وافقت السلطات الصحية في أستراليا على تركيبة دوائية مبسّطة لعلاج شكل من أشكال الملاريا لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و16 عامًا، ما يشجع البلدان الأخرى على الموافقة على هذا العلاج وما يوفره من سلاح جديد في المعركة ضد هذا المرض المميت.
وفي تقريرها الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) الأميركية، قالت الكاتبة أبوورفا ماندافيلي إن هذا الدواء عبارة عن جرعة واحدة من التافينوكوين (tafenoquine) يتناولها المريض مع علاج الكلوروكين (chloroquine) التقليدي. وقد أعلنت منظمة "مشروع الأدوية لمكافحة الملاريا" غير الربحية، التي ساعدت في تطوير هذا الدواء، عن موافقتها على اعتماده يوم الاثنين.
يمكن للتافينوكوين، الذي تنتجه شركة "غلاكسو سميث كلاين" (GlaxoSmithKline)، علاج نوع من الملاريا يسببه طفيلي المتصورة النشيطة (Plasmodium vivax) الأكثر شيوعًا في جنوب وجنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية والقرن الأفريقي.وفقًا لجورج جاغو، نائب الرئيس التنفيذي في منظمة "مشروع الأدوية لمكافحة الملاريا"، فإن هذا العقار مرشح للموافقة عليه في 9 دول بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية.
تعد الملاريا من أكثر الأمراض المعدية فتكًا. في عام 2019، تم تسجيل 229 مليون إصابة جديدة و558 ألف حالة وفاة. وارتفعت الأرقام خلال جائحة "كوفيد-19" إلى 627 ألف حالة وفاة في عام 2020.
سُجلت معظم حالات الوفيات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تعتبر موطنًا لنوع من طفيليات الملاريا يسمى "المتصورة المنجلية" (Plasmodium falciparum)، وأغلبها في صفوف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات. وفي أكتوبر/تشرين الأول، صادقت منظمة الصحة العالمية على أول لقاح للملاريا أنتجته شركة "غلاكسو سميث كلاين" ضد طفيلي "المتصورة المنجلية".
يسبب طفيلي المتصورة النشيطة ما يصل إلى 5 ملايين إصابة بالملاريا سنويا، ويعد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنتين إلى 6 سنوات أكثر عرضة للإصابة بالمرض بـ4 مرات مقارنة بالبالغين.



القيء وآلام في العضلات

يمكن أن تسبب العدوى أعراضًا حادة بدءًا من الحمى والقشعريرة وصولا إلى القيء وآلام في العضلات. ويمكن أن تختبئ المتصورة النشيطة في الكبد مما يؤدي إلى حدوث انتكاسات بعد شهور أو حتى سنوات من التعرض الأولي للطفيلي. ويمكن أن تؤدي هذه النوبات إلى الإصابة بفقر الدم الحاد وتلف الدماغ الدائم والموت. ويوضح جاغو أن "هذه هي السمة المميزة للملاريا النشيطة".
تستهدف معظم العلاجات، بما في ذلك الكلوروكين، مجرى الدم لمنع تكرار العدوى والأعراض المرتبطة بها. ولكن التافينوكين يلاحق الخلايا النائمة في الكبد. وبالاقتران مع الكلوروكين، يمكن أن يقدم التافينوكين ما يسميه العلماء "العلاج الجذري".
في يوليو/تموز 2018، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أن تكون جرعة 300 مليغرام من التافينوكين علاجا جذريا للمتصورة النشيطة لدى البالغين والمراهقين الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما فما فوق. وقد نسجت هيئات تنظيم الأدوية في أستراليا والبرازيل وتايلند وبيرو على نفس المنوال.

تُعطى التركيبة الجديدة للأطفال في شكل قرص واحد صغير بحجم 50 مليغراما قابلا للذوبان في الماء، وهو علاج يسهل على الأطفال تناوله مقارنة بالأقراص الحالية المطورة للبالغين التي يتم تناولها على امتداد 7 أو 14 يومًا.


الاقتراب من هزيمة المرض

في بيان له، قال ديفيد ريدي، الرئيس التنفيذي لمشروع أدوية الملاريا، "اليوم، لدينا أداة لوضع حد لطفيلي يهاجم بلا هوادة البالغين والأطفال، نحن نقترب خطوة واحدة من هزيمة هذا المرض".
ويمكن تقييم أدوية المتصورة المنجلية بسرعة، ولكن نظرًا لأن المتصورة النشيطة تسبب عدوى متكررة تتطلب التجارب متابعة أطول. وأكد جاغو أن المريض لن يصاب بالمرض بعد 6 أشهر من تلقي علاجات المتصورة النشيطة.

قام الباحثون بتقييم جرعات مختلفة من الدواء، استنادا إلى الوزن، بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عامًا والذين يزنون 22 رطلا على الأقل، وبمشاركة 60 طفلا مصابًا بالملاريا النشيطة من 3 مواقع في فيتنام وموقع واحد في كولومبيا. وتم إعطاء كل الأطفال جرعة واحدة من التافينوكين وجرعات من الكلوروكين وفقًا للإرشادات المحلية أو الوطنية لعلاج عدوى مرحلة الدم النشطة.
وقد أفاد الباحثون بأن حوالي 62% من الأطفال أبلغوا عن بعض الآثار الجانبية، وهي نسبة مماثلة لتلك التي لوحظت عند البالغين والمراهقين. ولم تكن أي من الآثار الجانبية شديدة، وفي 4 أشهر، كان العلاج فعالا بنسبة 95% في منع تكرار العدوى.