النتائج 1 إلى 6 من 6
الموضوع:

رحلة في حياة الشيخ محمد جواد مغنية

الزوار من محركات البحث: 517 المشاهدات : 3615 الردود: 5
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: العراق / واسط
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 167 المواضيع: 36
    التقييم: 30
    المهنة: موظف
    آخر نشاط: 9/February/2014

    رحلة في حياة الشيخ محمد جواد مغنية







    فقيد العلم الشيخ محمد جواد مغنية، الذي توفاه الله عام 1979، بعد رحلة طويلة من الكدح والجهاد باللسان والقلم، حتى ترك لنا ثروة ضخمة من المعرفة ولج فيها العلامة الفقيد رحمه الله شتى مناحي العلم، بأُسلوب سلس يفهمه الجميع، وبروح واعية لمداخلات العصر وهمومه وتحدياته.

    وهذا ما ساعد على انتشار كتبه التي أصبحت ذائعة الصيت رغم محاولات العديد من الأنظمة لمنعها ومصادرتها.

    والتعريف بهذا الشيخ الجليل والعلامة الكبير، لما له من أياد بيضاء في عالم المعرفة، وفضل كبير على جيلنا المسلم، وقبل هذا وذاك، فان محمد جواد مغنية وأمثاله من الأفذاذ يستحقون التقدير والتبجيل، وهو أهل لذلك.. إن لم يكن ذلك بعض الوفاء.
    • جبل عامل.. منجب العظماء:
    لا نضيف جديداً، إذا ما قلنا بأن جبل عامل كنز للعبقرية، فقد أنجب هذا الجبل الأشم قمماً سامقة في سماء المعرفة، وتطول قائمة أولئك الأعلام العاملين الذين تركوا بصماتهم على مسيرة التاريخ، ويكفي هذه القائمة فخراً أن تضم في صفحاتها الناصعة أمثال الشهيد الأول، والشهيد الثاني، والشيخ البهائي، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، والسيد محسن الأمين.. وصاحب المخترعات الحديثة حسن الصباح الذي اغتيل من قبل كارتلات السياسة الأميركية..

    وبالتأكيد لن يكون فقيدنا الغالي الشيخ محمد جواد مغنية آخر المطاف في هذا المسلسل من العظماء.
    • خطوة واحدة نحو المجد والخلود:
    وإذا كانت لكل قاعدة استثناء فأنّ من المناسب أن نشير هنا، وفي هذه العجالة، إلى أن الشيخ محمد جواد مغنية من جبل عامل، توجه في العشرينات من القرن العشرين إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الإسلامية في معاهدها العريقة، وبعد مكوث لعدة سنوات في النجف، عاد يحمل الأيمان في القلب والعلم في العقل، والقلم في اليد، ليدافع بهما عن الإسلام وقيمه وحضارته..

    لقد جاء الشاب المعدم محمد جواد مغنية إلى النجف ليعوض عن فقره المدقع علماً وإيماناً وجهاداً، لن يبخل على أُمته في ذلك بشيء.

    عاد الشاب مغنية، الذي كان يبيع الحلوى في بيروت أيام صباه اليتيم، ليصبح قاضياً يدافع عن حقوق المظلومين.

    عاد الشاب مغنية، ليصبح علماً في فكره وعطائه ودفاعه عن الإسلام ومذهب أهل البيت (عليهم السلام).
    • حياته:
    أبصر فقيدنا النور، في ظل مخاضات عسيرة، كانت تعصف بالوطن الإسلامي، وتنبئ عن قرب وقوع تحولات عميقة في الأوضاع السياسية والفكرية والاجتماعية بفعل التكالب الاستعماري على ثروات المسلمين ومؤامرات أعداء الإسلام للإجهاز على ما تبقى لدى المسلمين من تعلق بالإسلام.

    في خضم هذه الأجواء، ولد الفقيد في قرية طيردبا من جبل عامل، قضاء صور بلبنان عام 1922هـ ـ الموافق لعام 1904م.

