ورش ومسابقات حول النظام الشمسي انتظمت مجددا بين المدارس العمومية في محيط مراكش
بعد توقفه لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا، انتظمت فعاليات مهرجان الفلك في نسخته الـ21 بمدينة مراكش بإشراف الجمعية المغربية للتصوير الفلكي تحت شعار "مساهمة هواة الفلك في علم الفلك الاحترافي" ما بين 28 فبراير/شباط و6 مارس/آذار الجاري.
وقال حسن الطالبي، أستاذ اللغة العربية ومبسط لعلم الفلك في حديث للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني، إن "المهرجان يهدف إلى نشر الثقافة الفلكية العلمية والرفع من المجال العلمي الدقيق في أوساط الطلبة والمهتمين، كما يسعى لإبراز التعاون في مجال علم الفلك بين العلماء المتخصصين والهواة ثم إبراز أهمية المرأة الأفريقية في هذا المجال".
وقد قدم المهرجان في دورته الـ21 باقة متنوعة من المواضيع الفلكية، منها البحث عن الكواكب الخارجية والتحليل الطيفي وكيفية قراءة السماء، ثم آثار الاصطدامات والنيازك والبحث عن الفوتونات والتلوث الضوئي، إضافة إلى أصوات الكواكب ثم مسارات الفلكيات الأفريقيات.
بعد سنتين من توقفه عرف مهرجان مراكش للفلك حضورا جماهيريا واسعا
ربط المحترفين بالهواة
وتتجلى خصوصية النسخة الحالية من المهرجان في كونها مخصصة للربط بين الفلكيين الهواة والمحترفين في مجال الرصد الذي يهم الباحثين في أبحاثهم، لكون الهواة منتشرين أكثر من المحترفين بالمغرب، وفق زهير بن خلدون مدير مرصد أوكايمدن بمراكش في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف.
ومن جهته، يقول حسن الطالبي في هذا الصدد إن التشبيك بين الطرفين "يتم من خلال مساهمة الهواة في رصد الظواهر الفلكية، كرصد الأهلة والشهب والنيازك، ورصد الكويكبات وتبسيطهم لمواضيع علم الفلك أثناء الأنشطة، مضيفا أن "المتخصصين يسهمون في تعميق المعرفة الفلكية وتقريب المستجدات العلمية الفلكية للهواة وتبسيطها لهم حتى يتمكنوا من نقلها للجمهور العام".
وفي السياق ذاته، يوضح عزيز كعواش عضو الجمعية المغربية للتصوير الفلكي للجزيرة نت عبر الهاتف أن "فكرة إنشاء تكتل لهواة مصوري الفلك بالمغرب، انطلقت من دورات تدريبية أطرها باحثون في جامعة القاضي عياض بمراكش حول الكواكب الخارجية، وتعلمنا منها عدة مهارات، وبفضلها استطعت رصد 9 كواكب خارجية من مرصد أوكايمدن".
المهرجان في نسخته الـ21 تميز بتواصله مع جمهور عريض خاصة طلبة الجامعات وتلاميذ المدارس
ويضيف كعواش "تمكنت في شهر سبتمبر/أيلول 2021 من تمام عملية رصد 6 كويكبات تابعة للحزام الرئيسي للمجموعة الشمسية وكويكب قريب، وقد حصلنا على اعتراف دولي بالجهود التي نقوم بها في المرصد وفق متطلبات البحث العلمي العالمي".
ويؤكد أن "هذا المجال يتطلب معدات غالية الثمن، وهو ما دفعنا للتكتل في الجمعية المغربية للتصوير الفلكي، للتعاون على اقتناء المعدات المتطورة التي نوظفها أيضا في تدريب الطلبة ومحبي علم الفلك في المهرجانات".
احتفاء بالنساء في علم الفلك
ويقول حسن الطالبي في حديث للجزيرة نت، إن "حضور المرأة في المهرجان حضور متميز يزداد كل دورة سواء في المشاركات من العالمات والطالبات والهاويات والمستفيدات، كما يسعى القائمون على المهرجان لاستدعاء متخصصات من خارج الوطن".
