النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

هل تساءلت يومًا كيف ينظر الطغاة إلى أنفسهم في المرآة؟ تعال وانظر بعيونهم

الزوار من محركات البحث: 5 المشاهدات : 127 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: حيث يقودني قلبي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 85,728 المواضيع: 20,575
    صوتيات: 4585 سوالف عراقية: 663
    التقييم: 58225
    آخر نشاط: منذ 32 دقيقة
    مقالات المدونة: 1

    هل تساءلت يومًا كيف ينظر الطغاة إلى أنفسهم في المرآة؟ تعال وانظر بعيونهم




    هل تعتقدون أن الطاغية يُولد ميالًا للعنف والقتل والتدمير والسيطرة؟
    هل يعرف الطاغية أنه سيصبح عندما يكبر سببًا للكثير من الآلام؟
    كيف يتعامل الطغاة مع ذواتهم؟ وهل ينظرون إلى المرآة ويفكرون بأفعالهم؟

    كل هذه الأسئلة قد نسألها بينما نجلس مع أصدقائنا لنتحادث، ونحاول الإجابة عنها بطرائق متعددة، فمنا من يجد أن الطغاة يولدون ليكونوا في المستقبل أصحاب سلطة وسيطرة، وهم مجهزون من الناحية النفسية والمعنوية منذ سنواتهم الأولى ليكونوا قساة.

    في المقابل يذهب آخرون لاعتبار الصدفة هي السبب في خلق الطاغية، فيتحدثون عن ظروف قاسية يمر فيها الشخص فيتحول تدريجيًا لشخص قاس غير قادر على المحبة، يتحجر قلبه ويكون طغيانه ردة فعل على ما عاشه في مراحل حياته الأولى.

    وعمومًا مهما اختلفت الآراء حول ولادة الطاغية، يبدو من المهم لفهم تركيبة الطغاة، أن نعرف معنى الطاغية، وكيف تطور هذا المصطلح؟ وما البنية النفسية للطغاة؟ وكيف يتعاملون مع ذواتهم ومع نتائج طغيانهم؟

    من هو الطاغية؟

    تعود كلمة الطاغية في أصلها إلى اليونانية وتعني لغةً تجاوز الحد، أما في السياسة فهي تعني الحكم المطلق غير المستند على الدستور والقوانين.

    وفي معجم المعاني الجامع، يشير هذا المصطلح إلى شخص شديد الظلم، متكبر يأكل حقوق الناس ويقهرهم.

    ويتقاطع هذا المصطلح بشكلٍ أو بآخر مع مصطلح المستبد المشتق أيضًا من اللغة اليونانية، ويحمل معنى رب الأسرة أو سيد المنزل، ويشير أيضًا في السياسة إلى صاحب الحكم المطلق الذي لا يقبل رأيًا فوق رأيه، وقد يذكرنا هذا باستبداد الاسكندر المقدوني وحكمه المطلق، وبطغيان يزيد بن معاوية، وإجرام هتلر وغيرهم.
    هنا لا بد أن نشير إلى أن الشاعر اليوناني أرخيلوخوس يعتبر أول من استخدم لفظة الطاغية عندما أطلقها في أحد أشعاره على الملك جيجز، الذي اغتصب مملكة ليديا وقتل ملكها واستولى على العرش، كما يحدثنا إمام عبد الفتاح إمام في كتابه الطاغية.

    هنا قد يبدو من الجيد أن نميز قليلًا بين مفهوم الطاغية ومفهوم المستبد، فالمستبد شخص يتشدد لرأيه، ولكنه قد لا يكون شريرًا، أما الطاغية فهو شخص مستبد وشرير، ومع ذلك يبقى المصطلحان سلبيين ومترابطين إلى حدٍ بعيد.

    الطاغية في النصوص الفلسفية

    شغلت فكرة الطاغية أذهان الكثير من الفلاسفة عبر التاريخ، فمنهم من سماه بالحاكم الظالم، وبعضهم قال عنه المستبد، وحديثًا درجت لفظة الطاغية بشكل كبير، خاصة بعد ظهور الأنظمة التعاقدية في السياسة، والتي اعتمدت على نظرية العقد الاجتماعي.

    ولذلك سنسلط الضوء على بعض آراء الفلاسفة حول مفهوم الطاغية والمستبد الظالم، ونبدأ بأفلاطون الذي يتحدث في كتاب الجمهورية عن الحاكم الظالم في مقابل العادل، ونجده يؤكد أن الظالم هو ذلك الشخص الذي يستخدم القوى ليسيطر، "ويتحتم على أتباعه بأن يقوموا بما يكفل نفعه، وأن يتوخوا في أعمالهم سعادته".

