حيوانات التجارب تحت مظلة الحماية
الفئران أكثر الحيوانات خضوعا للتجارب العلمية
الضوابط العلمية والقانونيةالبحث عن بدائلمؤيدون ومعارضون"حيوانات التجارب" مسألة تحمل وجهين في التعامل معها، فهي من جهة تعود بالفائدة على العلم والبشرية، ومن جهة أخرى تعد استغلالا لكائنات حية يتم إخضاعها لتجارب قد تضرها أو تودي بحياتها، الأمر الذي دعا إلى رصد الضوابط العلمية والقانونية الدولية التي تحكم استخدام الحيوانات في التجارب والأبحاث العلمية ومدى الالتزام بها.ويتراوح عدد الحيوانات المنتمية إلى فصيلة الفقاريات والمستخدمة في الاختبارات العلمية سنويا ما بين 50 و100 مليون حيوان، فضلا عن اللافقاريات التي لا توجد إحصاءات موثقة بأعدادها.وتعد الفئران والأرانب من أكثر الحيوانات استخداما في التجارب والأبحاث العلمية نظرا لصغرها ورخصها وسهولة تربيتها وتكاثرها، بالإضافة إلى الكلاب والقطط والقرود وبعض الطيور والخنازير والأسماك والخيول والحشرات وعدد من الزواحف والأبقار.ومعظم هذه الحيوانات يتم تربيتها خصيصا لهذا الغرض ومنها ما يتم صيده من الغابات أو شراؤه من التجار الذين يحصلون عليها من المزادات أو ملاجئ الحيوانات.أما أكثر المجالات استفادة من مثل هذه التجارب فهي صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل والمنظفات والدهانات والمبيدات الحشرية، التي يتم اختبار منتجاتها على الحيوان أولا قبل طرحها في الأسواق للاستخدام البشري. كما يستفاد منها أيضا في الأبحاث الجينية والدراسات السلوكية ورصد التطور البيولوجي. هذا غير استخدام الحيوانات في معرفة أسباب الإصابة ببعض الأمراض وطرق علاجها.ومن أشهر حالات التجارب على الحيوان، استنساخ النعجة دوللي فى عام 1997 من أنسجة مأخوذة من خروف، والتي أجراها معهد روزالين باسكتلندا.الضوابط العلمية والقانونيةتختلف ضوابط التجارب من دولة إلى أخرى ومن فصيل حيواني إلى آخر. وكان مجلس المنظمات الدولية للأبحاث الطبية التابع لمنظمة الصحة العالمية أصدر فى عام 1984 مبادئ توجيهية دولية للأبحاث الطبية البيولوجية التي تشمل الحيوانات. ووضعت الدول المتقدمة إطارا تنظيميا أشمل.وفى الولايات المتحدة الأمريكية، تطالب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بتجربة المنتجات الجديدة على الحيوانات. وتستبعد معظم القوانين المتعلقة بالحيوان تلك التى يجرى عليها التجارب.كما تنظم التجارب في الولايات المتحدة بـ3 طرق:أولا: قانون رعاية الحيوان (AWA)، وهو القانون الفيدرالي الوحيد الذي يحدد معايير أساسية لرعاية ومعاملة الحيوانات في المعامل، لكنه يستبعد الفئران والطيور المستخدمة في أغراض بحثية والتي تمثل 95 % من حيوانات التجارب. ويلزم القانون المعامل بالإخطار عن عدد الحيوانات المستخدمة في الأبحاث. كما يفرض على كل مؤسسة أن يكون لديها لجنة استخدام وحماية الحيوانات (IACUC)، وعلى الباحثين التشاور مع الأطباء البيطريين فى المؤسسه التي يعملون بها ومع هذه اللجنة بشأن أي تجارب يعتزمون إجراءها على الحيوان، وتقوم اللجان بمراجعة لتحديد ما إذا كان استخدام الحيوانات مضمونا أم لا، وتقوم أيضا بمراجعة البروتوكولات لرؤية ما إذا كان يمكن تقليل استخدام الحيوانات أو استبدالها بهدف تقليل معاناتها.ووفقا لبنود قانون الحيوان وأدلة المعاهد الوطنية للصحة لاستخدام ورعاية حيوانات المعامل، يمكن القيام بأي إجراء على الحيوانات بشرط وجود مبرر علمي. وعلى اللجنه التأكد من دراسة الباحثين للبدائل الأخرى المتعلقة بعدم استخدام الحيوانات والبحث عن البدائل وتقديم تقرير للجنه بشأن نتيجة البحث. وإذا لم يتم العثور على البدائل، على الباحثين توفير وصف مكتوب لتاريخ بحثهم وقواعد البيانات المستخدمة في البحث. كما يتم إعطاء حيوانات التجارب دواء ضد الألم إذا لم يؤثر على التجربة.