أنتهى عهد ملوك الطوائف فى الأندلس و المغرب فى القرن الخامس الهجرى ( الحادى عشر للميلاد ) بقيام دولة المرابطين التى قضت على الدويلات و ضمتها إليها. و يرجع المرابطون فى أصلهم إلى قبيلة لمتونه البربرية من صنهاجة فى المغرب. وقد سموا الملثمين أيضاً لأنهم كانوا يربون لثاماً على وجوههم. أما مؤسس تلك الدولة فهو يحيى بن إبراهيم من صنهاجة الذى قصد مكة و أدى فريضة الحج وعاد ليصلح قبيلته، فالدولة بدأت إذاَ حركة دينية. ثم دعا يحي بن إبراهيم الفقيه عبد الله ابن ياسين ( أو يس ) ليلقن قبيلته أصول الدين، فأنشأ عبد الله رباطاً ( مربطاً ) جعله مكاناً للصلاة و العلم، فأمه الناس بكثرة، فسموا بالمرابطين. و بعد وفاة يحيى أستقر عبد الله عند اللمتونيين حيث أنقاد له أميرهم يحيى بن عمر، ثم راح عبد الله يتصل بقبائل مصمودة و سواها فتبعوه، وقد مات عبد الله بعدما أكمل رسالته.
ولما توفى يحيى بن عمر خلفه أخوه أبو بكر عمرر فبايعته قبائل لمتونة و مصمودة وزناته، ثم خضعت له مدن أغمات و سلجمانة، و سيطر على القسم الأكبر من المغرب.
يوسف بن تاشفين :
هو يوسف بن تشافين بن ترجوت بن منصور الصنهاجى، وكنيته أبو يعقوب. تسلم الحكم بالنيابة عن أبن عمه الذى قصد الصحراء للقاء على الأضطرابات فيها و قمع العصاة.
و أول ما قام به يوسف هو بناء مدينة مراكش و تحصينها ( 454 هــ / 1062 م) و أعانته القبائل فى عمله. ثم تزوج زينب النفزاوية التى كانت غنية و صاحبة تدبير.
وقد تحرك يوسف بن ناشفين بعسكر جرار إلى بعض المناطق العاصية فدوخ ما مر عليه من القبائل و دخلت كلها فى طاعته و فتح فاس و طنجة و سبتة. ثم
" صنع الأمير يوسف دار السكة بعاصمته مراكش و ضرب دارهم مدورة "، كما دون الدواوين ورتب الأجناد و أطاعته البلاد. ولما عاد أبن عمه أبو بكر و رأى ما تحقق فى غيابه، تنازل له عن الإمارة.
أمير المسلمين :
فى سنة 466 هــ / 1074 م " أجتمع شيوخ القبائل على الأمير أبى يعقوب يوسف أبن تاشفين، وقالوا له : أنت خليفة الله فى المغرب. وحقك أكبر من أن تدعى بالأمير إلا بأمير المؤمنين. فقال لهم : حاشا الله أن أتسمى بهذا الأسم، إنما يتسمى به الخلفاء "، و أنا رجل الخليفة العباسى و القائم بدعوته فى بلاد المغرب.
فقالوا : إذن أنت أمير المسلمين ". وقد قبل أبن تاشفين بهذا اللقب، و أمر الكتاب أن يكتبوه بهذا الأسم.
أجتياح الأندلس :
فى هذه الأثناء كانت بلاد الأندلس، لضعف ملوك الطوائف فيها، نهبة الفرنجة. فقد ظهر المغامر الأسبانى السيد الكنبيطور و هاجم سرقطة ثم حاصر بلنسية و دخلها. و ألقى الرعب فى قلوب ملوك الطوائف. كما أن ألفونس السادس ملك قشتالة بدأ فتح الأندلس، فقد أثخن فى المسلمين و أخضع ممالكهم و بلغ جزيرة طريف قرب قادس، و أدخل قوائم جواد فى البحر و قال ك هذا أخر بلاد الأندلس قد وطنته.
عندئذ أستعان مسلمو الأندلس، و على رأسئهم المعتمد بن عباد، بيوسف بن تاشفين الذى جهز جيشه و أجتاز بحر الزقاق ( مضيق جبل طارق ) و أتى " الجزيرة الخضراء " حيث وافاه ملوك الطوائف بالعدد و العدة. ولما علم ألفونس بالأمر أرتد عن سرقسطة التى كان يحاصرها و توجه للقاء أبن تاشفين، فدارت بين الفريقين معركة الزلاقة ( 479 هــ / 1086 م ) التى أنتهت بهزيمة ملك قشتالة و تبديد جيشه.
وبعد الاكرام على يد المعتمد عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب مكللاً بغار الأنتصار. ثم أستعاد الفرنجة نشاطهم، فأستصرخ ملوك الطوائف أبن تاشفين ثانية، فأرسل قائده سيد بن أبى بكر ( وقيل بل نزل أبن تاشفين نفسه ) فدخل غازياً العرب و الأسبان على حد سواء.
ففتح مرسية و دانية، فأخضع الولاة و الأمراء و تعقب الأسبان. ولم يبق سوى المعتمد الذى أبى الأستسلام، فدافع عن أشبيلية حتى وقع فى الأسر و أقتيد إل أغمات قرب مراكش حيث مات.
مات يوسف بن تاشفين سنة 500 هــ ( 1106 م ) بعدما أستأسد على الملوك، فأنتقلت إمارة المرابطين إلى ولده على الذى أقام فى مراكش و أناب عنه فى الأندلس أخاه تميماً.
كان ابن تاشفين خائفاً لربه كتوماً لسره، كثير الدعاء، مقبلاً على الصلاة، قليل المعرفة بالعربية ... أكثر عقابه الأعتقال الطويل إلا من أنتزى وشق العصا، فالسيف أحسم لأنتشار الداء ... كان يفضل الفقهاء و يقضى على نفسه بفتياهم ... ولع بالأختصار فى ملابسه.