بُكرة أو بعد بُكرة يطل علينا هلال شهر رمضان


غدًا أو الذي بعده يطل علينا هلالُ شهر رمضان. شهر نكون فيه ملائكةً في لباس بشر، أخلاقنا جميلة، مساجدنا عامرة، بيوتنا يصدح منها نغماتُ الدعاء والتضرع، شهر كامل، طوبى لنا! اليوم الجمعة أطلَّ علينا أيضًا شهر السعادة، شهر نيسان السرياني، الذي فيه يحيا الإنسان!.
كم تتصورون أن تكون كلفة دورة تدريب قصيرة لدى شركة متخصصة من أجل تحسين أداء الموظف؟ دورة من خمسة أيام تكلف آلاف الريالات! انظروا إلى لطفِ الله حين يعطينا دورةً من شهرٍ كامل لكي نهذب أنفسنا، وهو الله الذي يدفع الثمن لنا، الجنَّة والغفران، أيّ لطفٍ أعظم من لطفِ ربنا؟ وأي كرمٍ أعظم من كرمِ ربنا؟.
بعد انتهاء الدورة، يعطي القائمون عليها امتحانًا للمتقدمين قبل أن يحصلوا علي شهادات بالاستفادة. أما تقييم دورة شهر رمضان؛ فهو أمرٌ متروكٌ لنا، إما نخرج منه خلو الوفاض، ليس من شيء، أو تفيض أوعيتنا ودلاءنا من رحمات الله، فماذا ترون
؟.
{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}، رسل وأنبياء وصحف ودورات تدريب على مدار اللحظة، ثم إذا هو لا ينفك يتبع هواه، وينسى ربه ويتكبر عن طاعته واتباع أوامره! فليس عجيبًا أن يمر علينا رمضانات، ونحضر عشرات الدورات دون أن نرى الطريق، إلا من رحم ربنا!.
أما وقد دنا شهر رمضان مرَّة أخرى ونحن أحياء؛ فعلينا الترحيب به وتخلية النفس لهذا الأستاذ والمدرب والاستفادة منه، وإذا شاء الله نرى الطريق إليه. حقًّا إنه شهر جميل وكل ما فيه جميل! ذلك لأنه شهر ربٍّ جميل، يعطينا دون استحقاق منا! ها هي الأيام مشت أمامنا حتى وقفنا على أبواب شهر رمضان من جديد. وقفنا على بابك، يا رب، ضيوفًا دون زاد، “وقد أوجبتَ لكل ضيفٍ قرى وأنا ضيفك؛ فاجعل قرايَ الليلة الجنَّة، يا وهاب الجنة”.
أعرف أنكم سمعتم وعرفتم كل ما يقال عن شهر رمضان، لكن مرة أخرى روى الإمامُ علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليهِ وآله) خطبنا ذاتَ يوم فقال: أيّها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب… قال أميرُ المؤمنين (عليه السلام) فقمتُ فقلت:
يا رسول الله! ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟
فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزَّ وجلّ.