2013-2-March
سوف يلبس ثوب الكاهن الأبيض ولن يغادر الفاتيكان
حياة بنديكتوس السادس بعد الاستقالة: بابا فخري بحذاء جديد
بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان السابق
أ. ف. ب. الفاتيكان
لا يريد بابا الفاتيكان المستقيل أن يؤسس مركزا بديلا للمؤمنين غير الراضين عن أي بابا في المستقبل، لذلك قرر أن يبقى في الفاتيكان ولن يعود إلى ألمانيا ولقبه الرسمي سيكون البابا الفخري، وسيلبس ثوب الكاهن الأبيض، ويتم استبدال حذائه الأحمر بآخر جديد.
حضر البابا بنديكتوس السادس عشر اجتماعاً مع الكرادلة خلال حفل وداع في قاعة كليمنتين في قصر الفاتيكان الرسولي في 28 فبراير، 2013 في مدينة الفاتيكان.
وفي مشهد عاطفي مؤثر، أطل من أعلى شرفة منزله الموقت في كاستيل غاندولفو، ليصبح أول بابا في 600 سنة يتخلى عن لقبه، ويترك الفاتيكان من دون قائد روحي، فيما تستعد كلية الكرادلة لانتخاب البابا الجديد.
واحتشد المتفرجون أمام الشرفة يطلقون الهتافات ويذرفون الدموع لرحيل بنديكتوس السادس عشر الذي وصف نفسه بـ "مجرد حاج" يعود إلى حياته الخاصة.
وأعلن بنديكتوس السادس عشر تنحيه عن الكرسي الرسولي وهو في الخامسة والثمانين من العمر، ليكون أول بابا يستقيل منذ القرون الوسطى، متعهداً أن يظهر "طاعة واحتراماً غير مشروطين" لخليفته في الكرسي الرسولي.
تعود آخر استقالة طوعية للبابا إلى القرون الوسطى وتحديداً إلى العام 1294 عندما استقال البابا سيليستان الخامس بعد أشهر قليلة على تولّيه السدة البابوية احتجاجاً على الفساد المستشري حينها.
وخاطب بنديكتوس السادس عشر الكرادلة قائلاً "بينكم يوجد أيضاً البابا القادم الذي أعد بأن أظهر له طاعة واحتراماً غير مشروطين" ثم ودّع مساعديه، قبل أن تنقله مروحية إلى دير في قرية كاستيل غوندولفو المقر الصيفي للبابوات، والتي لا تبعد كثيراً عن الفاتيكان، حيث سيقضي نحو شهرين، ريثما يختار الكرادلة خليفته.
بعد مغادرته مقره الموقت في الفاتيكان، توجه البابا إلى الدير الذي سيمضي فيه سنواته الأخيرة، حيث تم نقل البيانو الخاص به وكتبه المفضلة، على أن تبقى الهدايا التي تلقاها في الفاتيكان والتي من الأرجح أنه لن يفتقدها مثل لوحات رائعة من عصر النهضة، وهدايا من رؤساء الدول والكرادلة الذين زاروا جميع أنحاء العالم، وغيرها من الملفات والوثائق.
البابا بنديكتوس السادس عشر أراد أن يتقاعد قبل تسلّمه منصبه، لكن تعيينه من قبل الكرادلة جعله يغيّر خطته. ولم يمض وقت طويل حتى عدل رأيه مجدداً وأعلن استقالته لأسباب صحية، فيما تقول الشائعات إن التنافس داخل الكنيسة دفع البابا إلى الرحيل.
لكن البابا أجرى بعض التعديلات على خطته الرئيسة للتقاعد، فهو لن يعود إلى دياره إلى ألمانيا، بل سيستمر في العيش في الفاتيكان. ويقول العديد من المحللين إن هذا القرار هو نتيجة لعدم رغبته في إنشاء "مركز بديل" للمؤمنين غير الراضين عن أي بابا في المستقبل.
لكن هذا القرار أثار مجموعة من القضايا غير المسبوقة في الكنيسة الكاثوليكية، فمجرد الاستقالة من واحدة من أكثر وظائف العالم أهمية ليست قرارًا سهلاً.
