من الممكن أن يلجأ الإنسان للعنف من أجل الدفاع عن الذات كحماية للنفس، أو الدفاع عن الممتلكات كردع للظلم. لكنه أحيانا يلجأ للعنف فقط لمحاولة السيطرة وإخضاع الآخر، وهو ما يعرف بالعنف التسلطي، هذا الأخير الذي يكشف لنا عن الشخصية المتسلطة التي تسعى للهيمنة حيث "تمثل الهيمنة بالنسبة لها آلية للأمن الداخلي، فالمتسلط "شخص ضعيف" إذ "يهاجِم خوفا من أن يهاجَم وذلك لأنه يشعر بالضعف والغبن. وتعد النزعة التسلطية والهيمنة بالنسبة للضعفاء تعويضات من الدرجة الأولى"، ف"التقليل من قيمة الآخرين يمنحهم شعورا وهميا بالتفوق والقوة"، من هنا نرى بوضوح أن كل من يهدف ل"السيطرة والتسلط على المرأة وإزعاجها أو إغاظتها" و "توجيه مظاهر العنف نحوها عندما لايستطيع توجيه هذا العنف إلى مصدر العنف الأصلي"، إنما يستخدم العنف هو وأمثاله "لتوكيد وتعزيز الذات أمام أنفسهم وأمام الآخرين" ف"يلجأون إلى هذا السلوك عندما يشعرون بشيء من النقص. ويفسر هذا الوضع على أنه نوع من العلاقة التعويضية بين تقييم الذات المنخفض وبين العنف.") نجد مثالا على ذلك عند بعض الأباء أو الأخوة عندما لايستطيع الواحد منهم "تسليط عنفه نحو مديره في العمل أو الشخص المسنود بالقانون، فيسبب إحباطا لديه ويتوجه نحو أضعف شخص من الممكن أن يتنازل عن حقه ويميل إلى تقبل العصبية العنيفة ضده وهي المرأة كونها ضعيفة"، كذلك عند بعض الأزواج عندما تكون "الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافيا مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج، كردة فعل له يحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو الضرب"، لكن يظل أفضل مثال معبر هم من "يعتقدون أن لهم عليها حق التأديب" وذلك ب"التدخل في شؤونها الخاصة مثل الدخول أو الخروج في أوقات معينة وارتداء ملابس معينة والتدخل بأصدقائها ومراقبة تصرفاتها كلها" و "إجبارها على تقديم الخدمات لكافة أفراد العائلة وضيوفهم" هذا إن لم يتم "الاعتداء على حقها في اختيار الشريك"، "الأفعال التي تؤدي لأن تكره المرأة حياتها ونفسها وأنوثتها مما يؤثر على معنوياتها وثقتها بنفسه).
من أسباب استمرار وتكرار العنف على المرأة، تساهل المرأة نفسها "وذلك بتقبلها له والتسامح والخضوع أو السكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر. وغالبا ما يكون هذا السبب مفعّل عندما لا تجد المرأة المعنفة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها" كذلك العجز عن "المطالبة بحقوقها الإنسانية والعمل لتفعيل وتنامي دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي" أو "خوفا من الطلاق، أو خوفا على الأبناء، أو خوفا من نظرة المجتمع لمن تقوم بالتبليغ عن زوجها" هذا بالنسبة للمتزوجة. فيبقى أمامها حل وحيد يلزمها أن تعرفه، وهو رفضها لأي فعل عدواني كطريقة في معاملتها "لأن أية معارضة تضع(المتسلط) أمام عدم يقينه وضعفه فمحاولة المتسلط أن يخفي ضعفه بادعاء القوة، تبوء بالفشل لمعرفته أن ضعفه صار واضحا للآخر، الأمر الذي يهدم اعتقاده المزيف عن نفسه ما يمكن أن يسبب له انهيارا عصبيا في بعض الأحيان. فصمت المرأة على حقها المهضوم معناه أن " الحق لا يُعْطى لمن يَسْكت عنه"().
نجد كذلك أن المرأة تتعرض للعنف من طرف بنات جنسها، كالحماة المتسلطة التي تمارس عنفا معنويا على زوجة الإبن بسبب تعلقها المرضي بابنها وخوفها من فقدان اهتمامه بها، ربما كانتقام لاواعي منها لأخدها لها مكانتها الخاصة عنده. كذلك العنف الجسدي التي تتعرض له الخادمة من طرف مشغلتها المعاقة فكريا، التي تسعى لتفريغ توترها الناجم عن مشاكل أسرية أو ضغوطات اقتصادية فلا تجد أمامها إلا هذه الخادمة. هذا دون الحديث عن المضايقات التي يمكن أن تتعرض لها المرأة في الأماكن التي تجمعها بغريبة أطوار تكره كل من تتفوق عليها جماليا. -