هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخ، وكنيته أبو العلاء، ولد فى معرة النعمان و نسب إليها. أصيب بالجدرى وهو فى الرابعة من عمره فكف بصره. و كان يقول : لا أعرف من الالوان إلا الأحمر لأنى ألبست فى الجدرى ثوباً معصفراً.
تعلم اللغة على أبيه و نظم الشعر باكراً، ودرس أشعار العرب و سمع أخبارهم. ثم رحل إلى طرابلس و اللاذقية و عاد بزاد من العلم جديد.
ثم قصد بغداد طالباً للشهرة و أستزادة من العلم، وكانت شهرته قد سبقته، فلقى الترحاب فى البدء و حضر مجالس العلم و الأدب. ولكن ما لقيه فيما بعد من إهانات، وخاصة فى مجالس الشريف المرتضى، جعله يترك بغداد، فقفل راجعاً إلى المعرة، يحثه على ذلك نعى أمه الذى وافاه وهو فى طريق العودة.
لزم المعر بيته و سمى نفسه " رهين المحبسين " للزومه منزله و فقدانه بصره. وقضى فى عزلته أربعين سنة، و أقتصر طعامه على النبات و العدس و التين، وهو فى خلال ذلك يؤلف و ينظم الشعر.
وقد توفى المعرى سنة 410 هــ ( 1057 م)، وكان قد أوصى بأن يكتب على قبره :
هذا جـنـــــــاه أبى على
ومـــأ جنيت على أحد
لأبى العلاء ثلاثة داواوين شعرية " لزوم ما يلزم " و " سقط الزند " و " الدرعيات "، وله مؤلفات نثرية أشهرها " رسالة الغفران "، وهى عبارة عن رسالة نقدية وضعها بطريقة غريبة. وقد نالت شهرة عالية و ترجمت إلى عدة لغات.
و المعر صرف الشعر عن الخيال إلى الحقيقة، إذ جعله مسرحاً للنظر فى الطبيعة و التفكير فى الخلق. و له آراء خاصة فى الدين و الطبيعة و البشر، وهى أراء مبنية على التشاؤم و السخط على الدنيا و سوء الظن بالناس، حتى أطلق على شعره أسم " الليل العلائى "، ذلك أن عاهة العمى التى أبتلى بها كان لها الأثر الأكبر على تفكيره. وشعره كثير التكلف و الغريب، وهذا ما جعل ف كثير منه غموضاً و جفافاً.