    كان الفتى (محمد جواد) على موعد مع المعاناة، وهو لما يزل غصناً طرياً لا يقوى على مواجهة النكبات فضلاً عن الصعاب.

    فقد ماتت أمه قبل أن يتم السادسة وبذا أحس الفتى، ومنذ نعومة أظفاره، بألم اليتم، وفاجعة افتقاد الحنو .. خاصة حنان الأم، التي تكتنف الوليد وتظل تغمره بدفئها حتى آخر لحظة من العمر.

    ولم تقف معاناة الفتى اليتيم عند هذا الحد.. فبعد مرور ست سنوات يتوفى والده سنة 1916 لتلتقي حلقات المحنة وتضيق على هذا اليافع الخناق.

    لقد قسا الزمن على (محمد جواد) وأثقله، ومن وقت مبكر، بالهموم والآلام والمحنة التي لا ترحم.. وهكذا (عاش حياة اليتم والفقر بمعاناتها.. فأمتلك حساً إنسانياً مرهفاً.. وامتلأ نقمة على الظلم والفساد).
    • الطفولة المعذبة:
    يسرد الراحل الفقيد، وبشيء من التفصيل، بعضاً مما لاقاه في حياته خلال الطفولة، وهي على أية حال مترعة بالأسى، والإحساس باليتم، والعوز ولكنه قابل قدره بالصبر والمثابرة والكفاح.

    ففي سيرته الذاتية، التي كتبها بقلمه، ونشرها نجله (جواد) بعد رحيله في كتاب مستقل، يورد العديد من تلك الصور.. سواء في قريته في بيروت.. وهو يتجول في شوارعها بائعاً للحلوى.. والكتب.. حتى يتخذ قراره الخطير، في السفر إلى النجف الأشرف، والذي كان بمثابة انقلاب، غيّر مجرى حياته ليدلف، بعد ذلك، إلى بوابات المجد.. وليدخل التاريخ من بابه الواسع الكبير.. ومن يدري لو لم يتخذ (مغنية) قراره ذاك لبقى طيلة عمره بائع كتب مغمور لا يتعدى صيته حدود الشارع الذي يعمل فيه، أو المحلّة أو المدينة التي يسكنها في أحسن التقارير.
    • عقبات في الطريق:
    وبأسلوبه الشيق الأخاذ، يمضي الشيخ محمد جواد مغنية في تصوير وقائع رحلته إلى النجف عام 1925 المحفوفة بالمجازفة والمغامرة.. وكيف كان بلا مال يكفي ولا جواز سفر.. وكاد أن يقع في قبضة السلطات لتعيده من حيث أتى، ولكن المشيئة الإلهية حالت دون ذلك، ووقفت إلى جنب هذا الشاب الوديع المفعم إصراراً، وهو ابن العشرين من عمره.. وليصل إلى بغيته ـ النجف ـ والتي من أجلها شدّ الرحال.. وركب الأهوال.. وليبدأ رحلة جديدة، بكل إضاءاتها وإخفاقاتها.
    • في رحاب الغري:
    ومنذ اللحظات الأولى لوصوله إلى النجف الأشرف، ينصرف ابن جبل عامل إلى تحصيل العلوم الإسلامية، وكان نموذجاً فذاً في توفيقه بين تلقي الدرس والتفرغ له وبين تسيير أموره المعاشية التي كانت تصل إلى حد الكفاف إن لم يكن التقتير.

    ولأنه تحمل ما تحمل من أهوال ومصاعب، في سبيل سفره إلى النجف.. نراه يعرف قيمة هذه المتاعب.. وقيمة الهدف الذي جاء من أجله.. ولهذا نراه بز العديدين من أقرانه، والذين كانوا يعيشون مثل ظروفه ربما. فشمر عن ساعد الجد.. وراح ينهل من فقه آل محمد (صلَّى الله عليه وآله)، ويواصل ليله بنهاره في تلقي العلم والغرف من معينه الذي لا ينضب.
    • أساتذته:
    بهذه الروحية واصل الشيخ الشاب محمد جواد مغنية رحلته المدرسية ومكث هناك ـ في النجف ـ أحد عشرة عاماً.. ليتركها عام 1936م.

    صحيح أنه درس على شيوخ قريته أوليات الدراسة الحوزوية، إلاّ أن دراسته في النجف الاشرف تبقى ذات نكهة خاصة، لأنه واصل الدراسات العليا، وعلى يد جهابذة العلماء والفقهاء في هذه الجامعة الإسلامية العريقة.

    ونظرة سريعة إلى أسماء أساتذته تكفي للتدليل على مدى الشوط الذي قطعه الشاب محمد جواد مغنية في طريق تحصيله العلمي الرفيع (إذ تتلمذ على كل من: السيد محمد سعيد فضل الله، والسيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ محمد حسين الكربلائي، والسيد حسين الحمامي الذي درس عليه ست سنوات كاملة) وليعود بعد ذلك إلى جبل عامل..
    • العودة الميمونة:
    في بداية عودته من النجف أقام في قرية (معركة) بصور ثم انتقل إلى قرية (طير حرفا).

    دخل سلك القضاء الشرعي فعيّن قاضياً شرعياً في بيروت، ثم مستشاراً للمحكمة الشرعية الجعفرية العليا فرئيساً لها بالوكالة.

    وفي خلال رئاسته عرضت على المحكمة قضية تهم أحد النافذين، فعرض النافذ عليه أن يحكم بما يرغب فيه، وفي مقابل ذلك يجعله رئيساً أصيلاً، فأعرض الشيخ عنه، ولما نظر في القضية تبين أن الحق في غير هذا الجانب الذي يلتزمه النافذ، فحكم الشيخ بالحق، مما اغضب النافذ فتبجح في إقصائه نهائياً عن الرئاسة، ثم أحيل للتقاعد فانصرف إلى التأليف.

    وهكذا كان مثال العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.. ورب ضارة نافعة، فلولا ترهيب الزعيم المتنفذ وصلابة موقف الشيخ.. لما انصرف الفقيد الغالي إلى التأليف ليتحف المكتبة الإسلامية بمؤلفاته وأسفاره العديدة.
    • من مواقفه:
    الإنسان موقف. وطالما فعلت المواقف فعلها، فرب موقف رفع صاحبه إلى مصاف أصحاب المواقف الخالدة، ورب موقف يهبط بصاحبه إلى الحضيض.

    وللشيخ محمد جواد مغنية الكثير من المواقف التي تعكس حقيقة إنسانيته وعدم استعداده للمساومة أو المهادنة.

    أولاً:

    عندما عاد من النجف الأشرف إلى وطنه لبنان، واستقر في أرضه وبين أهله في جبل عامل اختط لنفسه سبيل الدين والتزام مطالب المواطنين والنضال من أجلها، لم يستطع أي زعيم إقطاعي سياسي أن يحتويه، وأقصى ما تمناه هؤلاء الإقطاعيون الطغاة أن يسكت محمد جواد مغنية عنهم، ولكن هيهات أن يفعل.. ففي الأربعينيات عندما كان الإقطاع يتسلط على الأجنة في الأرحام ـ كما عبر أحد الأدباء العاملين ـ كان محمد جواد مغنية بدوره يتصدى بضراوة للإقطاعيين العتاة رموز السلطة الجائرة في ذلك الزمان، تصدى لهم بصوته وقلمه وحث الشعب على الثورة، ولعلّه أول شيخ صاحب علمه بفعل ذلك في عصره.

    وقد ألف محمد جواد مغنية سنة 1945 كتاب (الوضع الحاضر في جبل عامل) ونشره سنة 1947.

