يطمح العلماء أن تساعد نتائج دراسة زلازل المريخ على تحقيق فهم أعمق لتركيب الكوكب الأحمر الداخلي، لأن موجاتها تنعكس في طبقاته فتتأثر بها في حين تمر إلى أجهزة القياس على مركبة "إنسايت".
منطقة ""فالس مارينيرز" من أكبر التضاريس حجما على المريخ تبدو من الفضاء كأنها شرخ عميق (ناسا)
تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة "بريستول" (University of Bristol) البريطانية من الكشف عن حدثين زلزاليين على سطح المريخ، هما الأقوى حتى الآن، بفارق 5 أضعاف عن الرقم القياسي السابق، الأمر الذي يمكن أن يسهم في تحقيق فهم أفضل لطبقات الكوكب الأحمر الداخلية.
وحسب الدراسة، التي نشرت في 22 أبريل/نيسان الماضي بدورية "ذا سيزميك ريكورد" (The Seismic Record)، فقد استخدم الباحثون مقياس كشف الزلازل (السيزميوجراف) الموجود على متن المركبة "إنسايت" التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا"، وقد بدأت عملها على سطح المريخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
استهدفت "إنسايت" دراسة العمليات الجيولوجية التي شكلت الكواكب الصخرية للنظام الشمسي خلال 4 ملايين سنة الماضية، وتستخدم كوكب المريخ كنموذج رئيس لهذه الدراسة، وكانت صاحبة الفضل في أول رصد على الإطلاق للزلازل المريخية عام 2019.
إنسايت استهدفت دراسة العمليات الجيولوجية التي شكلت الكواكب الصخرية (ناسا)
الأكبر حتى الآن
وجاء في بيان صحفي نشرته الجمعية الأميركية لعلوم الزلازل (Seismological Society of America)، المشاركة بالدراسة، أن الزلزال الأول سمي "إس0976 إيه" (S0976a) وهو الأقوى إلى الآن بمقياس 4.2 ريختر وقد حدث في 25 من أغسطس/آب 2021، أما الزلزال الثاني فقد سمي "إس 1000 إيه" (S1000a) وقد حدث بعد الأول بـ24 يوما وبلغت قوته 4.1 ريختر.
وكلا الزلزالين حدث في منطقة "فالس مارينيرز" (Valles Marineris)، وهي مجموعة من الوديان والأخاديد العملاقة على سطح كوكب المريخ، تقع على طول خط استواء الكوكب تقريبا، طول هذه المنطقة يتجاوز 4 آلاف كيلومتر وعرضها يساوي نحو 200 كيلومتر، أما عمقها فيبلغ 7 كيلومترات.
وتعدّ "فالس مارينيرز" في مجملها من أكبر التضاريس حجما في المجموعة الشمسية ككل، وهي سمة رئيسة لصور المريخ، حيث تبدو من الفضاء كأنها شرخ عميق في جسم الكوكب!
وكانت دراسات سابقة في عام 2012 قد أشارت إلى أن "فالس مارينيرز" هي صدع نشط، أي صدع من المُرجح أن يكون موقع زلازل مستقبلية، ثم جاء كل من "إس0976 إيه" و"إس 1000 إيه" ليكونا أول دليل على صحة تلك الفرضية.
وحسب الدراسة الجديدة، فإن الزلزال الثاني "إس 1000 إيه" تحديدا يعدّ إضافة فريدة من نوعها للبحث العلمي في هذا النطاق، فقد سجل أطول مدة معروفة، حيث دام أكثر من 94 دقيقة متوالية.
إلى جانب ذلك، فقد سجل هذا الزلزال نوعا مختلفا من الموجات الزلزالية التي تمر بنواة الكوكب (سميت موجات بيف Pdiff waves) وهذه هي المرة الأولى التي تُلتقط على سطح المريخ.
موجات زلازل المريخ تنعكس في طبقات الكوكب فتتأثر بها في حين تمر إلى أجهزة القياس على مركبة إنسايت (الصحافة الأجنبية)
زلازل المريخ
وبوجه عام فإن السبب الرئيس لحدوث الزلازل على الأرض هو تحركات الصفائح التكتونية، التي تحتك من حين إلى آخر ببعضها ويتمزق ما بينها، وعلى قدر هذا التمزق تكون قوة الزلزال. والصفائح التكتونية هي طبقات القشرة الأرضية العليا التي يبلغ سمكها نحو 100 كيلومتر إلى 150 كيلومترا، وتتحرك على نحو بطيء ودائم.
وعلى المريخ لا توجد حركة للصفائح التكتونية، إلا أن هناك أسبابا أخرى يمكن أن تدفع إلى حدوث زلازل على سطحه، لكن ليس بقوة ومعدلات الزلازل الأرضية، مثل التشققات التي تحدث في الكوكب بسبب انكماشه الطفيف الناتج عن البرودة، أو سقوط النيازك الضخمة، أو صعود الصهّارة (الماجما) الساخنة من نواة الكوكب والضغط على سطحه من الأسفل.
ويطمح العلماء أن تساعد نتائج دراسة الزلازل المريخية على تحقيق فهم أعمق لتركيب الكوكب الأحمر الداخلي، لأن موجاتها تنعكس في طبقات الكوكب فتتأثر بها في حين تمر إلى أجهزة القياس على المركبة "إنسايت".