الفاتيكان لا تزال تتصارع مع عواقب استقالة بنديكتوس السادس عشر وتداعياتها التي لم تسبر أغوارها بعد. وفي حين أن قانون الكنيسة البابوية يعتبر استقالة البابا احتمالا ممكنا، إلا أن لا أحد يبدو مستعداً لهذه القضية.
لقد غير البابا بنديكتوس عدة أمور بالفعل، فالاجتماع السري لانتخاب خليفته - الذي ينعقد عادة بعد 15 يوماً من نهاية عهد البابا - سيكون الآن قادراً على البدء في أقرب وقت ما إن يصل جميع الكرادلة الناخبين الى روما.
وأصدر البابا أيضاً قراراً بفرض عقوبات أشد على أولئك الذين كسروا اليمين السرية، بما في ذلك طرد المخطئ، حتى إذا كان كاردينالاً.
يوم الثلاثاء، تم حل عدد قليل آخر من تفاصيل ما بعد استقالة البابا، فلقبه الرسمي سيكون البابا الفخري، وسيلبس ثوب الكاهن الأبيض، ويتم استبدال حذائه الأحمر بآخر مريح من ليون في المكسيك. لكن تبقى مسألة أخرى عالقة تتعلق ببروتوكولات المناسبات والاحتفالات: كيف سيتم تنظيم الطقوس الرسمية وكيف سيحضر البابا المستقيل مع خلفه وبأي صفة؟ قد تبدو مثل هذه الأمور بسيطة أو إجرائية، لكنها تحمل الكثير من الأهمية الروحية والرمزية.
إضافة إلى ذلك، لا يزال الكرسي الرسولي في مواجهة تقارير الفضيحة التي ابتليت بها في الأيام الأخيرة من حكم بنديكتوس السادس عشر الذي اتسمت حبريته بمواضيع جدلية عدة خصوصاً بشأن رفعه الحرم الكنسي عن أسقف تجديدي لكن أيضاً بسبب فضائح التحرش الجنسي بأطفال من جانب كهنة وحمايتهم أحياناً من جانب رؤسائهم الروحيين.
مؤخراً، كشفت فضيحة الوثائق الفاتيكانية المسرّبة والتي عرفت بـ"فاتيليكس"، مواضع خلل إضافية في الكرسي الرسولي، في حين تحدثت الصحافة في الآونة الأخيرة عن وجود مفترض لما سمي بـ"لوبي لمثليي الجنس" في الفاتيكان.
ويشار إلى أن البابا بنديكتوس السادس عشر سيستمر في العيش مع أربع نساء كرسن حياتهن للعمل على خدمته اثناء حبريته. ووفقاً لصحيفة (لا ستامبا) الايطالية، سيتلقى البابا راتباً متواضعاً – يبلغ 3300 $ شهرياً - تمنح عادة للأساقفة المتقاعدين، لكن من غير المرجح أن يحتاجها لأن الفاتيكان سيستمر
بنديكتوس السادس عشر بابا متشدد ولاهوتي ملك جرأة الاستقالة
أ. ف. ب. الفاتيكان
البابا بنديكتوس السادس عشر الذي حيته جموع في آخر يوم من حبريته قبل استقالته غدا الخميس، سيذكره العالم كحبر اعظم عالم في اللاهوت ومتحفظ ودقيق يحرص على توضيح رسالة الايمان الكاثوليكي وحازم ازاء انقسامات وفضائح غير مسبوقة.
والبابا الالماني الذي اتخذ القرار التاريخي بالاستقالة، هو اول حبر اعظم يقرر بملء حريته الاستقالة خلال سبعة قرون. وقد اعلن في 11 شباط/فبراير ان قواه الجسدية لم تعد تساعده على القيام بمهماته في مواجهة تحديات يواجهها عالم مضطرب.
وهذا المفكر المتحدر من بافاريا تربع على كرسي القديس بطرس فيما كان معروفا بانه محافظ متشدد.
لكنه عرف على مر السنين كيف يخفف من هذا الصيت.
وقد اضطر لادارة اشد ازمة واجهتها الكنيسة المعاصرة مع كشف مسلسل الفضائح المتعلقة بالتحرش الجنسي باطفال من قبل اعضاء في السلك الكهنوتي زادها تفاقما "قانون الصمت" الذي التزمت به الهرمية الكنسية.
