كشفت وزارة السياحة والآثار المصرية عن تفاصيل اكتشاف خمس مقابر أثرية في حالة جيدة من الحفظ تخص موظفي كبار في عصر الدولة القديمة، الذي يعود إلى نحو 4000 عام، وذلك في جنوب سقارة بمحافظة الجيزة.وتعود المقابر إلى نهاية عصر الدولة القديمة الذي امتد من عامي 2686 إلى 2181 قبل الميلاد، وبداية عصر الانتقال الأول الممتد من عامي 2181 إلى 2055 قبل الميلاد.
واكتُشفت هذه المقابر على يد بعثة مصرية خالصة تابعة لوزارة السياحة والآثار، والتي تعمل في سقارة منذ سبتمبر/ أيلول من عام 2021، وفقًا لموقع وزارة السياحة والآثار المصرية.
صورة من داخل مقبرة فرعونية لامرأة تدعى "بيتي" المكتشفة حديثاً في سقارة,
وأوضح خبير الآثار المصرية علي أبو دشيش، والذي كان حاضرًا في الجولة بموقع المقابر المكتشفة، لموقع CNN بالعربية، أن المقابر الخمس اكتُشفت على بعد حوالي 100 متر شمال غرب هرم الملك "مرنرع"، جنوب مطقة آثار سقارة.
وأشار أبو دشيش إلى أهمية هذا الكشف، إذ تعتبر نماذج المقابر المكتشفة جديدة، كما أنها تضيف معلومات جديدة عن كبار رجال الدولة في عصر الدولة القديمة وخاصة في عهد الملك مرنرع.
وقال أبو دشيش إن إحدى المقابر تعود لأحد كبار الرجال ويُدعى "إيري"، وتتكون من بئر تؤدي إلى حجرة دفن ذات جدران منحوتة بالعديد من المناظر الجنائزية، مثل موائد القرابين، وواجهة القصر، وأواني الزيوت السبعة التي كانت تُستخدم في التحنيط، وفيها تابوت ضخم من الحجر الجيري.
داخل إحدى المقابر الفرعونية المكتشفة حديثاً في سقارة,
أما المقبرة الثانية فتخص على الأرجح زوجة شخص يُدعى "يارت" وذلك بسبب قربها من مقبرته، وهي عبارة عن بئر مستطيلة الشكل.
وتخص المقبرة الثالثة شخصًا يُدعى "ببي نفر حفايي"، وكان يشغل عدة مناصب في الدولة من بينها السمير الأوحد، والمُشرف على البيت العظيم، والكاهن المُرتل.
داخل إحدى المقابر الفرعونية المكتشفة حديثًا لامرأة تدعى "بيتي" والتي حملت ألقاب مزينة الملك الوحيدة وكاهنة المعبودة حتحور.,
وبينما تعود المقبرة الرابعة لامرأة تُدعى "بيتي"، وهي كاهنة المعبودة حتحور، إلهة السماء، والحب، والجمال، والموسيقى، والخصوبة، حسب المعتقد المصري القديم.
وأما المقبرة الخامسة فهي تعود لشخص يُدعى "حنو"، وتتكون من بئر مستطيلة الشكل تقع على عمق حوالي 7 أمتار، ويأتي من بين ألقابه المشرف على القصر الملكي والسمير الأوحد، والأمير الوراثي والعمدة، والمُشرف على البيت العظيم، وحامل أختام الوجه البحري، والمشرف على البستان.
ومن المقرّر أن تستمر البعثة المصرية في أعمال الحفائر بالموقع لإكتشاف المزيد من أسراره، حيث تعمل في الوقت الحالي على تنظيف هذه المقابر وأعمال التوثيق الأثري لها.
وشهد الإعلان عن الكشف الأثري الجديد، السبت، مشاركة عدد من المدونين والمؤثرين المصريين، من بينهم أحمد عماد وعمرو صلاح.ويصف عماد لموقع CNN بالعربية تجربة النزول إلى إحدى المقابر خلال الجولة قائلًا: "كانت تجربة لا تصدق ولا تحدث سوى مره واحدة في العمر، لم أكن أصدق أنني بالفعل داخل مقبرة مكتشفه حديثًا".
ويشير عماد إلى أن النزول في بئر على عمق 6 متر تؤدي إلى مقبرة يتطلب الكثير من الشجاعة والتركيز.
بالنسبة إلى عماد، لا تزال المقابر المكتشفه بحالة ممتازة وتحتفظ بألوان زاهيه للغاية كما لو أنها رسمت بالأمس.
وحاول عماد إبراز دقة الرسومات والألوان خلال توثيقه إحدى المقابر المكتشفة التي نزل إليها، والتي "حاول أن ينقلها كما هي"، بالإضافة إلى التماثيل الخشبية المكتشفة كذلك.
تمثال خشبي من داخل مقبرة امرأة تدعى "بيتي" والتي حملت ألقاب مزينة الملك الوحيدة وكاهنة المعبودة حتحور.,
ويرى عماد أن ما يجعل تجربة النزول إلى مقبرة مكتشفة حديثًا لحظة الإعلان عنها يختلف عما يمكن أن يراه الزائر عندما يُتاح دخولها للعامة الناس مثل إمكانية رؤية القطع الأثرية المكتشفة في مكانها الأصلي قبل أن تنقل إلى المتحف للحفاظ عليها، حسبما ذكره.
صورة تبرز تفاصيل إحدى المقابر المكتشفة حديثاً,
ولم تختلف مشاعر عمرو صلاح كثيرًا عن عماد، إذ قال مدون الرحلات المصري لموقع CNN بالعربية إنه شعور مثير أن يكون من من أوائل الناس داخل مكان استُخدم آخر مرة منذ أكثر من 4000 عام.
ويرى صلاح أن الكشف الجديد جاء في وقت مثالي "ليثّبت مكانة مصر على خارطة السياحة العالمية، ويؤكد أن مصر أرض بكر مليئة بالكنوز والآثار التي تنتظر من يكتشفها".
دلخل إحدى المقابر المكتشفة حديثاً في سقارة,
أما عن انطباعه حول الاكتشاف الجديد، فيقول: "شعور بالسعادة أولًا لأن ذلك الإكتشاف تم بأيادي وخبرات مصرية خالصة، ثانيًا أنا على يقين بأن الإكتشافات ستتوالى، كما أسلفت سابقًا، ما يعني مزيد من الفرص لأنقل ما أشعر به عبر الصور ومقاطع الڤيديو لمتابعيني".
وبالنسبة إلى صلاح، كانت طريقة النزول إلى المقبرة مغامرة مثيرة أشبه بمغامرات شخصية إنديانا جونز مع الفارق أن مقابر المصريين القدماء والآثار التي تركوها حقيقة، وليست من نسج الخيال.وتشتهر منطقة سقارة بهرم زوسر المدرّج، وهو "أول هرم بُني في مصر القديمة، وأقدم بناء حجري كبير في العالم"، يعود تاريخ عملية بنائه إلى القرن الـ27 قبل الميلاد، على يد المعماري أمحتوب، وهو أول مهندس معماري في التاريخ، وأحد أشهر المهندسين في مصر القديمة.