شهر رمضان المبارك في فرجان لَوَّل

كان لشهر رمضان المبارك في زماننا وفي زمن الأجيال التي سبقتنا له مذاق ونكهة خاصة نشم رائحتها مع تصرم أيام شهر شعبان، حيث مظاهر الفرح والسرور تراها على وجوه الناس وهم يرددون ”جانا شهر رمضان أبو القرع والبيدجان“ بهذه الأهازيج كان الناس في فرجان لَوَّل يستقبلون شهر رمضان المبارك تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم الشهر الكريم.
شهر رمضان المبارك في الماضي كان شهرًا بسيطًا غير مكلفًا كما هو حاصل اليوم، حيث أن الحياة كانت بسيطة والناس متواضعين في حياتهم ومبسوطين، وأتذكر بأن والدي يرحمه الله تعال والكثير من رجال الحي رحم الله الماضين منهم وأطال عمر من بقى كانوا يذهبون إلى السوق لشراء الطحين وأخواته والخضار الخاص بصالونة الثريد، وتقوم الوالدة يرحمها الله بتنظيفه وتقشيره وتجهيزه، ويعد الثريد من الأطباق الرئيسية على مائدة الإفطار التي يحبها الجميع.
يا محلى أيامك ولياليك يا شهر رمضان في ”فرجان لَوَّل“، كنا ننتظرك بلهفة وشوق لأنك شهر الخير نصوم نهارك ونرتاد المساجد نقرأ القرآن الكريم، وفي كل مساء نغتسل في مياه العيون الجميلة التي كانت في مزارعنا، كانت أرضنا خضراء تحيط بنا الأشجار التي تتراقص فوقها الفراشات، نخيلنا تتزين بها بساتيننا ومزارعنا ثمارها يانعة، ونلتقي مع الأصحاب في لياليك التي كنا نتواصل فيها بين بيوت الفريج من خلال دخولنا وخروجنا منها بلا استئذان، نجتمع في ممراتها ونمارس مختلف الألعاب الشعبية مثل: الطير والدحجوه والخشيشوه وغيرها من الألعاب الشعبية في الماضي.
كانت لياليك فيها لنا عادة داخل مجالس الذكر في الحسينيات، وتمثل لنا خلية نابضة بالحياة الحلوة التي تغسل نفوسنا من كل رواسب الحياة، وتمنحنا فرصة حلوة لنعيد الذكريات والابتسامات المفقودة عند جيل اليوم في زمن الإنترنت، حيث أشغلتنا أجهزتنا الذكية بالركض وراء مواقع التواصل الاجتماعي ذات المحتوى الجاف، وضياع أوقاتنا بالسمر والسهر على الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة تبثه المحطات الفضائية في المزارع والاستراحات.
شهر رمضان المبارك اليوم في ظل الفضاء المفتوح للأسف أصبحت فيه نفوسنا تغرق في أوحال ما يروج له شياطين الإنس والجن الذين دخلوا البيوت بلا استئذان وسرقوا منا فضائل الشهر الكريم عبر الشاشات الكبيرة المعلقة على جدران منازلنا، وصارت بيوتنا وديوانياتنا تسهر وتسمر على مشاهدة ما تبثه مختلف الفضائيات من مسلسلات هابطة لا تغني ولا تسمن من جوع، فضاعت أوقاتنا في متاهات ما يتطلع له اللصوص وابتعد الكثير من شباب هذا الجيل عن مجالس الذكر التي تصدح بها أحيائنا وهي خالية!
وفي الختام: وأنتم ترفلون بالصحة والعافية أيامًا قليلة ويحل عليكم شهرًا كريمًا، ويسعدني بأن أهنئكم بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، الذي يحل علينا هذا العام وسط قيود أخف منذوا بدء جائحة كورونا، وأسأل الله تعالى أن يعيننا ويعينكم على صيامه وقيامه، ومبارك عليكم الشهر الكريم
.