واعتبر البابا "ان اكبر اضطهاد" للكنيسة يأتي منها بالذات من خلال خطاياها وطلب "الصفح" من الضحايا في حزيران/يونيو 2010 ودعا الى عدم التسامح في هذا الخصوص.
وفي العام 2012 واجه داخل حاضرة الفاتيكان فضيحة تسريب وثائق سرية ادت الى توقيف كبير خدمه باولو غابرييلي، في دلالة على استياء وانقسامات في الادارة البابوية.
وتميزت حبرية جوزف راتسنغر الذي خلف البابا يوحنا بولس الثاني في 19 نيسان/ابريل 2005 فيما كان في الثامنة والسبعين من العمر، بالدفاع عن القيم المسيحية لاوروبا وانشأ هيئة ل"التبشير الجديد بالانجيل" في المجتمعات التي ابتعدت عن الدين المسيحي.
وحلل بنديكتوس السادس عشر عذابات مجتمع "مائع" فقد معالمه واعتبر انه ما زال من الممكن ان تجذب المسيحية التي تعود الى ما هو اساسي الاجيال اليافعة. ويعتقد انه يمكن ان تعود اوروبا القديمة الى الانجيل من خلال ورع وشجاعة كنائس الجنوب الجديدة.
وسعى في مئات من خطبه الى توضيح "جمال" الرسالة المسيحية التي لا يتوجب ان تتكيف مع الافكار الرائجة. وهذا ما دفع منتقديه الى القول انه يعيش في صومعة.
وهو معروف بطبعه المنزوي الخجول حتى في سلوكه، وسفرياته اقل من سلفه البابا يوحنا بولس الثاني وكذلك اطلالاته الاعلامية.
دافع عن مفاهيم العائلة التقليدية ولم يحد عن الخط الثابت للكنيسة المعارضة للاجهاض والموت الرحيم.
لكنه ترك اثرا عميقا في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 عندما اقر في كتاب مقابلات بعنوان "نور العالم" باستخدام الواقي "في بعض الحالات" لتجنب مخاطر العدوى.
وهذا الانفتاح غطى على عبارة اخذت عليه عندما قال في العام 2009 ان توزيع الواقيات الذكورية يزيد من خطورة مشكلة الايدز.
الا انه لم يسمح باي تعديل بشأن عزوبية الكهنة او رسامة نساء، كما انه لم يجر اي اصلاح للادارة البابوية ما خيب الكثير من الامال.
وهو متمسك بعناد بوحدة الكنيسة ونصير طقوس متقنة وقام بخطوات عديدة تجاه المتشددين التقليديين بدون نتيجة.
واوضح موقفه من تطبيق المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-65) الذي يرفضه الاخيرون. وشدد على وجوب اعتماد مقررات المجمع كلها، وان تكون النصوص التي تبناها الاباء المشاركون فيه المعايير الوحيدة للاصلاحات.
وهي طريقة بالنسبة للبابا الحريص جدا على العقيدة لوضع حد لاولئك الذين يعتقدون ان المجمع كان بمثابة ثورة تقطع مع التقليد.
وفي ظل حبريته تم تصحيح مالية الفاتيكان وكذلك تشديد المعايير لتعيين اساقفة.
ولد البابا بنديكتوس السادس عشر في 16 نيسان/ابريل 1927 في في بافاريا لاب دركي وعائلة كاثوليكية تقليدية مناهضة للنازية، ودخل الى المدرسة الاكليركية في 1939.
وسجل لاحقا في الشبيبة الهتلرية الامر الذي كان الزاميا.
وندد البابا ب"لاانسانية" النظام النازي.
وفي العام 1951 رسم كاهنا. وعلم اللاهوت في فرايسينغ وبون ومونستر وراتيسبون.
ويعتبر من علماء اللاهوت المؤيدين للانفتاح. لكن في 1968 صدم بانعكاسات ايار/مايو 1968 بما في ذلك على الكنيسة، واتخذ منحى محافظا اكثر تشددا.
واثناء مجمع الكرادلة في 1978 تعرف بشكل اكبر على كارول فويتيلا اي البابا يوحنا بولس الثاني.
وفي 1981 عينه الاخير رئيسا لمجمع العقيدة والايمان في الفاتيكان. وشارك في عملية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لضبط اللاهوتيين من دعاة التحرر في اميركا اللاتينية واولئك الذين يبحثون عن صيغة تمزج بين الافكار الحديثة والعقيدة القديمة.
