غوغل يحتفل بنزيهة سليم.. فنانة عراقية هادئة وحياة فنية صاخبة
شاركت نزيهة سليم في العديد من الحركات التجريبية، وتظهر في لوحاتها التغيرات التي تحدث في حياة المرأة تبعا للأحداث الاجتماعية والسياسية.
إحدى لوحات الفنانة العراقية نزيهة سليم (مواقع التواصل)
وسام السيد
يحتفل محرك البحث "غوغل" اليوم الموافق 23 أبريل/نيسان بالفنانة التشكيلية العراقية نزيهة سليم من خلال رسوم الشعار المبتكرة "دودل" (Google Doodle)، وهي من أكثر الفنانين تأثيرا في مشهد الفن العراقي المعاصر؛ تصوّر أعمالها النساء الريفيات العراقيات وحياة الفلاحين من خلال ضربات فرشاة جريئة وقوية وألوان زاهية.
الصورة التي استعملها غوغل للاحتفال هي دمج للوحتين من لوحات نزيهة سليم: اللوحة الأولى بورتريه شخصي للفنانة، أما اللوحة الثانية فتمثل امرأة عراقية ريفية ضمن مجموعة الريفيات اللواتي رسمتهن نزيهة سليم في لوحات مختلفة.
غوغل دمج بين بورتريه شخصي لنزيهة سليم وامرأة عراقية ضمن مجموعة الريفيات اللواتي رسمتهن نزيهة في لوحات مختلفة (غوغل)
البدايات الأولى
ولدت نزيهة سليم عام 1927 في إسطنبول لأبوين عراقيين من الموصل، وكان والدها وقت ولادتها ضابطا في الجيش العثماني المتمركز في تركيا، ثم عادت مع عائلتها إلى بغداد في عشرينيات القرن الماضي.
الفنانة العراقية نزيهة سليم (مواقع التواصل الاجتماعي)
برعت والدة نزيهة سليم في فنون التطريز اليدوي، كما اشتغل أشقاؤها الثلاثة بالفنون المختلفة بمن فيهم النحات العراقي جواد سليم الذي يعدّ أحد أهم نحّاتي العراق المعاصرين، ورشيد سليم رسام الكاريكاتير السياسي، والفنانة سعاد سليم رسامة ومصممة شعار الجمهورية العراقية.
استمتعت نزيهة سليم بصنع فنونها الخاصة منذ سن مبكرة، والتحقت بمعهد الفنون الجميلة في بغداد حيث درست الرسم وتخرجت بتقدير ممتاز، وكانت واحدة من أوائل النساء اللواتي حصلن على منحة دراسية لمواصلة تعلم الفنون في المدرسة الوطنية العليا للفنون في باريس.
سنوات الدراسة والعودة
تخصصت نزيهة سليم أثناء وجودها في باريس في الرسم الجداري، وقضت سنوات عدة بعد التخرج منغمسة في حياة الفن ومجتمعات الثقافة الفنية، لكنها عادت في نهاية الأمر للتدريس في معهد الفنون الجميلة في بغداد وظلت تدرس فيه حتى سن التقاعد.
كانت نزيهة سليم من الأعضاء المؤسسين لمجتمع الفنانين الرواد وهو مجتمع من الفنانين الذين درسوا في الخارج ودمجوا تقنيات الفن الأوروبي مع الجماليات العراقية التراثية. لم تعمل نزيهة سليم في الفن فنانة فقط، بل كان لها دور كبير في التاريخ للحركة الفنية العراقية، فقد ألفت عام 1977 كتابا بعنوان "الفن العراقي المعاصر" يعدّ مرجعا مهما لتطور حركة الفن الحديث في العراق.
حياة المرأة العراقية في لوحات
تدور موضوعات لوحات نزيهة سليم حول تمثيلات المرأة والأسرة، وحياة النساء الريفيات العراقيات وتطورها، كما شاركت في العديد من الحركات التجريبية، وتظهر في لوحاتها التغيرات التي تحدث في حياة المرأة تبعا للأحداث الاجتماعية والسياسية، ولهذا تعدّ نزيهة سليم ممن أسهموا في انفتاح الحياة الثقافية والسياسية في العراق.
موضوعات لوحات نزيهة سليم تدور حول تمثيلات المرأة والأسرة (مواقع التواصل)
حياة هادئة بلا تدخلات
تنتمي نزيهة سليم إلى الجيل القديم الذي عاش حياته من دون انخراط في وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك عاشت حياة هادئة جعلتنا لا نعرف كثيرا عن تفاصيلها الشخصية أو الزوجية وإذا كانت قد كونت عائلة وأنجبت أطفالا، وهو ما يعدّ أمرا غريبا في هذه الأيام التي أصبحت فيها الحياة الشخصية لأغلب الفنانين والمشاهير معروضة للجميع.
أصيبت نزيهة سليم بجلطة دماغية عام 2003 تسبّبت لها بالشلل، عاشت بعدها 5 سنوات وتوفيت عام 2008 عن عمر ناهز 81 عاما في بغداد. عدّها جلال الطالباني رئيس العراق السادس أول امرأة عراقية رسخت ركائز الفن المعاصر وذكر أن وفاتها خسارة كبيرة للفن والثقافة العراقية.