إبليس وشايف حالي!
ابتدعَ إبليس دروسًا خطيرة في اللَّجاجةِ والعناد والعنصرية، فاستحقَّ أن نعطيه لقبَ ”أستاذ“ بكل جدارة. أي نعم، أستاذ في الباطل لكنه أستاذ. تعالوا لنفهم في جملةٍ قصيرة أول درسٍ من دروس العنصريَّة من اختراع إبليس: أنا من نارٍ وآدم من طين، إذًا أنا - إبليس - أفضل من - آدم - لن أسجد لآدم ولن أطيعَ أوامره!
تعلمنا، أنا ومن على شاكلتي، هذا الدَّرس من إبليس ومارسناهُ في عنصريَّات مختلفة: أنا ابن فلان وهو ابن فلان.. هو أسود وأنا أبيض.. أنتَ فقيرٌ وأنا غنيّ.. أنتَ من تلك الجنسيَّة والبلاد وأنا من تلك الجنسيَّة والبلاد، وهاتِ عندكَ ما تستطيع أن تقارن به النَّاس من صفاتٍ ليس لها علاقة بجوهرهم. إنَّ أقبحَ درسٍ تعلمته - أنا ومن يشبه طبعي - من إبليس أن نصنف النَّاس على مراتب زائفة. ما أن نرى ضعيفًا إلا استقوينا عليه، أما من هو أقوى منا نضعه فوقَ رؤوسنا، وكما يحكي المثل الشعبي ”أبي ما يقدر إلَّا على أمّي“!
يروى أن رجلًا موسرًا جاءَ إلى رسولِ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله» نقيّ الثوب فجلس إلى رسولِ الله «صلى اللهُ عليه وآله»، فجاءَ رجلٌ معسر درن الثوب فجلس إلى جنبِ الموسر، فقبضُ الموسرُ ثيابه من تحتِ فخذيه، فقال له رسول الله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: أخفتَ أن يمسَّك من فقرهِ شيء؟ قال: لا، قال: فخفتَ أن يصيبه من غناكَ شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسخَ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملكَ على ما صنعت؟
فقال: يا رسولَ الله! إن لي قرينًا يزين لي كلَّ قبيح، ويقبِّح لي كلَّ حسن، وقد جعلتُ له نصفَ مالي!.
فقالَ رسولُ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله» للمعسر: أتقبل؟
قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟! قال: أخافُ أن يدخلني ما دخلك.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ ، التَّفاخر والرقيّ يا إبليس إنما يكون في طاعةِ الله وليس للمخلوق خيار في المادَّة التي يُخلق منها. إنَّ الله لا يبغض خلقه لأنه خلقهم من مادةٍ دونَ أخرى، بل يبغض أفعالهم القبيحة التي نهاهم عنها ولم ينتهوا! إن المعيار في قيمة المخلوق هو تقواه وطاعته لخالقه، وليس الطِّين والنَّار!