العباسيون أول من أقام حدائق الحيوانات
قال باحث ومؤرخ عراقي إن العباسيين هم أول من أنشأ حدائق الحيوانات, وإن ذلك تم منذ وقت مبكر من تاريخ الدولة العباسية.
وذكر يعقوب أفرام منصور في بحث له أن وجود حدائق الحيوانات في العواصم والمدن الكبرى, هو أحد المظاهر الحضارية في بعض الأقطار في مطلع القرن العشرين وأنها أيضا كانت من مظاهر الحضارة في العصر العباسي، مؤكدا أن طائفة من المصادر التاريخية والأدبية مثل العقد الفريد والفخري تفيدنا بأن الخليفة أبا جعفر المنصور عني بجمع الفيلة في زمانه، وأن الخليفة هارون الرشيد كانت له أقفاص للأسود والنمور.
كما أن عددا من الخلفاء عني بتخصيص محل فسيح لإيواء بعض الحيوانات الكاسرة والداجنة قرب قصره, وكان يطلق على المحل "حير الوحش أو الوحوش", وهو بستان فسيح يضم صنوفا من الحيوانات في حظائر لدراسة أخلاقها وعاداتها والتفرج عليها.
وذكر المؤرخ منصور أن الباحث الكبير إنستاس ماري الكرملي أحد أبرز اللغويين والموسوعيين والمؤرخين العرب في القرنين التاسع عشر والعشرين, ذكر في كتابه المخطوط "حشو اللوزينج" أن العرب سبقوا الأمم المتمدنة إلى اتخاذ الحظائر لحبس الوحوش والحيوانات فيها.
وكان الخليفة الأمين ولوعا بجمع أصناف الحيوان والغريب من أنواع السمك، وكان كثير التردد على "حير الوحش". ولما صار الأمر إلى المأمون وانتقل إلى القصر المعلوم الجعفري المطل على دجلة في الجانب الشرقي من بغداد الزاهرة في أيامه, اقتطع مساحة من البرية خصصها لتشمل ميدانا لركض الخيل واللعب بالصوالجة و"حير الوحوش", وفتح له بابا شرقيا إلى جانب البرية وأجرى نهرا صغيرا فيه.
ويذكر الباحث منصور أنه عندما قدم موفدو ملك الروم قسطنطين السابع إلى الخليفة المقتدر بالله (350 هجرية – 917م)، شاهدوا في جملة ما شاهدوه من عظمة بغداد "حير الوحش". ومما خلب ألبابهم أربعة فيلة وخمسون أسدا يمينا, وخمسون أسدا شمالا, وزرافة, وفهود, وأنواع من الوحوش.
ومن حدائق الحيوان المشهورة لغير الخلفاء حديقة الوزير ابن مقلة التي حوت مختلف أنواع الحيوانات، ثم بستان ابن بسام الذي ضم "حيرا للغزلان" و"حظيرة للقماري". أما بستان الخليفة القاهر بالله فكان بفسحة "جريب", أي فدانا, جمع في صحنه صنوفا من الأطيار القماري والدباسي والشمارير والببغاوات، وكلها جلبت من الممالك والأمصار.
ولما آلت الخلافة إلى الراضي بالله ازداد شغفه بذلك الموضوع. وأوردت الأخبار تفاصيل الإنفاق على "الحير" بدار الخلافة العباسية وأرزاق العاملين فيه وأثمان الطعام وتكاليف العلاج للجوارح والعلف والشعير وغيره لسائر الأصناف، حسبما جاء في مصادر مثل "المنتظم" لابن الجوزي و"تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء" للهلال الصابئي و"تجارب الأمم" لمسكويه.
المصدر : قدس برس