الأسنان (تسوس ـ)
تسوس الأسنان dental caries هو تخرب يصيب نسج السن الصلبة بدءاً من طبقة الميناء enamel ثم يصل إلى طبقة العاج محدثاً حفرة قد تزداد اتساعاً وعمقاً لتصل إلى اللب الذي يحتوي الأوعية الدموية والأعصاب.
يرتبط حدوث التسوس بمشاركة ثلاثة عوامل أساسية هي: الجراثيم والسكريات (الكاربوهيدرات) ووجود الأسنان ذوات الاستعداد للإصابة بالتسوس بمرور الزمن.
1ـ الجراثيم: تتوضع على سطوح الأسنان طبقة عضوية رقيقة تدعى اللويحة الجرثومية bacterial plaque تتألف من طبقات كثيفة ومتراصة من الجراثيم ومنتجاتها والخلايا والبقايا الطعامية، وهي ذات طبيعة سكرية بروتينية لا تنحل باللعاب ولا تزول بغسلها بالماء بل تحتاج إلى فرشاة الأسنان لإزالتها.
تتكون اللويحة الجرثومية على مرحلتين:
المرحلة الأولى: وتبدأ بعد 30 دقيقة من تنظيف الأسنان إذ يفرز اللعاب مواد سكرية بروتينية تلتصق بسطح السن وتكون غشاء رقيقاً غير جرثومي يدعى الجليدة أو القشيرة pellicle وهو غير قابل للانحلال ولا يرى بالعين المجردة.
المرحلة الثانية: تأخذ الجراثيم، في غضون ساعة، وخاصة المكورات العقدية الإيجابية الغرام gram positive Streptococcus منها بالتوضع على الجليدة ثم تأخذ أنواع أخرى من الجراثيم بالتراكم تدريجياً في3 - 8 ساعات. وتضم العقديات: العقديات الدموية S.sanguis والعقديات الطافرة S.mutans التي يزداد وجودها في اللويحة الجرثومية لدى تناول السكريات (السكاروز) باستمرار عن طريق الغذاء، ويعزى للعقديات الطافرة قيامها بدور أساسي في بدء حدوث التسوس إذ تقوم باستقلاب السكاروز مكوّنةً حموضاً ومواد لاصقة من نوع متعدد السكريد كالدكستران. وتوجد أيضاً العقديات اللعابيةS.salivarious والشعيات اللزجة viscous Actinomyces.
وتأخذ أنواع أخرى من الجراثيم في 24 ساعة من بدء تكوّن اللويحة بالتوضع عليها مثل العقديات اللاهوائية السلبية الغرام والعصيات اللبنية Lactobacillus، وفي 3-7 أيام التالية تتراكم أحياء مجهرية أخرى مثل الحليزونيات Spirilla والعصيات المغزلية Fusiform Bacilli والملتويات Spirochetaceae والألياف وتصبح اللويحة في حالة نضج ويكون لها تأثير ضار على اللثة أيضاً إضافة إلى دورها في إحداث التسوس (الأشكال 1 ،2 ،3)
2 ـ السكريات: تعد السكريات الغذاء الرئيسي للجراثيم وهي تساعد في نموها وتكاثرها. وتقوم الجراثيم عادة بتحويل السكريات إلى حموض مختلفة أهمها حمض اللبن lactic acid، يختزن قسم منها داخل اللويحة الجرثومية ويقوم بحل ميناء السن الذي يؤدي إلى حدوث التسوس البدئي، ويذهب قسم آخر إلى اللعاب. والسكر الأبيض (السكاروز)، أكثر الأنواع ضرراً في حدوث التسوس يليه الفركتوز والمالتوز والغلوكوز.
الشكل (1) الشكل (2) الشكل (3)
يزداد خطر السكاكر لدى تناولها عدة مرات في اليوم بين الوجبات الرئيسية، إذ يؤدي ذلك إلى استمرار تكوّن الحموض الضارة في الفم مما يسهل انحلال ميناء السن وحدوث التسوس. وللمشروبات السكرية الأضرار نفسها التي تحدثها المأكولات السكرية الصلبة.
3 ـ الأسنان: يتأثر حدوث التسوس بشكل الأسنان وتوضعها وتركيبها. فمن ناحية الشكل، تكون الأسنان ذات الشقوق والوهاد العميقة الموجودة على سطوحها أكثر عرضة للإصابة بالتسوس. وإن توضع الأسنان غير المنتظم وتزاحمها في الفم يعيقان توفير التنظيف الكامل لها وإزالة الجراثيم وبقايا الطعام مما يساعد في حدوث التسوس أيضاً. أما من ناحية تركيب السن فيعد الميناء من أقسى نسج جسم الإنسان وهو يتألف من عناصر معدنية بنسبة 96 % وهي الكلسيوم والفوسفات، وعناصر عضوية بنسبة 4 % يدخل فيها البروتين والماء. وهناك عادة تبادل ش اردي متوازن ومستمر بين الميناء واللعاب وفيه تخرج شوارد الكلسيوم والفسفات من الميناء إلى اللعاب (زوال التمعدن demineralization) ثم تعود ثانية إلى الميناء (عودة التمعدن remineralization)، وإن اختلال التوازن في هذه العملية وتغلُّب العوامل المحدثة لإحدى العمليتين على الأخرى يؤدي إلى حدوث التسوس (مثل تناول السكريات باستمرار) أو توقفه بعد الحدوث أو عدم حدوثه مطلقاً (حين تناول الفلوريدات موضعياً على سبيل المثال).
