ماذا يفعل التجَّار بجزءٍ صغير من أرباح شهر رمضان؟!
التجارة مهنة جميلة، فيها مخاطر كبيرة، وفيها أيضًا أرباح كبيرة! بعملية حسابيَّة بسيطة للتاجر: الربح يساوي ثمن البيع منقوصًا منه ثمن الشراء وتكلفة البيع. تكلفة البيع هي مجموع ما يتحمله التاجر من - أنواع - المدفوعات المترتبة على عمليات البيع والشراء والنقل ورواتب الموظفين، وغيرها، وهي كثيرة أيضًا!
شهر رمضان مبارك على الجميع، التاجر وغير التاجر، فإذا ازدادت مبيعات التاجر ازداد ربحه. وبنظرةٍ سريعة نكتشف أن شهوتنا للتسوق تزداد في شهرِ رمضان، الأكل والشرب والملابس والأثاث والأجهزة الكهربائية، وغير ذلك من الحاجات المستهلكة سريعًا والدائمة!
بعض التجار يوزعون هدايا لمن يفوز بها بالقرعة، وبعضهم يعطي جوائز عينيَّة بسيطة للزبائن، كل تاجر وكرمه! وبعضهم ينفق سرًّا أموالًا طائلة بينه وبين ربه. مع ذلك يمكنهم عمل المزيد الذي يجلب لهم الأرباح الماديَّة والثواب من الله!
إخلاص الزبون الذي يتسوق على مدار العام من متجرٍ واحد، لأن المتجر يوظف شبانًا وشابات مخلصين برواتب مجزية، ويحرص على رعاية وتجميل ونظافة محيط متجره، يجب أن لا يزهد فيه التاجر، زبون واحد ثم اثنان ثم ألف! الدعاية مهمة للتاجر، ويدفع من أجلها مبالغ ضخمة، مع ذلك أنجحها وأرخصها كلمة الزبون المخلص الذي يقول: فلان - التاجر - اشتروا منه.
في المجتمع مشاريع عديدة يمكن للتاجر أن يساهم فيها وتعود عليه بالسمعة الطيِّبة، ثم يزداد ربحه. هكذا تكبر المؤسسات التجارية عندما تعطي جزءًا ولو صغيرًا من أرباحها لمشاريع المجتمع، أو لشريحة منه. الفوز بجائزة فرديَّة وإن كانت كبيرة - عند من فاز بها - هي فرحة فوريَّة عند شخصٍ واحد، ولا تصنع أرباحًا كبيرة!
قوم تعاونوا ما ذلوا، صاحب عمارة يساهم في تخفيض إيجار شهر رمضان، بائع الأكل يعطي تشكيلة منه لعوائل محتاجة، بائع الأجهزة يساهم بأجهزة وإن بسيطة، بائع أثاث يجهز جزءًا من سكن شاب! بعض المساهمات من نوع ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى? مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ، أقساط ميسرة دون زيادة، التاجر أيضًا لا بد أن يغطي تكلفة العمل ويربح، ويعيد جزءًا من الأرباح في تطوير مؤسسته وخدماته!
نصح الإمامُ عليّ التجار فقال: ”يا معشر التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتخافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا * «وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض»“. كيف يتقرب التجار من المبتاعين؟ إلا بالمنفعة المتبادلة!
والنصيحة الثانية رويت عن رسولِ الله صلى اللهُ عليه وآله للتجار: ”التاجر الجبان محروم والتاجر الجسور مرزوق“. هل يخسر الشجاع في مساهمة مجتمعه جزءًا صغيرًا من تعبه وكده؟! لا يخسر، ولو علم التاجر الصدوق الأمين ما يُعطى من الله من جزاء، ما ترك مهنة التجارة