العطاء متعة البخلاء منها محرومون!
عدّوا على أصابعكم، أقلّ من عشرة ليال ويأتي العيد، تفننوا في العطاء: عيديَّة للأطفال، هدايا لمن تحبون، صدقات للفقراء والمحتاجين، توسعة على العيال، جمعيَّات خيريَّة، سوف تكونون في قمَّة السعادة والرَّاحة النفسيَّة، ولا تنسون أنفسكم من العطاء! أمَّا من لا يملك المال يعطي الحبّ والكلمةَ الطيِّبة والابتسامة، كل ذلك صدقة فيها أجر.
يُنعش الأغنياءُ الفقراءَ واجبًا واستحبابًا في كلّ وقت. أحد أنماطِ العطاء الواجب زكاة الفطر عند المسلمين في نهاية شهر رمضان، ديننا يحثنا على العطاء وثقافتنا وتاريخنا مليء بحكايا العطاءِ والكرم. لكن التجارب الاجتماعيَّة أيضًا تقول أن المعطي يَسعد بالعطاءِ والإيثار؟
يفرح المحتاجُ لأن النَّاس يعطونه ويعينونه على شح الرزقِ وآلامِ الحياة وينقذونه من ورطةِ الفقر. أما المُعطي فتحصل له سعادة غامرة، وبحسب الدراسات يشعر من يعطي الآخرين بسعادة تفوق سعادته بصرفِ المال وإنفاقه على نفسه. راقبوا أحوالكم عندما تهبون أو تهدون أحدًا شيئًا!
بالفعل، توصلت نتائج دراسة أمريكيَّة إلى أنّ إنفاق المال على الآخرين يجلب شعورًا بالسعادة يفوق سعادة وبهجة الإنفاق على ملذَّات النفس. أجريت هذه الدراسة على شرائح اجتماعيَّة، بعضهم أنفق المالَ على نفسه وآخرين أنفقوه على غيرهم، وخلصت إلى أن الإنفاق على الغير يبعث على السعادة أكثر بكثير من الأنانيَّة والإنفاق على النفس.
المال يصنع السعادةَ عندما نشاركه غيرنا والدّين يحث وينصح: تهادوا تحابوا، وسّعوا على عيالكم، ”خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم وتزكيهم بها“. أنماط عدة من العطاء، كلها ينابيع سعادة تجتمع قبيل حلول يوم العيد. ينابيع تزرع البهجةَ في المحتاج وتخلق من العطاءِ حالةً من السمو وسعادةً أكبر عند المعطي!
نتيجة قال عنها الإمامُ علي بن أبي طالب : ”مسرّة الكرام في بذلِ العطاء، ومسرة اللئام في سوءِ الجزاء“. وأيضًا ”لذة الكرام في الإطعام، ولذة اللئامِ في الطعام“، وهو الذي كان الإنفاق عنده لذَّة وشهوةً وطاعة. عن حبيب بن أبي ثابت: جاء إلى أمير المؤمنين عسلٌ وتين من همدان وحلوان، فأمر العرفاءَ أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوسِ الأزقاق يلعقونها وهو يقسمها للنَّاس قدحًا قدحًا، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما لهم يلعقونها؟ فقال: إن الإمام أبو اليتامى، وإنما ألعقتهم هذا برعاية الآباء.
العطاء يجلب السعادةَ للمؤمن وغيره في الدنيا. أما المؤمن فيتسع رزقه، ويطول عمره، ويبارك الله له في كل شيء، ويضاعف له الأجر أضعافًا من النعيم الذي لا يزول يوم القيامة ”يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون“.
حقًّا، العطاء متعة لا يذوق طعمها البخلاء، يعيشون فقراء ويموتون فقراء!