نعيتُ القوافي قبل أن تتولدا
متى أغفل الشادي النبيَّ "محمدا"
لعمرك لا تحيا الروائع دونه
ولا يرتقي آذان منشدها الصدى
هلمَّ نصوغ الدر من نفحاته
وننظم أصدافاً تضارع عسجدا
هلمَّ نغذي الطرس نوراً فإنما
تراءى الربيع الطلق يحمل مولدا
أفاق الخزامى بعد طول رقاده
وبات على مرِّ الزمان مسهدا
يدغدغه حب الرذاذ ترقرقا
فيرفل مزهواً ويمرح مزبدا
ومكة ترنو العندليب محلقاً
يُرفرف في روض الحبور مغردا
تجمهرت الأحداق أيَّ تجمهر
تعانق مشكاة البرية "أحمدا"
تبدَّت لدى البدر البهي خوارقٌ
قبالتها حكم الطغامة أُرعدا
بدا رعشاً إيوان كسرى كناقة
تمايد عطفاها على نغم الحُدا
وأُسقطت الأصنام تلقا وجوهها
وما جلمدٌ غيرانُ آزر جلمدا
وغاضت مياه الفرس في فلواتها
وطود من النيران ريع فأُخمدا
لتنطفئ الأضواء خجلى كليلة
فنور الهدى في الخافقين توقدا
وتوراة "موسى" بالمسرة انتشت
وإنجيل "عيسى" بالبشارة أُسعدا
"محمد" شمس الحق يسطع نورها
بطلعته ليل الضلال تبددا
"محمد" خير الأنبياء سجية
حباه إله الكون مجداً وسؤددا
تأبط شأو العز تحت جناحه
فخرَّت لعينيه الملائك سُجدا
عليه أمارات النبوة تزدهي
تلقفها القلب المتيم منشدا
رسول من الرحمن أومض نجمه
بغرته طيف العَلاء تجسَّدا
"رأى اللهُ للعلياء أن تتجسدا
فقال لها: كوني، فكانت محمدا"
وأقرأه "جبريل" آية ربِّه
فرتل آيات الكتاب وجوَّدا
تُروِّي غليل الروح من بسماته
وتستاف من أخلاقه عبق الهدى
أباد عروش القاسطين حسامه
وشق طريقاً بالفلاح معبدا
به بيرق الإسلام رفرف شامخاً
ولولاه ما صلَّى امرؤ وتشهدا
أيا أمة الإسلام حسبك منعة
فوحدتك الغراء أرعبت العدى
لئن مزَّقوا القرآن حقداً فإنه
سيبقى بأعماق القلوب مخلدا
ويبقى رسول الله رمز هداية
وللعابد الولهان مهوى وموردا
وإن سارت الدنيا على نهج أحمد
فإن احتلال الأرض يبقى مصفدا
جهاد الأباة الثائرين بعامل
أعاد وشيكاً ذا الفقار مجددا
ووقفة شعبي كالجبال مؤازراً
أقام صراخَ الطائرات وأقعدا
مقاومتي روح البلاد ونبضها
جعلت ثراها للنواظر أُثمُدا
أيا سيد الأكوان يا قبلة الحجى
غدوت على أولي السيادة سيّدا
محمد أنت الطهر والحب والنقا
وأشرف خلق الله خلقاً ومحتدا
نسجت على نول الولاء مدائحاً
لعل تُغشِّيني شفاعتكم غدا
محمد يا خير الأنام تحية
إليك يُحاكي عذب أحرفها الندى
عليك سلام الله ما لاح كوكب
وما سبَّح الكونُ الفسيحُ ووحـــدا
عباس فتوني