جنود أوكرانيون قرب مدرعة - أ.ف.ب
جثث متفحمة ومباني مدمرة تقف شاهدة على إحداثيات الساعات الأولى من الحرب الروسية على أحد الأحياء السكنية في تشوهويف شرق أوكرانيا.
شاب في الثلاثين من عمره، يجهش بالبكاء أمام جثة والده الذي قُتل في القصف على الحي بالمدينة التي تعتبر مركز عملية عسكرية أطلقتها موسكو ليل الأربعاء الخميس.
يقول الشاب بأسى "طلبت منه المغادرة"، فيما بدت دموعه عاجزة عن استيعاب حزنه، فللحظة انقلبت حياته وهو يرقب حفرة خلفها صاروخ يراوح عرضها بين أربعة وخمسة أمتار.
ووفق وكالة "فرانس برس"، تسبب القصف في تدمير اثنين من المباني المؤلفة من خمسة طوابق بالكامل، بينما تحاول فرق الإطفاء إخماد الحرائق الأخيرة.
تناثرت الجثث المتفحمة وتحولت المباني المحيطة إلى ركام، كما تضررت الكثير من المباني الأخرى البعيدة عن موقع سقوط الصاروخ وتحطمت النوافذ قبل أن يتحول زجاجها إلى شظايا تزهق أرواح الناجين.
مدينة تقع على بعد 30 كيلومتر من خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، استهدفها القصف الروسي في آخر ساعات الليل، ونظرا لثقل الحصيلة لا تزال الشرطة عاجزة حتى الآن عن تحديد الخسائر.
ففي خضم ساعات قليلة، اختفت الكثير من المباني وتخلت أخرى عن واجهاتها فيما يتراءى من بعيد دخان أسود كثيف.
حصيلة موسكو
حتى ظهر الخميس، أعلن الجيش الروسي أنه دمّر 74 منشأة عسكرية بينها 11 مهبط طائرات بأوكرانيا في إطار العملية العسكرية الجارية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف: "بعد ضربات القوات المسلّحة الروسية، باتت 74 منشأة عسكرية برّية تابعة للبنى التحتية العسكرية الأوكرانية خارج الخدمة. ويشمل ذلك 11 مهبط طائرات لسلاح الجوّ".
غير أن التهديد الروسي لم يأت من الجو فقط، حيث بدأ الغزو البري، صباح الخميس، وفقًا لحرس الحدود الأوكرانييين، ولا سيما من جهة الشرق ومنطقة لوغانسك الانفصالية.
وينتشر الجنود الأوكرانيون على طول الطرقات الرئيسية في شرق البلاد، بينما تتمركز بين كراماتورسك وخاركيف قافلة من المركبات التي يرفرف عليها العلم الأوكراني.
وعلى بعد 300 كيلومتر، هزت انفجارات مدينة ماريوبول التي تضم الميناء الرئيسي في شرق البلاد، بعدما كانت بمنأى عنها نسبيًا بالأسابيع الأخيرة، بحسب "فرانس برس".
موسكو والناتو
توعّدت السلطات الروسية، الخميس، بقمع "الغاضبين" من الحرب في أوكرانيا، حيث حذّرت وزارة الخارجية والنيابة العامة ولجنة التحقيق المواطنين من المشاركة في أي حركة احتجاجية.
وأشارت لجنة التحقيق إلى أن المشاركين في تجمّعات بشأن "الوضع المتوتر في السياسة الخارجية" أو في صدامات، سيتعرّضون لملاحقات.
من جانبه، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، أن الحلف سيعقد قمة عبر الفيديو الجمعة مخصّصة للهجوم الروسي على أوكرانيا، مشيرا إلى أن الناتو فعّل "خططه الدفاعية" لنشر قوات إضافية في الدول الأعضاء.
وقال ستولتنبرغ بعد اجتماع طارئ لسفراء دول الحلف: "دعونا إلى قمة عبر الفيديو غدًا (الجمعة) لتحليل المسار الذي يجب سلوكه وفعّلنا الخطط الدفاعية بهدف التمكن من نشر قدرات قوة الردّ حيث يلزم الأمر".
وأوضح أن "الناتو ليست لديه قوات في أوكرانيا، وليست لديه أي خطط لإرسال قوات إلى هذا البلد".
وتابع: "لقد عززنا وجودنا في شرق أوروبا منذ أسابيع. لدينا آلاف الجنود وسنرسل مزيدًا من القوات في الأيام المقبلة".
وتحدث ستولتنبرغ عن "إرسال عناصر" من قوة الردّ التابعة للناتو والتي تضمّ 40 ألف جندي ولديها قوة عمل مشتركة عالية الجهوزية مؤلفة من ثمانية آلاف عسكري بينهم سبعة آلاف فرنسي، مع وحدة جوية موضوعة حاليًا تحت القيادة الفرنسية.
ولفت إلى أن "هذا الانتشار يهدف إلى منع حصول هجوم. مهمة الناتو دفاعية ونحذّر من أن أي هجوم ضد أحد اعضاء الحلف سيُعتبر بمثابة هجوم ضدنا جميعًا".
وقال "اللحظة خطرة على صعيد الأمن في أوروبا"، مضيفًا أن روسيا تقوم بـ"عمل حربي وحشي" ضد أوكرانيا و"لدينا حرب في أوروبا