قالوا : إذا كان الإمام غائباً بحيث لا يصل إليه أحدٌ من الخلق ولا ينتفع به ، فما الفرق بين وجوده وعدمه ؟ وإلاّ جاز أن يميته الله تعالى أو يعدمه حتّى إذا علم أنّ الرعيّة تمكّنه وتسلّم له وجده أو أحياه كما جاز أن يبيحه الاستتار حتّى يعلم منهم التمكين له فيظهره .
....
الجواب : أول ما نقوله : إنّا لا نقطع على أن الإمام لا يصل إليه أحدٌ ، فهذا أمر غير معلوم ،
ولا سبيل إلى القطع به .
ثمّ إن الفرق بين وجوده غائباً عن أعدائه للتقية ـ وهو في أثناء تلك الغيبة منتظر ان يمكنوه فيظهر ويتصرف ـ وبين عدمه واضح ،
وهو أنّ الحجة هناك فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالى ،
وههنا الحجة لازمة للبشر ، لأنه إذا خيف فغيّب شخصه عنهم كان مايفوتهم من المصلحة ـ عقيب فعل كانوا هم السبب فيه ـ منسوباً إليهم ، فيلزمهم في ذلك الذم ،
وهم المؤاخذون به ، الملومون عليه .
وإذا أعدمه الله تعالى ، كان ما يفوت العباد من مصالحهم ، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به ، منسوباً الى الله تعالى ، ولا حجّة فيه على العباد ، ولا لوم يلزمهم ، لأنهم لايجوز أن ينسبوا فعلاً للهّ تعالى .
#ولادة_الأمل_1188