يُعد كورنيش البصرة من أحد الشوارع الحيوية المهمّة
لموقعه الجذاب في مركز المدينة وإطلالته الأبدية على شط العرب في خِضم هذه المساحة
المائية الهادئة التي يستمتع بمنظرها الاهالي بشكل يومي ، وهم يتأملون إلتقاء الماء
باليابسة، وتلاحق موجات شاطئه المتلاحقة التي تتلاعب بها أشعة الشمس المنسجمة مع
اصوات النوارس التي تحلق في سماء شط العرب لترسم لوحة طبيعية تشدّ لها عيون
الناظرين من رواد كورنيش شط العرب.
يفتح الكورنيش
بابه برمز بات علامة فارقة للمدينة، لشهرته الشخصية ولشهرة الصرح الذي شيد له على
رأس شارع الكورنيش، المتمثل بتمثال الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب، عاشق
البصرة الكبير وشاعرها الفذ الذي حطم تقاليد الشعر العربي ونقله إلى مرحلة أخرى في
نهاية أربعينيات القرن المنصرم.
وهو ينتصب بشموخ
في بداية كورنيش البصرة المُطل على شط العرب والتنومة ، وقد نفذ التمثال على يد
الفنان التشكيلي العراقي نداء كاظم، وأزيح الستار عن الصرح في العام 1971 في احتفال
تكريمي للشاعر الراحل، ويرتفع التمثال على ارتفاع يقارب الـ(2.5م) مستنداً على منصة
من الآجر مغلفة بالمرمر ومنقوش عليها نبذة تعريفية مختصرة بحياة السياب إضافة إلى
مقطع من أبياته الشهيرة:
الشمس أجملُ في
بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل، فهو يحتضن
العراق
وتكاد تكون
الزوارق النهرية من أهم ّ المظاهر الترفيهية في الكورنيش، التي يملكها بعض الصيادين
وأقاربهم لتحمل العوائل والشباب في جولات شاطئية إلى أعماق شط العرب ، وتنتعش
بحركتها في أيام ومواسم الجمع والعطل الرسمية والاعياد ، وهي نوعان من الزوارق،
أولها، الزوارق ذات المحرك الاعتيادية، والتي تخصص غالباً إلى العوائل وتتميز بكبر
حجمها، وإنسيابيتها وهدوئها كونها مصنوعة من الخشب ، والثانية هي الزوارق ذات
المُحرك النَفاث وتُخصص غالباً إلى الشباب كونها تتسم بالإثارة والمغامرة لسرعتها
الشديدة.
الكازينوهات
الشبابية تسيطر على أغلب المحال التجارية في الكورنيش، إذ تصطف عشرات المقاهي
والكازينوهات الصيفية والشتوية على إمتداد الشارع، مقدمة إلى زبائنها المشروبات
الغازية والشاي والقهوة، إضافة إلى الاركيلة وبعض وجبات الطعام الخفيفة التي تعد
على الفحم.. ويقتطعها فندق البصرة الدولي الذي أُعيد تأهيله توا، وكان يسمى
سابقا(فندق الشيراتون)وهو يطل على شط العرب بنوافذه الزرقاء الزجاجية التي تشبه لون
الشاطئ.
ويخصص بعض
الكازينوهات الأخرى قاعات للألعاب الفيديوية وصالات للبلياردو وكرة المنضدة، في
الغالب تكون الأسعار داخل هذه المقاهي سياحية، مرتفعةً عن مثيلاتها الشعبية داخل
المدينة.
كورنيش شط العرب مُلهم للجميع مما يجعل الرواد لهذا
المكان الجميل يشعر في حيرة من أمره في الجلوس والتمتع بناظريه والتنفس من عبير
الشاطئ ..ويقضي وقتاً طويلاً يتذكر فيه الأيام الخوالي الماضية ومايتحدث به الأباء
والأجداد عن المراكب والسفن والشختورات التي كانت تمخر شط العرب.