    في المقابل نجد جون لوك في العصر الحديث يبين كيف ينهار الحكم المدني في الدولة عندما يستبد الحاكم، وربما يكون هذا ردًا على فكرة الحكم المطلق التي أيدها هوبز، فهو يقول في كتابه الحكم المدني "يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون، أي عند انتهاك القانون، وإلحاق الأذى بالآخرين"، ونجده يبين أن الطغيان لا يكون فقط من حاكم الشعب، فكل شخص مسؤولٌ عن عمل ما قد يتحول لطاغية كالشرطي الذي يرتشي ويتجاوز حدود سلطاته، عندها يصبح لصًا وطاغية، وما أكثرهم اليوم!

    من ناحية أخرى يعرّفُ الفيلسوف الفرنسي، فولتير، الطاغية في قاموسه الفلسفي بأنه "الحاكم الذي لا يعرف قوانين سوى قوانين نزوته، ويستولي على ممتلكات رعاياه، ثم يجنّدهم ليذهبوا ليستولوا على ممتلكات جيرانه".

    ويميز فولتير بين طغيان شخص واحد وطغيان الجماعة، مبيّنًا بوضوح أن النوعين لا يمكن لهما أن يكونا في خدمة الشعب، وبالرغم من ذلك فإنه يفضل الطاغية الفرد على الطغاة الجماعة مبينًا أنه من الممكن إرضاء الطاغية عندما يكون فردًا، ولكن جماعة الطغاة يغدون أكثر خطرًا.

    هنا لا بد أن نتذكر ما جاء به المفكر عبد الرحمن الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) حول أن المستبد "إنسان مستعد بالطبع للشر وبالإلجاء للخير"، والمستبد يتعامل مع الناس كأنهم حيوانات تتبعه، وتنفذ ما يريد.

    خلاصة القول هنا، إنه مهما تعددت وتنوعت الآراء حول مفهوم الطاغية والمستبد، يبدو أن ثمة اتفاق عام بين أغلب المفكرين والفلاسفة، حول أن الطاغية والمستبد كلاهما، يتجبران ويمارسان كل صنوف الإساءة والتعذيب والعنف في سبيل استمرار السيطرة.

    في ضرورة السلطة… وولادة الطاغية

    عندما يعيش الناس ضمن جماعات، يحتاجون إلى التنظيم، والتنظيم يعني وجود إدارة تقود هذه الجماعة تحت لواء واحد، ومن أجل هدف واضح ومحدد، وعملية التنظيم هذه تحتاج إلى قيادة، وهذه القيادة عليها أن تكون مؤهلة وتحمل شعار سلطة الدولة.

    كل هذا يفترض ضرورة وجود سلطة، بدءًا من المنزل الذي يحتاج إلى تنظيم وقيادة وصولًا إلى الحكم، وربما يكون المرجع الأهم لتأكيد السلطة وضرورتها رؤية هوبز بأن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، وإن لم يكن ثمة نظام يجتمع عليه الناس ستعم الفوضى، وعليه يكون الخروج من الحالة المضطربة إلى الحالة المستقرة، من خلال نظام سياسي يضمن للناس العيش في استقرار.

    ويحدثنا إمام عبد الفتاح إمام في كتابه الطاغية، عن تجربة كان يقوم بها ملوك الفرس، فعندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة، يترك الملك الجديد البلاد في حالة فوضى ودون حاكم خمسة أيام، ويعطل عمل الجهات المسؤولة عن فرض النظام والقانون، وعليه مع نهاية هذه الفوضى وموت الكثيرين، يتمسك الباقون بضرورة وجود الحاكم ويقدمون له الولاء المطلق.

    وربما تكون أكثر الخدع في التاريخ استمرارًا حتى يومنا هذا، هو اعتبار سلطة الحاكم من سلطة الله، فقد وجد القدماء أنه لكي يكون الحكم ثيوقراطيًا، يجب أن يكون الحاكم من طبيعة مختلفة عن طبيعة المحكومين، وعليه يصبح الحاكم خليفة الإله على الأرض وهو من طبيعة إلهية، والمؤسف هنا أن هذه السياسة انسحبت لدى الكثير من الجماعات والدول واستمرت حتى يومنا هذا، لا بل عملت الأديان عبر تاريخها الطويل على تأكيد هذه السلطة والولاء لها بأشكال متعددة، فتارة يبدو الحاكم من طبيعة إلهية وتارة هو خليفة الله على الأرض.

