تقدم المؤثرات البصرية لصانعي الأفلام القدرة على إنشاء أكوان خيالية تخطف الأنفاس يستحيل تصويرها في العالم الحقيقي.
اعتمد فيلم "أفاتار" بشكل أساسي على المؤثرات البصرية التي تجعل الخيال حقيقيا على الشاشة (مواقع التواصل الاجتماعي)
في هوليود، تعد المؤثرات البصرية جزءًا مهما من صناعة الأفلام، وأحيانا قد لا يهم مدى جودة كتابة النص، فإذا لم تكن المؤثرات البصرية الخاصة به مقنعة بدرجة كافية، فلن يصدقه الجمهور.
إذا كنت من محبي السينما، فمن المحتمل أنك شاهدت الكثير من الأفلام التي أبهرتك بشكل خاص من الناحية البصرية، مثل أعمال "حرب النجوم" (Star Wars) أو "أفاتار" (Avatar)، والتي تعتمد بشكل أساسي على المؤثرات البصرية وتجعل الخيال حقيقيا على الشاشة.
تقدم المؤثرات البصرية لصانعي الأفلام القدرة على إنشاء أكوان خيالية تخطف الأنفاس يستحيل تصويرها في العالم الحقيقي، ولكن هذه التأثيرات المرئية ليست مقصورة على الأفلام الخيالية أو الملحمية عالية الميزانية، إذ يستخدم المخرجون مؤثرات بصرية في أكثر أفلامهم واقعية من أجل سرد قصصهم بشكل أكثر فعالية.
ما المؤثرات البصرية؟
يمكن تعريف المؤثرات البصرية بأنها إنشاء أو معالجة أي صور على الشاشة غير موجودة فعليًا في الحياة الواقعية. تسمح المؤثرات البصرية لصانعي الأفلام بإنشاء بيئات، كائنات ومخلوقات، وحتى أشخاص قد يكون من غير العملي أو من المستحيل تصويرهم في لقطة حية. غالبًا ما تتضمن المؤثرات البصرية في الفيلم دمج لقطات التصوير الحية مع الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الحاسوب "سي جي آي" (CGI).
ولكن يجب التفرقة هنا بين مصطلحين مختلفين يتم الخلط بينهما بسهولة، وهما المؤثرات البصرية (Visual effects) والمؤثرات الخاصة (Special effects). فعلى عكس المؤثرات البصرية، يتم صنع المؤثرات الخاصة في الوقت الفعلي أثناء التصوير؛ تشمل الأمثلة الألعاب النارية والمطر المزيف، في حين تتم إضافة جميع المؤثرات البصرية بعد التصوير في مرحلة ما بعد الإنتاج.
تاريخ المؤثرات البصرية
في عام 1857 أي قبل اختراع السينما بحوالي 40 عامًا، أنشأ أوسكار ريجلاندر أول مؤثرات بصرية في العالم من خلال دمج أقسام مختلفة من 32 نسخة سلبية من صورة فوتوغرافية في صورة واحدة، مما أدى إلى تكوين أول طباعة مركبة.
أما في السينما فإن أول مؤثرات بصرية على الإطلاق كانت عام 1895 على يد ألفريد كلارك في فيلم "ماري ملكة أسكتلندا" (Mary, Queen of Scots)، فخلال تصوير مشهد قطع رأس الملكة ماري، أمر كلارك الممثلة بالجلوس في مستوى طاولة الذبح بزي ماري وعندما رفع الجلاد الفأس فوق رأسها، أوقف كلارك الكاميرا، وتجمد جميع الممثلين، والممثلة التي لعبت دور ماري خرجت من الكادر ووُضعت دمية في مكانها، واستؤنف التصوير، وقطع الجلاد رأس الدمية.
لم يكن هذا هو أول استخدام للمؤثرات البصرية في السينما فحسب، بل كان أيضًا النوع الأول من حيل التصوير الممكن فقط في الصور المتحركة، ويشار إلى هذه الحيلة السينمائية باسم "إيقاف الحركة" (Stop motion).
واكتشف جورج ميليس، أحد رواد صناعة السينما، بالصدفة الخدعة نفسها أي وقف الكاميرا، ثم تغيير تفصيلة في الكادر، وإكمال التصوير لصنع الوهم، واستمر في عملية تطوير أو اختراع تقنيات مثل التعرض المتعدد لنسخ الأفلام، والتصوير الفوتوغرافي بفاصل زمني، وفيلمه الأكثر شهرة "رحلة إلى القمر" (Le Voyage dans la lune) اقتباس من رواية بالاسم نفسه للكاتب جول فيرن، ويتميز بمزيج من التصوير الحي والرسوم المتحركة.