وشهدت حبريته جدالات عدة. اولها في 2006 عندما اثار موجة استنكار في العالم الاسلامي بعد تنديده بالعنف باسم الدين، في تلميح غير مباشر الى الاسلام.
والجدل الثاني اندلع في اواخر كانون الثاني/يناير 2009 بعد قراره رفع الحرم الكنسي عن اربعة اساقفة اصوليين متشددين بينهم ريتشارد وليامسون الذي انكر المحرقة اليهودية. واقر البابا بعد ذلك بانه ارتكب خطأ.
وقد عبر بنديكتوس السادس عشر عن اعجابه بشعب التوراة ومشى على خطى ومبادرات يوحنا بولس الثاني تجاهه.
وهو يحب الموسيقى الكلاسيكية ويعزف على البيانو. وله مؤلفات عديدة، منها ثلاث رسالات بابوية ونحو اربعين كتابا بينها "يسوع الناصرة".
البابا المقبل... هل سيكون من جديد إيطاليًا؟
أ. ف. ب. الفاتيكان
بعد البولندي يوحنا بولس الثاني، والالماني بنديكتوس السادس عشر، هل سيكون البابا المقبل ايطاليا من جديد؟ ويعارض هذا التوجه عدد كبير من الكرادلة بسبب الخضات التي عصفت بالفاتيكان في الاشهر الاخيرة، لكن ذلك يبقى ممكنا، لان عددا من الكرادلة الذين يتقدمهم رئيس اساقفة ميلانو انجيلو سكولا، مؤهلون لهذا المنصب.
ومنذ عصر النهضة، شهد كرسي بطرس سلسلة متواصلة من الاحبار الذين يتحدرون من شبه الجزيرة الايطالية التي اصبحت ايطاليا في 1861، حتى ادى انتخاب يوحنا بولس الثاني في 1978 الى الخروج على هذا التقليد العريق، وتلاه في 2005 انتخاب الالماني يوزف راتسينغر او بنديكتوس السادس عشر.
وكان ادريان السادس في 1523 آخر بابا غير ايطالي. ويدعو البعض الى ان يعود عرش بطرس الى بابا ايطالي. وحجتهم ان الاصلاح الملح لادارة الكنيسة سيجريه بسهولة ايطالي يعرف خفايا الكرسي الرسولي.
والورقة الرابحة الاضافية تتمثل في ان الايطاليين الذين يصلون الى المجمع الانتخابي المقبل يشكلون الكتلة الاكثر عددا اي 28 ناخبا.
وفي المقابل، زادت قضية "فاتيليكس" لتهريب الوثائق في الفاتيكان، من رفض بعض الكرادلة الذين لا يتحدرون من شبه الجزيرة لترشيح ايطالي، لأن الفضيحة اعتبرت ثمرة المؤامرات والدسائس بين الايطاليين للسيطرة على الادارة الفاتيكانية. والكرادلة الايطاليون ليسوا موحدين فيما بينهم، وهم مختلفون حول موضوع العلاقات مع السياسة الايطالية.
ومن الكرادلة الايطاليين الاوفر حظا للوصول الى السدة البابوية، يبدو رئيس اساقفة ميلانو في وضع جيد. وحتى قبل ان يعلن البابا استقالته في 11 شباط/فبراير، دائما ما كان اسم انجيلو سكولا (71 عاما) ذو الوجه المربع والقوي الشخصية، مطروحا مع الكاردينال الكندي مارك اوليه، باعتباره واحدا من الاثنين الاوفر حظا في نظر بنديكتوس السادس عشر لخلافته، وأحد الكرادلة الذي يخوله تميزه الفكري لخلافة اللاهوتي يوزف راتسينغر.
وقد اعتبر تعيين الاسقف السابق للبندقية في 2012 كاردينالا على اكبر ابرشية في اوروبا، منصة للوصول الى عرش بطرس.
