هذا هو أكثر الاكتشافات استثناء من بين جميع الاكتشافات التي تمت في منطقة "كم كم" جنوب شرقي المغرب على الحدود الجزائرية.
يتميز سبينوصور بذيل طويل يتكون من أشواك عصبية طويلة على شكل زعنفة كبيرة
في كشف علمي جديد، توصل فريق بحث دولي إلى اكتشاف حفريات أول جمجمة لديناصور مائي في العالم في منطقة "كم كم " (جنوب شرقي المغرب)، يطلق عليه اسم "سبينوصورس إيجيبتياكوس" (Spinosaurus aegyptiacus)، عاش في العصر الطباشيري منذ 100 مليون سنة، ونشرت نتائج الدراسة في دورية "نيتشر" (Nature) بتاريخ 23 مارس/آذار الماضي.
تكون فريق البحث من علماء حفريات من جامعة بورتسموث في إنجلترا، ومتحف التاريخ الطبيعي في إيطاليا، وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجامعة ديترويت ميرسي بالولايات المتحدة الأميركية.
وقال سمير زهري عضو الفريق من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء -للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- بشأن جديد هذه الدراسة "لقد أظهرنا عادات مائية لدى الديناصورات السبينوصورية، مرتبطة بزيادة ملحوظة في كثافة العظام، تبين أن السبينوصورات متخصصون في الأحياء المائية مع تفاوت بيئي مدهش، بما في ذلك سلوك البحث عن العلف تحت الماء من قبل السبينوصور".
اكتشاف استثنائي
وفق البيان الصحفي -غير المنشور- الصادر من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي حصلت عليه الجزيرة نت من الباحث سمير زهري، فإن هذا الاكتشاف هو الأكثر استثناء من بين جميع الاكتشافات التي تمت في منطقة "كم كم"، وذلك خلال أكثر من 10 سنوات من التحقيقات حول الهيكل العظمي الجزئي للسبينوصور، حيث كشفت الدراسات المتتالية للعظام الأحفورية لهذا الديناصور الغامض عن أنه أكثر تفردا مما كان يعتقد سابقا.
ويشير سمير زهري إلى أنه "من المدهش معرفة أن هذه الحيوانات الأسطورية يمكنها السباحة أيضا، ولهذا فعامة الناس -وخاصة الشباب- مفتونون بالديناصورات".
ويتمتع الديناصور المكتشف (سبينوصور) بالقدرة على الصيد والعيش في الماء، كما يتميز بذيل طويل يتكون من أشواك عصبية طويلة، على شكل زعنفة كبيرة مرنة تتموج بمرونة وتساعد على السباحة.
تم اكتشاف حفريات أول جمجمة لديناصور مائي في العالم في منطقة "كم كم" جنوبي المغرب
تكيف مع الحياة المائية
يقول سمير زهري في هذا الصدد "تنهي هذه الدراسة جدلا كبيرا حول العادات المائية لدى بعض الديناصورات، ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى صعوبة تحديد التكيفات التشريحية الواضحة في الحيوانات المنقرضة".
ويضيف سمير أنه في نتائج الدراسة "لقد أثبتنا أن العلاقة بين كثافة العظام والبيئات المائية الموجودة توفر استنتاجا موثوقا للعادات المائية في الأنواع المنقرضة، وهذا يجعل من الممكن تحديد التعديلات التشريحية التي لا لبس فيها للعادات المائية في الحيوانات المنقرضة، بما في ذلك الديناصورات".
واجه فريق البحث في الدراسة الجديدة كثيرا من التحديات والصعوبات، حيث قارنت هذه الدراسة المقاطع العرضية لعظم الفخذ والضلوع لـ250 نوعا من الحيوانات الحية والمنقرضة بما في ذلك الفقمة، والحيتان، والفيلة، وطيور البطريق، وأفراس النهر، والتماسيح، والفئران، والطيور الطنانة، والموساسور، والبليزوصورات.
وأظهرت نتائج هذا البحث بشكل قاطع أن الديناصورات المغربية -وبدرجة أقل من الأنواع الأخرى من السبينوصورات، بما في ذلك "سشوميموس" (Suchomimus) و"باريونيكس" (Baryonix) على وجه الخصوص- كان لديها عظام كثيفة سمحت لها بالغطس للصيد.
ينتمي فريق البحث إلى جامعات ومتاحف بريطانية وإيطالية وأميركية فضلا عن المغربية
دراسات سابقة
حسب البيان الصحفي، اكتشف عالم الحفريات الألماني إرنست سترومر (Ernest Stromer) هذا الديناصور الغريب لأول مرة منذ أكثر من قرن (عام 1915) بطرح فرضية أن هذا الحيوان يتحرك بشكل مستقيم على أطرافه الخلفية.
لكن حفريات سبينوصور تعرضت للتدمير في "متحف ميونخ للأحياء القديمة" في عام 1944 بقصف الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.
وبعد قرن من الزمان، نشرت أول دراسة علمية في مجلة "ساينس" (Science) سنة 2014، وفي عام 2020 تم اكتشاف جزء من هيكل عظمي عبارة عن ذيل على شكل زعنفة يبلغ طوله 8 أمتار في موقع زريكات بالقرب من مدينة أرفود (جنوب شرقي المغرب)، ونشرت نتائج الدراسة في دورية "نيتشر" (Nature)، حسب البيان الصحفي.
وبعد ذلك جاءت الدراسة الحديثة لتثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن هذا الديناصور كان يسبح ويصطاد تحت الماء، حيث وجدت الدراسة كثافة عظام سبينوصور وسلوك البحث عن الطعام في الأحياء المائية.
قارن الفريق المقاطع العرضية لعظم الفخذ والضلوع لـ250 نوعا من الحيوانات الحية والمنقرضة
وتم تمويل هذه الدراسة العلمية من برنامج "هورايزون 2020" (Horizon 2020) للبحث والابتكار التابع للاتحاد الأوروبي، ومن طرف الجمعية الجغرافية الوطنية بالإضافة إلى مصادر تمويل أخرى، حسب سمير زهري.
ورغم الدراسات العلمية التي تم إجراؤها حتى الآن (دراسات 2014 و2020 و2022)، فإن سمير زهري يقول -في ختام حديثه للجزيرة نت- "بالتأكيد سيستمر البحث، ونخطط للعودة قريبًا للبحث عن حفريات أخرى".