منظومة جراد الروسية
أعدت إذاعة أوروبا الحرة تقريرًا تتحدث فيه عن الخطر الذي يواجهه المدنيون الأوكرانيون مع اشتدادا الهجمات الروسية شرقا.
في اللحظة التي انفجرت فيها الصواريخ الأولى، صاح جنود من سرية مشاة أوكرانية: "جراد! جراد!"، في إشارة إلى السلاح المرعب الذي صممه الاتحاد السوفيتي ويمكنه تسوية قرية بأكملها في غضون دقائق.
وبوجه شاحب صاحبه ارتجاف، ركض سيرهي أفركو وزوجته بأقصى سرعتهما على درجات سلم مبنى سكني مهجور، ليصلا إلى قبو عفن، ثم إلى زاوية بعيدة حالكة الظلام، حيث تم تحويل غرفة إلى مأوى مؤقت وثكنة للجنود. وكان صوت القصف يصم الآذان.
وبالنسبة لأفركو، كان القصف الصاروخي والاندفاع المحموم نحو المأوى بمثابة رسائل تذكيرية ترتجف لها القلوب بأن الصراع القائم في الدونباس قد يكون مميتا، وقد يتفاقم ويتسع بأي لحظة.
وقال سيرهي (57 عاما)، عامل سابق بمنشرة، إنه وزوجته لم يكن لديهما مأوى منذ سبتمبر/أيلول، عندما أدى تصاعد القصف إلى تدمير منزلهما، الأمر الذي جعله غير صالح للسكن، مضيفا: "إنه مجرد صندوق الآن."
وكان الاثنان يحاولان الاعتماد على النية الحسنة لسرية المشاة منذ ذاك الحين، حيث ينامان في المأوى الموجود بالقبو، ويحصلان على الطعام من المطبخ الذي يعد الطعام للجنود أيضًا.
وأضاف سيرهي: "نريد المغادرة. لكن ليس لدينا مكان نذهب إليه، ولا مال."
وفي 22 فبراير/شباط، بعد حلول الظلام بوقت قصير، سرعان ما أعقب انفجار قصير تفجير آخر، مما دفع الجنود إلى الصراخ والركض نحو الملاجئ الموجودة تحت الأرض.
وقال سيرهي إنه وزوجته ركضا بأقصى سرعة، ونزلا عبر سلالم الملجأ الخشبية ليصلا إل القبو حالك الظلام، ثم تجمعا مع الجنود المدججين بالسلاح.
وألحق القصف، الذي استمر ما بين 15 إلى 30 دقيقة، دمارا كبيرا بشقتين في المبنى المكون من طابقين بالجهة المقابلة من الفناء.
وقال أفركو: "عندما بدأ، ركضنا نحو القبو. كان الأمر فظيعا، مرعب بكل تأكيد. اعتقدنا أن البناية بأكملها تسقط علينا. فكرت في أنه لا يوجد سبب لنعيش من أجله في هذه المرحلة. هذه النهاية."
وأضاف سيرهي: "نجاتنا معجزة. كان يمكن أن يكون الوضع أسوأ."
ومن جانبهما، قال جنديان من سرية المشاة، طلبا عدم ذكر اسميهما، إن الهجوم كان هو الأول خلال فترة طويلة الذي تستخدم فيه قاذفات "جراد" لاستهداف موقع لايزال يعيش فيه مدنيون.
لكن لم تتمكن إذاعة أوروبا الحرة من التحقق من ذلك.
وألقى الجنديان باللوم على الانفصاليين المدعومين من روسيا، حيث قال أحدها: "لماذا ستستهدفنا قواتنا؟"
وأشارت إذاعة أوروبا الحرة إلى أن ما جعل سنوات الحرب الأولى في الدونباس مدمرة للغاية، وما قد يجعل أي صراع كبير جديد محتمل مدمر أيضا، هو استخدام أسلحة عشوائية ذات إمكانية "استهداف ذكية" دقيقة التوجيه قليلًا أو بدون.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنه خلال سبتمبر/أيلول 2021، سجلت 3.095 حالة وفاة مرتبطة بالصراع بين المدنيين، لا تتضمن الـ298 شخصا الذين قتلوا خلال إسقاط الخطوط الجوية الماليزية الرحلة 17 بمنطقة الحرب في يوليو/تموز عام 2014.
وأصيب أكثر من 7 آلاف مدني خلال الصراع الذي استمر حوالي ثمانية أعوام، بحسب مفوضية الأمم المتحدة.
ونزح أكثر من 1.5 مليون، بما في ذلك معظم سكان تريوخيزبينكا، بالرغم من أن السكان المحليين يقولون إن معظم الناس انتقلوا ليس بالضرورة بسبب الحرب ولكن انعدام الفرص الوظيفية والدخل.
وأشارت إذاعة أوروبا الحرة إلى أن صواريخ "بي إم-21 جراد" التي يزعم استخدمها في 22 فبراير/شباط صممها الاتحاد السوفيتي ومتوفرة على نطاق واسع في ترسانات الاتحاد السوفيتي السابق.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها "جراد" بالحرب في دونباس، حيث يسيطر الانفصاليون على أجزاء من مقاطعتين.
وفي 2015، استخدمت منظومة "MLRS" للهجوم على مدينة ماريوبول الساحلية التي تسيطر عليها الحكومة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص.