الكويت تحتفي بعيدي الاستقلال والتحرير وتمدد فترة احتفالاتها الوطنية لنهاية مارس
بعد انقطاع لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، وما ترتب عليها من إجراءات احترازية صحية حالت دون إقامتها، قررت اللجنة الوطنية الدائمة للاحتفال بالأعياد والمناسبات الوطنية تمديد فترة برامج الاحتفالات حتى 31 مارس المقبل، في ظل ما أقره مجلس الوزراء الكويتي أخيراً من إجراءات لتخفيف القيود والاشتراطات الصحية المتعلقة بالوباء.
وتحتفل الكويت هذا العام اليوم وغداً السبت، بعيدها الوطني الـ 61 ويوم التحرير الـ 31 تحت شعار «جنة لنا كلنا» متضمنة برامج وفعاليات وأنشطة تضفي المزيد من أجواء الفرح والبهجة والفخر بتلك المناسبات التي تمثل ذكرى عزيزة وغالية على كل مواطن ومقيم على هذه الأرض. وجاءت انطلاقة احتفالات الكويتيين بأعيادهم الوطنية هذا العام، مع مراسم رفع راية البلاد في ساحة العلم بمركز (الشيخ جابر الأحمد الثقافي)، حيث تسلم الراية رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح بحضور رسمي وشعبي، إيذاناً ببدء الاحتفالات.
وكان العرض الحي الأول للفنون التراثية تحت عنوان «دار الجمايل» الذي أقيم بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بحضور رئيس مجلس الوزراء، باكورة فعاليات الاحتفالات الوطنية، حيث اشتمل على فقرات موسيقية وطنية، وعروض حية متنوعة لألوان من الفنون الشعبية إضافة إلى عرض مواد فلمية عن التراث الكويتي. وأكدت مختلف الأجهزة والجهات الحكومية المعنية، حرصها واهتمامها لإخراج فعاليات الأعياد الوطنية بصورة تليق بمكانة البلاد الثقافية والفنية. وجاءت الاحتفالات هذا العام، بصورة فريدة من وحي التراث الكويتي بإشراك مختلف أنواع الفرق الشعبية في الاحتفالات في مشهد هو الأول في تاريخ البلاد.
برامج متميزة
وتشهد محافظات البلاد الست هذا العام، برامج احتفالية مميزة تشارك فيها مختلف جهات الدولة، ومنها عرض لوزارة الدفاع بجانب أبراج الكويت بالتعاون مع وزارة الداخلية والحرس الوطني، بالإضافة إلى عرض جوي تنفذه القوة الجوية الكويتية.
كما تتضمن الاحتفالات بالأعياد الوطنية عروضاً خاصة في العديد من المواقع العامة مثل مركز (الشيخ جابر الأحمد الثقافي) وأسواق المباركية والحدائق العامة والمتنزهات والأسواق.
وعلى الرغم من انحسار الجائحة في الكويت بشكل كبير، إلا أن اللجنة الدائمة للاحتفال بالأعياد والمناسبات الوطنية، جددت دعوتها للكويتيين والمقيمين إلى الالتزام بالاشتراطات الصحية الكفيلة بضمان سلامة الجميع. وتمثل هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوب الكويتيين والتي تتزامن مع عطلة الربيع السنوية، فرصة حية يتعلم منها الجيل الجديد التلاحم لحماية البلاد من أي أخطار، كما تكتسي مباني وشوارع الكويت في هذه الأيام كالعادة، بألوان العلم البراقة التي تتزين بها البيوت والمباني والشوارع والسيارات، إلى جانب الإنارة المميزة التي تتزين بها الشوارع والمباني والأسواق، في مشهد يعكس أسمى المعاني الوطنية، وبمشهد عام يبعث على البهجة والسرور.
حققت الكويت على مدار أكثر من 60 عاماً نهضة تنموية شاملة في جميع المجالات، منذ نيلها الاستقلال عام 1961، فسنت القوانين والتشريعات التي كانت نواة لإنشاء مجلس تأسيسي لإعداد الدستور، الذي اتسم بروح التطور، ما أسهم بالمضي نحو النهضة والتقدم والازدهار، وسلوك نهج ديمقراطي مستمد من الدستور. وشهدت البلاد منذ بداية عهد الاستقلال وصدور الدستور، استقراراً أسهم في إنجاز القوانين والتشريعات المدنية والجنائية، كما تم تنظيم القضاء بجميع اختصاصاته، كما انطلقت الكويت لبناء علاقات دولية مع محيطها والعالم، مبنيّة على الاحترام المتبادل مع الجميع، لتبدأ مسيرتها التنموية الشاملة في جميع المجالات. ومنذ اكتشاف النفط في البلاد بكميات كبيرة، والذي جعلها إحدى أكبر الدول المصدرة له في العالم، أصبح اقتصاد الكويت أحد أهم اقتصادات المنطقة، لما يتميز به من مقومات وعوامل بارزة ساعدت على بنائه. وفي علاقاتها مع دول العالم، انتهجت الكويت منذ الاستقلال، سياسة خارجية متوازنة، قائمة على الانفتاح والتواصل مع المجتمع الدولي، كما سعت إلى تكوين الصداقات مع مختلف دول العالم، قائمة على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، مع الحفاظ على حسن الجوار، والتمسك بالشرعية الدولية وأسس القانون الدولي، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وفق ميثاق الأمم المتحدة.