ثانيا: مكتب حماية حيوانات المعامل، والذي يقوم بتفعيل المعايير المحددة، كما يقوم بالتفتيش في حالة وقوع انتهاكات، ومن سلطة المكتب وقف التمويل الفيدرالي في حالة ثبوت الانتهاك.ثالثا: معظم الشركات الكبرى والجامعات تحصل على اعتماد من اتحاد تقييم رعاية حيوانات المعمل، وهو اتحاد غير حكومي ولا يهدف للربح، يتسم بالمعايير الدقيقة للغاية، ولكن الحصول على اعتمادها تطوعي.ويعمل النظام بالاعتماد على التقييم الذاتي ومراجعة النظراء. كما يقوم الاتحاد بالتفتيش مرة كل 3 سنوات. وتتمثل العقوبة الصادرة عنه في سحب شهادة الاعتماد، ما يؤثر على قدرة المؤسسة على اجتذاب العمل والتمويل.وفي المملكة المتحدة، تم تنظيم استخدام الحيوانات لأغراض علمية بقانون عام 1986، يشترط الحصول على 3 تراخيص، الأول للباحث المشرف على التجربة ويحدد فيه عدد الحيوانات المستخدمة وأنواعها وتفاصيل التجربة وهدفها، والثاني للهيئة التي ستقوم بالتجربة فعليها أن تثبت أن لديها المعامل الملائمة والمتخصصين الأكفاء، والترخيص الثالث شخصي لكل باحث وفني.ووزارة الداخلية البريطانية هي المسئولة عن النظر في الطلبات المقدمة من الشركات للحصول على تراخيص، وعلى ممثل الشركة إظهار أن الآثار الجانبية المحتمل تعرض الحيوان لها قليلة مقارنة بالفوائد التي تعود جراء المشاركة فى التجربة. ويتم منح التراخيص فى حالة إثبات عدم وجود أي بديل لاستخدام الحيوان يمكنه تحقيق النتائج المرجوة.كما يشترط استخدام أقل عدد ممكن من الحيوانات في التجربة، وعلى الباحثين استخدام الحيوانات التي لديها مستويات منخفضة من الحساسية للألم، بالإضافة إلى محاولة تقليل الألم الذي يعانيه الحيوان إلى أقل حد، وذلك قد يعني استخدام مسكنات للألم ومخدر.وتعد بريطانيا الدولة الوحيدة التي تدقق في كل طلب وتقوم بتحليل التكاليف والفوائد، ولديها مشرفون ومراقبون متخصصون ومدربون يقومون بالتفتيش على المعامل للتأكد من التزامها بالقانون. وهناك أيضا فنيون يزورون المعامل للتأكد من أن الحيوانات تحظى بالرعاية الحسنة والمناسبة لمتطلبات المشروع الذي نال الترخيص، ولذلك يتم تدريبهم تدريبا مكثفا، ويجب أن ينجحوا في اختبار لمعلوماتهم عن رعاية الحيوان.من جهة أخرى، يعلق ترخيص الشركة التي يثبت عدم التزامها باللوائح لفترة محددة أو يسحب ترخيصها إذا ثبت إساءتها للحيوانات.وعلى كل المعامل التي تمنح رخصة تنفيذ التجارب على الحيوان الالتزام بميثاق ينص على حد أدنى من المعايير، تتمثل في العناية بالحيوان، وتوفير الرعاية الصحية والبيئة الملائمة له، وتقليص إنتاج عدد فائض من الحيوانات، وقتلهم بطريقة رحيمة.البحث عن بدائل
قرد صغير داخل أنبوب الاختبار هذا وقد انخفض عدد التجارب على الحيوان إلى النصف خلال الـ30 عاما الماضية بفضل التوصل إلى تقنيات بحثية حديثة، مثل استخدام نماذج الكمبيوتر لتجربة أدوية الحمى على خلايا الدم البشري بدلا من استخدام الأرانب، ووضع معايير صارمة تحظر استخدام الحيوانات عند توافر تقنية بحثية بديلة صالحة.وتجرى الآن ثورة في هذا المجال قد تقي ملايين الحيوانات من العذاب والقتل، حيث أصدر مجلس الأبحاث القومي الأمريكي تقريرا يدعو إلى اختبار سمية المواد باستخدام أساليب تعتمد على الخلايا التي توضح المراحل الأولى من التسمم في جسم الإنسان. وأعلنت 3 هيئات في الحكومة الفيدرالية أنها مستعدة لتنفيذ رؤية المجلس، ومن المتوقع أن يتحقق ذلك خلال 10 سنوات.كما يعول العلماء كثيرا على الخلايا الجذعية الجنينية التي ستلعب دورا مهما في وضع حد للتجارب على الحيوان، فقد أعلنت مجموعة من العلماء في بريطانيا كيفية استخدامها في تخليق خلايا قلب الإنسان، ما يوفر الوقت والجهد بإعطاء المريض دواء خطأ يؤثر على الحيوان دون الإنسان، كما أنها تساعد في تطوير أدوية أفضل، وتنبه إلى السلامة في وقت مبكر.