أنواع المؤثرات البصرية
في الوقت الحالي اختلف الأمر كثيرًا عن هذه الخدع البدائية، هناك العديد من الجوانب لعملية تصميم وتنفيذ المؤثرات البصرية، ولكن يمكن تقسيمها إلى 3 أنواع رئيسية، هي "سي جي آي" أو الصور التي يتم إنشاؤها بواسطة الحاسوب (Computer-generated imagery) والتركيب والتقاط الحركة. كل من هذه الأنواع يتم إما بعد التصوير الرئيسي وإما في وقت لاحق في أستوديو مخصص، حيث يستخدم فنانو المؤثرات البصرية أدوات تساعد على مزج هذا الخط الفاصل بين "الحقيقي" وغير الواقعي".
صور بواسطة الحاسوب
"سي جي آي" أي الصور التي يتم إنشاؤها بواسطة الحاسوب، هو المصطلح المستخدم لوصف المؤثرات البصرية التي يتم إنشاؤها رقميًا في الأفلام والمسلسلات. يمكن أن تكون رسومات الحاسوب هذه ثنائية الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد، ولكن تتم الإشارة إلى "سي جي آي" بشكل عام عند الحديث عن المؤثرات البصرية ثلاثية الأبعاد.
أكثر العمليات التي يشعي استخدام "سي جي آي" فيها هي النمذجة ثلاثية الأبعاد، أي إنشاء تمثيل ثلاثي الأبعاد لأي كائن أو سطح أو كائن حي. تظهر إمكانيات "سي جي آي" بشكل أكثر وضوحًا عندما يستخدمه الفنانون لإنشاء شيء غير موجود، مثل تنين أو وحش. كذلك يمكن لمتخصصي المؤثرات البصرية استخدامه لملء ملعب كرة قدم بحشد من المشجعين أو جعل الممثل يبدو أصغر سنًا، مثل روبرت دي نيرو في فيلم "الأيرلندي" (The Irishman) الذي أخرجه مارتن سكورسيزي.
التركيب
يُطلق عليه أيضًا "مفتاح الكروما" (Chroma)، وفيه يقوم فنانو المؤثرات البصرية بدمج عناصر مرئية منفصلة لجعلها تظهر كما لو كانت في المكان نفسه. تتطلب هذه التقنية التصوير على شاشة خضراء أو شاشة زرقاء يستبدلها الفنيون لاحقًا بعنصر آخر باستخدام برنامج التركيب في مرحلة ما بعد الإنتاج.
وهذا النوع من المؤثرات البصرية أقدم من استخدام "سي جي آي"، إذ تعود أصوله إلى الأفلام الكلاسيكية عندما كان يتم دمج اللقطات المصورة مع خلفيات تبدو كما لو أنها مناظر طبيعية، ومن أشهر الأمثلة على استخدامها فيلم "ساحر أوز" (The Wizard Of Oz).
التقاط الحركة
غالبًا ما يتم اختصار هذا النوع باسم "موكاب" (Mocap)، التقاط الحركة هو عملية تسجيل رقمي لحركات الممثل، ثم نقل تلك الحركات إلى نموذج ثلاثي الأبعاد تم إنشاؤه بواسطة الحاسوب، وتتضمن هذه العملية تسجيل تعبيرات وجه الممثل، ويطلق على هذا النوع أيضًا اسم "التقاط الأداء".
تتضمن إحدى طرق التقاط الحركة الشائعة وضع أحد الممثلين في بذلة مغطاة بعلامات خاصة يمكن للكاميرا تتبعها، ويتم بعد ذلك وضع البيانات التي تم التقاطها بواسطة الكاميرات على نموذج هيكل عظمي ثلاثي الأبعاد باستخدام برنامج التقاط الحركة.
من أشهر الأفلام التي استخدمت هذه التقنية الثلاثية "ملك الخواتم" (lord Of The Ring) في تقديم شخصية غولوم الإنسان الذي تحوّل إلى وحش بعدما استحوذ عليه الشغف بالخاتم السحري وقوته الخارقة.
المؤثرات البصرية هي ذلك المفتاح السحري الذي يجعل الأفلام تشبه الأحلام، فننتقل من المستقبل إلى الماضي، من أجلها يتوقف حتى الزمن ذلك الذي يشكل ملامح الممثلين، وتظهر الأعاجيب من وحوش لم يعرفها الإنسان إلى أكثر كوابيسه وحشية، فقط على صناع الأفلام إطلاق خيالهم، وتطويع أدواتهم لخلق عالمهم السينمائي المثالي.