    في النتيجة: وجود الحكم المدني هام جدًا، ومن مقومات الدولة قيام السلطة، ولكن المقصود هنا السلطة القائمة على دستور يعطي الشعب الحق في الحكم، ويعلي من شأن القانون، وهنا يكون للسلطة ضرورة، ولكن عندما تتحول السلطة لحكم طاغية متفرد، عندها تصبح بلا معنى لأنها لا تحقق كرامة الإنسان بل تقضي عليها.

    هل يستخدم الطغاة المرآة؟

    إنه سؤال مجازي، فمن منا لا يستخدم المرآة يوميًا للنظر إلى هندامه وشكله، وبالطبع فإن الطغاة ينظرون إلى المرآة آلاف المرات، ولكن ما قصدناه بسؤالنا التركيز على مرآة الذات، فهل ينظر الطغاة إلى مرآة ذاتهم ويستجوبون ذواتهم حول أفعالهم؟

    لنتخيل معًا الطغاة في بيوتهم، ونفكر: ما الذي يستهويهم؟ وما هي دوافعهم الحقيقة لممارسة كل هذا العنف؟

    ستقفز الإجابة إلى أذهاننا مباشرة، إنه هوس السلطة، فعندما تشعر بالقوة، تتحرك غريزة الإنسان للسيطرة، ورغم أننا قد لا نوافق بالمطلق على اعتبار هوبز للإنسان بأنه شرير بالطبع، يبدو من المنطقي أن نفكر بالنظرية التي تقول إن الإنسان هو جملة من الأضداد، ففيه الخير وفيه الشر، وصراع الأضداد هذا هو الذي قد ينتج للحياة إما إنسانًا حقيقيًا أو طاغية يفضل الشر بكافة أشكاله.

    وهنا يأتي أثر السلطة التي تدفع الحاكم في لحظة ما، للاختيار وتغليب الشر فيه من أجل استمرار بقائه وسيطرته، وكلما استمر الأمر تورط أكثر، وبات الخروج من هذه الدوامة، دوامة الطغيان أمرًا مستحيلًا حتى إن أراد.

    وربما لا يرغب بالخروج من هذه الدوامة، فهي تغريه أكثر فأكثر، ويغدو تضرع الناس ملبيًا لغروره، أوليس الغرور خطيئة الشيطان الأولى؟ إنه تعبيرٌ مجازيٌ أيضًا، فالطاغية يمتلك سلطة الله على الأرض وغرور الشيطان، إنه يشعر بالديمومة والاستمرارية، وهذا يعطيه القوة، فالطبيعة تصطفي الأقوياء، ولكن هل هذه هي القوة حقًا؟

    هذا ما يعتقده، يرى نفسه محقًا وعارفًا ويغدو الناس في نظره مجرد أرقام لا يمتلكون أرواحًا، ويقنع نفسه بأن ما يحدث هو في سبيل القضايا الكبرى التي وضعها نصب عينيه وأقنع نفسه بها، وحاشيته.

    كل هذا قد يدفعنا للقول: لربما لا ينظرون إلى المرآة، ولا يتأملون عيون ضحاياهم، فمن يقرأ مسيرة حياة هتلر سيفهم جيدًا أنه تحدث عن طغيانه على أنه كفاح حقيقي، وجعله مشروعًا وأقنع به الكثيرين، وأجبر من لم يقتنع حتى ينفذ ما يريده تحت وطأة الخوف.

    في النهاية ربما تكون عبارة مونتيسكو خير تعبير عن خطورة حكم الطغاة: "موقف الطاغية، هو موقف ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمر"، ومع ذلك يبقى الأمل موجودًا في إنهاء حكم الطغاة وإعادة التوازن للحياة الإنسانية.



    المراجع:

    عبد الرحمن الكواكبي، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، دار النفائس، لبنان، 2006م.
    فولتير، القاموس الفلسفي، ترجمة يوسف نبيل، دار الهنداوي، المملكة المتحدة، 2017م.
    جون لوك، في الحكم المدني، ترجمة ماجد فخري، اللجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية.
    أفلاطون، كتاب الجمهورية، ترجمة فؤاد زكريا، دار الوفاء، مصر، 2004م.
    إمام عبد الفتاح إمام، الطاغية، مجلة عالم المعرفة، العدد 183، آذار 1994م.





    د. بتول محمد - أراجيك

  2. #2

  3. #3
    عضو محظور
    彡نور الشمس彡
    تاريخ التسجيل: August-2015
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,345 المواضيع: 769
    التقييم: 4774
    مزاجي: حسب الجو
    أكلتي المفضلة: حلويات +معجنات
    موبايلي: كلاكسيA72
    آخر نشاط: 1/September/2022
    شكرا لك

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال