TODAY - 15 November, 2010
العالم تنشر صورة أقمار صناعية حديثة.. وتحذيرات لجنة رسمية تؤكد ان طهران لا تتعاون
تقرير حكومي يحذر: مياه البزل الايرانية تقترب من حقل مجنون.. والبصرة تواجه خطر بحيرة ملحية على الحدود طولها 40 كم.. والمنسوب يرتفع 8 سم يوميا
صورة ملتقطة بالاقمار الصناعية امس الاول حصلت عليها القوة الجوية العراقية للمنطقة المحيطة بالبقعة المائية المالحة الايرانية التي تهدد حقول النفط العراقية خاص بـ «العالم»
البصرة – العالم
اطلق تقرير حكومي رسمي حصلت "العالم" على نسخة منه امس الاحد، تحذيرا شديدا بشأن تطورات ملف مياه البزل المالحة التي تجتاح منطقة الحرب العراقية الايرانية قرب البصرة وتهدد بكسر السواتر الترابية وإلحاق أضرار يصعب تقديرها بتلك المنطقة الحيوية، وتحدث عن ظهور "مسطح مائي" حديث التكوين نتيجة ذلك بعرض 3 كيلومترات وطول اكثر من 40 كيلومترا، يمتد قرب حقل نفط مجنون العملاق وقد يهدد "انابيب نقل الغاز والبترول" فضلا عن معبر الشلامجة الدولي.
مصدر حكومي في البصرة طلب عدم كشف هويته نظرا لحساسية الموضوع، زود "العالم" بصورة التقطتها الاقمار الصناعية قبل يومين توضح المسطح المائي العملاق الذي ظهر في منطقة الحدود، وحصلت عليها القوة الجوية العراقية، فضلا عن تقرير رسمي اعدته "اللجنة العليا لمياه شط العرب"، وجاء بعنوان "الوضع الحالي لمياه البزل القادمة من المياه الايرانية".
وذكر التقرير الذي سجل تطورات الموقف حتى يوم 12 من الشهر الجاري، انه حصيلة اجتماع عقدته اللجنة المذكورة في مقر المكتب الاستشاري الهندسي لجامعة البصرة استجابة لكتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء، وترأس الاجتماع الدكتور احمد الكاظمي بحضور محسن عبد الحي دشر نائب رئيس اللجنة وعلاء الدين طاهر مدير الموارد المائية، وعلاء هاشم البدران مقرر اللجنة، ومفيد عبد الزهرة مدير مركز انعاش الاهوار في البصرة.
ويكشف التقرير "تطورات بحاجة الى معالجة سريعة" للقضية التي اثيرت خلال الاسبوعين الماضيين، ويتحدث عن سرعة تدفق المياه من الجانب الايراني ونقص كبير في استعدادات العراق للتعامل مع الموقف.
السدود مهددة بالكسر
ويقول التقرير ان قيادة حرس حدود (المنطقة الرابعة) المكلفة بواجب مراقبة الحدود العراقية الايرانية، اخبرت "بوجود ارتفاع لمناسيب المياه بالمنطقة الحدودية" الفاصلة بين العراق وايران، حيث تم تشخيص هذه الحالة اولا في منطقة مخفر زيد (40 كم جنوب الشلامجة) وامتدت هذه المياه الى مخفر الشلامجة الحدودي حيث وصلت الى نهر خيين ومنه الى نهر الدعيجي الذي يتصل مع شط العرب. ويضيف ان المياه لم تعبر هذا النهر حتى الآن لوجود سدات ترابية، وبعد اتخاذ عدد من الاجراءات توقف الخطر من كسر المياه للسدة الحدودية على طول الشريط في هذه المنطقة.
التهديد يمتد لحقل مجنون
لكن الخطر حسب التقرير ظهر مرة اخرى في منطقة السويب المقابلة لهور الحويزة وحقل مجنون النفطي شمال البصرة حيث تعمل كبريات شركات النفط الاجنبية، حيث تدفقت كميات هائلة من المياه "ووصلت ارتفاعات عالية نظرا لانخفاض مستوى الارض الطبيعي، ولتتضرر السدة الحدودية التي تم التنويه الى خطورة وضعها بتقرير رسمي سابق قدم خلال زيارة وفد الامانة العامة لمجلس الوزراء".
ويقول التقرير ان المياه المتدفقة عبر ايران "لونها يميل الى الرمادي وملوحتها عالية جدا حيث سجلت قياسات الملوحة في مناطق مختلفة تراوحت بين 40000-65000TDS، وهي معدلات خطيرة جدا وتصنف هذه المياه على انها مياه بزل ملوثة، وعليه يجب اخذ احتياطات لمنع وصولها الى المياه العذبة او مجاري المياه بأي شكل".
