لا مكان للذوق الآسن في شهر رضان
هذه الثلاثون يومًا التي نعيشها من أجمل أيام السّنة بلا منازع وقد أشار إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: “لو علمتم ما في رمضان من خير لتمنيتم أن تكون السنة كلّها رمضان”.
لذلك كان من الواجب علينا أن نتخطى كلّ ما هو سيئ من قول أو عمل. نَقطع عهدًا مع أنفسنا بأن نبتعد فيه عن الذوق الآسن والكلمة النابية التي تجرح قُدسيّة هذا الشهر الكريم قبل أن تؤذي الآخرين.
لقد بكى الرسول الكريم عندما سأله الإمام علي عليه السلام: ما أفضل الأعمال في هذا الشهر الفضيل؟ قال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله ثم بكى الرسول، قال له الإمام ما يبكيك يارسول الله ؟ فقال: أبكي لما يُستحلّ منك في هذا الشهر. والله إنها لدماء عظيمة سُكبت في هذا الشهر الفضيل!
إن لشهر رمضان فضلًا كبيرًا على بقية شهور السنة فهو أكبر بكثير من أن تنقضي أيامه في النوم أو في اللهو واللعب. فالابتعاد عن رسالة الصيام الحقيقية جريمة فادحة يقترفها الإنسان في حقّ نفسه لأن شهر رمضان فرصة لا تتكرر، وقد يكون شهر رمضان هذا هو الأخير لكثير من الناس، كما هو شأن شهر رمضان هذا العام فقد لاح هلاله ولم يشهده الكثير الذين تواروا في قبورهم. (يحلّ ويعود على طويل العمر).
إنّ صيامنا للشهر الكريم ما هو إلّا ترجمان للصفاء النفسي الذي يتغلغل في أعماقنا ويظهر بلسان صادق نزيه، وما أحاديثنا الرمضانية إلا مقاطع جميلة تلتزم قافية الحبّ لمن حولنا.
إنّ الصيام في الشهر الكريم هو إتقان فنّ إخراج صور جميلة لسلوكنا وسائر التعاملات الاجتماعية.
إنّه إلهام الفطرة السويّة في السير نحو طرق الصلاح وفلترة القلوب مما علق بها من شوائب الحداثة التي سادت المجتمع وشكّلت هيكلًا جديدًا ابتعد عن الروحانية العظمى التي يهدف إليها الشهر الفضيل.
حقّا أنّ نوم الصائم عبادة، وأنفاسه وصمته تسبيح وتهليل وتكبير لله تعالى، في حين أنّ نوم المجاهر بالفساد في شهر رمضان نقمة وفجور، وعمله مردود، ولا يستجيب الله دعاءه، يقول الله تعالى: {وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} [الرعد: 14]
أيّها الصائم:
أحسنتَ لنفسكَ كثيرًا بالتساؤل هل يكون شهر رمضان مثل الدائرة التي تحوي نقطة تصلح أن تكون بداية جميلة ونهاية كانت مؤسفة لوّثت بها صفحة حياتك؟ بلا شك سوف يُعيدها شهر رمضان سيرتها الأولى البيضاء.