ويعد انجيلو سكولا الذي يتمتع بثقافة واسعة ومحافظا على صعيد التقاليد، من المدرسة اللاهوتية نفسها التي يعتنق مبادئها يوزف راتسينغر. وهي المدرسة التي اصدرت مجلة "كومينيو" التي شددت على حداثة المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965) وعلى استمراريته مع الحفاظ على التقاليد. وهو يرتبط منذ شبابه بحركة "شراكة وتحرير" التي اصبحت اليوم حركة محافظة واسعة النفوذ في ايطاليا. وقد اصدر سكولا الذي يعارض اي عداء للاسلام مجلة "اوازيس" للبحوث الاسلامية-المسيحية الذائعة الصيت.
ويخوض سكولا، ذو الشخصية القاسية والبعيدة عن وسائل الاعلام، معارك على غرار تلك التي خاضها راتسينغر، كانتقاد العلمانية على الطريقة الفرنسية.
ومن الاسماء المطروحة ايضا لخلافة بنديكتوس السادس عشر، جيانفرنكو رافاسي، وزير الثقافة في الادارة البابوية، والذي يزخر بالافكار والمبادرات، والمحبوب والمنفتح، والقادر على ان يتحدث في مداخلة واحدة عن احد آباء الكنيسة في العصور الاولى، وعن جان-بول سارتر وعن احد المتصوفين الهندوس. وبصفته واحدا من اوائل الكرادلة الذين استخدموا التويتر، طور بدعم من بنديكتوس السادس عشر "منتدى الحوار مع غير المؤمنين". واختير هذه السنة ليرأس آخر رياضات الصوم الروحية في حبرية بنديكتوس السادس عشر.
ولفتت الانظار عبارة صغيرة كتبها له البابا "سيعرف الرب ان يكافئك على هذا العمل الذي اديته بطريقة ممتازة".
والايطالي الاخر الذي يكن له البابا قدرا كبيرا من الاحترام، هو ماورو بياتشينسا (68 عاما) مدير مجمع رجال الدين، الصارم والمحافظ جدا الذي يشتهر بأنه "الكادح الاكبر" في الادارة الفاتيكانية والذي يطرح اسمه على انه البديل المحتمل لامين سر الدولة تارتشيتسيو برتوني. والمرشح الاخر لكرسي بطرس الذي طرح اسمه في السابق لترؤس المؤتمر الاسقفي، هو انجيلو بانياسكو المعروف بمواقفه المعتدلة.
يوم تاريخي للكنيسة الكاثوليكية: البابا يغادر الفاتيكان الى كاستل غوندولفو
أ. ف. ب. الفاتيكان
وصل البابا بنديكتوس السادس عشر الى مقره الصيفي في كاستل غوندولفو على بعد ثلاثين كلم من روما بعد ظهر الخميس بعد قليل من مغادرته الفاتيكان على متن مروحية وطلب من الكاثوليك في اخر تغريدة له على تويتر ان "يجعلوا المسيح محور حياتهم".
واقلعت المروحية الايطالية التي تحمل علم الفاتيكان، عند الساعة 16,05 ت غ من مهبط المروحيات في الفاتيكان.
ودقت اجراس روما واجراس كنيسة القديس بطرس اثناء مغادرة البابا.
وعند الساعة 19,00 ت غ، لم يعد يوزف راتسينغر بابا. وقرر ان يطللق عليه اسم "قداسة بنديكتوس السادس عشر، البابا الفخري"، او "بابا روما الفخري".
وسيبقى حوالى شهرين في الدير ويكرس وقته للصلاة. ووعد الخميس وهو يودع الكرادلة "بالاحترام والطاعة غير المشروطين" للبابا المقبل الذي سينتخبه مجمع الكرادلة.
واعلن البابا في رسالة عند الساعة 16,02 ت غ على موقعه قبل ثلاث ساعات من دخول استقالته التاريخية حيز التطبيق "اشكركم على محبتكم ودعمكم. ولتتمكنوا دائما من اختبار فرح جعل المسيح محور حياتكم".
وقبل خروجه، حيا البابا المستند الى عكازه، مساعديه الذين بدا عليهم التاثر الشديد.
والبابا البالغ من العمر 85 عاما، فاجأ الجميع عندما اعلن استقالته من سدة البابوية في 11 شباط/فبراير مؤكدا انه لم يعد يتمتع بالقدرة على تحمل مسؤولياته الجسيمة.
وعاش الفاتيكان الخميس حدثا تاريخيا لم يشهده منذ قرون طويلة وتمثل بتنحي البابا بنديكتوس السادس عشر عن الكرسي الرسولي تاركا لخلفه مهمة قيادة كنيسة تواجه تحديات غير مسبوقة.
