تونس تواجه خطر إفراغها من أطبائها ومهندسيها



تواجه تونس نزيفاً غير مسبوق في هجرة الكفاءات، حيث تحتل المرتبة الثانية على الصعيد العربي بعد سوريا، وهو ما جعل المسؤولين على أكثر من صعيد يطلقون صرخة فزع، داعين إلى ضرورة إيجاد حل مناسب قبل أن يتم إفراغ البلاد من أدمغتها ولاسيما في مجالات مثل الطب والهندسة.
وقال وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، إن اختيار العديد من الكفاءات التونسية الهجرة من البلاد، هو اختيار موجع للبلاد التونسية، على الرغم من إيجابيات هجرتهم التي تعكس نجاحاً تونسياً في تكوين الكفاءات المطلوبة في الخارج.
وشدد على أن الدولة مطالبة بتدارك نقاط الضعف التي دفعت بهذه الكفاءات للمغادرة وعدم البقاء والاستثمار في تونس، مؤكداً أن هذه الكفاءات ستقدم الدعم لتونس حتى وإن غادرت، سواء عبر التحويلات المالية، أو من خلال العودة إلى تونس مجدداً من أجل الاستثمار، ومبرزاً أهمية دور الدولة في إعادة استقطاب هذه الكفاءات والاستفادة منها مجدداً بما سيعود بالنفع على تونس التي وضعت اعتمادات مهمة من أجل تكوينهم.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت تونس نتائج مسحها الوطني حول الهجرة الذي أثبت أن هجرة الكفاءات قد عرفت تسارعاً في نسقها خلال السنوات الأخيرة، حيث غادر 39 ألف مهندس و3300 طبيب البلاد بين 2015 و2020 من أجل فرص عمل بالخارج. وقالت مديرة مشروع المسح الوطني للهجرة بتونس، إن قرابة 20% من التونسيين، لديهم نية للرحيل من تونس، مشيرة إلى أن هذه النسبة تمثل عددياً 1 مليون و700 ألف تونسي.
وأوضح عبد الرؤوف الجمل مدير عام المرصد الوطني للهجرة أنه تم خلال العام 1999 إحصاء 660 ألف مهاجر تونسي في الخارج، وارتفع العدد خلال 2014 إلى مليون و320 ألفاً، ليصبح العام 2020 مليوناً و520 ألف مهاجر تونسي في الخارج.
وأضاف أن المعدل السنوي للهجرة تطور أيضاً وكان بين سنتي 1999 و2015 في حدود 44 ألف مهاجر سنوياً، ليصبح من سنة 2016 إلى 2020 حوالي 52 ألف مهاجر سنوياً، وتابع أن السبب الأساسي للهجرة هو سبب اقتصادي، يتعلق بالأجر وجودة الحياة، وأن الأجور ضعيفة في تونس بالنسبة للكفاءات، إضافة أيضا إلى إشكاليات ظروف العمل والتجهيزات المتوفرة والتي تبينت من خلال دراسة حديثة حول هجرة الأطباء.
وتعاني تونس من نزيف واضح في كفاءاتها الطبية، حيث هاجر العام الماضي أكثر من 970 طبيباً تونسياً للعمل في الخارج، مقابل 570 طبيباً غادروا تونس للعمل في الخارج خلال سنة 2018، فيما أوضح المدير العام للصحة فيصل بن صالح أن هذا الوضع بات مقلقاً على جميع الأصعدة، ولا سيما أن كلفة تكوين طبيب في تونس تقدر بحوالي 46 ألف يورو.