ويبرز دور الخلايا الجذعية الجنينية أكثر في تطوير دواء ما، والذي يعتبر عملية معقدة وطويلة، فضلا عما يتطلبه من سنوات وتكلفة تصل إلى حوالي مليار دولار، ويتطلب قبل طرحه إجراء الكثير من الاختبارات على مركباته الكيميائية للتأكد من أنها غير سامة قبل تجربته على الحيوان.كما يجري الآن تنمية أنسجة من خلايا يتبرع بها أشخاص داخل المعامل لاستخدامها بدلا من الحيوانات. وتعد طريقة هندسة الأنسجة أكثر تكنولوجيا مستخدمة في وقف تجارب الحيوان تعقيدا.ويحتاج التحول إلى لبدائل سنوات من البحث والتجارب لطمأنة المستخدمين والجهات المنظمة لصناعة الدواء أن نتائج هذه البدائل تتمتع بنفس دقة التجارب على الحيوان أو أنها أكثر دقة.وفى بعض الحالات تم استبدال الحيوان بالإنسان، عن طريق متطوعين يتم إعطاؤهم جرعة صغيرة للغاية من الدواء بحيث لا تسبب آثارا جانبية خطيرة.وتسعى هذه الأساليب كافة إلى استبدال الحيوانات في تجارب محددة ببديل، وهو ما يمثل الحل المثالي أو تقليل استخدام الحيوان أو تعديل التجارب للتخفيف من معاناة الحيوانات. وتعكف عدد من الجامعات على محاولة تحقيق هذه الأهداف.وكانت أوروبا هي نقطة البداية في الاهتمام بالبدائل، حيث أن تشريعها المتعلق بمستحضرات التجميل هو المحرك الرئيسي لتلك الجهود، فالتشريع يدعو إلى البدء في حظر الترويج لمستحضرات التجميل المجربة على الحيوان بحلول عام 2013. كما يقوم المركز الأوروبي للمصادقة على الطرق البديلة بتمويل وتنسيق جهود تطوير هذه الأساليب.جهود إيجاد بدائل تنبع أساسا من تراكم الضغوط التي تمارسها منظمات حقوق الحيوان، فقد باتت هذه القضية كابوسا يؤرق الشركات، حيث يتضمن مواجهات مع الناشطين في هذا المجال وردود فعل سلبية من المستهلكين.وقد سعت هذه المنظمات إلى تصديق الدول على إعلان عالمي لحقوق الحيوان تصدره الأمم المتحدة. كما تدعو إلى مقاطعة الشركات التي تقوم بالتجارب على الحيوان. وتشجع شراء منتجات الشركات التي لا تجري هذه الأبحاث، حيث تم وضع علامة على هذه المنتجات تمثل أرنبا يقفز حتى يتمكن المستهلكون من التعرف على المنتجات التى لم يتم تجربتها على الحيوان.مؤيدون ومعارضونومع كل هذه الجهود لا يزال العالم منقسما إلى فريقين، الأول مؤيد لاستخدام الحيوانات في معامل الاختبارات العلمية، مبرر ذلك بأن معظم الإنجازات العلميه في القرن الـ20 اعتمدت بطريقه ما على الحيوانات، مؤكدين أن أكثر الكمبيوترات تطورا لا تستطيع محاكاة التفاعلات بين الخلايا والأنسجة والجزيئات والأعضاء والكائنات الحية، ما يوجب الاعتماد على الحيوانات في مثل هذه الأبحاث. كما يشير الفريق المؤيد إلى أن استخدام الحيوان ساعد في تطوير أدوية وعلاجات تقلل من معاناة الإنسان ومن خلال هذه التجارب والأبحاث تم التوصل إلى علاج للعديد من الأمراض. ويرى البعض أنه من المسموح قتل الحيوان من أجل إنقاذ حياة الإنسان، طالما أن الحيوانات تلقى معاملة إنسانية وأخلاقية.أما الفريق الآخر فهو المعارض لاستغلال الحيوانات في الاختبارات المعملية سواء على المستوى الأخلاقي أو العلمي، واصفا ذلك بأنه أمر وحشي، فالحيوانات كائنات حيه قادرة على الإحساس بالألم والخوف والحزن. ويذهب البعض إلى أن حرمان الحيوان من حرياته في التعبير عن غرائزه الطبيعية وإلحاق الألم به باسم العلم أمر غير مقبول وضد حقوق الحيوان. كما ينظرون إلى احتمال تعرض هذه الحيوانات لتجارب قاتلة، أو قد تصيبها بأمراض أو يتم حرقها أوتجويعها أو حتى مجرد إزعاجها. الأمر الذي يرفضه هذا الفريق بشكل تام.ورغم ذلك فإن التقدم العلمي لن يتوقف وستستمر التجارب والاختبارات خاصة مع أبحاث الهندسة الوراثية التي من المتوقع أن تؤدي إلى المزيد من مثل هذه الاختبارات التي لا سبيل لها غير استخدام الحيوان.
تجارب على الدجاج لبحث علاج لأمراض القلب عند البشر