    ثانياً:

    كان ينظر رحمه الله في دعوى مرفوعة أمامه ويراجع فحواها.. وإذا برسول من رئيس الوزراء يدخل عليه وبعد السلام والتحية يقول له: إن دولة رئيس الوزراء يسلم عليه ويطلب منه أن لا يصدر حكماً في الدعوى التي صادف انه ينظر فيها... فما كان منه إلاّ أن استبقى الرجل في المحكمة، وتابع النظر في الدعوى واصدر حكمه العادل فيها ثم حمَّل الرسول نسخة من قرار الحكم وبعثه إلى رئيس الوزراء الذي طار صوابه عند قراءته للحكم الذي جاء لغير مصلحته. ولكن الحق يقال إن رئيس الوزراء هذا كان رجلاً عاقلاً لأنه قبل الحكم دون أن يقاومه، على عكس رئيس مجلس النواب وأحد الوزراء اللذين مرّا بتجربة مماثلة مع عدالة الشيخ محمد جواد مغنية ولكنهما لم يقبلا حكم القانون وأعلنا الحرب الشعواء عليه.

    ثالثاً:

    كره محمد جواد مغنية الدعايات والأضواء، كان يسافر متخفياً دون إعلام أحد حتى لا يجري له أي استقبال، وإذا عرفته السلطات في البلد الذي يزوره، وأرادت أن تفتح له صالون الشرف في المطار، أو أن تستضيفه في ديارها، كان يرفض ذلك بشدة ويفضل الرجوع إلى وطنه.

    ومرة في أحد المطارات العربية أصر أحد المسؤولين الكبار أن يقدّم له هدية، وهي عبارة عن عباءة فاخرة، وعندما رأى الشيخ أنه لا خلاص له من هذا الموقف المحرج، خلع عباءته التي يرتديها أعطاها بالمقابل لهذا المسؤول، وبعد دقائق خرج محمد جواد مغنية إلى الشارع وأعطى العباءة الهدية إلى أول صديق التقاه.
    • نظراته:
    خاض الشيخ محمد جواد مغنية في العديد من القضايا العقائدية والفلسفية والتاريخية والاجتماعية، ومن البديهي أن يطرح عالم مثله رأيه في هذه الأُمور.

    وليس بوسعنا ـ ونحن في هذه العجالة ـ أن نورد كل ما تركه الفقيد من آراء في مختلف القضايا المطروحة، ونكتفي بالنزر اليسير.
    • هو .. والعلم:
    يقول العلامة محمد جواد مغنية: (إن العالم وبخاصة في هذا العصر، عصر التغيير السريع والتطور الهائل هو الذي يواصل السير على طريق المعرفة والعلم، فإذا أحجم عن طلبه، لأنه بلغ النهاية بزعمه، فقد انتهى العلم منه، ولم ينته هو إلى شيء منه.

    وفهمي هذا للعالم هو الذي خلق فيّ الصبر والاحتمال من أجل العلم وتحصيله، وأيضاً صبرى على ما لاقيت في طلبه هو الذي أوحى إليّ بهذا الفهم، وجرَّأني على أن أقول: كل من ادّعى العلم، وقطع صلته بالكتاب بعد المدرسة فهو كاذب في دعواه .. ولست أعرف كلمة أصدق من قول الأمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا أعطيت العلم كلك أعطاك بعضه). فأن كلمة (كلك) تومئ إلى الاستمرار في طلبه ليل نهار. أما قوله: (قيمة كل امرئ ما يحسن) فمعناه إن يتقن معرفة ما يتصدى لمعرفته ويضطلع به، وليس من شك إن الإتقان يستدعي إعادة النظر والبحث مرات ومرات).
    • هو .. والنجف:
    (النجف لغز محيّر).. هكذا يقول الشيخ محمد جواد مغنية الذي يمضي في توضيح مقولته هذه: يدخلها واحد من الناس، لا يُعرف له أصل ولا فرع، لا مال له، ولا كفيل من إنسان أو نظام، ولا شغل في تجارة أو مهنة أو غير ذلك، لا شيء على الإطلاق إلاّ القصد إلى طلب العلم.. ثم تمضي الأيام وإذا بهذا النكرة المعدم علم بين الأعلام.. أليس هذا في ظاهره خارقا للمعتاد؟.. إن النجف لا نظير لها في العالم كلِّه ـ على ما اعتقد ـ لا نظير لها في وضعها المعقد، وفي عيش الطلب فيها، فأول مشكلة تواجه الطالب الغريب هي مشكلة التوافق والانسجام بينه وبين أوضاعها، فإذا استطاع أن يصبر عليها، ويلتحم معها أمكن أن يصل إلى ما يبتغيه من طلب العلم، وإلاّ فليرجع من حيث أتى...

