توقعات بأن يزيد إنتاج القمح في العالم بنسبة 17% (بيكسابي)
أفادت دراسة حديثة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" (NASA) بأن المحاصيل الزراعية في العالم ستتأثر بشكل كبير، إما سلبا أو إيجابا، بالتغيرات المناخية بحلول عام 2100، وبأن دول العالم ستبدأ في ملاحظة هذه التغيرات بشكل واضح بداية من عام 2030.
وركزت هذه الدراسة -التي نشر بيان عنها في الثاني من مارس/آذار الجاري على موقع "ستوديو التصور العلمي التابع لناسا" (NASA Scientific Visualization Studio)- على منتوجي القمح والذرة باعتبارهما من أقوى المحاصيل الزراعية إنتاجا في العالم وأكثرها تأثرا بالتغيرات المناخية حسب التوقعات.
اعتمد خبراء ناسا في رسم هذه الصورة المستقبلية على نماذج مناخية تم تطويرها من طرف خبراء المناخ تتيح تحديد التوقعات والتنبؤ بما يمكن حدوثه مستقبلا في حال فشل دول العالم في وقف الاحترار العالمي أو التخفيف منه.
المناطق الأكثر تأثرا
وحسب البيان الصادر عن وكالة ناسا، فإن إنتاج القمح والذرة وغيرهما من المحاصيل الزراعية سيعرف تأثرا من منطقة لأخرى، حسب ارتفاع درجات الحرارة واختلاف نسب هطول الأمطار، وهي متغيرات قد تزيد وتنقص ولا يمكن التحكم فيها.
ووفقا للبيان، فإن منتوج الذرة سوف يتراجع -حسب هذه التوقعات- بمقدار 24% باستثناء بعض المناطق القليلة التي سيشهد فيها ارتفاعا، في حين سيشهد القمح ارتفاعا في إنتاجه بمقدار 17%.
وذكر البيان أن منتوج الذرة سيتراجع في كل من أميركا الشمالية، التي تصنف بالمنطقة الأولى عالميا في إنتاج الذرة، وأميركا الوسطى، ودول غرب أفريقيا، وآسيا الوسطى، والبرازيل والصين وأوروبا.
أما منتوج القمح، فسوف يعرف -حسب الدراسة- ارتفاعا في بعض المناطق المعروفة بإنتاجها له مثل روسيا، وكندا، وشمال أميركا، وشمال الصين، وآسيا الوسطى، وجنوب أستراليا وغرب آسيا وفي إيران وتركيا وسوريا.
كما توقعت الدراسة أن يشهد إنتاج القمح تراجعا طفيفا في بعض الدول، مثل الهند التي تعد ثاني أعلى بلد منتج للقمح في العالم، وباكستان، والأردن والسعودية.
توقعات بأن يتراجع منتوج الذرة في العالم بنسبة 24% (بيكسابي)
سبل المواجهة
وبالرغم من أن الدراسة لم تطرح الحلول الكفيلة التي من شأنها التخفيف من حدة مخاطر التغيرات المناخية، فإن الكثير من الدراسات العالمية كانت قد تطرقت إلى هذه الإشكالية من باب التحذير والاستعداد لمواجهتها من الآن.
ولا يعد تراجع منتوج المحاصيل الزراعية المشكلة الوحيدة التي سوف يواجهها العالم بسبب التغيرات المناخية في المجال الزراعي، بل هناك أيضا خطر تفشي الأوبئة والأمراض التي ستهدد بعض الأنواع بالانقراض أو تتسبب في تراجع الإنتاج بصفة عامة.
وفي تعليقها على هذه الدراسة، قالت الدكتورة حليمة بن بوزة -المختصة في علوم التكنولوجيا الحيوية بجامعة باتنة بالجزائر- في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني إن "مخاطر التغيرات المناخية في قطاع الزراعة ستكون كبيرة ومدمرة في السنوات القادمة، وهذه المخاطر تتمثل أساسا في تراجع منتوج بعض المحاصيل، وانتشار الأمراض في بعض الأنواع، أو حتى انقراض بعضها".
الجفاف من أخطر مظاهر التغيرات المناخية على دول العالم (بيكسابي)
وأضافت بن بوزة أن الدول العربية، كباقي دول العالم، سيتأثر إنتاجها الزراعي من القمح والذرة وباقي المنتجات بالتغيرات المناخية بصورة كبيرة، وأنها مطالبة اليوم بالتحضير الجيد من أجل التأقلم مع الأوضاع الجديدة المتوقعة خلال السنوات القادمة.
ولمواجهة هذه الآثار والتخفيف منها، تقول بن بوزة "يجب على المزارعين الاعتماد على ما يعرف بالزراعة القائمة على التنوع البيولوجي، أي زراعة مختلف الأنواع بالنسبة للمحصول الواحد كالقمح مثلا، لأن ذلك سيمنح للمزارع فرص نجاة البعض من محصوله في حال وقوع كارثة بيئية".
وختمت بن بوزة حديثها بضرورة التركيز على استخدام مناهج جينية جديدة، خاصة أن التقنيات الجديدة مثل تحرير الجينوم تشكل أفضل الحلول في اختيار الأنواع الأكثر كفاءة ومقاومة لدرجات الحرارة، فللقمح مثلا أنواع كثيرة ومتعددة، وبعضها قد تكون له قدرات كبيرة على مقاومة التغيرات المناخية، والمطلوب اليوم هو العمل في هذا الجانب.