( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) يوسف ۲۴ ، يُثيرُ في النفوس أسئلة كثيرة ، ولِطُول ما سمعناه وما قرأناه في تفسير هذه الآية نودُّ منكم التفصيل في شرحها . الجواب:
أولاً : إن الروايات التي وردت في تفسير الآية القرآنية قالت :
إن همَّ النبي يوسف ( عليه السلام ) بها وهو الهمُّ بالضرب لها على ما قامت به ، أما هَمُّهَا هي به ( عليه السلام ) فهو الهمُّ بالقبيح ، لأنها هي التي راودَتْهُ عن نفسها ، فجاز عليها فعل القبيح .
أما النبي يوسف ( عليه السلام ) فقد رفض واستعصم ، فلا يجوز عليه الهمُّ بالقبيح ، كما ذكرت ذلك الروايات عن الأئمة ( عليهم السلام ) .
إذن ، ( هَمَّ بِهَا ) وإن تَقدَّمَهُ ( قَدْ ) وكانت للتحقيق إلاَّ أن الهمَّ كان بضربها ، ولكنه ( عليه السلام ) لم يفعل ذلك ، بسبَب برهان رَبِّه الذي قد صرفه عن ضربها .
وذلك لأنَّه لو ضرَبَها لتورَّط بالتُّهمة في أنه هو الذي راوَدَها على القبيح ، ولقذَفَتْهُ بالقبيح ، وإنها امتنعت فضربها ، لذلك سيصدِّق الناس ذلك الإدِّعَاء منها لوجود شهادة الضَّرب لها .
ثانياً : فيكون معنى الآية : ( ولقد هَمَّتْ به – بالقبيح – وهمَّ بها – بضربها – ولم يضرب ، بسبب رؤية برهان الربِّ في أنَّ الضرب بغير صالحه ، وبصالحها ) .
وبهذه القراءة والتفسير يبتعد عن يوسف التحرك نحو الغرائز والأهواء نحو المعصية .
ويشهد لهذا التفسير نفس ذيل الآية حيث قالت عن يوسف : ( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) يوسف ۲۴ .
والمُخلَص – بفتح اللاَّم – هو من كانت نفسه طاهرة ، ولم يفكر بالمعصية أصلاً ، بخلاف المُخلِص – بكسر اللاَّم – ، وهو الذي يكون عمله خالصاً لوجه الله تعالى ، ولكن نفسه قد لا تكون خالصة ولا تكون طاهرة .
وحينئذٍ نقول : إن مَنْ كانت نفسه وروحه طاهره ، ولم تفكر بذنب أو معصية كيف ينوي المعصية ، وكيف يهمُّ بها ؟ ، مع أن القرآن يقول أن عباد الله المخلَصين ليس للشيطان عليهم سُلطان .
حيث أن الشيطان بنفسه قد استثنى عباد الله المُخلَصين من إمكانية تأثيره عليهم فقال : ( قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) الحجر : ۴۰ .
وقال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) الحجر : ۴۲ .
المصدر. https://arabic.al-shia.org/%D8%A2%D9...8%D8%B3%D9%81/