وتعود اخر استقالة طوعية لبابا الى القرون الوسطى وتحديدا الى العام 1294 عندما استقال البابا سيليستان الخامس الناسك المتواضع بعد اشهر قليلة على توليه السدة البابوية احتجاجا على الفساد المستشري حينها.
وقال بنديكتوس السادس عشر امام الكرادلة الخميس "يوجد بينكم البابا المقبل الذي اعده بالاجلال والطاعة غير المشروطين"، مضيفا انه سيكون قريبا منهم بالصلاة.
وفي وقت لاحق، شدد الاب فيديريكو لومباردي المتحدث باسم الفاتيكان على ان هذا الوعد يمثل "خطوة اصيلة جدا" تثبت ان ليس لدى يوزف راتسينغر "اي نية في التدخل" في قرارات خلفه.
الا ان بنديكتوس السادس عشر تمنى ان يتصرف الكرادلة كفريق يكون فيه "التنوع مدخلا للانسجام".
واعرب عن شكره ل"الاوساط المقربة" منه، "للمستشارين" و"المساعدة الكبيرة" التي قدموها، داعيا اياهم ان يكونوا "مطيعين" للروح القدس.
واضاف "اعطينا الامل النابع من المسيح" الى العالم خلال هذه السنوات الثماني.
ومن اصغر الكرادلة، مثل اسقف مانيلا لويس انطونيو تاغلي، الى اكبرهم الذين يتجاوزون 90 عاما، 144 كاردينالا مروا تباعا امام بنديكتوس السادس عشر وقد بدا التأثر على كثير منهم وانهمرت دموعهم.
وكما ينص البروتوكول الثابت في مثل هذه اللحظة التاريخية، بقي عميد القاعة الحبرية اوغوستو بيليغريني بثوبه الاسود مرافقا للكرادلة خلال اللقاءات العامة ليدعو من يطيل منهم الكلام الى الاقتضاب وترك المكان لباقي الكرادلة.
وتحدث البابا الذي وصل وغادر متكئا على عكازه، عن "لحظات جميلة جدا ولحظات كان فيها بعض السحب تغطي السماء" خلال السنوات الثماني من حبريته، في تلميح الى الفضائح التي اعترتها.
واتسمت حبرية بنديكتوس السادس عشر بمواضيع جدلية عدة خصوصا بشأن رفعه الحرم الكنسي عن اسقف تجديدي لكن ايضا بسبب فضائح التحرش الجنسي باطفال من جانب كهنة وحمايتهم احيانا من جانب رؤسائهم الروحيين.
ومؤخرا، كشفت فضيحة الوثائق الفاتيكانية المسربة والتي عرفت ب"فاتيليكس"، مواضع خلل اضافية في الكرسي الرسولي، في حين تحدثت الصحافة مؤخرا عن وجود مفترض لما سمي ب"لوبي لمثليي الجنس" في الفاتيكان.
والاربعاء، قال بنديكتوس السادس عشر امام حشد غفير من المؤمنين في ساحة القديس بطرس "اقدمت على هذه الخطوة مدركا تماما خطورتها وكذلك طابعها الجديد، انما ايضا بصفاء نفسي كبير".
واذ اكد تفرغه "للصلاة والتأمل"، اكد البابا انه سيبقى الى جانب 1,2 مليار كاثوليكي منتشرين في العالم.
واعتبر الكاردينال البلجيكي غودفريد دانيلز ان البابا العتيد عليه "تولي مسؤولية الكوريا الرومانية" (الجهاز الاداري والتنفيذي والاستشاري) للفاتيكان، في حين كان رئيس الكنيسة الاسترالية الكاردينال جورج بيل اكثر حدة اذ انتقد صراحة القرار "المقلق" للبابا بنديكتوس السادس عشر.
وقال في حديث للتلفزيون الاسترالي "الحكم (الفاتيكاني) لم يكن نقطة قوة. افضل احدا يقدر على قيادة الكنيسة وجمع (المؤمنين) قليلا"، مبديا اسفه لتسريبات فاتيليكس التي اعتبرها مزعزعة للثقة بصدقية الفاتيكان.