إنجازات ومشاريع
وفي ما يتعلق بالتنمية، ففي عام 2017 أطلقت الحكومة الكويتية رؤيتها التنموية المستقبلية، بعنوان «كويت جديدة 2035» التي تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاج في الدولة، ومواصلة المسيرة، بتحقيق التنمية المتوازنة، وعمل بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والاجتماعية. وحققت الكويت خلال العقد الأخير عدداً مهماً من الإنجازات في مختلف المجالات ومنها تسمية دولة الكويت «مركزاً للعمل الإنساني»، وتسمية أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، «قائداً للعمل الإنساني». وحصلت الكويت على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن في عام 2017، كما كان لها دور مهم ومحوري في توقيع الاتفاقية التاريخية للمصالحة بين الأشقاء في الدول الخليجية.
وفي المؤشرات العالمية المختلفة، جاءت الكويت بالمرتبة الأولى عربياً والـ 27 عالمياً بمؤشر تنمية الشباب لعام 2021، كما احتلت المرتبة الأولى عربياً في مؤشر التقدم الاجتماعي للعام ذاته، كما كانت الأولى عربياً في تحقيق الأمن الغذائي، فيما حققت المرتبة الثانية عربياً بمؤشر الأمن وجودة الحياة، فيما سجلت المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً في قيمة أصول الصندوق السيادي بزيادة 3 أضعاف قيمته خلال 10 سنوات. وعلى صعيد المشروعات الكبرى في مختلف المجالات، تم إنشاء جسر (الشيخ جابر الأحمد الصباح) رابع أطول جسر بحري على مستوى العالم، إلى جانب افتتاح 10 جسور رئيسية على شبكة الخطوط السريعة.
وفي الرعاية الصحية، فقد تم إنشاء مستشفى «جابر الأحمد» الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وسادس أكبر مستشفى في العالم، كما تم إنشاء مدينة الجهراء الطبية الأكبر على مستوى الخليج والمنطقة العربية، كما حققت الكويت المرتبة الثالثة عربياً والـ 59 عالمياً ضمن مؤشر أمن الصحة العالمي في عام 2019. ومن المشاريع المهمة التي تم تدشينها في الكويت مشروع «الوقود البيئي»، الذي يعزز مكانة الكويت العالمية بصناعة تكرير النفط، وإنتاج المشتقات النفطية عالية الجودة والأكثر أماناً للبيئة، كما يعد أكبر محطة لاستيراد الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط والخامس عالمياً لتلبية احتياجات الطاقة النظيفة، وأحد أكبر مرافق استيراد الغاز المسال في العالم من حيث السعة التخزينية. وتم عمل مشروع «مصفاة الزور» الذي يوفر احتياجات البلاد المتزايدة من الطاقة الكهربائية، كما يوفر البنية التحتية الأساسية لتنفيذ مشروعات الدولة الأخرى، وتغطية ما تحتاجه من طاقة ومياه، فيما يأتي مشروع (مجمع الشقايا) للطاقة المتجددة الذي يعد الأول من نوعه على مستوى العالم، ليسهم في تحقيق خطة الكويت بحلول عام 2030 لإنجاز ما نسبته 15% من إجمالي الطلب على الطاقة من الطاقات المتجددة.
وفي قطاع التعليم، تم تأسيس مدينة «صباح السالم» الجامعية «الشدادية» أحد أكبر الصروح التعليمية على مستوى العالم.
أما على صعيد القطاع الإسكاني، فقد تم توزيع أكثر من 70 ألف وحدة سكنية منذ عام 2012 لمشاريع مدن «المطلاع وجنوب سعد العبد الله وجنوب صباح الأحمد وجنوب عبد الله المبارك وجنوب خيطان والوفرة السكنية وغرب عبد الله المبارك».
وفي مجال النقل، يأتي مشروع مطار الكويت الدولي الجديد، الذي سيزيد من القدرة الاستيعابية لمطار الكويت الدولي الحالي، إذ تتسع المرحلة الأولى منه إلى 25 مليون مسافـر سنوياً بمستوى الخدمة «A»، كما بالإمكان إنشاء مبنى يسمح بالتوسعة المستقبلية ليتسع لـ 50 مليون مسافـر سنوياً.
