مدّوا إلينا يـــداً مشحونـــةً غضبا
وأوقدوا خلفَ هاتيـكَ اليــدِ اللهبا
قد خلتُها من ندى راحاتِهــا عسلاً
ومن حلاوةِ ما يحكــي فــمٌ رُطبا
كأنّها بعد جدبِ قــد همـــت دِيَماً
سحّــاءَ تُغدِقُ مـن خيراتِهــا حبـبا
تحنو علينـــا كأمٍّ فارقـــت ولــداً
وقد أتاها ففاضت بالشّجــا حدَبا
تظنُّها ـ يا لها ـ امتدّت إليك هدىً
إذا غرقتَ نجـــــــاةً ألقتِ السّببا
يا لَلمرارةِ كم خابــــــت بشائرُهـا
وكـم خُذلْنــا وصارت حالُنـا لغَبا
إنّ الكرامِ يرونَ المـــوتَ مكرمـةً
إذا اللئامُ أساؤوا الفعـــلَ والأدبـا
كـفٌّ ممثِّلـــةٌ لانـــــــت ملامسُهـا
فخلْتها بلسماً بالطّيــبِ مُختضبـا
فقلتُ من رقّةِ الكفِّ التي مسحت
أكرمْ بتلــــكَ يــــداً مملـوءةً نشَبا
تُهدي إلينا أحاسيسَ الهوى كرماً
وتنثرُ الخيرَ في ساحاتِنا سُحبا
ما كنتُ أعلمُ غدراً مــــــن أُخيَّتِها
في الظّهرِ تطعنُ طعناً نافذاً عجبا
عن كـــــلِّ سلَّـةِ ذلٍّ أرسلوا حمماً
شاطت فما تركت شيخاً ولا زغَبا
وشعبُنا قوتُـــه اليومـــيُّ مجزرةٌ
يزدادُ مـن وطـــأةِ البلوى بها سغَبا
قد بادلونــــــا تحيّــــــاتٍ مغلّفــةً
بألفِ سهمٍ فرى الأكبـــادَ واللبَبـا
ما أعظمَ الأمــرَ أن تلقاهُ ممتزجـاً
بخنجــــرِ الغدرِ مغتاظـــاً وملتهبا
كم يضحكون لنا في الوجهِ توريةً
وفي الصّدورِ ترى الحقدَ الدّفينَ ربا
ما للعروبـــــــةِ والإسلامِ قد قطعا
حبلَ الإخاءِ، ولمّا يحفظـــا النّسبا
يستظهــــــرانِ علينا بالورى عجباً
يا حالةَ الخزيِ لا تستغربي العجبا
ها نحنُ صرنا غثاءً لا وجــــودَ لنا
مراكباً ذُلِّلــــت طوعاً لمـــــن ركبا
أراذلُ النّاسِ سامتْنا الأذى وغدت
تسوسُنا لا تـــرى حقّاً لنـــــا وجبا
نحن اليتامـــــــى فـلا أمٌّ لنا وأبٌ
يا ذلَّ من لم يجــدْ أمّاً لــه وأبـــا
أحمد مثقال القشعم