واكد الكاهن البنيني بارتيليمي ادوكونو التلميذ السابق لبنديكتوس السادس عشر والرجل الثاني في "وزارة" الثقافة في الفاتيكان، لاذاعة الفاتيكان ان البابا الجديد سيكون عليه الوقوف في وجه الكثير من التطورات المقلقة برأيه: "ارادة بناء العالم كما لو كان الله غير موجود" اضافة الى "تحطيم العائلة وتدمير الطبيعة".
وفي كاستيل غوندولفو، اعد المؤمنون مراسم تكريمية للبابا في الساعات الاخيرة من حبريته.
وبحسب اذاعة الفاتيكان، سيضيء بعضهم شعلات ويتلو آخرون صلاة الوردية مع نصوص اعدها البابا المستقيل المعروف بتعمقه في اللاهوت، كما سيقوم البعض بحج صغير سيرا على الاقدام من بحيرة البانو الواقعة على بعد 2 كلم.
وسيفتح دخول استقالة بنديكتوس السادس عشر حيز التنفيذ المرحلة الشهيرة المعروفة باسم "الكرسي الشاغر". وسيتولى امين عام الفاتيكان والمعرووف بالكاردينال "الكاميرلينغو" رسميا مهام البابا المستقيل الى حين انتخاب خلف له.
وهذه المهمة الثقيلة ستلقى على عاتق السكرتير الامين ليوزف راتسينغر الكاردينال تارسيسيو برتوني.
ومن المتوقع بقاء البابا الفخري قرابة شهرين في كاستل غوندولفو بعيدا عن الضوضاء الاعلامية التي تحيط بمجمع الكرادلة المكلف انتخاب خلف له في اواسط اذار/مارس.
ولدى عودته الى الفاتيكان نهاية نيسان/ابريل، سيستقر راتسينغر في دير سابق مبني وسط الحدائق حيث قد يلتقي خلفه وجاره في تجاور نادر في تاريخ الفاتيكان.
وتنتظر البابا العتيد تحديات جسام، بين الاعتراضات الداخلية واضطهاد المسيحيين في العالم، الى الاشكاليات الاخلاقية والتعديات بمختلف انواعها التي تضج بها الكنيسة.
واستحوذت استقالة البابا على اهتمام اعلامي كبير. وقد تلقى الفاتيكان ما لا يقل عن 3641 طلب اعتماد من 668 وسيلة اعلامية من 61 بلدا.
مراهنات على إحتمال أن يكون البابا المقبل إيطاليا
وكالة آكي الإيطالية للأنباء- روما
قال مكتب وليام هيل البريطاني للمراهنات إنه "في يوم اللقاء العام الأخير للبابا بندكتس السادس عشر، يزداد الرهان على إمكانية أن يكون البابا القادم إيطاليا" وفق تعبيرها.
وقال المتحدث باسم مكتب وليام هيل، جو كريلي إن "الكاردينال انجلو سكولا لا يزال في المكانة الأولى ليُعتبر المرشح الأكثر احتمالا لمنصب البابوية، يليه أمين سر دولة الفاتيكان تارتشيزيو بيرتوني، ثم رئيس مجلس الأساقفة الإيطاليين أنجلو بانياسكو"، مضيفا أن "سوق المراهنات على البابا القادم واحدة من الأكثر عالمية في تاريخنا، مع مراهانات قادمة من أكثر من مائة بلد" من جميع أنحاء العالم.
ولفت الناطق باسم المكتب البريطالي الى أنه "في الوقت الحاضر يؤمن المراهنون بأن خليفة بندكتس السادس عشر سيكون إيطاليا، بدلا من يكون من أمريكا الجنوبية أو أفريقيا كما كان متوقعا في البداية"، مبينا أن "الرهان على بابا من أصل أفريقي بلغ نسبة 2.88، في حين يرتفع إلى 4.50 بالمائة من ناحية أمريكا الجنوبية وإلى 7 لأجل بابا كندي"، بينما "تصبح الأرقام مزدوجة من حيث أمريكا الشمالية مع نسبة 21، و26 بالنسبة لاسبانيا، ليختتمها بابا فرنسي بنسبة 34"، وإختتم وليم هيل بالقول إن "من غير المرجح أن يُنتخب البابا من الاقتراع الأول، ليوفر لهذه الإمكانية نسبة 11" على حد تعبيره.