أسباب الغزو الفكري
الغزو الفكري
عند البحث في كتب اللغة والمعاجم عن كلمة الغزو فإنّ معناها الوارد هو الهجوم على الناس وقتالهم في عقر دارهم، ولم يكن مصطلح الغزو يُستعمل إلّا في هذا المعنى؛ أيّ: الحروب والقتال، ولكن مؤخّرًا في العصر الحديث ظهر مصطلح دقيق عند العرب والمسلمين ليُعبّر عن الأساليب التي يتبعها الغرب لتدمير ثقافتها من الداخل، والغزو الفكري عمومًا يعني إغارة أعداء أمّة من الأمم على تلك الأمّة بأسلحة فكريّة من نوع معين بقصد تدمير عزائم أبنائها وقواهم والمقوّمات الثقافيّة التي يرتكزون عليها، وأمّا بمعناه الخاص بالعرب والمسلمين فهو: "الوسائل غير العسكرية التي اتخذها العدو الصليبي لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام"، وسيقف هذا المقال مع أسباب الغزو الفكري.
أسباب الغزو الفكري
بعد الوقوف على مصطلح الغزو الفكري وتأصيله وبداياته وكيف جاء بقي أن يُوقف على أسباب الغزو الفكري عند كلّ أمّة من الأمم، أو بتعبير أدق الأسباب التي تدفع أمّة ما إلى غزو أمّة أخرى، فمثلًا أسباب الغزو الفكري من أمم الغرب للأمّة العربيّة والإسلاميّة، فيمكن تلخيص أسباب الغزو الفكري ذلك بما يأتي:
- العداء القديم بين أمم الصليب وأمم الإسلام: فقد أدركت أمم الغرب منذ أيّامالحروب الصليبية أنّ الرابط الذي يجمع أمم الإسلام هو الإسلام وحسب، فهو الذي يجمع العربي مع ابن القومية الأخرى، فوجدوا أنّ السبيل الأمثل إلى ذلك هو ضرب الإسلام في معتقدات المسلمين؛ وذلك من أجل السيطرة على أراضيهم من دون تكلفة عسكرية.
- الاحتلال الغربي للمجتمعات العربية والإسلامية: فمن خلال احتلال الغرب للدول العربية والإسلامية مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أصبحت تلك المجتمعات سوقًا رائجةً لتصريف منتوجاتهم الثقافية في تلك المجمعات التي فككتها باحتلالها.
- التقدم العلمي الغربي: إنّ التقدم العلمي عند الغرب الذي يبهر العقول ويسحر الألباب جعل من مهمتهم في الغزو الفكري لتلك المجتمعات أسهل.
- الضعف الفكري والتفكك الاجتماعي للمجتمعات الهدف: فقد عانى المجتمع العربي الإسلامي من تفكك كبير ضعف فكري وثقافي جعل منه لقمةً سائغةً أمام الذي جعلوه هدفهم للإجهاز عليه فكريًّا وثقافيًّا.
- تخلف الشعوب العربية والإسلامية عن ركب الحضارة: فحين انشغلت الشعوب العربية والإسلامية عن ركب الحضارة وأصابها الوهن والتّخلّف والاضطراب انشغلت بسفاسف الأمور عن الجوهر، فتخلّفت علميًّا واقتصاديًّا وحضاريًّا وفي جميع الأصعدة.
- الفراغ العقدي في المجتمع الإسلامي:وقد دلّ على ذلك سلوكيّات المسلمين أنفسهم، ولعلّ تدمير العقيدة في نفوس المسلمين هو الخطوة الأكبر لتدمير ثقافتهم ومحو هويتهم.
مظاهر الغزو الفكري
بعد الوقوف على تعريف الغزو الفكري وأسبابه بقي أن يُذكر شيء عن مظاهره لتوضيح ذلك الأمر، فمثلًا حين احتلّت بريطانيا العظمى بعض المستعمرات في القرنين الثامن والتاسع عشر فإنّها فرضت موادّ تعليميّة خاصّة لزرع أفكارها في لا وعي الشعوب المستهدفة، ومن أبرز مظاهر الغزو الفكري للغرب حين غزو المجتمعات الإسلامية هي:
- حملات تشويه الثقافة الإسلاميّة على الأصعدة كافّة؛ من حيث العقائد والتراث والتاريخ والفِكر.
- إبعاد العلماء عن مراكز التوجيه والسلطة.
- إحياء النزعات الجاهليّة؛ كالدعوة إلى القوميات والفرعونية وغير ذلك.
- التعليم والثقافة؛ فلا أسهل من بث الفِكَر الغريبة بين طيّات المناهج العلميّة.