محمد محسن وتد-أم الفحم
صادق مجلس التخطيط الإسرائيلي على المرحلة الأولى من مشروع خط الغاز الممتد من تل أبيب لحيفا بطول مائة كيلومتر, وذلك بالتزامن مع اكتشاف شركات التنقيب العديد من حقول الغاز قبالة سواحل إسرائيل.
ونظرا لأن إسرائيل تتطلع لدخول سوق المنافسة على تصدير الغاز بالشرق الأوسط، فإنها تواصل التخطيط والبناء وتحضير المخططات الهيكلية للمرحلة الثانية من المشروع الذي سيصل لمنطقة الجليل أيضا.
ويصادر مخطط المشروع آلاف الدونمات الزراعية لفلسطينيي 48 بمروره بمسار 22 كيلومترا من البلدات العربية بالمثلث المتاخمة لحدود الرابع من يونيو/حزيران مما يعني منع التواصل الجغرافي بين التجمعات السكنية العربية وتضييق الخناق عليها ومنع المواطنين من التواصل مع فرض حظر على مالكي الأراضي من استعمالها أو حتى دخولها إلا بتراخيص من سلطة الغاز بإسرائيل. كما أنه سيصادر عشرات آلاف الدونمات للاجئين بمساره في قضاء قلقيلية وطولكرم.
قنبلة موقوتة
وسيمر مشروع خط الغاز بمنطقة المثلث بموازاة شارع رقم 6, حيث يقول المحامي فؤاد سلطاني -عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن- إن هذا الشارع شق على عشرات آلاف الدونمات بملكية خاصة لفلسطينيي 48 وأراضي اللاجئين التي توظفها وتستغلها إسرائيل بهذه المرحلة لتطوير مشاريع البنى التحتية.
وبين سلطاني للجزيرة نت أن مشروع خط الغاز يأتي بسياق جميع المشاريع الاستيطانية بالنقب والمثلث والجليل، حيث يعاني السكان من فلسطينيي 48 من مواصلة مصادرة أراضيهم ونقلها لخدمة مشاريع بنى تحتية من شبكة الطرقات والمواصلات وسكة الحديد وخط الكهرباء، ليكون ذلك بمثابة رافعة لتطوير الاستيطان وتكثيف الوجود اليهودي بقلب وبتخوم التجمعات السكنية لفلسطينيي 48 بالنقب والمثلث والجليل.
ويؤكد أن الشاب الفلسطيني بات لا يجد حتى مئات الأمتار للبناء والإسكان، في الوقت الذي تطور إسرائيل المشاريع فوق أرضه، وبالتالي فإن مواصلة مصادرة الأرض والتضييق العمراني بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر بأي لحظة.
كما يأتي ذلك بينما الداخل الفلسطيني يواجه بهذه المرحلة موجة شرسة من مصادرة آخر ما تبقى له من احتياط للأراضي وأبرزها المعركة المتواصلة بالنقب لمصادرة 800 ألف دونم.
تهميش وحرمان
ويواصل المركز العربي للتخطيط البديل بطاقمه المهني -الذي تشرف عليه المهندسة عناية بنا جريس، وبالتنسيق مع اللجان الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن، والسلطات المحلية العربية- تحضير مذكرات اعتراض وملاحظات على المشروع بمساره في البلدات العربية ليقدمها إلى 'مجلس التخطيط القطري' ولجان التنظيم والبناء الإسرائيلية التي همشت وتغاضت عن وجود نحو 250 ألف فلسطيني بمنطقة المثلث واحتياجاتهم للتطور العمراني والصناعي والتوسع الجغرافي.
وقالت جريس للجزيرة نت إن كل اكتشافات حقول الغاز قبالة شواطئ حيفا وتل أبيب وأشدود أضحت ذات أهمية إستراتيجية قومية بالنسبة لإسرائيل التي تسارع في تحريك مشاريع بنى تحتية ضمن مخطط هيكلي قطري، ويتم إبعاد المشاريع عن البلدات اليهودية لتنفذ بتخوم البلدات العربية على حساب آخر ما تبقى لها من أراض دون الأخذ بعين الاعتبار احتياجات التطور العمراني والصناعي والتوسع الجغرافي لفلسطينيي 48.
وشددت على أنه لا يمكن للفعاليات الشعبية والمهنية والسياسية لفلسطينيي 48 أن تلغي كليا مخطط مشروع خط الغاز الذي يعتبر مخططا تفصيليا للمخطط العام المصادق عليه لخطوط الغاز بإسرائيل، لكن سيتم تقديم الملاحظات والاعتراضات لتقليل الأضرار التي ستتكبدها البلدات العربية بكل ما يتعلق بالمصادرة غير الفعلية للأرض والإعلان عن سيطرة المؤسسة الإسرائيلية عليها كاحتياط مستقبلي لمشاريع قومية. ويعني ذلك منع أصحاب الأرض الأصليين من البناء الإسكاني المستقبلي بفرض التقييد وحرمانهم من استعمالها حتى للأغراض الزراعية.
تداعيات ومخاطر
بدوره، أوضح النائب العربي بالكنيست الدكتور حنا سويد أن إسرائيل تواصل النهج ذاته بمصادرة الأراضي الخاصة لفلسطينيي 48، إذ نتحدث عن موجة ثانية من المصادرة بالعقد الأخير والتي شملت مصادرة عشرات آلاف الدونمات لشق شارع رقم 6 وحاليا مصادرة مماثلة لمشاريع البنى التحتية القومية بضمنها خط الغاز الذي سيصادر بمرحلته الثانية أراضي عربية بالجليل دون أي استفادة تذكر للمواطنين العرب من هذه المشاريع.
ولفت إلى أن مخططات البنى التحتية التي تقوم بها إسرائيل على حساب الأرض الخاصة للمواطن الفلسطيني ستؤدي لتضييق الخناق على التجمعات السكنية وتحد من تطورها وتواصلها الجغرافي وتوسعها بظل انعدام مسطحات الأراضي لاحتياجات السكن والصناعة وتقييد استعمالاتها الزراعية لتكون دائما تحت أطماع المخطط الإسرائيلي.
وعن التداعيات السلبية لمشروع خط الغاز قال النائب سويد للجزيرة نت 'ما من شك بأن خط الغاز أسوة بمختلف المشاريع التي تعتبر حافزا للإجهاز على الأرض وسلبها تحت مسميات مختلفة، ستساهم بمنع تطور البلدات العربية وتعمق من أزمة الإسكان، فالأعوام القليلة القادمة ستشهد تداعيات وانعكاسات سلبية خطيرة جدا على مستقبل ووجود الفلسطينيين'.