مسطح مائي كبير
ويذكر التقرير ان مساحة وحجم المياه لـ"المسطح المائي المتكون من هذه المياه مقابل مخفر زيد الحدودي، تبلغ حوالي 3 كم عرضا، و40 كم طولا، ويمتد الى الجنوب الى نهر خيين، عبر قناة النهر التي يبلغ عرضها 25 مترا حتى تصل الى الشلامجة، فيما تصعد المياه الى الشمال الى هور الحويزة الذي يبعد 17 كم عن هذه البحيرة، لتشكل خطر دخولها من الكسرات الموجودة بالساتر الحدودي وبمساحات مياه وكميات هائلة نظرا لاستمرار الجانب الايراني بضخ المياه".
8 سم قرب انابيب النفط
ويقول التقرير ان منسوب مياه البزل "يرتفع يوميا بمعدل من 6-8 سم حسب مسطرة القياس المثبتة على السدة الترابية التي اقامها مركز انعاش الاهوار في منطقة السويب، فيما لم يسجل ارتفاع جديد في المناطق الاخرى". ويحذر ان السدة الترابية "لايمكنها الصمود كثيرا اذا ما استمرت هذه الارتفاعات في المياه".
ويضيف ان منطقة الخطر تتركز عند قناة السويب الموازية للسدة الحدودية "وتحديدا عند الانبوب الذي تمر عبره انابيب النفط من حقل مجنون النفطي الى محطة عزل الغاز، وحتى مخفر الشلامجة على الحدود العراقية الايرانية على نهر خيين وبطول اجمالي يبلغ حوالي 70 كم".ويذكر ان المياه المتدفقة "قتلت كل النباتات التي صادفتها، ولها تأثيرات ضارة على الجلد، وهذا دليل على انها تحوي املاحا عالية غير متوازنة، ويمكن تحليل مكوناتها لاحقا".
نقص تمويل وشفل واحد
ونقل التقرير عن حرس الحدود ان هناك "ثلاث انابيب ايرانية ضخمة بقطر قد يتجاوز المتر لكل انبوب، كانت تضخ المياه باستمرار الى المنطقة الحدودية الفاصلة بين البلدين وهي التي كونت هذا المسطح المائي الهائل خلال فترة قصيرة، رغم ان الانابيب لا يمكن مشاهدتها كونها مغمورة بالمياه حاليا، وهذا يعني وجود محطة ضخ لمياه البزل مرتبطة بهذه الانابيب".
وحذر التقرير من حدوث حالات مماثلة لما جرى "صباح الاثنين 8/11/2010، حيث لاحظ الجهد الهندسي ارتفاع مناسيب المياه وتدفقا عاليا لمياه مالحة قادمة عبر النهر من جهة الحدود بعد ان عبرة السدة الحدودية من الكسرة الموجودة في منطقة السويب".ويقول ان الجهد الهندسي "في منطقة الخطر شمال البصرة مازال يعمل على تقوية السدة الترابية على نهر السويب بقلابات عدد 3، وشفل واحد وينقصه التمويل المالي للاستمرار بالعمل بعد يوم 13/11".
ويذكر مثالا لنقص المعدات ان السدة الترابية الواقعة على نهر السويب بطول 200 متر وعرض 6 امتار "تحتاج الى استمرارية دفنها وحدلها، حيث لاتتوفر حادلات، وما يتم حاليا هو حدل السدة بوزن القلاب المحمل بالتراب فقط للتعويض عن الحادلة".
نصمد 6 أيام
ومن اخطر ما يقوله التقرير المكتوب الجمعة الماضية، انه و"في حال الاستمرار باطلاق المياه وارتفاع المياه يوميا 6-8 سم، فإن السدة الحالية لا تصمد لاكثر من 6 ايام على اعتبار ان جهد مركز انعاش الاهوار سيتوقف لعدم وجود دعم مالي".ويشير الى مضايقات ايرانية في اطار جهود العراق لترميم السدود، ويوضح "اخبرنا حرس الحدود بان الجانب الايراني لا يوافق على صعود الحراس على السدة العراقية".
كما يقول انه "لا يمكن التكهن بارتفاعات المياه ما لم يتم وقف اطلاق المياه فورا من قبل الجانب الايراني ويحتاج الموضوع الى اتصالات مع وزارة الخارجية".
الانابيب والألغام
ويؤكد التقرير تعرض "منظومة الانابيب التي تنشؤها شركة نفط الجنوب ضمن منطقة حقل مجنون، الى اضجاع الانابيب بعد ان غمرت المياه المساطب الترابية التي تعبر فوقها الانابيب النفطية العملاقة، واعوجاج الانابيب نحو الاسفل مما ينذر باحتمال توقف العمل بها".ويدعو التقرير الى عدم تشبيه الوضع الحالي بوضع معالجة الفيضان "لاختلاف نوعية المياه المتدفقة وكمياتها، ومرورها بمناطق مخلفات حربية وألغام غير معروفة النتائج".
وفي حال انتهاء هذه الازمة حسب التقرير، تبقى مشكلة كبيرة وهي "كيفية التخلص من هذه المياه دون اضرار المياه العذبة في شط العرب سواء من شمال النهر ام من الجنوب، حيث ان بقاء هذه المياه او اطلاقها او حتى جفافها يمكن ان يلحق اضرارا جسيمة بالاراضي الزراعية ومنظومات مياه الشرب التي تعتمد المدينة على استخدامها".