وقالت جميلة شوقار الباحثة في جامعة القاضي في علم الفلك للجزيرة نت عبر الهاتف، إن "الاتحاد العالمي للفلك يقوم كل عام بتشجيع الدول على تنظيم مثل هذه المهرجانات وتشجيع النساء على الاندماج في مجالات العلوم عامة وفي مجال علم الفلك خاصة".
تفاعل الجمهور مع فعاليات مهرجان الفلك عبر الحضور وعبر مواقع التواصل
مضيفة أن "حضور المرأة في مثل هذه المجالات يعكس تطور دور المرأة في المجتمع وأنه أصبح بمقدورها المشاركة في كافة المجالات والتميز فيها دون قيد أو شرط، ومنذ زمن بعيد وحتى يومنا هذا رأينا الكثير من الأمثلة الحية على ذلك".
وتتابع جميلة شوقار -التي ناقشت أطروحتها في علم الفلك ضمن فعاليات المهرجان- قائلة "تهدف أطروحتي إلى دراسة الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية، خاصة الكواكب التي تسمى بالأرض العملاقة، وكواكب نبتون القزم، حيث قمت بنمذجة مختلف الأغلفة الجوية التي يمكن أن تمتلكها أو تشكلها تلك الكواكب، وذلك بناء على البنية الحرارية للغلاف الجوي".
التواصل مع الجمهور العام
ويشير زهير بن خلدون في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف إلى أن مهرجان الفلك "يتوخى تقريب علم الفلك للجمهور العام، وخاصة الشباب من الطلبة والتلاميذ بالمدارس، حتى نقوي لديهم حب العلم بصفة عامة، والاتجاه نحو الدراسات العلمية في مسارهم الدراسي".
وحسب الطالبي، فإن الجمهور المغربي "يتفاعل مع المهرجانات الفلكية إيجابيا بشكل ملحوظ ومتزايد بفضل مجهودات الجمعيات النشطة وأهمها جمعية مراكش لعلم الفلك، كما أن تنويع الأنشطة -مكانا وجمهورا- يرفع عدد المستفيدين، وقد تفاعل الجمهور مع فقرات المهرجان عن بُعد من خلال منصة زوم ومواقع التواصل الاجتماعي".
الباحثة كاترين كولونبرغ من بلجيكا قدمت محاضرة حول موسيقى النجوم
وإضافة إلى المحاضرات الموجهة للجمهور، تم تنظيم ورشات ومداخلات في مجموعة من المدارس الثانوية والابتدائية نواحي مدينة مراكش، لفك العزلة الثقافية لهذه المناطق النائية، وتم تنظيم مسابقة لتلامذة المدارس الابتدائية حول النظام الشمسي، من أجل الدفع بالتلاميذ لتقديم اقتراحات في صناعة نماذج للنظام الشمسي.
وتم اختتام المهرجان بسهرة فلكية في مرصد أوكايمدن بين يومي السبت 5 مارس/آذار والأحد 6 مارس/آذار الجاري لمراقبة الأجرام السماوية، كما تم تكريم أساتذة متميزين في تبسيط علم الفلك للعموم، منهم الأستاذ حسن الدغماوي في جامعة الأخوين بمدينة إفران، والأستاذ حسن الطالبي أستاذ اللغة العربية بالتعليم الثانوي.
وينهي الطالبي حديثه للجزيرة نت بالقول "من خلال تجربتي الشخصية تلعب المشاهدة الفلكية دورا مهما في فتح عيون الناس على السماء وظواهرها، ونشر هواية علم الفلك وتحفيزهم للانخراط في أنشطته، بحضور المختصين في الرصد العلمي الدقيق، وحضور المنشطين الهواة، في سماء تكاد تكون مثالية، وهي فرصة نادرا ما تتاح للجمهور العادي".