت مبتسمة: أنا أتمنى أن تأتي وتمكث معي هنا، ولو توافق عائلتها لفعلت.
فقلت لها: أنا سأهتم بالأمر وأجعل عائلتها توافق.
فقالت متعجبة: كيف هذا؟
فقلت: نظرًا لأنكِ تحبينها كثيرًا وهي أيضًا تحبك فقد فكرت في أن أتزوجها وأجعلها تعيش معنا هنا.
يقول: فجأة وجدت حدقة عين زوجتي اتسعت غضبًا وتفتح فمها ذهولًا ولا تنطق بأية كلمة واكتفت بالصمت فقط، فنظرت للمائدة أمامنا فحمدت الله أن المائدة ليس عليها سكينًا.
كسرت صمتها الطويل قائلة: ماذا قلت؟
فأجبت بتردد: لم أقل شيئًا، لقد كانت مجرد مزحة.
فقالت غاضبة: لا تكرر مزاحك هذا مرة أخرى.
يقول: منذ ذلك اليوم وزوجتي توقظني للعمل كل صباح وتعد لي الفطور وترافقني لباب البيت حتى أخرج، وكانت تتصل بي في العمل أكثر من خمس مرات وعندما أعود من عملي أجدها تنتظرني على الباب وتقول: لقد تأخرت اليوم خمس دقائق حبيبي، ما سبب تأخرك؟
يقول: منذ ذلك اليوم ولم تعد تزورها صديقتها في بيتنا، بل ولم ترد على اتصالاتها إلا مرات قليلة ولم تعد تجيب على رسائلها على الماسنجر أو الواتساب إلا قليلًا.
يقول: حتى تلك اللحظة وكلما تسألني زوجتي عن فكرة الزواج بصديقتها أقسم لها في كل مرة إنها كانت مزحة، ولم أخبرها بالحقيقة وهي أنها لم تكن مزحة بل كانت حقيقة.