وقد لوحظ أن الأسنان المصابة بنقص التكلس تكون أكثر عرضة للإصابة بالتسوس من غيرها.
ويقوم اللعاب بدور مهم في عملية حدوث التسوس، فقد وجد أن لزوجته الكبيرة عند البعض وجفافه عند البعض الآخر يجعل الأسنان أكثر عرضة للتسوس.
حدوث التسوس وتطوره
تقوم الحموض الناتجة من عملية تخمر السكاكر بحل العناصر المعدنية والعضوية التي تدخل في تركيب ميناء السن فتبدو المنطقة بيضاء طبشورية وذات ملمس خشن. ولدى تزايد إنتاج الحموض وعدم تطبيق الفلوريد الموضعي على الأسنانالذي يقوم عادة بإيقاف تطور التسوس، يتهدم الميناء وتصل الإصابة إلى العاج مشكلة حفرة التسوس التي يمكن ملاحظتها سريرياً ويبدأ الإحساس بالألم لدى التعرض إلى مؤثرات خارجية من سخونة وبرودة أو الضغط أثناء المضغ. عند إهمال معالجة التسوس في هذه المرحلة يزداد التخرب وتصل الإصابة إلى لب السن الذي يصاب بالالتهاب وترافقه موجات حادة من الألم وخاصة في أثناء الليل. إن عدم تطبيق المعالجة الملائمة في هذه المرحلة يؤدي إلى تموت اللب وإصابته بالتعفن وتتكون الخراجات الحادة والمزمنة والآفات الذروية التي تنتهي بقلع السن المصابة.
معالجة تسوس الأسنان
يقوم طبيب الأسنان بإزالة جميع أنسجة السن المتلينة والمصابة بالتسوس بوساطة الأدوات اليدوية وأجهزة حفر الأسنانالدوارة ثم تنظف حفرة التسوس جيداً وبعد ذلك ترمم بمواد حاشية معدنية كالملغم amalgam الذي يتألف من مزيج من الزئبق والفضة والقصدير والنحاس، أو بمواد مرممة بلون الأسنان من نوع الراتنج أو الإسمنت الزجاجي الذي يتميز بالالتصاق الجيد وإطلاق الفلوريد. لدى وصول آفة التسوس إلى لب السن يقوم طبيب الأسنان باستئصاله وحشوه بالمواد الملائمة وإتمام ترميم السن.
الوقاية من تسوس الأسنان
تتضمن إجراءات وقاية الأسنان من التسوس مايلي:
1 ـ حفظ صحة الفم (التصحح الفموي): ويعني ذلك تنظيف الأسنان بطريقة فعالة وإزالة كل التراكمات الجرثومية والبقايا الطعامية باستخدام فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان الذي يحتوي على الفلوريد مرتين يومياً على الأقل، صباحاً ومساءً قبل النوم. ومن الضروري أيضاً تنظيف السطوح بين الأسنان بوساطة الخيط السني أو عيدان الأسنان أو فرش خاصة صغيرة الرأس.
2 ـ ترشيد تناول السكاكر: يجب تناول المأكولات السكرية مع الوجبات الرئيسية فقط وعدم تناولها بكثرة في أثناء اليوم وبين الوجبات. وكذلك يجب تجنب تناول المأكولات السكرية اللصاقة وعدم إطالة بقاء المأكولات السكرية مدد طويلة في الفم. ويمكن أن يستبدل بالسكر الأبيض (السكاروز) مواد سكرية بديلة مثل الكزيليتول والسوربيتول التي تعطي الطعم الحلو نفسه ولكنها أقل ضرراً منه بسبب عدم قدرة الجراثيم على إنتاج الحموض منها.
3 ـ استخدام الفلوريدات Fluorides: الفلوريد هو عنصر هالوجيني يوجد في التربة والنباتات والمياه والخضار واللحوم بنسب متفاوتة، ويزداد وجوده في الشاي والأسماك. وهو يقو م بدور فعال في زيادة مقاومة الأسنان تجاه الإصابة بالتسوس قبل بزوغها وبعد البزوغ، ويكون أكثر فعالية لدى تناوله في مرحلة الطفولة.
يتم تناول الفلوريد عن طريق الفم أو بالتطبيق الموضعي على الأسنان. فعن طريق الفم يضاف إلى مياه الشرب بنسبة جزء واحد بالمليون أو أ قل (بحسب المناخ وكمية المياه المستهلكة) مما يخفض نسبة الإصابة بالتسوس بنسبة 50-60%. أو يضاف إلى ملح الطعام أو الحليب. ويمكن أيضاً تناوله بشكل أقراص أو قطرات. وأما التطبيق الموضعي على الأسنان فيتم في عيادة طبيب الأسنان ويطبق في محلول مائي كثيف أو هلام أو فرنيش مرة كل ستة أشهر، أو يطبق ذاتياً في مضامض فموية في المنزل أو المدرسة أو يستعمل عن طريق معجون الأسنان الذي يعد اليوم من أكثر الطرق الفعالة في الوقاية من التسوس وخاصة لدى الأطفال .
4 ـ تطبيق المواد السادة للشقوق: تحدث غالبية إصابات التسوس في الشقوق الموجودة على السطوح الطاحنة للأضراس. وتعد عملية سد هذه الشقوق بمواد راتنجية أو مواد زجاجية لاصقة من الطرق الفعالة في منع حدوث التسوس في هذه المناطق.