    ولم يدع الشيخ الراحل هذه الفرصة دون أن يبدي بعض ملاحظاته النقدية حول طريقة تلقي الدروس في النجف.
    • هو .. والأزهر:
    في يوم 11/ 10/ 1963 قام الشيخ محمد جواد مغنية بأول زيارة له إلى القاهرة. وحال وصوله إليها، توجه لزيارة مسجد الإمام الحسين (عليه السلام) والجامع الأزهر، وقد ذكر الشيخ بعض انطباعاته عن الأزهر إذ يقول: (كنت قد تخيلت الأزهر عظيماً في علّوه وسعته، وانه يغص بالعلماء وحلقات الدروس فوجدته دون ما تخيلت بكثير، حتى شككت وساءلت نفسي: هل أنا في الجامع الأزهر..؟).
    • مع شيخ الأزهر:
    بالرغم من أن الشيخ محمد جواد مغنية كان شديد الاهتمام بالقضايا العقائدية والفكرية الخلافية بين الشيعة والسنة، إلاّ أن ذلك لم يحل دون انفتاحه على الجانب الآخر، فكانت له علاقات واسعة مع علماء السنة.. وفي طليعتهم شيخ الأزهر السابق شلتوت.

    وعن هذه العلاقة يتحدث الشيخ مغنية فيقول: (ترجع معرفتي بشيخ الأزهر المرحوم الشيخ محمود شلتوت إلى سنة 49 حين ناقشت فتواه بجواز طمر الهدي وحرقه على صفحات رسالة الإسلام، ثم جرت بيننا كتابات ومراسلات وقرأ لي، وقرأت له.

    اجتمعت بالشيخ شلتوت في داره سنة 1963 فأهلَّ ورحَّبَ، واستقبلني أفضل استقبال، وحين قدم لنا شراب الليمون، أبى إلاّ أن نشرب معا من كاس واحدة، فكان يشرب قليلاً ويناولني الكأس فاشرب مع سؤره.. وجرى بيننا حديث الشيعة والتشيع، فاثنى وأطنب، وقال فيما قال: إن الشيعة هم الذين أسسوا الأزهر، وبقي أمداً غير قصير تدّرس فيه علومهم ومذهبهم، ثم أعرض القائمون عليه عن هذا المذهب فحرموا من نوره الساطع، وفوائده الجمة).

    ويضيف الشيخ قوله: (ومما قلته له: إن مكانتكم عند علماء الشيعة كبيرة وسامية، وقد تظنون أنتم، أو يظن غيركم أن السبب هو فتواكم بجواز التعبد بمذهب التشيع والحقيقة إن العارفين من علمائنا ينظرون إلى فتواكم هذه، على إنها مجرد نظر واجتهاد، ولو أفتيتم بالعكس لقالوا: هكذا أدى نظره واجتهاده، قياساً على أنفسهم، وعملاً بمبدأ الاجتهاد الذي لم يقفلوا دونه الأبواب والنوافذ.. أجل، إن فتواكم هذه تنبئ عن الجرأة، وعدم المبالاة بلوم اللائمين في الحق والعدل. إن علماء الشيعة يحترمونكم لخدماتكم الدينية، ونصحكم للإسلام، وإنهم مع كل من يناصر الدين، وينصح له كائناً من كان).
    • هو... والوهابيون:
    للشيخ الفقيد قصة مع الوهابية، كانت بداية فصولها الساخنة حينما التقى بالعديد من رجالاتها في الحجاز، أثناء تأديته للحج. وقد دارت بينه وبينهم مساجلات وحوارات كلها تصب في ذات الاتجاه الذي يثيره الوهابيون، والذي لا يخرج عن إطار التكفير الصريح أو المبطن لغيرهم من المسلمين وعلى شتى مذاهبهم.