وفي الجانب الاقتصادي، استكملت بورصة الكويت عملية الإدراج في مؤشرات «مورغان ستانلي» للأسواق الناشئة، وهي علامة فارقة في مسيرة الاقتصاد الوطني، كما تمت زيادة الاستثمارات العالمية للصناعات الدوائية في الكويت. بدورها حققت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عوائد قياسية بلغت 18.9 مليار دولار أرباحاً استثمارية في عام 2020.
أما على صعيد تنمية ورعاية الشباب، فارتقت الكويت إلى المرتبة الأولى عربياً في دعم وتنمية الشباب، إذ تم تأسيس الصندوق الوطني لرعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأس مال ملياري دينار كويتي (حوالي 6.6 مليارات دولار) لدعم المبادرين من الشباب والخريجين، كما تم إنشاء جائزة الكويت للتميز والإبداع الشبابي لتكريم الشباب الكويتي على إنجازاتهم الإبداعية، وصعدت الكويت من المركز 110 إلى المرتبة 56 عالمياً وفقاً لمؤشر تنمية الشباب الصادر عن «رابطة كومنولث».
أما في المجال الثقافي، فقد هيأت الدولة البيئة الملائمة للإبداع الثقافي، مثل إصدار مجلة «العربي»، وإنشاء المجـلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأسست عدداً من المعالم الثقافية الحضارية الحديثة، أبرزها مركز الشيخ «جابر الأحمد» الثقافي، الذي يشمل دار الأوبرا وقاعات ومسارح عدة تقام عليها العديد من المهرجانات والمناسبات المختلفة، ومركز الشيخ «عبد الله السالم» الثقافي ويضم متاحف ومنشآت عدة، كما تم إعادة افتتاح قصر السلام وتحويله إلى متحف وطني.
وعلى الصعيد الرياضي، فقد تم افتتاح استاد جابر الرياضي، الذي يتسع لحوالي 60 ألف متفرج، وتم بناؤه وفقاً لأحدث المواصفات العالمية، كما تم إنشاء مجمع «الشيخ جابر العبد الله الجابر الصباح» الدولي للتنس، كأول مجمع متعدد المرافق والخدمات الأفضل من نوعه في الكويت والشرق الأوسط.
وفي ملف المرأة، دعمت الكويت، المرأة في مختلف الجوانب، فتم إشراكها في صنع القرار، إذ تقلدت مناصب قيادية عليا، مثل الحقائب الوزارية، ورئاسة مجالس إدارات ومؤسسات عامة وخاصة، إلى جانب دخولها البرلمان والمجالس البلدية، والتحاقها بالسلك الدبلوماسي، لتمثل البلاد في الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
ولم يفرق الدستور الكويتي، بين الرجل والمرأة في خطابه، وحرصت الدولة على احترام المرأة، وعدم الانتقاص من حقوقها، وذلك استناداً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، كما صادقت الكويت على الاتفاقيات التي تعنى بحقوق المرأة، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها، وفعّلت بنود الاتفاقية، لتصبح جزءاً من القوانين الوطنية في البلاد.
وفي مجال القوانين، أقر مجلس الأمة الكويتي 837 تشريعاً وقانوناً جديداً وتعديلات على القوانين، في آخر 10 سنوات، منها 218 قانوناً جديداً تشكل ما نسبته 26% من إجمالي القوانين الصادرة بتاريخ الحياة البرلمانية. ومن أبرز تلك القوانين، إنشاء وتأسيس محفظة استثمارية لدعم وتشجيع الطلبة الدارسين على نفقتهم الخاصة، وتعديل قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بشأن تقليص مدد الحبس الاحتياطي.
ومن أهم القوانين كذلك القانون رقم 101 لسنه 2013 في شأن التأمين ضد البطالة، وقانون التأمين الصحي للمتقاعدين، والسماح للمواطن بالطعن المباشر على دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية ومحكمة الأسرة وصندوق الأسرة وصندوق المتعثرين، وتعديل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعديل قانون محكمة الوزراء.
ومع حلول ذكرى التحرير الـ 31، يستذكر الكويتيون، رجالاً أطلق عليهم لقب «أبطال التحرير» كان لهم دور كبير في تحرير البلاد من براثن الغزو العراقي، وعلى رأسهم أمير البلاد الراحل، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، والأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح. وسطر أهل الكويت بطولات كثيرة تبقى ذكراها عالقة في أذهانهم، إذ استشهد العديد منهم، كما تم أسر الكثير، وذلك في سبيل الدفاع عن أرضهم ووطنهم الغالي وتحريره.
كما لن ينسى الكويتيون مواقف مشرّفة لعدد من القادة في هذه القضية، أبرزهم المغفور له خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ومؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، فقد وجها باستقبال القيادة الكويتية وأبناء الكويت موفرين لهم جميع التسهيلات ليشعروا بالأمن والأمان. واصطف العالم حول قضية احتلال الكويت.