كيف انتهى الراتب؟ قال: لا تسأل انتهى والسَّلام!
8 مارس،
في الآونةِ الأخيرة، عندما نشتري غرضًا من متجر، أو حاجيَّات من أيّ بقالة، نسمع المحاسب يسألنا قبل دفعِ الحساب: كاش أم بطاقة؟ ربَّما أكثرنا يستخدم البطاقة، وهي والنقد سواء على كلِّ حال!
من أصعب المهامّ المعيشيَّة ضبط ميزانية مصروفات الأسرة، وتزداد صعوبةً في فترة ما قبل شهر رمضان وفي الأعياد. الدعاية ونزوات التسوق على الدوام تحثنا على استهلاكِ الراتب – المسكين – وحرقه سريعًا على عَجَل!
عندما بدأتُ سنوات العمل كان الرَّاتب يرسل من الشَّركة نهاية كلّ شهر إلى صندوقِ البريد في “شيك” بنكي، وفي اليوم التَّالي يصطف الموظفون في طابورٍ لاستبداله بمبلغٍ نقدي من مكتب صرف الشركة، ومنا من كان يودعه في حسابه البنكي ثم يصرفه دفعةً واحدة أو على دفعات نقدًا. نصرف منه كل يوم شيئًا فشيئًا على قدر الرِّيالات، إذا قلَّت الرِّيالات قلَّ الصَّرف وإذا توفرت زاد الصَّرف، هكذا حتى يأتي الرَّاتب الذي يليه، ومنا من يستدين قبل نهاية الشهر.
في هذه الآونة، تطورت أنظمةُ المصارف بالدفع الإلكتروني، بطاقة الحساب في جيبي ولا أشعر بالصرف من الحساب. وكما يقول حفيدي الصَّغير: والدي يدفع بالبطاقة! ولا يرتفع النَّهار في بعضِ الأيَّام إلا وقد قصمتُ ظهرَ الراتب، ذلك لأنني لا أشعر بنقص الرَّصيد إلا بعد النظر فيه متأخرًا.
هذه الخاطرة نصيحة من غير مختصّ، فإذا كان القارئ الكريم لديه وجهة نظر أفضل في ترشيد الاستهلاك الشهري، فذلك هو المطلوب. وإلا فهي فقط للتذكير بأن بعض المواسم تتطلب ضبطَ ميزانيَّة العائلة، بصورة أدقّ، وعلى الخصوص إذا كان في العائلة أطفال، لا يدركون كم تكلف الأشياء!
المهم في ضبط ميزانية الأسرة ألا يضطر ربّ الأسرة للاستدانة والقروض البنكية، إذا كان ممكنًا تحاشيها فذلك ما ينبغي فعله. الكثرة تغلب الشجاعة، أقساط مدارس. إيجار سكن. عاملة منزليَّة. سيَّارة للزوج وأخرى للزوجة. فواتير خدمات، كلها جنودٌ بواسل تقاتل متَّحدة ضدَّ الراتب المنفرد، فمهما يكن الراتب قويًّا ونشيطًا، يتعرض للهزيمةِ والغلبة!
لرسول الله (صلى اللهُ عليه وآله) نصيحة اقتصاديَّة رائعة: “الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة”. فيا ليتنا نتبع هذا النظام الاقتصاديّ ولا نسمع لمن قال: اصرف ما في الجيب يأتيكَ ما في الغيب. ونصيحة ثانية له (صلى اللهُ عليه وآله): “إياكم والدَّين، فإنه همّ بالليل وذلّ بالنهار”. مع ذلك، ألا ترون أنَّ الكثير منا عليه ديونٌ بعدد شَعر رأسه!