    وقد ألف الشيخ كتاباً بعنوان (هذه هي الوهابية) ناقش فيها بهدوء أفكارهم ودعاواهم فدحضها بحجة العالم ودليل المطلع.
    • هو.. والمارونية:
    كانت اهتمامات الشيخ الفقيد واسعة ولم تقتصر على لون واحد.. بل كان يسعى جاهداً إلى معرفة كل شيء .. وبهذا كان مثالاً نموذجياً (للعالم بزمانه).

    صحيح أن الشيخ محمد جواد مغنية اشتهر باهتماماته العقائدية والفقهية والثقافية العامة.. بيد إن ذلك لم يحل بينه وبين أن يدلي بدلوه في القضايا السياسية، والاجتماعية. وتأسيساً على ذلك فقد خاض الشيخ في العديد من الأُمور السياسية، وهاجم بعض الممارسات بعنف.. ومن قبيل ذلك موقفه من المارونية السياسية التي أنحى باللائمة عليها وحمَّلها نتائج الوضع الفاسد والمزري في لبنان، فهو يقول:

    (وأعجب العجب هو منطق المارونية السياسية في تبرير هيمنتها على لبنان، إنها تتذرع (بالخوف) من أن تضطهد الأقلية المارونية التي تدعى بقوميتها الخاصة وبراءتها من العروبة من قبل الأكثرية العربية المسلمة ولهذا تقول لنا المارونية السياسية بطريقة أو بأخرى: يجب أن يحكم الموارنة لبنان حسب ما يشتهون ويرتؤون.. وعلى (الأكثرية) من اللبنانيين العرب مسلمين ودروزاً ومسيحيين أن يذعنوا ويقبلوا بحكم (الأقلية) المارونية.. لأنه هذا هو الضمان الوحيد لتبديد (خوف) الموارنة وتهدئة روعهم).

    ولكن الشيخ لم يلق باللائمة كلها على المارونية السياسية فهناك أطراف ساهمت في صنع هذه الهيمنة المارونية، ويقولها صريحة: (إن المارونية السياسية تحالفت في حكمها مع الإقطاع السياسي المسلم الذي رضى بهيمنة الموارنة وسلبهم لحقوق المسلمين، ورضى أن يكون شريكاً ضعيفاً في الحكم على أن يتمتع بنفوذ خاص ويحتفظ بموقعه الإقطاعي السياسي).
    • هو.. والقراءة:
    عرف عن الشيخ الفقيد ولعه الشديد بالقراءة. وطالما رآه الآخرون وهو محمل بالكتب والمجلات والصحف وهو يذكر هذه الحالة بفخر واعتزاز.. (.. أنا من أفنى في المطالعة والكتابة عمره.. لقد قرأت آلاف الكتب والمجلات والصحف وكتبت ستين مؤلفاً ـ بعض منها بعدة مجلدات ..).

    وفي مجال آخر يقول رحمه الله: (أحب أن أقرأ كثيراً، واكتب قليلاً، بل أحب أن أكتب إلاّ إذا لم أجد مفراً من الكتابة، أي عندما أحس في نفسي شيئاً لا يدعني أهدأ واستقر حتى أعلنه للناس، إني أتعطش إلى القراءة والمطالعة وأود أن أشغل وقتي كلّه فيها ليل نهار..).

