فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا
فَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً إِلَى اللَّهِ صَائِرُ
هِيَ الدَّارُ مَا الأَنْفَاسُ إِلَّا نَهَائِبٌ
لَدَيْهَا وما الأَجْسَامُ إِلَّا عَقَائِرُ
إِذَا أَحْسَنَتْ يَوْماً أَسَاءَتْ ضُحَى غَدٍ
فَإِحْسَانُهَا سَيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ
تَرُبُّ الْفَتَى حَتَّى إِذَا تَمَّ أَمْرُهُ
دَهَتْهُ كَمَا رَبَّ الْبَهِيمَة جَازرُ
لَهَا تَرَةٌ فِي كُلِّ حَيٍّ وَما لَهَا
عَلَى طُولِ مَا تَجْنِي عَلَى الْخَلْقِ وَاتِرُ
كَثِيرَةُ أَلْوَانِ الْوِدَادِ مَلِيَّةٌ
بِأَنْ يَتَوَقَّاهَا الْقَرِينُ الْمُعَاشِرُ
فَمَنْ نَظَرَ الدُّنْيَا بِحِكْمَةِ نَاقِدٍ
دَرَى أَنَّهَا بَيْنَ الأَنَامِ تُقَامِرُ
صَبَرْتُ عَلَى كُرْهٍ لِمَا قَدْ أَصَابَنِي
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً فَهْوَ صَابِـــرُ
محمود البارودي