    وأما عن اقتنائه للكتب ومواكبته لحركة الصحافة فهي من الشهرة بحيث استدعت البعض إلى انتقاده. وذات يوم كان يمشي وبيده مجموعة من المجلات والجرائد، وفي الأثناء صادفه شيخ فتعجب الأخير منه وقال للفقيد: حرام عليك شراؤها، وكان الأولى أن تدفع ثمنها للشعب الفلسطيني! فما كان من الشيخ مغنية إلاّ أن أجاب: الحرام ما حرمه الله، وأنا بهذه الصحف أعرف من هم أعداء الشعوب والإنسانية وأطلع على أخبار الفلسطينيين ومدى وعيهم وصمودهم وتضحياتهم، وأطلع على حركات التحرر في كل مكان وأشاركها آمالها وأقول كلمة الحق بقلمي ولساني، وأنا على بصيرة منه..).
    • آثاره:
    ترك العلامة الفقيد ثروة فكرية ضخمة.. تمثلت في هذا النتاج الغزير الذي تناول فيه شتى مناحي المعرفة. وهناك من الكتب التي ألفها رحمه الله ما اشتهرت شهرة كبيرة، وانتشرت على نطاق واسع. وقد بلغ عدد مؤلفاته 61 كتاباً عدا آلاف المقالات التي كتبها خلال سني حياته المليئة بالعطاء والإثراء والإثارة. وفيما يلي قائمة بمؤلفاته:

    1ـ المرآة.

    2ـ الكميت.

    3ـ الأحكام الشرعية للمحاكم الجعفرية.

    4ـ التضحية.

    5ـ من زوايا الأدب.

    6ـ الوضع الحاضر في جبل عامل (وهو أول كتاب نشر للمؤلف).

    7ـ الفصول الشرعية.

    8ـ مع الشيعة الإمامية.

    9ـ الإثنا عشرية وأهل البيت (ونشرت الكتب الثلاثة الأخيرة في مجلد واحد باسم الشيعة في الميزان) .

    10ـ أهل البيت.

    11ـ الشيعة والحاكمون.

    12ـ الإسلام والحياة.

    13ـ الله والعقل.

    14ـ شبهات الملحدين.

    15ـ النبوة والعقل.

    16ـ الآخرة والعقل.

    17ـ المهدي والمنتظر والعقل.

    18ـ إمامة علي والعقل.

    19ـ علي والقرآن.

    20ـ الحسين والقرآن.

    21ـ مفاهيم إنسانية في كلمات الإمام الصادق.

    22ـ بين الله والإنسان.

    23ـ الإثنا عشرية (ونشرت الكتب الأحد عشر الأخيرة في مجلد واحد باسم عقليات إسلامية).

    24ـ مذاهب ومصطلحات فلسفية.

    25ـ الفقه على المذاهب الخمسة (قسم العبادات).

    26ـ الحج على المذاهب الخمسة.

    27ـ الزواج والطلاق على المذاهب الخمسة.

    28ـ الوصايا والمواريث على المذاهب الخمسة.

    29ـ الوقف على المذاهب الخمسة.

    ونشرت هذه الكتب الخمسة الأخيرة في مجلد واحد باسم الفقه على المذاهب الخمسة.

    30ـ قيم أخلاقية في فقه الإمام الصادق.

    31ـ فضائل الإمام علي.

    32ـ دولة الشيعة.

    33ـ علي والفلسفة.

    34ـ معالم الفلسفة.

    35ـ نظرات في التصوف.

    36ـ فلسفة المبدأ والمعاد.

    37ـ فلسفة التوحيد والولاية.

    38ـ الإسلام بنظرة عصرية (ونشرت هذه الكتب الستة الأخيرة في مجلد واحد باسم فلسفات إسلامية).

    39ـ المجالس الحسينية.

    40ـ مع بطلة كربلاء و(نشر الكتابان الأخيران في مجلد واحد باسم الحسين وبطلة كربلاء).

    41ـ مع علماء النجف.

    42ـ هذه هي الوهابية.

    43ـ من هنا وهناك.

    44ـ الوجودية والغثيان.

    45ـ فقه الإمام الصادق (ثلاثة مجلدات).

    46ـ التفسير الكاشف (سبع مجلدات).

    47ـ في ظلال نهج البلاغة (أربعة مجلدات).

    48ـ فلسفة الأخلاق في الإسلام.

    49ـ علم أُصول الفقه في ثوبه الجديد.

    50ـ أُصول الإثبات في الفقه الجعفري.

    51ـ التفسير المبين (على هامش القرآن الكريم).

    52ـ تفسير الصحيفة السجادية.

    53ـ من ذا وذاك.

    54ـ صفحات لوقت الفراغ.

    55ـ تجارب محمد جواد مغنية بقلمه.

    56ـ نفحات محمدية.

    57ـ من آثار أهل البيت.

    58ـ دليل الموالي للنبي وآله.

    59ـ من وحي الإسلام.

    60ـ إسرائيليات.

    61ـ المختصر الجامع في فقه جعفر الصادق (ولم يكتمل الكتاب بسبب وفاة المؤلف تغمده الله برحمته الواسعة).

    وبعد :

    هذا هو محمد جواد مغنية.. وهذه هي آثاره .. انعم به من شاهد على العصر .. واكرم به من مدافع عن الإسلام.
    نسأل الله التوفيق على نقل الموضوع

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: September-2010
    الدولة: اين ما وجد الحزن
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 785 المواضيع: 90
    التقييم: 73
    مزاجي: حزين
    المهنة: طالب جامعي
    آخر نشاط: 9/July/2017
    الاتصال: إرسال رسالة عبر AIM إلى ملك الطيب
    مقالات المدونة: 11
    شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااا تسلم

    لقد عرفتنا ...بشخصيه لمن نكن نعلم من هي قبل ذلك ..فلك الاجر والثواب

  3. #3
    من أهل الدار
    العقابي
    تاريخ التسجيل: May-2010
    الدولة: في بيتي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,092 المواضيع: 220
    صوتيات: 18 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 404
    مزاجي: الحمد لله أولا وآخرا
    المهنة: كلشي و كلاشي
    أكلتي المفضلة: زرازير شوي
    موبايلي: هواوي
    آخر نشاط: 15/July/2020
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى علاء إرسال رسالة عبر Yahoo إلى علاء
    مقالات المدونة: 8
    السلام عليكم و رحمة الله
    أخي الكريم ...لك مني أفضل تحية و الشكر يكون من الله على هكذا جهد و ليس مني
    لقد وقفت على أحد أبواب العلم و المعرفة ..كان هناك فرصة لي لأطالع بعض مؤلفات هذا العالم العامل
    فكانت كتب تحاكي العقل ...( الله و العقل , امامة علي و العقل , النبوة و العقل ..الخ من مؤلفاته الرائعة).

    فهذا العالم رحمه الله من العلماء العاملين المجاهدين ...اللهم ألحقنا بالصالحين .

    شكري المستديم لك اخي الكريم

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: العراق بلد الانبياء
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,846 المواضيع: 443
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 883
    مزاجي: متفائل
    المهنة: معلم جامعي
    أكلتي المفضلة: الحلويات
    موبايلي: صيني
    آخر نشاط: 31/August/2022
    الاتصال:
    اخ فائز اشكرك من كل قلبي على هذا المجهود الرائع جميل ما اخترت من شخصية علمية دينية تمثلت في العالم محمد جواد مغنية
    رحمه الله تحياتي لك

  5. #5
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,209 المواضيع: 396
    التقييم: 420
    مزاجي: متفائل
    المهنة: خريج كلية التربية قسم التاريخ والآن طالب
    موبايلي: Galaxy Duos
    آخر نشاط: 25/February/2021
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى امير النحل
    مقالات المدونة: 19
    شكرا اخي الفائز نورتنا بذكر احد علمائنا الاعلام

  6. #6
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: البصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 27,178 المواضيع: 3,882
    صوتيات: 103 سوالف عراقية: 65
    التقييم: 5826
    مزاجي: هادئة
    أكلتي المفضلة: مسوية رجيم
    موبايلي: Iphon 6 plus
    آخر نشاط: 5/August/2024
    مقالات المدونة: 77
    كتاب الله والعقل كان ولازل له الاثر في قلبي وعقلي
    شكرا لك اخي العزي على هذا الاختيار الجميل
    تحياتي وتقديري وتقيمي البسيط

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال